المخرج مايك لي لـ«الشرق الأوسط» : عرفت بمجزرة «بيترلو» منذ كنت صغيراً وتابعتها

أنجز الفيلم كأول إنتاج ضخم له

للمرأة حضور قوي في «بيترلو»
للمرأة حضور قوي في «بيترلو»
TT

المخرج مايك لي لـ«الشرق الأوسط» : عرفت بمجزرة «بيترلو» منذ كنت صغيراً وتابعتها

للمرأة حضور قوي في «بيترلو»
للمرأة حضور قوي في «بيترلو»

لم يحظ فيلم مايك لي الجديد «بيترلو»، خلال مهرجان «فينيسيا»، بالقدر ذاته من الاحتفاء الذي واجه أفلام المخرج البريطاني السابقة. كان هناك جمهور كثيف تواق لمشاهدته ونقاد معجبون بأعماله، لكن الآراء تعددت وتبددت بعد عرضه الأول. والحال ذاته، كما تشير الصحف الكندية، وقع عندما انتقل الفيلم ومخرجه إلى مهرجان «تورنتو» ليحظى بعرضه الأول في محيط القارة الأميركية.
لعل الموضوع بدا عودة بعيدة إلى أحداث سنة 1819 عندما ثار أبناء مدينة مانشستر ضد السياسيين والاقتصاديين الذين أساءوا إدارة المدينة فتسببوا برفع الضرائب وغلاء الأسعار وزيادة الفقر. لكن إذا كان هذا هو السبب فهو عنصر ضئيل الحجم والتأثير لأن الموضوع ذاته كان يمكن له أن يستحوذ على الإعجاب عوض الاهتمام لو أن الفيلم أبرز تلك الخصائص المعينة في معالجات المخرج مايك لي السابقة وفي مقدّمتها اهتمام عاطفي بالشخصيات التي يتناولها.
في «بيترلو» (تيمناً بموقعة «ووترلو» التي حدثت قبل ثورة مانشستر بأربع سنوات) يمر المخرج بإطالات مقصودة على التاريخ لكنه لا يختار أن يصبح هو، وفيلمه، جزءاً منه. إنه مايك لي المستعرض للحدث من دون التدخل فيه بالقدر الذي كان يمكن له أن يجعل ما سبق مشهد المجزرة المرتكبة، في الربع الأخير من الفيلم، أكثر حيوية وجدالاً.
في صميم هذه النتيجة وإحدى مسبباتها الفعلية اختيار مايك لي لمجموعة من الممثلين الذين لم يعتد المرء عليهم كثيراً: ديفيد مورست، وماكسين بيك، وروري كينير، وروبرت ولفورت، وسام ثروتون وغيرهم الكثير. كلهم موهوبون وكلهم جديرون وكلهم غير مشهورين وبعضهم غير معروف على الشاشة العالمية. نتيجة ذلك أن المشاهد لم يستطع التآلف كثيراً مع شخصية واحدة مع خلو الفيلم من ممثل معروف يقود أو - على الأقل - من ممثل غير معروف يجد نفسه في مقدّمة العمل كمحور مستمر له.
بعد عرض الفيلم، في فينيسيا، جلسنا نتحدث إلى المخرج في اليوم التالي المزدحم أصلاً باللقاءات لنتحدث في كل هذه الشؤون.

