«صندوق النقد» يرفع قرضه للأرجنتين بسبعة مليارات دولار... مقابل تشديد السياسات

تحرير سعر البيزو... و«المركزي» يتخلى عن مستهدف التضخم للعام الحالي

مديرة صندوق النقد كريستين لاغارد ووزير الخزانة الأرجنتيني نيكولاس ديجوفني خلال مؤتمر صحافي للإعلان عن الاتفاق أول من أمس (رويترز)
مديرة صندوق النقد كريستين لاغارد ووزير الخزانة الأرجنتيني نيكولاس ديجوفني خلال مؤتمر صحافي للإعلان عن الاتفاق أول من أمس (رويترز)
TT

«صندوق النقد» يرفع قرضه للأرجنتين بسبعة مليارات دولار... مقابل تشديد السياسات

مديرة صندوق النقد كريستين لاغارد ووزير الخزانة الأرجنتيني نيكولاس ديجوفني خلال مؤتمر صحافي للإعلان عن الاتفاق أول من أمس (رويترز)
مديرة صندوق النقد كريستين لاغارد ووزير الخزانة الأرجنتيني نيكولاس ديجوفني خلال مؤتمر صحافي للإعلان عن الاتفاق أول من أمس (رويترز)

وافق صندوق النقد الدولي، مساء أول من أمس، على زيادة قرضه المقدم للأرجنتين من 50 مليار دولار، الذي تم إعلانه في يونيو (حزيران)، إلى 57.1 مليار دولار خلال ثلاث سنوات. في محاولة لإنقاذ عملة البلاد (البيزو) من الانهيار المستمر.
وكانت الأرجنتين قد تلقت بالفعل 15 مليار دولار من القرض المتفق عليه، وسيكون متاحاً لها الحصول على 35 مليار دولار بنهاية 2019.
وفي المقابل، سيكون الرئيس الأرجنتيني ماوريسيو ماكري، ورئيس البنك المركزي الأرجنتيني الجديد غيدو ساندليريس، ملزمَيْن بتطبيق سياسات أكثر تقشفاً على المستوى المالي، وأكثر قدرة على الحد من التضخم في المجال النقدي.
وجاء الإعلان عن زيادة قيمة قرض الصندوق في أعقاب إعلان لويس كابوتو رئيس البنك المركزي الأرجنتيني استقالته من منصبه، الثلاثاء، بعد ثلاثة أشهر من توليه المنصب، وهو ما يفرض تحدياً جديداً على الاقتصاد الأرجنتيني الذي يعاني بالفعل من انهيار عملته.
وتقول وكالة «بلومبرغ» إن زيادة القرض تأتي في الوقت الذي يستعد فيه ماكري لإعادة انتخابه رئيساً للبلاد، العام المقبل، ويواجه تحديات الضغوط الاقتصادية، وأيضاً يمثل فرصة لصندوق النقد لإعادة بناء سمعته في البلاد، بعد أن تسبب انهيار اتفاق قرض سابق في عام 2001 بين الصندوق والأرجنتين في تعثُّر البلاد، وأصبح اسم المؤسسة الدولية مرتبطاً في الأذهان بالمستويات المرتفعة للفقر والبطالة.
وسيساعد قرض الصندوق الأرجنتين على سداد التزاماتها الخارجية، التي قُدِّرت أخيرا بـ28 مليار دولار في 2019.
والأرجنتين من الأسواق الناشئة التي تواجه اضطرابات في العام الحالي، بعدما تسبب الجفاف في انزلاق ثالث أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية إلى الركود.
وبسبب مخاوف المستثمرين من عجز الأرجنتين عن خدمة ديونها الخارجية في العام المقبل، صارت البيزو إحدى أسوأ العملات أداء في العالم خلال العام الحالي. وفقدت العملة أكثر من 50 في المائة من قيمتها منذ بداية 2018.
وقالت مديرة صندوق النقد كريستين لاغارد إن البنك المركزي الأرجنتيني وافق في إطار الاتفاق على تحرير سعر صرف البيزو، وعدم التدخل في سوق الصرف، إلا في حالات الضرورة القصوى.
وأنفق البنك المركزي نحو 16 مليار دولار من الاحتياطيات هذا العام في محاولة فاشلة لدعم البيزو، واستخدم جزءاً كبيراً من الدولارات التي قدمها صندوق النقد الدولي حتى الآن.
وقالت لاغارد للصحافيين: «في حالة تجاوز سعر الصرف المستوى المستهدف بكثير، يمكن للبنك المركزي أن يقوم بتدخل محدود لحماية السوق من الاضطرابات».
وفي مؤتمر صحافي في بوينس آيرس قال محافظ البنك المركزي الأرجنتيني الجديد إن البنك سيحدد نطاق تداول للبيزو ولن يتدخل في السوق إلا إذا خرج عن هذا النطاق. وأضاف ساندليريس إن هذا النطاق سيكون مبدئياً بين 34 و44 بيزو للدولار، ويمكن أن ينخفض بمستوى يعادل ثلاثة في المائة شهرياً.
