أزمة في لبنان مع غياب التمويل لتغطية نفقات علاج مرضى السرطان

TT

أزمة في لبنان مع غياب التمويل لتغطية نفقات علاج مرضى السرطان

اتفقت القوى السياسية اللبنانية على إيجاد مخرج لتمويل الأدوية المستعصية، وبينها أدوية علاج مرض السرطان، التي يستفيد منها نحو 25 ألف لبناني، إثر أزمة بدأت تلوح في الأفق، وتفاقمت بغياب حكومة، وإثر فقدان النصاب في مجلس النواب، قبل إقرار بند من خارج جدول أعمال الجلسات التشريعية يوم الثلاثاء الماضي، لإقرار قانون لتأمين اعتماداتها.
وخرجت الأزمة إلى الضوء إثر انسحاب نواب كتلة «الجمهورية القوية» و«تيار المستقبل» من الجلسة التشريعية التي عقدت يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، ما تسبب في رفع الجلسة بسبب فقدان النصاب، قبل مناقشة فتح اعتمادات مالية لتمويل ثمن العلاج. وفتح عدم إقرار البند الذي كان سيُطرح من خارج جدول الأعمال، نقاشاً وتبادل اتهامات بين القوى السياسية.
وقال عضو لجنة الصحة النيابية، النائب علي المقداد، أمس، إن «جميع القوى السياسية اتفقت على إيجاد مخرج للأزمة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لكي يستطيع وزير الصحة تأمين الأموال، فهو يحتاج إلى قانون من مجلس النواب الذي لم يستطع إقراره بسبب عدم اكتمال النصاب في الجلسة الماضية»، لافتاً إلى أن «معالي وزير الصحة يحاول إيجاد مخرج للأزمة، ويجب أن يوجد مخرجاً لها، بالنظر إلى أن هناك 25 ألف مريض مصاب بأمراض مستعصية، معظمهم من مرضى السرطان، يتلقون العلاج على نفقة وزارة الصحة، وهو ما يتطلب منا جميعاً أن نجد حلاً للأزمة».
وحذر وزير الصحة غسان حاصباني، قبل أيام، من أن الاعتمادات المتوفرة لتغطية تكلفة علاج الأمراض المستعصية، ستنتهي خلال أسابيع، وندخل بعدها في أزمة في حال لم تُعالج المسألة، علما بأن علاجات مرض السرطان، تعتبر من الأكثر كلفة على المواطن، وهو ما يدفع وزارة الصحة لتأمين العلاجات على نفقتها. واحتاجت تلك العلاجات لاعتمادات مالية تتخطى ما هو مرصود لموازنة وزارة الصحة في عام 2018، بسبب ارتفاع تكلفة العلاجات.
وقال النائب المقداد: «عند الرئيس نبيه بري، دائماً هناك مخارج قانونية، وسيكون هناك حل بالتأكيد، وإلا نكون قد دخلنا في مشكلة كبيرة». وفيما يتوقع أن يعلن بري عن موعد لجلسات تشريع برلمانية عامة، بعد اجتماعه بهيئة مكتب المجلس الثلاثاء المقبل، قال المقداد إن هناك إمكانية لإدراج بند بتأمين اعتمادات لعلاج الأدوية المستعصية، ضمن بنود الجلسة البرلمانية.
وزادت نسبة المصابين بالسرطان منذ عام 2005 وحتى عام 2016، بنسبة 5.5 في المائة سنويا. وتصدّر لبنان لائحة دول غرب آسيا في عدد الإصابات بمرض السرطان، قياساً بعدد السكان، وأفاد تقرير صدر مؤخرا عن منظمة الصحة العالمية، بأن هناك أكثر من 17 ألف إصابة جديدة في عام 2018، و242 مصاباً بالسرطان بين كل 100 ألف لبناني.
ولا تخفي وزارة الصحة في هذا الوقت أن هناك نقصاً بالإمكانات لتوفير العلاجات، على ضوء الطلب المرتفع على أدوية علاج الأمراض المستعصية، بحسب ما قالت مصادر وزارة الصحة التي أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن هناك «أزمة حقيقية، ولا مخرج لها إلا بتأمين الاعتمادات». وقالت المصادر إن المواطن «لا يستطيع أن يتحمل التكلفة العالية لعلاج الأمراض المستعصية، وهو ما يدفع الوزارة لتأمين العلاجات»، لافتاً إلى أن هناك «نحو 25 ألف مريض، معظمهم من مرضى السرطان».
ويرى مطلعون أن هناك مخرجاً لنقل الاعتمادات من احتياطات الدولة المالية: «لكن ذلك يحتاج إلى تشريع لتنفيذه»؛ حيث تدرس القوى السياسية الآلية القانونية لتأمين الاعتمادات. ويرجع هؤلاء المشكلة إلى زيادة الطلب وتطور أدوية السرطان وأسعارها المرتفعة، مما أثر على الاعتمادات المرصودة لتوفير الأدوية. وتشير تقديرات إلى أن هناك 7000 مريض بالسرطان يعالجون على نفقة الوزارة، علما بأن لبنان يقدم العلاجات الأكثر تطورا في العالم.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.