> يأتي هذا الفيلم من دون ممثل معروف يتولّى قيادة العمل ويؤثر في مجراه. بالتأكيد كان هذا قرارك الفني الخاص. هل لك أن تشرح دوافعه؟
- أعتقد أن الفيلم ليس بحاجة لنجوم. هذا القرار نتج عن إدراكي بأن ما أقدمه هنا هو فيلم تاريخي من بطولة أناس عاديين وعصبة من الحكوميين الذين تسببوا في المجزرة بفسادهم وجشعهم. لا أعني أن الممثلين المعروفين لا مكان لهم في الأفلام التاريخية فعلي العكس معظم الأفلام التاريخية تسند شخصياتها الرئيسية لهم. لكن في يقيني أن الموضوع هنا كان عليه أن يفوز بالصدارة وحين تمنح ممثلاً معروفاً دوراً رئيسياً فإن بعض الاهتمام يتوجه إليه.
> تقصد أنه قد يسرق الاهتمام؟
- حتى وإن لم يقصد.
> للحظات اعتقدت أنك ستذكر أن السبب الرئيسي عدم وجود شخصية قيادية في الفيلم، بل عدة شخصيات؟
- وهذا أيضاً صحيح. كما تلاحظ ننتقل بين كثير من الشخصيات التي تظهر وتختفي وتعود. ليس هناك شخصية واحدة محورية.
> كان من المفترض بالفيلم أن يلتحق بمسابقة مهرجان «كان» كعادة أفلامك السابقة، لكنك اخترت فينيسيا هذه المرة. ما هي أوجه الاختلاف بالنسبة لصانع أفلام؟
- تأخر العمل على الفيلم فلم يلحق «كان» لذلك جئت به إلى فينيسيا ومن هنا إلى تورنتو. هذا المهرجان أشمل في اختياراته ويأتي في الوقت المناسب. لا أحب المقارنات كثيراً ولا الدخول في المسائل المادية لكني لا آتي بجديد إذا ذكرت لك أن الفترة الزمنية بين فينيسيا وبين باقي مناسبات الموسم في هذا الربع الأخير من السنة قصيرة ومناسبة. حين تعرض فيلماً لك في «كان» تجد نفسك بين النخبة طبعاً، وسيبقى فيلمك حياً في البال إذا كان جيداً، لكن على الإنتاج والملحق الإعلامي صعوبة دفع الفيلم إلى واجهة الاهتمام من ربيع السنة إلى آخرها. هكذا علمت. قيل لي. لكني أجد نفسي في بيتي هنا وفي بيتي هناك.
> الذي تردد أن «كان» هو من رفض الفيلم؟
- لم يرفض الفيلم. رفض الانتظار لحين الانتهاء من النسخة الأخيرة. لكن حتى ولو فعل ما تردد فإن ذلك لا أثر له على العمل. لقد اشتركت مراراً في «كان» واشتركت سابقاً في فينيسيا وبالنسبة لي هما مهرجانان متكاملان.
> أنت في السينما منذ منتصف الستينات ممثلاً ثانوياً في مطلع الأمر ثم غبت لبعض الأعوام قبل أن تعود مخرجاً. وعودتك عكست شغفاً كبيراً بالسينما. هل ما زلت تشعر بالشغف نفسه؟
- بالطبع. أشاهد الأفلام التي أختار مشاهدتها وأتابع السينما من زاوية التشجيع على العمل فيها. كنت لوقت قريب عضو مجلس إدارة «لندن فيلم سكول» لثمانية عشر سنة أتاحت لي أن أتابع عن كثب شغل المخرجين الجدد وتقديم المساعدات المعنوية والإرشادات للكثير منهم. هذا كله نابع من حبي لهذا الوسيط.
> خلال تلك المدّة ما الذي تغير في الطريقة التي باتت الأفلام تصنع من خلالها؟
- أخشى أن أقول تغيرت أمور كثيرة. لم تتغير معي. اقترابي وفهمي لكيفية صنع الفيلم لا يتغير مطلقاً. ما زلت أقوم بممارسة العمل بالطريقة ذاتها. طبعاً التطوّرات الرئيسية هي في نطاق أدوات الصناعة ذاتها وفي مسائل التوزيع والإنتاج أما منوالي في العمل ومراحله فلا يزال هو ذاته.
> ماذا عن سواك؟ هل باتت الأمور أسهل على الجيل الجديد من المخرجين مما كان الحال عليه قبل عشرين سنة مثلاً؟
