مصر تُظهر سيطرة على «إرهابيي سيناء» بتيسيرات في مناطق الملاحقات

إرجاء محاكمة بديع و12 من قيادات {الإخوان} في «أحداث الإرشاد»

جنود مصريون ينتشرون في شوارع العريش بشمال سيناء في يوليو (تموز) الماضي (أ.ف.ب)
جنود مصريون ينتشرون في شوارع العريش بشمال سيناء في يوليو (تموز) الماضي (أ.ف.ب)
TT

مصر تُظهر سيطرة على «إرهابيي سيناء» بتيسيرات في مناطق الملاحقات

جنود مصريون ينتشرون في شوارع العريش بشمال سيناء في يوليو (تموز) الماضي (أ.ف.ب)
جنود مصريون ينتشرون في شوارع العريش بشمال سيناء في يوليو (تموز) الماضي (أ.ف.ب)

تبدأ السلطات المصرية اليوم (الاثنين) تطبيق، إجراءات لتخفيف معاناة الأهالي المقيمين في مناطق ملاحقة قوات الشرطة والجيش لـ«إرهابيي شمال سيناء»، وأظهرت القاهرة سيطرة على الأوضاع في المناطق التي تشهد منذ 7 أشهر عمليات أمنية موسعة لملاحقة المسلحين الذي يدينون بالولاء في معظمهم لتنظيم داعش، معلنة توفير دعم لوجيستي وإصلاح في قطاعات البنية التحتية في عدد من القرى والمراكز (شمال شرقي شمال سيناء) التي تشهد ملاحقات الأمن للمتطرفين.
وقال اللواء عبد الفضيل شوشة، محافظ شمال سيناء، خلال لقائه، أمس، مع مجموعة القيادات القبلية في منطقة الشيخ زويد، إنه تم توفير محول كهرباء بقدرة 2.5 ميغاواط لمواجهة تكرار انقطاع الكهرباء في المدينة، فضلاً عن إنشاء محطة لتحلية المياه، وإصلاح أبراج شبكات الهواتف المحمولة، وتيسير وصول المعلمين للمدارس عبر تخصيص حافلة لنقل المعلمين لقرى جنوب المدينة.
وتضمنت الإجراءات كذلك، قراراً لافتاً بتشغيل محطة وقود لتموين السيارات، وهو الإجراء الذي كان تتجنبه أجهزة الأمن سابقاً لتضييق الخناق على العناصر المسلحة وكبح قدرتهم على التحرك بسياراتهم أو معداتهم، وكذلك فإن المحافظ، قال إنه سيتم زيادة كميات الخضراوات والفواكه المسموح بدخولها لهذه المناطق، وتزويد كمية الدقيق المخصصة لكل فرد ضمن حصة التموين الحكومية من 10 كيلوغرامات إلى 15 كيلوغراما شهرياً، وزيادة أسطوانات الغاز لتصل إلى 2000 أسطوانة بدلاً من 1000 أسطوانة شهرياً، ودراسة أحوال المحتجزين لدى جهات الأمن وإخلاء سبيل غير المدانين منهم، وتوفير 30 ألف متر مربع من فرش المساجد، وتشغيل عدد من مراكز الشباب في الشيخ زويد، والموافقة على إدخال مواد البناء إلى الشيخ زويد، ودراسة موقف المضارين وسرعة صرف مبالغ التعويضات والإعانات المقررة، ودراسة إعفاء الطلاب من أبناء الشيخ زويد من رسوم الإقامة في المدن الجامعية بجامعة العريش وعلى مستوى باقي الجامعات المصرية.
وأوضح النائب إبراهيم أبو شعيرة، عضو مجلس النواب عن دائرة الشيخ زويد، وكان أحد المشاركين في اللقاء لـ«الشرق الأوسط»، إأه سيتم «تفعيل هذه القرارات ابتداء من مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الحالي»، ووصفها بـ«حزمة قرارات قوية لم يسبق اتخاذها، وتؤكد أن الإرهاب بالمنطقة في طريقه للزوال، وأن الأوضاع استقرت نسبياً».
