نسب مشاركة عالية في التصويت الخاص بانتخابات برلمان كردستان

الاقتراع العام لاختيار نواب الإقليم يجري غداً

طابور من عناصر البيشمركة أمام مركز اقتراع في أربيل أمس (رويترز)
طابور من عناصر البيشمركة أمام مركز اقتراع في أربيل أمس (رويترز)
TT

نسب مشاركة عالية في التصويت الخاص بانتخابات برلمان كردستان

طابور من عناصر البيشمركة أمام مركز اقتراع في أربيل أمس (رويترز)
طابور من عناصر البيشمركة أمام مركز اقتراع في أربيل أمس (رويترز)

بعد ساعات من انتهاء حملات الدعاية الانتخابية، انطلقت في محافظات إقليم كردستان العراق الأربع (أربيل، السليمانية، دهوك، حلبجة)، صباح أمس، عملية التصويت الخاص لمنتسبي قوات البيشمركة وقوى الأمن الداخلي في الإقليم، التي تعتبر المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية العامة التي ستجرى في الإقليم بعد غد.
وطبقاً لإحصاءات مفوضية الانتخابات في إقليم كردستان، فإن 170 ألفا و468 عنصراً من منتسبي وزارتي الداخلية والبيشمركة، كان لهم حق المشارك في الاقتراع الخاص. وشهدت مراكز التصويت التي فتحت أبوابها في عموم أرجاء الإقليم منذ الثامنة صباحاً حسب التوقيت المحلي، إقبالاً واسعاً، من قبل ناخبي السلك العسكري الذين كانت الحافلات تنقلهم في دفعات من ثكناتهم العسكرية خارج المدن أو مواقعهم في خطوط المجابهة، أو من أجهزتهم الأمنية إلى مراكز الاقتراع، ومن ثم تعيدهم إلى مواقعهم بعد الإدلاء بأصواتهم.
وقد بلغت نسب المشاركة، بحسب ما أعلنته مفوضية الانتخابات في الإقليم، 80 في المائة في محافظة أربيل و83 في المائة بالسليمانية و86 في المائة في دهوك و88 في المائة في حلبجة.
يذكر أن قوات البيشمركة مقسمة حتى الآن إلى فريقين أحدهما يسمى قوات الثمانين وتخضع لسيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني ومعظم قادتها أعضاء كبار في الحزب وتنتشر في مناطق محافظتي أربيل ودهوك، والثاني يسمى فريق السبعين ويخضع لسيطرة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، ومعظم قادتها هم أعضاء كبار في الحزب وتنتشر في مناطق محافظتي السليمانية وحلبجة.
وجهزت المفوضية 41 مركزاً انتخابياً في محافظة أربيل، و37 مركزاً في محافظة السليمانية، و20 مركزاً في محافظة دهوك، ومركزاً واحداً فقط في محافظة حلبجة المستحدثة مؤخراً، والتي شاركت في الانتخابات للمرة الأولى بصفتها مركزاً للمحافظة. وقد زادت نسب المشاركة بعد فترة الظهيرة لتصل إلى 80 في المائة في الكثير من مناطق الإقليم، التي شهدت إجراءات أمنية منتظمة لضمان سلامة الناخبين ومراكز التصويت، حيث جرت عملية الاقتراع بسلاسة غير مسبوقة، وبالطريقة اليدوية التقليدية دون استخدام الأجهزة الإلكترونية التي استعلمت في الانتخابات البرلمانية العراقية التي جرت في 12 من مايو (أيار) المنصرم والتي أثارت سلسلة مشاكل بالنسبة لمفوضية الانتخابات والكيانات السياسية، التي انتقدت تلك الأجهزة بإتاحة المجال أمام الأحزاب المتنفذة لممارسة عمليات تزوير واسعة النطاق على حساب الكيانات الأخرى، فيما أكدت مفوضية الانتخابات بأن عملية عد وفرز الأصوات التي بدأت فور انتهاء عملية التصويت في السادسة مساء، ستتم أيضا بشكل يدوي بحضور وكلاء جميع الكيانات المشاركة، وسيتم تسجيلها بالصوت والصورة لضمان نزاهة العملية وشفافيتها، لكن نتائج التصويت الخاص سيتم الإعلان عنها مع نتائج التصويت العام، في غضون 72 ساعة من موعد انتهاء التصويت العام.
وخضعت عملية الاقتراع الخاص لإشراف مباشر ودقيق من قبل فرق تابعة لمفوضية الانتخابات العليا في العراق، والتي توزعت على عموم مراكز التصويت ورصدت العملية عن كثب، إلى جانب ثلاثين فريقاً تابعاً لمنظمات دولية مكلفة بمراقبة الانتخابات الخاصة والعامة في الإقليم. وأشار الدكتور أنس العزاوي، عضو مجلس المفوضين وعضو لجنة حقوق الإنسان، أن العملية جرت بسلاسة شديدة في جميع مراكز التصويت بمدينة أربيل وضواحيها، ولم تسجل فرق المفوضية أي خروقات أو شكاوى تذكر، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «فرقنا توزعت على جميع محافظات الإقليم وبلداتها، منذ يوم أمس، وتولت مراقبة المراكز الانتخابية منذ فتح أبوابها وحتى الإغلاق، دون أن تسجل أي خروقات تذكر، باستثناء بعض الهفوات المتعلقة، بعدم جلب بعض الناخبين المستمسكات الشخصية المطلوبة لإثبات شخصيته، والتي عولجت بعد التأكد من هوياتهم، مؤكدا بأن فرق المفوضية ستتولى مراقبة الانتخابات العامة يوم الأحد المقبل، وترفع تقاريرها بهذا الشأن إلى المفوضية العليا في بغداد».
ونفى ثامر الشمري، عضو مجلس المفوضين في العراق، ما تردد من أنباء عن تعرض الناخبين العسكريين لضغوط، من الأحزاب المتنفذة لحملهم على التصويت لصالح مرشحي تلك الأحزاب، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «وكلاء جميع الكيانات السياسية متواجدون في مراكز التصويت، وقد سألنا الكثير منهم بهذا الشأن، لكنهم نفوا تعرض الناخبين لأي ضغوط سياسية، وقد لاحظنا أن العسكريين أدلوا بأصواتهم بحماسة وحرية، سيما وانهم حضروا مبكرين إلى مراكز التصويت وبكثافة، ما يعني أنهم مندفعون بقناعة للإدلاء برأيهم».
من جانبه، أكد العميد سالار محمود، آمر أحد ألوية قوات البيشمركة، أن جميع منتسبي السلك العسكري، يحضرون للاقتراع بمنتهي الحرية، لصالح الكيان السياسي أو المرشح الذي يرونه مناسباً ويحقق طموحاتهم، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن عسكريون وليس لأحد سلطان علينا سوى ضمائرنا وإرادتنا الحرة، ولن نخضع لأي ضغوط أو ابتزاز، فكما حمينا كردستان بدمائنا من شرور الإرهاب، كذلك اليوم ننتخب الكيان السياسي الذي نعتقد بأنه الأنسب والأفضل بالنسبة لنا، وقادر على تحقيق مطالبنا وضمان مستقبل أفضل لنا».
ويتنافس في الانتخابات 709 مرشحين يمثلون 29 كياناً سياسيا، من ضمنها ثلاثة ائتلافات، لشغل 100 مقعد من أصل 111 مقعدا، يمثل مجموع مقاعد البرلمان في الإقليم، إذ أن المقاعد 11 مخصصة لكوته الأقليات القومية في الإقليم من تركمان وكلدوآشوريين وأرمن.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».