عون يلوح بحكومة أكثرية... والحريري يُدخل تعديلات «بسيطة» على صيغته السابقة

TT

عون يلوح بحكومة أكثرية... والحريري يُدخل تعديلات «بسيطة» على صيغته السابقة

تلاشت أجواء التفاؤل الحذر التي أحاطت بعملية تشكيل الحكومة، بعد انطلاق الرئيس المكلف سعد الحريري بحراك جديد تزامن مع عودة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى بيروت، إثر مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إذ تبين أن كل الطروحات التي تم التداول جولها أخيراً لحل أزمة التمثيل المسيحي لم تلقَ صدى إيجابياَ لدى الفريقين المعنيين، أي «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، فيما بقي الغموض يلف العقدة الدرزية، وما إذا كان قد تم التوصل حقيقة لحلول ترضي رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، وتدفعه للتراجع عن مطلبه الحصول على الوزارات الدرزية الـ3.
ودخل عامل جديد على خط التشكيل أمس، إذ اعتبر الرئيس ميشال عون «أن هناك نوعين من الحكومات: حكومة اتحاد وطني ائتلافية، أو حكومة أكثرية. وإذا لم نتمكن من تأليف حكومة ائتلافية، فلتؤلف عندها حكومة أكثرية، وفقاً للقواعد المعمول بها، ومن لا يريد المشاركة فليخرج منها».
وعما إذا كان هذا الخيار متاحاً، ويسهل تمريره في مجلس النواب، قال: «إن الأمور لا تبدأ على هذا النحو، فمن يريد تأليف حكومة يستطيع تأليفها، وفقاً لقناعاته والمقاييس والمعايير المماثلة لقانون النسبية. وإذا استمر البعض في الرفض تارة والقبول طوراً، فلتؤلف وفقاً للقناعات. وإذا شاءت أطراف عدم المشاركة، فلتخرج منها. أنا رئيس للجمهورية، ولا يمكنني الخروج من الحكومة، لكن قد تخرج الأحزاب التي تؤيدني منها».
وعن الخطوات التي يمكن أن يتخذها، إذا طالت عملية التأليف، قال: «إذا أقدمنا على اتخاذ خيارات، فعندها تكون الأمور قد وصلت إلى مكان لم يعد من الممكن سوى اتخاذ مثل هذه الخيارات».
وأوضح عون أنه قبل سفره إلى نيويورك «لم تكن هناك حلحلة على خط التأليف»، قائلاً: «بعد عودتي إلى بيروت، إذا كانوا قد أعدوا صيغة حكومية، سنطلع عليها، ونرى ما إذا كانت تعتمد الوفاق، لنقرر عندها ماذا سنفعل».
ولم تمنع المعطيات المتوافرة وغير المشجعة مواصلة الرئيس المكلف حراكه الجديد، إذ كشفت مصادر مقربة منه لـ«الشرق الأوسط» أنه يعمل على تعديل بسيط للصيغة التي تقدم بها للرئيس عون، من خلال محاولة «تدوير الزوايا»، متحدثة عن «تفاؤل حذر جداً».
ودخلت أخيراً 3 عناصر جديدة على الخط، كاشفة حجم التعقيدات التي لا تزال تحيط بعملية التأليف، وأبرزها دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي من كندا لتشكيل حكومة، قائلاً: «فليؤلف الرئيس المكلف مع رئيس الجمهورية الحكومة، وليقبل بها من يقبل وليرفض من يرفض، فالوطن أغلى من الجميع».
أما العنصر الثاني فيكمن بتشدد «القوات» حكومياً، من خلال العودة للتمسك بالحصول على 5 وزارات، بعدما قبلت في مرحلة سابقة بـ4، إلا أنها عادت لرفع السقف بعدما قالت إن سببه «رفض باقي الفرقاء ملاقاتها في منتصف الطريق». ولعل العنصر الثالث المرجح أن يتحول إلى سجال دستوري هو الدفع «القواتي» باتجاه إحياء حكومة تصريف الأعمال، من خلال الدعوة لعقد «اجتماعات طوارئ حكومية» شبيهة بـ«جلسات تشريع الضرورة» التي عقدها المجلس النيابي مطلع الأسبوع الفائت.
وفي ما يتعلق بالعنصر الأول، شددت مصادر مطلعة على موقف الرئيس عون على أن طرحه حكومة الأكثرية ينسجم مع مقولة «آخر الدواء الكي»، لكنه دون شك لا يعتبر أننا وصلنا إلى المرحلة التي تستلزم أن نستخدم فيها الكي، لافتة إلى أن «هذا الخيار يبقى متاحاً في حال إصرار بعض الفرقاء على مطالب غير واقعية وغير منطقية».
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نعول على أن يتحرك الملف الحكومي مجدداً مع عودة الرئيس عون من نيويورك، لكن إذا صح ما يتم تداوله عن عودة (القوات) إلى نغمة الوزراء الـ5، فذلك يعني أن لا حكومة، فالمنطق يقول إنه لا يحق لهم 5 وزراء، والأمر لا يتطلب أي اجتهاد».
أما العنصران الثاني والثالث المرتبطان بالموقف القواتي، فعبّرت عنهما مصادر «القوات» التي أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «لا تطور يُذكر بالملف الحكومي، طالما لا تغيير بالنهج المتبع لتأليف الحكومة»، لافتة إلى أن الأمور لا تزال في المربع الأول، مضيفة: «رئيس الحزب أكد للرئيس المكلف خلال لقائهما الأخير في بيت الوسط أن القوات غير معنية بكل الصيغ التي يتم تداولها، وهي تتمسك بتمثيل وزاري ينسجم مع تمثيلها النيابي»، وهو ما عبّر عنه النائب جورج عقيص الذي شدد على أن الصيغة التي تم التداول بها، والقائمة على نيابة رئاسة الحكومة ووزارتين أساسيتين ووزارة دولة، «لا تناسب حجم القوات».
وكشفت المصادر القواتية أن الهدف الأساسي من لقاء جعجع - الحريري كان «الطلب من الرئيس المكلف عقد جلسات واجتماعات استثنائية لحكومة تصريف الأعمال، تماشياً مع حالة الطوارئ التي تشهدها البلاد، على غرار ما حصل نيابياً من خلال عقد جلسات لتشريع الضرورة، وكل ذلك بهدف تنظيم الحالة التي نعيشها تجنباً للأسوأ».
ولا يبدو أن اقتراح جعجع سيجد طريقه للتنفيذ، مع انطلاق سجال دستوري حول الموضوع، وإعلان مصدر قيادي في «التيار الوطني الحر» لـ«الشرق الأوسط» رفض هذا الموضوع، جملة وتفصلاً، إضافة إلى تشديد نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي على عدم دستورية هذا الطرح، وقوله إن «حكومة الرئيس سعد الحريري مستقيلة بقوة الدستور، وهي لتصريف الأعمال، ولا يمكن لأحد أن يحييها، لذلك لا يمكن للرئيس الحريري عقد اجتماع لتفعيلها».
ودعا الفرزلي إلى «وجوب اعتماد معايير واحدة في عملية تشكيل الحكومة، وإلا وبحسب النظام الديمقراطي يجب أن تكون هناك أكثرية ومعارضة، على أن يحمي الرئيس المعارضة، ويظللها برعايته»، مشدداً على أنه «إذا لم تكن هناك نية لاحترام نتائج الانتخابات، والعمل على إجهاضها، وتأليف حكومة لتفشيل العهد، فإن هذا الأمر لن يتم بتوقيع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون».



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.