«بوتس آند كو»... الشوكولاته والعمل الخيري في وصفة واحدة

خلطة استوائية من مزارع كولومبيا المضطربة إلى لندن

مزرعة الكاكاو في كولومبيا التي تنتج «بوتس آند كو» منها
مزرعة الكاكاو في كولومبيا التي تنتج «بوتس آند كو» منها
TT

«بوتس آند كو»... الشوكولاته والعمل الخيري في وصفة واحدة

مزرعة الكاكاو في كولومبيا التي تنتج «بوتس آند كو» منها
مزرعة الكاكاو في كولومبيا التي تنتج «بوتس آند كو» منها

بمجرد أن يلامس بعض الليمون وكريمة الليمون فمك تنفجر النكهات داخله، فهو مرّ وحلو في الوقت ذاته، وكريمي وغني وأحياناً قوي، لكنه لذيذ دائماً. هناك خليط آخر رائع هو توت العليق مع الفانيليا، وهو أكثر تقليدية. إذا كنت تريد تذكر الحلوى الفرنسية الشهية «الكريم بروليه»، فعليك تذوق الكراميل بروليه المالح؛ فهو مالح وحلو المذاق في الوقت ذاته. تتم تعبئة أصناف الحلوى المذهلة تلك في آنية جميلة يمكن استخدامها لاحقاً كأوعية لزراعة النباتات حول المنزل.
«بوتس آند كو» Pots And Co اسم تجاري جديد لشركة مقرها لندن، أسسها عام 2012 الطاهي جوليان داير، وتجري تجارب على مكونات استوائية مختلفة والشوكولاته الكولومبية. وأوضح المتحدث باسم الشركة في حوار مع صحيفة الـ«شرق الأوسط»، فكرة مؤسسها وتطلعاته، مشيراً إلى قوله «لقد كنت أقف داخل مصنع لكريمة الليمون، ولم يكن هناك ليمون طازج، وأنا طاهٍ وليس هذا منطقياً. لذا؛ بدأت أعد بودنغ في إناء باستخدام مكونات أساسية فظهرت إلى الوجود شركة (بوتس آند كو)».
النكهات تقليدية، لكن مع بعض الاختلاف الذي يجعلها مميزة. إنهم يستخدمون خليطاً من النكهات الاستوائية، والوصفات الإنجليزية المعدّة في المنزل. لا تخاف هذه الشركة من تقديم تجارب حسية جديدة ومثيرة للاهتمام، ولدى الشركة حالياً عشرة أشكال مختلفة من وصفات الشوكولاته، مثل غناش شوكولاته الحليب، أو شوكولاته الفانيليا.
وأضاف المتحدث باسم الشركة «نعتقد أن أكبر المتع في الحياة هي أبسط الأشياء التي يتم إعدادها بذكاء. لذا؛ نسأل عن أمر واحد في كل ما نقوم به: (هل هذا بسيط وألمعي قدر الإمكان؟) ينبغي أن يكون البودينغ المناسب الناجح جزءاً مميزاً من الوجبة، لذا لا ندشّن سوى طبق بودينغ ذي مذاق استثنائي حقاً. نحن نعد طبقنا الخاص بأيدينا على البخار في آنية خزفية متفردة واردة من مطبخنا في لندن، وبهذه الطريقة نتأكد من حصولك على طبق البودينغ المثالي في كل مرة.
يكمن وراء النكهات الرائعة تاريخ جميل عن الشوكولاته الكولومبية، فهي ليست بالشوكولاته العادية، بل تأتي من مصدر خاص؛ من المزارع التي تقع في مناطق شهدت ذات يوم صراعاً أهلياً مروعاً في كولومبيا، صراعاً استمر لأكثر من 50 عاماً أسفر عن مقتل الآلاف. يعني ذلك أن تلك الأطباق تساعد المجتمعات الريفية في تحسين حياتها. عندما تتناول أياً من تلك الحلوى فأنت تساعد فعلياً في توفير فرص جديدة لأولئك الناس».
وأوضح المتحدث باسم الشركة «أصدقاؤنا في (ذا تشوكليت دريم) يدعمون المزارعين ومجتمعاتهم، ويحرصون على أن تتم زراعة حبوب الكاكاو بشكل أخلاقي مع تحقيق العدالة قدر الإمكان. إن هدفهم هو جعل الشوكولاته وسيلة لإحداث تغيير اجتماعي إيجابي من خلال تطوير البنية التحتية، وتوفير فرص تعليم مناسبة ودعم الثقافة المحلية. نحن نعمل معهم لأن هدفنا ليس فقط هو إعداد أطباق بودينغ استثنائية، بل جعل العالم مكاناً أفضل قليلاً. نحن نستثمر في مشروعات لدعم مزرعتنا المستدامة في بلدة نيكوكلي في شمال كولومبيا التي يتم تنشيطها من خلال زراعة حبوب الكاكاو».
من أسرار نجاح تلك الأصناف من الحلوى هي المكونات، فإلى جانب الشوكولاته الكولومبية، هناك منتجات طازجة من مزارع أخرى في المملكة المتحدة. وقال المتحدث باسم الشركة «يتم كتابة وتطوير وصفاتنا بأيدي طهاة بارزين عملوا في بعض أفضل المطاعم الحاصلة على نجوم ميشلان في البلاد. نحن لا نستخدم سوى أفضل المكونات بما فيها بيض الدجاج الطليق، وملح البحر الطبيعي، وتوت عليق ويلاميت، وفانيليا مدغشقر، والمانغو الألفونسو. على سبيل المثال، تم إعداد كعك التشيز كيك المقلوبة، الذي تم إنتاجها مؤخراً، يدوياً من عصير الليمون الطازج، مع فتات البسكويت المقرمش المحفوظ في وعائه».
إذا لم تكن ترغب في الاحتفاظ بالآنية الملونة، يمكنك التبرع بها إلى جمعية «برناردوز» الخيرية للأطفال في المملكة المتحدة؛ وهو ما يساعد في تحسين حياة البشر في أكثر من دولة.
يمكن العثور على أصناف الحلوى الرائعة في بعض محال السوبر ماركت في الولايات المتحدة الأميركية وعلى بعض خطوط الطيران الدولية.


