روسيا تفتح شرايين «سوريا المفيدة» ونوافذها لفك العزلة

قوات الحكومة باتت تسيطر على نصف معابر الحدود وقسم من الطرق الرئيسية

روسيا تفتح شرايين «سوريا المفيدة» ونوافذها لفك العزلة
TT

روسيا تفتح شرايين «سوريا المفيدة» ونوافذها لفك العزلة

روسيا تفتح شرايين «سوريا المفيدة» ونوافذها لفك العزلة

في منتصف عام 2015، كانت الحكومة السورية تسيطر فقط على نحو 15 في المائة من مساحة البلاد، وعلى البوابات الحدودية مع لبنان، مقابل سيطرة «داعش» وفصائل المعارضة وقوات كردية على باقي البلاد، ومعظم بوابات الحدود الـ19 مع العراق وتركيا والأردن، وخط الفصل مع إسرائيل.
التدخل العسكري الروسي المباشر، في سبتمبر (أيلول) 2015، قلب ميزان السيطرة؛ باتت قوات الحكومة حالياً تسيطر على نحو 65 في المائة من مساحة البلاد، البالغة 185 ألف كيلومتر مربع، فيما تتقاسم «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية، بدعم أميركي، من جهة، وفصائل عربية تدعمها أنقرة، السيطرة على باقي الأرض.
وإذا كانت لاستعادة السيطرة على درعا (مهد الثورة في عام 2011) أهمية رمزية، فإن لفتح معبر نصيب أهميته الاستراتيجية أيضاً، إذ تجري حالياً محادثات بين عمان ودمشق لإعادة فتح هذا المعبر بين سوريا والأردن، بعدما سيطرت قوات الحكومة على الجنوب، وعلى الجانب السوري من نصيب، بعد نحو 3 سنوات من خسارته في أبريل (نيسان) 2015.

وفي حال جرى فتح نصيب أمام البضائع في العاشر من الشهر المقبل، سيتزامن ذلك مع بدء تنفيذ الاتفاق الروسي - التركي الخاص بإدلب، وإزالة السلاح الثقيل من «المنطقة العازلة» في الشمال، قبل «التخلص من المتطرفين» في 15 الشهر، و«استعادة» الطريق الرئيسية بين حمص وحلب، ليحل بدل «طريق الموت» الخفي عبر خناصر - أثريا، إضافة إلى السيطرة على طريق حلب - اللاذقية قبل نهاية العام، بموجب الاتفاق الروسي - التركي الخاص بإدلب.

والواضح لمتابع سير المعارك أن لروسيا أولوية بفتح شرايين «سوريا المفيدة»، وربط بواباتها الحدودية بالعالم، لفك العزلة الغربية عن دمشق:

- المعابر الحدودية
بين المعابر الـ19، تسيطر دمشق على 5 مع لبنان، ومعبر مع الأردن، وآخر مع العراق، ومعبرين مع تركيا التي أقفلتهما. وبحسب تقرير سابق لوكالة الصحافة الفرنسية، ومعلومات من المعارضة ودبلوماسيين، هنا توزيع السيطرة:
- نصيب، يقع بين دمشق - درعا: سيطرت الفصائل المعارضة عليه في أبريل 2015، لكن قوات الحكومة استعادته في يوليو (تموز) الماضي.
- الرمثا الأردني: استعادته دمشق قبل أسابيع، بعدما فقدت السيطرة عليه منذ عام 2013.
- كسب، في ريف اللاذقية: مقفل من الجانب التركي بعد معارك في 2014، وإن كان لا يزال تحت سيطرة دمشق.
- باب الهوى، شمال إدلب: وهو تحت سيطرة إدارة مدنية تابعة لفصائل معارضة.
- باب السلامة، في منطقة أعزاز بمحافظة حلب (شمال): تحت سيطرة فصائل سورية معارضة موالية لتركيا.
- جرابلس، في حلب (شمال): تحت سيطرة فصائل «درع الفرات» المدعومة من الجيش التركي.
- تل أبيض، في الرقة (شمال شرقي البلاد): تحت سيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية، ضمن «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة أميركياً، بعد طرد «داعش» في 2015، لكنه لا يزال مغلقاً، وتشترط أنقرة إبعاد «الوحدات» عنه.
- عين العرب (كوباني)، شمال حلب: تحت سيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية، وهو مغلق رسمياً، وتريد أنقرة إبعاد الأكراد عنه، وتقع قربه قاعدة عسكرية أميركية.
- رأس العين، في الحسكة: شهد معارك عنيفة، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، في صيف عام 2013، بين «داعش» والمقاتلين الأكراد الذين تمكنوا من طرده من المعبر، ومن مدينة رأس العين.
- القامشلي - نصيبين: هو المعبر الوحيد في محافظة الحسكة الذي لا يزال تحت سيطرة قوات الحكومة، لكنه مقفل من السلطات التركية.
- عين ديوار، في الحسكة: وهو تحت سيطرة المقاتلين الأكراد، ويتم الإفادة من معبر زاخو للعبور من الخابور بين شمال شرقي سوريا وكردستان العراق.
- اليعربية - الربيعة: يقع في محافظة الحسكة، ويربطها مع العراق، وهو تحت سيطرة المقاتلين الأكراد.
- البوكمال - القائم، بين ريف دير الزور والعراق، وهو تحت سيطرة قوات الحكومة والميليشيات الإيرانية، وقد أرسلت دمشق رسائل إلى بغداد لإعادة فتحه، بديلاً عن معبر التنف.
- التنف، أو الوليد من الجهة العراقية: يقع جنوب دير الزور، وتسيطر عليه قوات التحالف الدولي، بقيادة أميركية، مع فصائل معارضة تدعمها، منذ طرد تنظيم داعش منه. وتقع قربه قاعدة التنف، وتقول أميركا إنها لن تنسحب منه أو من مناطق شرق سوريا، ما بقيت ميليشيات إيران وقواتها في سوريا.
- المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا، وهي خمسة: جديدة يابوس والمصنع من الجانب اللبناني، والدبوسية والعبودية من الجانب اللبناني، وجوسية والقاع من الجانب اللبناني، وتلكلخ (البقيعة من جانب لبنان)، وطرطوس (العريضة من الجانب اللبناني). وتوجد على طول الحدود معابر كثيرة غير شرعية، معظمها في مناطق جبلية وعرة، بحسب الوكالة الفرنسية.
إسرائيل وسوريا في حالة حرب رسمية، ولا توجد معابر بين البلدين، لكن فصائل كانت تسيطر على القنيطرة، غير أن قوات الحكومة عادت إليها بدعم روسي. وأعاد الجيش الروسي العمل باتفاق فك الاشتباك في الجولان، ونشرت الشرطة الروسية «القوات الدولية لفك الاشتباك» (أندوف). وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، قال أول من أمس إنه يدعم فتح معبر القنيطرة أمام تنقل أهالي الجولان المحتل، ونقل البضائع، خصوصاً بيع التفاح «الجولاني» في سوريا، كما كان الأمر قبل 2011.
الجزء المتبقي من الحدود مفتوح على البحر المتوسط، والمرافئ البحرية كلها تحت سيطرة الحكومة، وتقيم روسيا قاعدة بحرية في ميناء طرطوس، وقاعدة جوية في قاعدة حميميم في ريف اللاذقية. وتسيطر الحكومة على مطارات دمشق وحلب واللاذقية، إضافة إلى مطار القامشلي في مناطق الأكراد، لكن عدداً من الشركات الدولية لا تزال تقاطع السفر إلى المطارات السورية.

