تونس: «النداء» الحاكم يتجه للالتحاق بـ«المعارضة»

قبل أيام من تعديل وزاري ينوي رئيس الحكومة إجراءه

TT

تونس: «النداء» الحاكم يتجه للالتحاق بـ«المعارضة»

يقف حزب النداء التونسي، المنافس الرئيسي لحركة النهضة، بين موقف القيادي رؤوف الخماسي، الذي يدعو كل وزراء «النداء» إلى مغادرة حكومة يوسف الشاهد، وموقف خالد شوكات، المتحدث السابق باسم الحكومة، الذي يصر في المقابل على ضرورة بقاء ممثلين لحزب «النداء» في الحكومة حتى لا يمر إلى مرحلة «العزلة السياسية المطلقة».
ويرى مراقبون ومتتبعون للشأن السياسي في تونس أن ابتعاد حزب «النداء» عن مركز القرار السياسي، وخروج حكومة يوسف الشاهد بتشكيلها كتلة برلمانية بعيدا عن «النداء»، علاوة على تجميد عضويته في «النداء»، وهو ما يعني فك الارتباط كليا بينهما، يكون حزب «النداء»، الفائز في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لسنة 2014، قد خسر رهان الحكم، وعرف نفس مصير حركة النهضة سنة 2013. وإن كانت الطريقة مختلفة.
وتختلف تقييمات قيادات حزب النداء السياسية بشأن خروج الوزراء الممثلين له من حكومة الوحدة الوطنية. فالرأي المهيمن حاليا هو الذي تمسك به رؤوف الخماسي، الذي يناصر توجهات حافظ قائد السبسي، المدير التنفيذي للحزب ونجل الرئيس الحالي، وهو الرأي الداعي إلى مغادرة كل وزراء «النداء» لحكومة الشاهد بعد أن فقدت صفة «حكومة وحدة وطنية»، إثر خسارتها لدعم حزب النداء والاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال).
وقال الخماسي إن على حزب النداء الانضمام إلى صفوف المعارضة بعد انتهاء فترة هذه الحكومة، وفشل خيار التوافق السياسي بين «النهضة» و«النداء». معتبرا أن حزبه غير معني بالتعديل الوزاري، الذي ينوي الشاهد إجراءه خلال الفترة المقبلة، بعد التغييرات والأزمات الكثيرة التي عرفتها الحكومة، وفي مقدمتها موجة الإقالات والاستقالات، وانضمام وزراء جدد (الداخلية)، وإلغاء وزارات أخرى (وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية، ووزارة الطاقة والمناجم، وإلحاقهما برئاسة الحكومة، وعدم تعويض الوزيرين مهدي بن غربية وخالد قدور.
وفي مقابل وجهة نظر الخماسي، المتمسكة بضرورة مغادرة كل الوزراء ووزراء الدولة لحكومة الشاهد، فإن قيادي الحزب خالد شوكات لا يرى ضرورة للانسحاب من الحكومة، حيث اعتبر أن بقاء «النداء» داخل التشكيلة الحكومية قد يساعد على الإطاحة بحكومة الشاهد المقبلة، وأن الانسحاب يعد «تصورا خاطئا وغير محسوب النتائج، وسيضع حزب النداء في عزلة سياسية مطلقة».
وأضاف شوكات موضحا أن البقاء خارج قصر القصبة «سيقدم خدمة كبيرة ليوسف الشاهد... لأنه لن يكون تحت ضغط قيادات النداء، كما أن الشاهد سيسعى لاحقا إلى تعويض وزراء النداء بكفاءات أخرى، وقد أعد بالفعل سيرا ذاتية لتعويض المستقيلين في حال مغادرتهم الحكومة».
وتعرف حكومة الشاهد مشاركة 10 وزراء، وخمسة وزراء دولة وهو العدد الأضخم على مستوى مشاركات الأحزاب السياسية الفائزة في انتخابات سنة 2014. لكن في حال مغادرتهم الجماعية للحكومة فإن ذلك سيكون مؤثرا للغاية على المشهد السياسي، على اعتبار أن حزب النداء يستأثر بوزارات هامة، أبرزها وزارة المالية والثقافة والتربية والسياحة، والشباب والنقل والصناعة، والخارجية وأملاك الدولة.
ويرى بعض المحللين أن حزب النداء يخشى في هذه الظروف من الوقوع في خطأ ارتكبته أحزاب سياسية أخرى، مثل الحزب الجمهوري، وحزب آفاق تونس حين خيرت وزراء ممثلين لها في الحكومة بين الاستقالة من الحزب، أو الإبقاء على حقائبهم الوزارية، ففضلوا المشاركة في الحكم، وغادروا أحزابهم السياسية.
وعلى صعيد متصل بالتعديل الوزاري المنتظر، لم يحدد رئيس الحكومة يوسف الشاهد موعدا محددا لإجرائه، فيما تعمل الحكومة من ناحيتها على تقييم أداء الوزراء خلال السنتين الماضيتين. وفي هذا السياق أكدت مصادر حكومية أن الشاهد بصدد تقييم نشاط مختلف الوزراء بعد حصوله على التقييمات التي قدمها الوزراء حول نشاط الوزارات سنتين بعد تشكيل الحكومة في أغسطس (آب) 2016.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.