معرض استثنائي في لندن لقطبي عصر النهضة

«مانتينيا وبليني» يلقي الضوء على أعمالهما وحياتهما العائلية

من أعمال بليني
من أعمال بليني
TT

معرض استثنائي في لندن لقطبي عصر النهضة

من أعمال بليني
من أعمال بليني

عبقريان من عصر النهضة، لكل منهما أسلوب مميز. عاشا في مكانين مختلفين، وجمعت بينهما القرابة العائلية والإبداع الفني، وها هما يحلان على معرض خاص بالـ«ناشيونال غاليري» بلندن يقدم جانباً جديداً لقراءة لوحاتهما يقرب بين أساليب فنية وخطوط وموضوعات كثيرة اشتركا فيها... هما الرسامان أندريا مانتينيا، وجيوفاني بليني. مانتينيا الأكبر سناً وهو من عائلة بسيطة، والده كان نجاراً، شق طريقه في عالم الفن معتمداً على موهبة فذة في الرسم صنعت له اسماً مدوّياً وجعلته رسام القصر لدى عائلة غونزاغا الحاكمة في مدينة مانتوفا الإيطالية. تزوج مانتينيا من عائلة بليني الشهيرة في فينيسيا، وبهذا نُسِجت خيوط عائلية وفنية مع بليني نعرف أبعادها من خلال المعرض.
يقسم المعرض أجزاءه حسب الموضوعات التي تناولها الفنانان، وهي موضوعات أثيرة لفناني عصر النهضة، أغلبها دينية حيث كانت الكنائس والعائلات الثرية تتبارى في تكليف الرسامين بها لتعلق في صدارة المنازل وأرجاء الكنائس.
وبالتالي فالمقارنة في الموضوعات تمد الزائر بكثير من الصور المتشابهة ولكن بوضع لوحات لبليني ومانتينيا تشتركان في الموضوع ذاته، تتضح لنا الفروق الفنية والأساليب المختلفة التي اتبعها كل منهما.
المعرض هو الأول الذي يتخذ من المقارنة بين مانتينيا وبليني موضوعاً أساسياً، ويعتمد في العرض على لوحات ورسوم مستعارة من متاحف عالمية أخرى من إيطاليا وألمانيا وفرنسا. تشير منسقة المعرض في تقديمها إلى أن العلاقة العائلية كان لها تأثير واضح على أعمالهما وتذهب إلى أن تأثيرهما امتدّ بعد ذلك على فنانين مقبلين مثل فيرونيزي وتيشان.
مانتينيا الذي وُلِد وعمل في شبابه في مدينة بادوفا بإيطاليا تزوج أخت جيوفاني بليني، الذي كان قد بدأ عمله رساماً ماهراً معتمداً على اسم عائلته الفنية الشهيرة ومع قرابتهما تكونت بينهما علاقة احترام وتقدير متبادل. في رسوماتهما يظهر تأثير الخلفية التي نشآ فيها، فمانتينيا يهتم بالتفاصيل المعمارية والشخصيات. أما بليني فاستمد من مدينة فينيسيا (البندقية) تميزاً واضحاً في استخدام الألوان الحية والمبهرة وأيضاً الطبيعية.
يركز المعرض على فترة محددة من عمل مانتينيا وبليني؛ سبعة أعوام من الإنتاج الفني الغزير والثري، يقدم من خلالها محاورة بصرية ممتعة للزائر حيث سيرى أمامه أعمالاً منتظمة معاً تشترك في الموضوع، تأثر فيها كل من بليني ومانتينيا بأسلوب الآخر، كلاهما قام بالتجريب، وكلاهما استخدم أساليب جديدة لم تكن طيعة في أول الأمر، ولكنها صقلت مهاراتهما وشخصياتهما الفنية. مانتينيا نجح في تكوين شخصية الرسام المفكر بينما بليني تميز في كونه يعتني بالمناظر الطبيعية وما يحيط بأشخاصه، وبهذا أصبح أول فنان يستخدم الطبيعة للتعبير عن المشاعر.
يبدأ المعرض في غرفته الأولى باستكشاف مدينتا بادوف وفينيسيا (البندقية) التي أقام فيها الفنانان، ويلقي الضوء على الأثرياء من رعاة الفن.
في إحدى غرفه يركز المعرض على العالم الطبيعي وتصويره في لوحات بليني وتميزه في تصوير خلفية اللوحات والمناظر الطبيعية والضوء وتأثيرها كعناصر أساسية في لوحات الفنان.
في الغرفة الأخيرة سيتوقف الزائر أمام أشهر أعمال مانتينيا، المعنونة بـ«انتصار القيصر»، وهي سلسلة لوحات ضخمة تمتدّ لثلاثة أمتار على الحائط كانت معلقة في قصر هامتون كورت في عهد الملك هنري الثامن، وهي الآن من ممتلكات المجموعة الملكية.
تشير منسقة المعرض د. كارولين كامبل مديرة قسم المجموعات والأبحاث في «ناشيونال غاليري» إلى أن المعرض يتميز لكونه يجمع بين أعمال تعود لعصر النهضة، وهو أمر شبه نادر حسبما تشرح: «المعارض التي تركِّز على فن القرن الخامس عشر نادرة جداً، إذ إن الأعمال المرتبطة بها لا يمكن نقلها بسهولة من بلد لآخر بسبب حالتها، ولهذا يعتبر هذا المعرض (مانتينيا وبليني) متفرداً يُقام مرة في العمر ويمنحنا الفرصة لنستكشف أعمال هذين الفنانين ودورهما الرائد في فنون عصر النهضة».
أما مدير «الناشيونال غاليري» د. غابريل فينالدي فيختصر أهمية المعرض في كلمات معدودة حيث يقول: «عاطفة مانتينيا تجاه العالم القديم وحب بليني للطبيعة من العوامل الأساسية في النهضة الإيطالية. هذا المعرض يجمع أعمالهما بشكل غير مسبوق وغير قابل للتكرار».