وأشار إلى أن أي تدخل في السوق في حالة الخروج عن هذا النطاق لن يزيد على 150 مليون دولار يوميا، وهو أقل بكثير مما أنفقه البنك في أيام كثيرة خلال الشهور الأخيرة.
وقال الصندوق في بيان إن التضخم المرتفع جعل المكاسب الاقتصادية تتآكل وأثر على الفئات الهشة، ولمواجهته ستنتقل الدولة إلى سياسة نقدية أبسط وأكثر فاعلية تستبدل سياسة استهداف التضخم بهدف قائم على السياسة النقدية، وهذا الإطار الجديد سيقوم البنك باحتواء المعروض من النقد، ويُبقي على أسعار الفائدة قصيرة الأجل في محاولة لتخفيض التضخم وتوقعات التضخم بشكل سريع وحاسم.
وكان المعروض النقدي للبلاد ينمو بنحو 2 في المائة كل شهر، وقال محافظ «المركزي» إن معدل نمو المعروض النقدي تحت الأهداف الجديدة للبنك سيكون عند صفر، وسيبدأ البنك في نشر بيانات يومية عن المعروض النقدي، الشهر المقبل.
وقال ساندليريس أيضاً إن البنك المركزي سيتخلى عن هدفه للتضخم عند 27 في المائة في العام الحالي. ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة الرئيسية بالفعل إلى 60 في المائة بهدف كبح التضخم المتوقع أن يتجاوز 40 في المائة في العام الحالي.
ولكن في الوقت الذي يمثل فيه الائتمان جزءاً صغيراً من النشاط الاقتصادي في الأرجنتين بعد عقود من الأزمات المالية، فإن أسعار الفائدة ليس لها سوى أثر محدود على زيادات الأسعار.
واعتبرت لاغارد أن «الأرجنتين وضعت خطة اقتصادية قوية تستهدف تعزيز الثقة» في الاقتصاد. وأضافت أن «أحد العناصر المركزية في خطة السلطات هو إنهاء عجز الميزانية بحلول 2019، أي قبل عام من الموعد الذي كان مستهدفاً في السابق، وتحقيق فائض أولي في الميزانية عام 2020... هذه الخطوات الحاسمة ستقلل الاحتياجات المالية للحكومة وتخفض الدين العام».
من ناحيته، قال وزير الخزانة الأرجنتيني، نيكولاس دوجوفني، إن زيادة القرض ستساعد في إزالة أي شكوك لدى أسواق المال بشأن قوة الاقتصاد الأرجنتيني. كما ستتيح هذه الخطوة ضخ أموال الصندوق إلى الاقتصاد الأرجنتيني بسرعة، في الوقت الذي تعاني فيه الأرجنتين حالياً من تدهور سعر عملتها المحلية.
وبحسب الصندوق، فإن السلطات الأرجنتينية تعتبر حماية الفئات الهشة في المجتمع إحدى أكبر أولوياتها في سياسة الإصلاح الاقتصادي. وظلَّ هذا الهدف محوراً أساسياً في الخطة المعدلة للإصلاح، ويحظى بدعم كامل من صندوق النقد.
وكجزء من هذا الالتزام ستظل نفقات المساعدات الحكومية فوق مستويات معينة. وستتوسع الدولة في تغطية الدعم النقدي العام للأطفال وخطط الصحة للأسر منخفضة الدخل، وإذا ساءت الأوضاع الاجتماعية فإن مخصصات الموازنة للنفقات الاجتماعية ستتم زياداتها.



كبرى البنوك الأميركية تعلن انسحابها من «تحالف صافي صفر انبعاثات» المصرفي

شعار «مورغان ستانلي» على قاعة التداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية في مانهاتن (رويترز)
شعار «مورغان ستانلي» على قاعة التداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية في مانهاتن (رويترز)
TT

كبرى البنوك الأميركية تعلن انسحابها من «تحالف صافي صفر انبعاثات» المصرفي

شعار «مورغان ستانلي» على قاعة التداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية في مانهاتن (رويترز)
شعار «مورغان ستانلي» على قاعة التداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية في مانهاتن (رويترز)

قبل أسابيع من تنصيب دونالد ترمب، المتشكك في قضية المناخ، رئيساً للولايات المتحدة لفترة ولاية ثانية، انسحبت أكبر ستة مصارف في البلاد من «تحالف البنوك لصافي صفر انبعاثات» الذي كانت أسسته الأمم المتحدة بهدف توحيد المصارف في مواءمة أنشطتها في الإقراض والاستثمار وأسواق رأس المال مع صافي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2050.

والتحالف الذي تم تأسيسه في عام 2021 يطلب من المصارف الأعضاء وضع أهداف علمية لخفض الانبعاثات تتماشى مع سيناريوهات 1.5 درجة مئوية بموجب اتفاقية باريس للمناخ للقطاعات الأكثر تلويثاً.

وفي السادس من شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بدأت عملية الانسحاب مع «غولدمان ساكس»، وتبعه كل من «ويلز فارغو» و«سيتي» و«بنك أوف أميركا» في الشهر نفسه. وأعلن بنك «مورغان ستانلي» انسحابه في أوائل يناير لينتهي المطاف بـإعلان «جي بي مورغان» يوم الثلاثاء انسحابه، وفق ما ذكر موقع «ذا بانكر» الأميركي.

وكان «جي بي مورغان»، وهو أكبر بنك في الولايات المتحدة من حيث الأصول، رفض في وقت سابق التعليق على ما إذا كان سيحذو حذو زملائه الأميركيين وينسحب من التحالف. ومع ذلك، تزايدت التكهنات بأنه قد يرضخ قريباً للضغوط المتزايدة من أعضاء إدارة ترمب المقبلة والولايات الحمراء التي هددت برفع دعاوى قضائية لمكافحة الاحتكار ومقاطعة المصارف وشركات الاستثمار الأميركية التي قدمت تعهدات مناخية في إطار تحالف غلاسكو المالي من أجل صافي الصفر، والذي يعد «تحالف البنوك لصافي صفر انبعاثات» جزءاً منه.

في ديسمبر الماضي، أصدر المدعي العام في تكساس دعوى قضائية في محكمة فيدرالية ضد شركات الاستثمار «بلاك روك» و«فانغارد» و«ستيت ستريت»، زاعماً أنها «تتآمر لتقييد سوق الفحم بشكل مصطنع من خلال ممارسات تجارية مانعة للمنافسة».

لماذا اختارت المصارف الأميركية الانسحاب الآن؟

بحسب «ذا بانكر»، تتكتم المصارف الأميركية حتى الآن على أسباب انسحابها. ومع ذلك، يقول باتريك ماكولي، وهو محلل بارز في منظمة «ريكليم فاينانس» الفرنسية غير الربحية المعنية بالمناخ، إن هذه المغادرة هي إجراء استباقي قبل تنصيب ترمب، وسط مخاوف متزايدة من ضغوط ترمب وأنصاره الذين يهاجمونهم.

وفقاً لهيتال باتيل، رئيس أبحاث الاستثمار المستدام في شركة «فينيكس غروب» البريطانية للادخار والتقاعد، فإن حقيقة أن المصارف الأميركية لم تقل الكثير عن خروجها من التحالف «تدل على الكثير». أضاف «في العادة، عندما تقوم بتحول كبير، فإنك تشرح للسوق سبب قيامك بذلك»، مشيراً إلى أن المصارف الأميركية الكبيرة يمكنها أن ترى الاتجاه الذي «تهب فيه الرياح» مع إدارة ترمب القادمة.

هل يمكن لأعضاء آخرين في التحالف خارج الولايات المتحدة أيضاً الانسحاب؟

مع الإجراء الذي قامت به المصارف الأميركية، يقول ماكولي إن ترمب وأنصاره قد يحولون انتباههم أيضاً إلى تلك غير الأميركية، مما يهدد أعمالها في البلاد إذا استمرت في مقاطعة الوقود الأحفوري.

حتى الآن، حشدت المصارف الأوروبية، التي تشكل الجزء الأكبر من الأعضاء الـ142 المتبقين في التحالف، دعماً له. يقول أحد المصارف المطلعة إن المزاج السائد بين المصارف في أوروبا هو أن التحالف «لا يزال قادراً على الصمود».

وفي بيان عبر البريد الإلكتروني، قال مصرف «ستاندرد تشارترد»، الذي ترأس التحالف حتى العام الماضي، إنه لا ينوي تركه.

ويقول بنك «آي إن جي» الهولندي إنه لا يزال ملتزماً ويقدر التعاون مع الزملاء في التحالف، مما يساعده في دعم انتقال صافي الانبعاثات الصفري، وتحديد أهداف خاصة بالقطاع.

هل يضعف التحالف مع خروج المصارف الأميركية الكبرى؟

على الرغم من أنها ليست «ضربة قاضية»، فإن باتيل قال إن المغادرة تعني أن التحالف «ضعيف للأسف».