مقالات ذات صلة

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين
TT

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

هذه الأرغفة البيضاء الصغيرة، التي يصف مصريون مذاقها بأنها «أطيب من الكيك»، في إشارة لطيب المذاق، تعد مثالاً يعكس مدى الانسجام الثقافي الذي تجاوز الحدود.

مع تداعيات الحرب التي شهدها السودان، والتي أدت إلى عمليات نزوح كبيرة إلى مصر، لم يتوقف الأمر عند مرحلة سرد الآلام والمآسي، بل تحول سريعاً إلى اندماج السودانيين في سوق الطعام المصري، وخلال أقل من عامين أثبت المطبخ السوداني وجوداً نسبياً في مصر.

بمجرد أن تطأ قدمك شارع فيصل (أحد أشهر شوارع محافظة الجيزة) يمكنك الاستدلال على الوجود السوداني من رائحة التوابل العميقة الصادرة من مطاعم أسسها سودانيون، يستهدفون بها زبوناً مصرياً يتوق إلى مذاق شعبي في وصفات، مثل صينية البطاطس، ويختلف تماماً ليقدم هويته في طبق آخر مثل أسياخ «الأقاشي»، المصنوعة من اللحم الطري الغارق في توابل مثل الزنجبيل والقرفة، مع طبقات البقسماط المقرمش، التي تغازل المصريين.

تقول السودانية، فداء محمود أنور، خريجة إدارة أعمال من جامعة الخرطوم ومؤسسة مطعم «بنت السودان» في حي مدينة نصر، شرق القاهرة، إن المصريين «احتضنوا المطبخ السوداني بسبب وجود أواصر اجتماعية وثقافية بين البلدين».

وأوضحت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من داخل مطعمها البسيط: «نقدم أكلات سودانية أصيلة، مثل الفول بزيت السمسم، والفلافل السودانية المصنوعة من الكبكبي (الحمص بلغة المصريين)، والأقاشي، وهو طبق شهير في السودان، إضافةً إلى الفسيخ السوداني والملوخية المفروكة وملاح الروب الأحمر».

وعن الأطباق شديدة الخصوصية، يقدم مطعم الشابة السودانية فداء طبقاً حبشياً، قالت عنه: «هناك أيضاً طبق ذو أصل حبشي أصبح جزءاً من المائدة السودانية يسمى (زغني)، وهو عبارة عن قطع الدجاج المبهرة بالقرفة والثوم والبصل والحبهان، كما يضاف له المذاق الحار بالشطة السودانية، وكذلك مذاق الحادق من خلال رشة السماق، ويقدم مع البيض المسلوق». فضلاً عن طبق الحلو السوداني الشهير «الباسطة»، أو ما يعرف بالبقلاوة في مصر.

