كولر يدعو أطراف نزاع الصحراء لاجتماع في جنيف

TT

كولر يدعو أطراف نزاع الصحراء لاجتماع في جنيف

أفادت مصادر دبلوماسية بأن مبعوث الأمم المتحدة إلى الصحراء، الألماني هورست كولر، وجه دعوات إلى المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا للاجتماع في جنيف يومي 5 و6 ديسمبر (كانون الأول) المقبل لبحث مستقبل نزاع الصحراء، على أمل دفع عملية السلام المتوقفة منذ نحو 10 سنوات.
ومنح المبعوث الدولي الأطراف الأربعة، التي تسلمت الدعوات الجمعة، حتى 20 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي للرد. وقال مصدر دبلوماسي إن الأمر لن يتعلق بـ«اجتماع مفاوضات»، بل بـ«طاولة نقاش»، وفق «صيغة 2 زائد 2». فمن جهة هناك طرفا النزاع المغرب وجبهة البوليساريو، ومن جهة أخرى هناك الجارتان الجزائر وموريتانيا.
ووجهت الدعوات إلى وزراء خارجية الجزائر والمغرب وموريتانيا، لكن لم يُعرف حتى الآن مستوى تمثيل مختلف الأطراف في لقاء جنيف. وتعود آخر جولة مفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو إلى 2008، ولم يحدث شيء يُذكر منذ ذلك التاريخ.
وخلال هذا العام، عبرت الجزائر عن رفضها لإجراء مفاوضات مباشرة مع المغرب، كما تريد الرباط منذ أمد بعيد. وترى الجزائر أن النزاع يجب أن يحل بين الصحراويين والمغرب، من دون أن تستبعد «مواكبة» الطرفين في مباحثاتهما.
وأكد وزير خارجية الجزائر عبد القادر مساهل أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أول من أمس، أن بلاده تعتبر أن حل النزاع في الصحراء لا يمكن أن يتم إلا بممارسة الصحراويين لحق تقرير المصير، وأضاف أن الجزائر تأمل في «استئناف المفاوضات من دون شروط بين الطرفين، المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، للتوصّل إلى حل سياسي مقبول من الطرفين».
كان رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني قد اعتبر، الثلاثاء الماضي، من المنبر ذاته أن الصحراء هي «مصدر عدم استقرار وعقبة أمام اندماج المغرب العربي»، وطلب من الجزائر «تحمل مسؤولياتها السياسية والتاريخية»، متهماً إياها بأنها تقف وراء الأزمة.
وتطالب جبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر، بتنظيم استفتاء تقرير مصير في الصحراء. وترفض الرباط، مدعومة من باريس وواشنطن، أي حل خارج حكم ذاتي تحت سيادتها.
ولم يتم تجديد مهمة الأمم المتحدة في الصحراء التي تضمن استمرار وقف إطلاق النار في أبريل (نيسان) إلا لفترة 6 أشهر فقط من مجلس الأمن، وذلك إثر ضغوط أميركية للدفع باتجاه حل النزاع. وسيدعى مجلس الأمن مجدداً للنظر في تمديد ولاية المهمة في نهاية أكتوبر الحالي.
وعلى صعيد ذي صلة، أشارت مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين، في بيان أصدرته أول من أمس، إلى ضرورة تسجيل وإحصاء سكان مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف (جنوب غربي الجزائر).
وأوضح البيان أن «الأرقام الرسمية المعتمدة في التخطيط للمساعدات الإنسانية الموجهة لمخيمات تندوف لم يطرأ عليها أي تغيير»، في إشارة إلى ما تروج له السلطات الجزائرية وجبهة البوليساريو من أن عدد اللاجئين الصحراويين في تندوف ناهز 160 ألفاً.
وأكد بيان المفوضية أن التقدير الرسمي لعدد اللاجئين في غياب أي تسجيل أو إحصاء هو 90 ألف شخص، داعياً المانحين إلى ضمان المساعدات الإنسانية المناسبة في حدود هذا التقدير. وترفض الجزائر، البلد المضيف، تسجيل اللاجئين الصحراويين في تندوف أو إحصائهم، في خرق واضح للقانون الدولي الذي يربط الاستفادة من وضعية اللاجئ، ومن الدعم الإنساني الذي توفره، وغيره من الحقوق المرتبطة بهذه الوضعية، كحرية التنقل والعمل، بالتسجيل من طرف البلد المضيف، والحصول على بطاقة لاجئ. ورغم الدعوات المتكررة سنوياً من مجلس الأمن ومفوضية اللاجئين، فإن تسجيل وإحصاء اللاجئين الصحراويين ظل حبراً على ورق.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.