وتابع «هذه التيسيرات كانت مطلباً للأهالي، وهناك كثير من المطالب لا تزال قيد البحث، ويأتي على رأسها عودة الحياة كلياً لطبيعتها، ونأمل أن يتحقق ذلك في القريب العاجل».
وسبق لمحافظ شمال سيناء، أن أعلن في مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، حزمة تيسيرات أطلق عليها اسم «انفراجات» اتخذت للتخفيف من إجراءات سبق وقررتها السلطات المصرية تزامناً مع عملية المجابهة الشاملة سيناء 2018 التي بدأها الجيش المصري في التاسع من فبراير (شباط) الماضي، وهي عملية عسكرية شاملة في شمال ووسط شبه جزيرة سيناء، للقضاء على الجماعات «التكفيرية»، ولا تزال تتواصل. وتضمنت القرارات فتح الطريق الدولي من وإلى العريش طوال أيام الأسبوع، وبدء الدراسة في جامعة العريش والمدارس، وسرعة صرف التعويضات للمواطنين المضارين، وتوزيع الوقود للسيارات، وتوفير السكن البديل بمشروع الإسكان الاجتماعي لكل أسرة أضيرت نتيجة المواجهات الأمنية بين عناصر إنفاذ القانون والعناصر الإرهابية الخارجة على القانون من أهالي الشيخ زويد ورفح وجنوب وغرب العريش ممن تركوا منازلهم ولم يسبق لهم صرف أي تعويضات من المنطقة العازلة.
وفي سياق آخر، أرجأت محكمة جنايات القاهرة، أمس، النطق بالحكم في القضية المعروفة باسم «أحداث مكتب الإرشاد»، والمتهم فيها المرشد العام لجماعة الإخوان محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر و11 آخرون من قيادات الجماعة منهم سعد الكتاتني، رئيس مجلس الشعب الأسبق، والقياديان محمد البلتاجي وعصام العريان.
وقررت المحكمة تأجيل النطق بالحكم، بعد تعديل وصف الاتهامات لاثنين من المتهمين بـ«ضرب أفضى إلى موت من خلال إطلاق أعيرة نارية وخرطوش» وإحداث عاهة مستديمة لـ9 أشخاص بفقدهم البصر بأحد العينين عمداً، وكذلك اتهامات بحيازة وإحراز أسلحة نارية (بندقية آلية وخرطوش) وذخائر، فيما يخل بالأمن العام، وحيازة مفرقعات (قنبلة يدوية).
وبناءً على تعديل المحكمة للاتهام، قررت فتح الباب للمرافعة، وأجّلت نظرها إلى جلسة 7 من أكتوبر الحالي.
وتنسب النيابة للمتهمين «الاشتراك في التحريض والمساعدة مع آخرين على ضرب كل من يتظاهر أمام مكتب الإرشاد بمقابل مالي».
وهذه الجولة الثانية من المحاكمة في القضية نفسها؛ إذ سبق لدائرة أخرى بمحكمة الجنايات أن عاقبت في فبراير 2015، أربعة من المتهمين في القضية بالإعدام، في حين نال مرشد الإخوان ونائبه عقوبة السجن المؤبد، غير أن محكمة النقض، قبلت طعن المتهمين وأعادت القضية لدائرة جديدة.
ومن بين الجرائم التي تلاحق المتهمين في القضية، «التحريض على القتل والشروع في القتل تنفيذاً لغرض إرهابي، وحيازة وإحراز أسلحة نارية وذخيرة حية غير مرخصة بواسطة الغير، والانضمام إلى عصابة مسلحة تهدف إلى ترويع الآمنين، والتحريض على البلطجة والعنف»، بحسب ما تقول النيابة في تحقيقاتها.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.