- الطرق الرئيسية
الطريق بين نصيب على حدود الأردن وباب الهوى على حدود تركيا يعرف بـ«إم - 5» أو «شريان الحياة» للاقتصاد السوري، ويمتد نحو 450 كيلومتراً، ويربط أوروبا عبر تركيا بالخليج عبر الأردن. وإذا ضم إليه طريق اللاذقية - حلب، المعروف بـ«إم - 4»، وتم ربطه بطريق ممتد من حلب إلى دير الزور والعراق، وإذا تم تشغيل طريق بيروت أو طرابلس بنصيب، يكون الربط بين المتوسط والعراق والخليج قد تم عبر البوابة السورية.
ولم يكن «شريان الحياة» بشكل كامل تحت سيطرة دمشق خلال السنوات السبع الماضية، إذ بدأ التحول في نهاية 2016، عندما سيطرت قوات الحكومة على شرق حلب.
وبعد التدخل العسكري الروسي، بات واضحاً إعطاء موسكو أولوية لاستعادة الطرق الرئيسية، لتنشيط الاقتصاد واستعادة السيادة.
وكانت الفصائل المعارضة قد ركزت منذ عام 2011 على قطع أجزاء من الطريق في محافظتي دمشق وحمص، قبل أن تسيطر على أجزاء رئيسية منه في العام التالي. ويمر نحو 30 كيلومتراً من هذا الطريق في مناطق في الغوطة الشرقية وجنوب دمشق، وقسم مشابه في ريف حمص.
وتمكنت قوات الحكومة في الأشهر الثلاثة الأخيرة، بدعم روسي، من استعادة كل الأحياء الخارجة عن سيطرتها في جنوب العاصمة، وطرد الفصائل المعارضة من الغوطة الشرقية، قرب دمشق، ومن مدن عدة في محافظة حمص (وسط)، تقع جميعها على الطريق الرئيسي بين نصيب والشمال والشمال الغربي.
وتم الاحتفال رسمياً في مايو (أيار) بتشغيل القسم الواقع في ريف حمص، ثم ترميم القسم الآخر في حرستا، شرق دمشق.
وتأمل دمشق وموسكو، مع استعادة السيطرة على نصيب، في إعادة تفعيل هذا الممر الاستراتيجي، وإعادة تنشيط الحركة التجارية مع الأردن ودول أخرى، ومع لبنان، إضافة إلى إعادة تشغيل الطريق بين تركيا والجنوب السوري، وبين الساحل وشرق البلاد، وتحريك التجارة، وفك العزلة السياسية، إضافة إلى فتح شقوق في موقف الدول الأخرى التي تضع شروطاً للمساهمة في إعمار سوريا، التي تقدر كلفة الحرب فيها بـ400 مليار دولار أميركي.



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.