وبحسب تجربتها، قالت فداء إن تفضيلات المصريين من المطبخ السوداني تميل إلى بعض الأطباق الأساسية التي ربما لا يختلف عليها السودانيون أيضاً، مثل: الخبز السوداني، والأقاشي، والفلافل، وأطباق الفول بالخلطات السودانية. أما باقي الأطباق، فالإقبال عليها محدود.

طعمية (فلافل) سودانية (الشرق الاوسط)

والبعد الجغرافي بين مصر والسودان انعكس في تقارب ثقافي، ظهر في المذاق المميز للمطبخين. ترى منة جمال، مصرية تعيش في حي السادس من أكتوبر، الذي يضم عدداً من المطاعم السودانية، أن المطبخ السوداني قريب من نظيره المصري، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الخبز السوداني شبيه ببعض أنواع الخبز في الريف المصري، ربما يختلف في السُمك والحجم فقط ».

وعن الاختلاف بين المطبخين، قالت: «السودانيون يميلون إلى المذاق العميق والحار، بإضافة كميات كبيرة من التوابل، كما أن الفلفل الحار أساسي في عدد كبير من الأطباق السودانية، بينما يميل المصريون إلى إضافة التوابل الأساسية فقط، مثل الملح والفلفل والكمون».

الباسطا حلوى سودانية (الشرق الاوسط)

وبالعودة إلى فداء، فإنها أيضاً كسودانية وقعت في حب المطبخ المصري، وتروي تجربتها بالقول: «أنا من عشاق محشي ورق العنب، والكرنب، والباذنجان بالدقة، أحب تناوله مع الفلافل السودانية. أيضاً معظم السودانيين يحبون المحشي والملوخية المصرية».

الأطباق السودانية لم تعرف طريقها إلى المصريين من خلال المطاعم التجارية فحسب، بينما ساهم في رواجها نساء سودانيات كنّ قبل النزوح ربات منزل، إلا أنهن، مثل كثير من نساء الشرق، يعتبرن الطهي مهارة أساسية. ومع وصولهن إلى مصر وبحثهن عن سبل لكسب العيش، تحول الطهي إلى مهنة تحت شعار «أكل بيتي سوداني».

التقت «الشرق الأوسط» بفاطمة (اسم مستعار)، التي نزحت بعد الحرب وجاءت إلى القاهرة بصحبة عدد من الأسر السودانية، وتقيم حالياً في مدينة «الرحاب» التي تعد من المناطق ذات الإيجارات المرتفعة، حيث تشارك السكن مع 4 أسر سودانية أخرى. منذ عام، بدأت فاطمة بتقديم خدمات «الأكل البيتي» من منزلها بمساعدة بعض السيدات المقيمات معها.

تقول «فاطمة»: «جاءت الفكرة عندما لاحظت انتشار مشروعات الأكل البيتي في مصر، خاصة في الأحياء الراقية. فأنشأت حساباً على (فيسبوك)، بدأت من خلاله تقديم خدمات الأكل السوداني». وأردفت: «المصريون يحبون المطبخ السوداني، خاصة تلك الوصفات القريبة من مطبخهم، على شاكلة المحشي، كذلك تحظى أصناف اللحم المبهر بإعجاب كبير».

وأوضحت فاطمة أنها سعت إلى تقديم مزيج من الأكلات السودانية والمصرية، قائلة: «أستهدف زبونات مصريات عاملات يبحثن عن بدائل للطهي المنزلي. لذلك، لم أكتفِ بالوصفات السودانية فقط، بل تعلمت إعداد الأكلات المصرية، وهو أمر لم يكن صعباً على سودانية تربطها بمصر أواصر ثقافية واجتماعية، إذ كانت مصر والسودان في مرحلة ما من التاريخ بلداً واحداً».

تمكنت فاطمة من تقديم تجربة طعام بيتي فريدة، تجمع بين نكهات المطبخين السوداني والمصري، مستقطبةً كثيراً من الأسر المصرية التي تبحث عن طعام منزلي بطابع خاص. ومن خلال تجربتها، كشفت فاطمة عن مدى التداخل الثقافي بين المطبخين، ما يمهد الطريق لمزيد من الاندماج وابتكار وصفات جديدة قد تظهر في المستقبل القريب.