سلامة يستبعد إجراء ليبيا الانتخابات قبل نهاية العام

TT

سلامة يستبعد إجراء ليبيا الانتخابات قبل نهاية العام

استبعد مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة، أمس، تنظيم انتخابات عامة قبل نهاية العام الجاري، بسبب أعمال العنف وتأخير في العملية التشريعية.
وقال غسان سلامة في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية في مقره الحصين بطرابلس، إنه «لا يزال هناك الكثير مما يتعين القيام به. قد لا نتمكن من احترام تاريخ 10 ديسمبر (كانون الأول) المقبل» المحدد للانتخابات، معتبراً أنه «من الصعب الالتزام بالموعد المحدد في الجدول الزمني للانتخابات في ليبيا بسبب أعمال العنف والتأخر في العملية الانتخابية».
وأوضح أنه «ما زال هناك عمل هائل يجب القيام به. قد لا نتمكن من الالتزام بهذا الموعد... أي اقتراع لا يمكن أن يجرى قبل ثلاثة أو أربعة أشهر». وقال: «إذا سارت الأمور كما يرام يمكن أن ينظم الاستفتاء قبل نهاية السنة» لكن لا يمكن تنظيم انتخابات إلا بعد «ثلاثة أو أربعة أشهر» إذا سمحت الظروف الأمنية. وأضاف: «لا نزال بحاجة إلى قانون انتخابي للبرلمان وآخر للانتخابات الرئاسية». وأشار إلى مشاكل «لوجيستية» بعد الهجوم على مقر اللجنة الانتخابية بطرابلس في مايو (أيار) الماضي.
وبحسب المبعوث فإن هذا الاعتداء «أخر بشكل كبير عمل اللجنة» التي سيتم نقل مقرها قريباً إلى مقار جديدة. وبعد ذلك ستبدأ اللجنة «في الأسابيع القريبة» حملة جديدة لتسجيل الناخبين. وبينما فشلت حكومة السراج حتى الآن في إرساء قوات أمن نظامية، قال سلامة إن لجنة مكونة من ضباط من الجيش والشرطة تم تكليفها بمساعدة بعثة الأمم المتحدة، خصوصاً بإجراء «فرز» لآلاف الأشخاص «المدرجين في سجلات وزارة الداخلية (110 آلاف) ووزارة الدفاع (أكثر من 40 ألفاً) ووزارة العدل»، ومعظمهم من المدنيين وعناصر مجموعات مسلحة. وسيصبح بعضهم شرطيين نظاميين. لكن «سيكون على عناصر ميليشيات أن يبحثوا عن عمل في مكان آخر». وجدد تأكيد دعم الأمم المتحدة لحكومة السراج مع الإشارة إلى ضرورة «إصلاحها». وقال إن «إعادة هيكلة» هذه الحكومة في قلب المفاوضات مجدداً وهناك «تعديل وزاري واسع» محتمل.
ميدانياً، وفي أول خرق من نوعه لهدنة طرابلس، أعلن جهاز الأمن العام التابع لوزارة الداخلية في حكومة السراج، مقتل شاب متأثراً بجراحه «إثر قيام مجموعة بالرماية العشوائية على دوريات جهاز الأمن العام» في العاصمة مساء أول من أمس. وأشار الجهاز في بيان إلى أن «المجموعة نفسها التي تتحرك بأوامر ميليشياوي يدعى محمد الشعر عبر سيارتين خرجتا من مقر الإذاعة أصابت القتيل برصاصة بينما كان في منزله المحاذي لمركز شرطة حي الأندلس».
وتحدث الجهاز عن وقوع بعض الاختراقات الأمنية بسبب اتساع الرقعة الجغرافية للمناطق المكلفة بها القوات التابعة له، متعهداً أنه لن يسمح بجر المنطقة إلى حرب أو تهديد السلم الاجتماعي فيها. وأعلن أنه دفع بنحو 60 دورية جديدة لتأمين المنطقة وفرض الأمن.
ومع ذلك، أكدت وزارة الداخلية في حكومة السراج أنها مستمرة في تنفيذ بنود الترتيبات الأمنية المتفق عليها كافة، موضحة أنه «لا صحة للشائعات كافة التي يروج لها». وقالت في بيان مقتضب إن «نجاح الترتيبات الأمنية يحتاج لتكاتف جميع المواطنين عبر مساندة الأجهزة الأمنية، وعدم الالتفات لما ينشر عبر بعض وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي».
وفى بنغازي شرق ليبيا، أمهل المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني، المعتدين على ممتلكات الأفراد أو الدولة أسبوعاً لوقف هذه الانتهاكات. وتوعد في بيان وجهه إلى عناصر الجيش بأنه لن يتردد بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية في استخدام وسائل القوة واتخاذ الإجراءات الصارمة لمعاقبة المعتدين. واعتبر أن «عهد الفوضى والاعتداء على الحقوق والممتلكات قد ولّى إلى غير رجعة». ووصف الاعتداء على الممتلكات بأنه «جريمة لا يمكن تجاوزها والتغاضي عنها».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».