استيقظ سكّان قرية Teulera الصغيرة التي تقع على الساحل الشرقي لجزيرة مينوركا، من أرخبيل الباليار الإسباني، منذ أيام على حركة غير مألوفة في ساعات الصباح المبكرة التي لا ينشط فيها سوى الصيّادين العائدين من ليل البحر يفرغون غلالهم ويجمعون شباكهم على رصيف الميناء الصغير. فالحركة لا تدبّ في هذه القرية التي تمتدّ على أطرافها الشواطئ الرملية الساحرة إلّا مع غروب الشمس، عندما يبدأ السيّاح بالتدفّق على مقاهيها ومطاعمها بعد أن يكونوا قد أمضوا نهارهم يتنزهون على شطآنها ويستحمّون في مياه خلجانها المظلَّلة بشجيرات الصنوبر البرّي التي أحْنَت قاماتها للرياح.
إنها الملكة صوفيّا، ابنة ملك اليونان السابق ووالدة العاهل الإسباني فيليبي السادس، التي حلّت في هذه القرية تقود مجموعة من المتطوعين الشباب في حملة للنظافة من أجل جمع النفايات المرميّة على شواطئ الجزيرة التي تعجّ بالسياح خلال فصل الصيف. وكانت الملكة تجمع النفايات بيديها كواحدة من المتطوعين في الحملة التي تندرج ضمن مشروع علمي بيئي لدراسة تركيب النفايات المهملة وتقدير حجمها وتحديد أنواعها، تمهيداً لوضع استراتيجية تحول دون استمرار هذه الممارسات وتحافظ على البيئة. وبعد أن انتهى المتطوعون من جمع النفايات وفرزها، رافقت الملكة فريقاً علميّاً على متن زورق شراعي يقوم بجمع النفايات البلاستيكية والعائمة، ثم تناولت طعام الغداء مع أعضاء المجلس البلدي وبعض أهالي القرية، قبل أن تعود إلى بالما عاصمة جزيرة مايوركا، حيث اعتادت العائلة المالكة الإسبانية تمضية إجازتها الصيفية.
ويتزامن هذا النشاط الذي دأبت الملكة على المشاركة فيه، مع اليوم العالمي للبحار الذي يحشد أكثر من ألفي متطوع من كل أنحاء إسبانيا يقومون بتنظيف الشواطئ من النفايات الصلبة.
وترأس الملكة مؤسسة اجتماعية نشطة تحمل اسمها وتتعاون مع هيئات ومؤسسات إنمائية وبيئية في مجالات الرعاية الاجتماعية والمساعدات الإنسانية، مثل الاتحاد الإسباني لبنوك الأغذية التي تجمع الفائض من الأطعمة وتوزّعه على المحتاجين والمهاجرين. كما تتعاون منذ سنوات مع الاقتصادي محمد يونس من بنغلاديش، الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2006 عن مشروعه الرائد إنشاء بنك يقدّم القروض الصغيرة للفقراء، وبخاصة النساء في المناطق الريفية.
وقد استغلّت الملكة عطلة الصيف للمشاركة في أنشطة بيئية عدة مثل مشروع حماية السلاحف البحرية المهددة بالانقراض في جزيرة فورتيفنتورا، وتفقدّ عدد من المشافي والمصحّات النفسانية التي تشرف مؤسستها على إدارتها. كما شوهدت، كعادتها، تتنقل في شوارع مدينة بالما وهي تقود بنفسها سيّارة صغيرة بمحرّك كهربائي الدفع، ثم تستخدم كيساً من القماش لحمل مشترياتها عوضاً عن استهلاك الأكياس البلاستيكية.
وقد أطلقت مؤسسة الملكة صوفيّا مطلع هذا العام، بالتعاون مع محمد يونس، مشروعاً لمساعدة المهاجرين على إنشاء مؤسسات تجارية صغيرة، لا تهدف إلى زيادة أرباحها بل إلى تأمين استدامتها وتحسين أوضاع العاملين فيها وإيجاد فرص عمل جديدة.
والدة العاهل الإسباني تجمع النفايات في جزيرة مينوركا
والدة العاهل الإسباني تجمع النفايات في جزيرة مينوركا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة