{الاتحاد الوطني الكردستاني} يسعى لاستعادة منصب محافظ كركوك

وسط رفض المكونين العربي والتركماني

TT

{الاتحاد الوطني الكردستاني} يسعى لاستعادة منصب محافظ كركوك

منذ أحداث 16 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والمسماة من قبل السلطات العراقية، عمليات فرض القانون، التي أسفرت عن إعادة انتشار القوات العراقية ومعها ميليشيات الحشد الشعبي في المناطق الموصوفة دستورياً، بالمتنازع عليها بين السلطات الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، وطرد قوات (البيشمركة) الكردية منها، يتولى راكان سعيد الجبوري، الذي كان نائباً لمحافظ كركوك منصب المحافظ بالوكالة.
وتولى الجبوري المنصب خلفاً للمحافظ السابق نجم الدين كريم، عضو المكتب السياسي السابق لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي لجأ إلى أربيل إثر تلك العمليات العسكرية، لا سيما بعد صدور أمر قضائي باعتقاله من المحكمة الاتحادية، بسبب مواقفه المؤيدة لعملية الاستفتاء على مصير إقليم كردستان التي شملت كركوك أيضا في مثل هذا التوقيت من العام الماضي، أسوة برئيس مجلس المحافظة ريبوار طالباني، العضو في الاتحاد الإسلامي في كردستان، بسبب قراره القاضي برفع الإعلام الكردستانية فوق مباني المؤسسات الرسمية في المحافظة، الذي لجأ إلى أربيل أيضا، مع تسعة من أعضاء المجلس عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، المنضوين ضمن كتلة التآخي التي تضم 26 عضواً من أصل 41 عضوا هو مجموع مقاعد الحكومة المحلية في المحافظة.
ويسعى حزب الاتحاد الوطني جاهداً، لتعيين محافظ بديل على اعتبار أن المنصب المذكور من حصته بموجب الاستحقاقات الانتخابية السابقة، لكن جهوده تصطدم بموقف متصلب من جانب أعضاء كتلة الحزب الديمقراطي في المجلس، الذين يرفضون العودة إلى كركوك، واستئناف العمل في الحكومة المحلية، معتبرين أن المحافظة خاضعة للاحتلال العسكري الذي يتشرطون زواله لقاء عودتهم، الأمر الذي يعيق التئام المجلس لانتخاب محافظ جديد.
ويؤكد روند محمود، القيادي في الاتحاد الوطني في كركوك، أن حزبه يسعى حالياً عبر مشاورات مكثفة لإقناع القوى العربية والتركمانية، لانتخاب محافظ بديل ينتمي لحزبه، لا سيما أن المحافظ الحالي بالوكالة، قد فاز في الانتخابات النيابية، وأصبح نائباً في البرلمان العراقي، ما يعني أن المنصب سيغدو شاغراً تماماً خلال أيام، وبالتالي ستدخل المدينة في فراغ إداري عويص.
وأضاف محمود لـ«الشرق الأوسط»: «نستطيع انتخاب المحافظ الجديد إذا اقتنع أعضاء المكونين العربي والتركماني، في مجلس المحافظة لأنهم سيشكلون مع بقية أعضاء كتلة التآخي الكردية، أغلبية الأعضاء وبالتالي يتحقق المطلوب حتى لو رفض ممثلو الحزب الديمقراطي الحضور إلى المجلس، وبذلك تحل المشكلة وهو ما نسعى الآن لتحقيقه».
بيد أن القوى التركمانية وممثليها في الحكومة المحلية، يرفضون هذا الطرح ويرون أن منصب المحافظ ينبغي أن يكون هذه المرة من حصة التركمان الذين يشكلون أكثر من نصف سكان مدينة كركوك بحسب زعمهم.
ويقول نجاة حسين، عضو الكتلة التركمانية في مجلس المحافظة: «لم تجر بيننا وبين الجانب الكردي أي مفاوضات رسمية حتى الآن بهذا الخصوص، لأن الإخوة الكرد منقسمون فيما بينهم، بل ويصر الاتحاد الوطني على أن منصب المحافظ من حصته حصراً، كما يرفضون أساساً مطالبنا بتقاسم المناصب الإدارية في المحافظة على أساس المساواة بين المكونات الثلاثة الرئيسية العرب والتركمان والكرد». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة أن كلاً من المكونات الثلاثة، يرى أنه الأحق بمنصب المحافظ، لذلك ستتعقد المشكلة أكثر فأكثر، إذا ترك المحافظ الحالي موقعه وذهب إلى البرلمان، عندها سيكون هناك فراغ إداري في مناصب المحافظ ونائبيه ورئيس مجلس المحافظ، ما يوجب علينا جميعاً التفاهم منذ الآن على آلية لحل المشكلة قبل تفاقمها، وإلا فإن رئيس الحكومة الاتحادية سيمارس صلاحياته بتعيين المحافظ ورئيس مجلس المحافظة مركزياً، لحين موعد انتخابات مجالس المحافظات في العراق».
بدوره، يرى حاتم الطائي، عضو المجلس العربي في كركوك، أن أغلبية أعضاء مجلس المحافظة هم من الكرد، وكان بوسعهم انتخاب محافظ جديد بعد أحداث 16 أكتوبر لكن ذلك لم يحصل لجملة أسباب تتعلق بالانقسام الداخلي فيما بينهم، وتهم الفساد المنسوبة إلى بعض الأعضاء وغيرها، وإلا فلا يوجد أي عائق قانوني أمام ذلك. وأضاف الطائي لـ«لشرق الأوسط»: «في ظل استمرار المعضلة على حالها، وعدم توصل الجميع إلى تفاهم مشترك حول الوضع القائم، فإن مفاتيح الحل ستكون بيد بغداد أي الحكومة والبرلمان العراقيين تحديداً، لتختار أحد الحلول الآنية المتمثلة أولا بحل مجلس المحافظة وإنهاء الإشكالية، لا سيما أن مجلس النواب يعتزم اتخاذ هذا القرار فعلاً، على أن تتولى السلطات الاتحادية إدارة المحافظة، والحل الثاني يتمثل بتخلي المحافظ الحالي وكالة، من مقعده في البرلمان ويواصل مهامه كمحافظ، والحل الثالث هو أن يجتمع المجلس بحضور كل أعضائه لانتخاب محافظ جديد، لحين إجراء انتخابات مجالس المحافظات في موعدها المقرر مطلع ديسمبر (كانون الأول) المقبل».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».