- السهولة هي الكلمة التي لا تعني الكثير بالنسبة لي ولا يجب أن تكون ملجأ المخرج الجديد. أعتقد أن المطلوب من المخرجين الجدد إهمال معظم ما بات سبيلاً معتاداً من العمل والإقدام على طريقة عمل تضمن إجادة الفيلم وتكثيف الخبرات. لا فائدة تُرجى من قيام الشباب الذي ينوي العمل في الإخراج باستسهال الطريق والقبول بما بات سائداً. عليه أن يبدأ بالخطوات السديدة وهذه الخطوات تنص على أن يكون باحثاً وطالباً للحقيقة بصرف النظر عن نوع المشروع أو السيناريو الذي يعمل عليه.
> «بيترلو» يختلف كثيراً عن أفلامك السابقة من حيث إنك غالباً ما تعاملت مع شخصيات محدودة ومحددة كما الحال في «فيرا درايك» و«توبسي - تورفي» و«هابي - غو - لاكي» أو «مستر تيرنر». لماذا قررت تحقيق فيلم تاريخي شاسع الأحداث ولا يعتمد على شخصيات قليلة تضطلع به؟
- القرار أتي على دفعات. سمعت عن واقعة مانشستر عندما كنت صغيراً، ولاحقاً عدت إليها شاباً واسترعت اهتمامي وتابعت الاهتمام بها وطرح الأسئلة ثم تحوّل كل شيء إلى بحث تاريخي طويل. ثم أدركت أن مناسبة مرور 200 سنة على المجزرة تقترب، وهنا قررت أن أحقق هذا الفيلم عنها. ولا بد طالما أنك جيد الإلمام بالأفلام وتاريخ السينما كما ذكرت لي تعرف أنها كانت ذكرى مهجورة لم يعد يتحدث عنها أحد. شخصياً لا علم لي أنها كانت موضوع الكثير من الأفلام.
> اعتقدت أن مسلسلاً درامياً بريطانياً أنتج عن المجزرة قبل عدة سنوات؟
- مهما يكن أردت تحقيق هذا الفيلم الذي كما تقول يختلف عن أفلامي الأخرى. نعم تلك أصغر في الحجم وفي الأحداث، لكني فخور جداً بهذا الفيلم وسعيد به.
> للمرأة حضور قوي في هذا الفيلم، كما في كل أفلامك الأخرى في الواقع؟
- سعيد بهذه الملاحظة. هي ذات حضور قوي في كل أفلامي وأكن لها احتراماً كلياً. بالنسبة لـ«بيترلو» كان لها دور فائق الأهمية على مختلف الأصعدة. تحمست كالرجال وشاركت كالرجال وضحت وماتت كالرجال ولكن كانت هناك شخصيات نسائية تخشى المواجهة وتدعو لعدم التورط فيها. لكن عموماً كان لها حضور مساعد كثيراً ليس في الفيلم فقط. الفيلم هو صدى للواقع كما حدث.
> كيف يختلف العمل على مشروع كبير كهذا بالنسبة إليك؟
- يختلف كثيراً لكن تحضيراتي واستعداداتي تبقى ذاتها على الرغم من أن البحث في التاريخ هنا دام فترة طويلة.
> أطول من «مستر تيرنر»؟
- نعم. كثيراً. هذا طبيعي. كان علي أن أتأكد من كل شيء كتبته ودرسته وأتأكد أنني سوف لن أنجرف في مجرى الفيلم كتسجيل أحداث فقط، بل أمارسه من حبي في الدراما. لذلك طبيعة العمل واحدة. ما هو مختلف إدارة الجموع البشرية والعمل بمنوال إنتاجي مختلف. لكني أريد أن أؤكد أني تمتعت بالحرية الكاملة في عملي رغم كبر حجم المشروع.
> هل حدث أنك أخرجت فيلماً لم تتمتع فيه بالحرية الكاملة؟
- لا. وإلا لما حققته.
> شعرت خلال مشاهدتي الفيلم بأنك ترمي للقول إن التاريخ هو أقرب إلينا مما نعتقد. ما رأيك؟
- طبعاً. هذا الفارق الكبير بين الطبقات في بريطانيا ماثل لليوم. ماثل بين الشمال الفقير والجنوب الثري. ومن دون مغالاة، لا أحد يعرف كامل وضع الجانب الآخر إلا إذا قام بزيارة فعلية للمنطقة الأخرى. الفارق كبير إلى اليوم.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.