قضية ابنة شيرين عبد الوهاب تجدد الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني»

شيرين وابنتها هنا (إكس)
شيرين وابنتها هنا (إكس)
TT

قضية ابنة شيرين عبد الوهاب تجدد الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني»

شيرين وابنتها هنا (إكس)
شيرين وابنتها هنا (إكس)

جدد الحكم القضائي الصادر في مصر ضد شاب بتهمة ابتزاز وتهديد الطفلة «هنا»، ابنة الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب، الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني» عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسبب انتشاره بكثافة، ومدى المخاطر التي يحملها، لا سيما ضد المراهقات.

وقضت محكمة جنايات المنصورة بالحبس المشدد 3 سنوات على المتهم، وهو طالب بكلية الهندسة، بعد ثبوت إدانته في ممارسة الابتزاز ضد ابنة شيرين، إثر نجاحه في الحصول على صور ومقاطع فيديو وتهديده لها بنشرها عبر موقع «تيك توك»، إذا لم تدفع له مبالغ مالية كبيرة.

وتصدرت الأزمة اهتمام مواقع «السوشيال ميديا»، وتصدر اسم شيرين «الترند» على «إكس» و«غوغل» في مصر، الجمعة، وأبرزت المواقع عدة عوامل جعلت القضية مصدر اهتمام ومؤشر خطر، أبرزها حداثة سن الضحية «هنا»، فهي لم تتجاوز 12 عاماً، فضلاً عن تفكيرها في الانتحار، وهو ما يظهر فداحة الأثر النفسي المدمر على ضحايا الابتزاز حين يجدون أنفسهم معرضين للفضيحة، ولا يمتلكون الخبرة الكافية في التعامل مع الموقف.

وعدّ الناقد الفني، طارق الشناوي، رد فعل الفنانة شيرين عبد الوهاب حين أصرت على مقاضاة المتهم باستهداف ابنتها بمثابة «موقف رائع تستحق التحية عليه؛ لأنه اتسم بالقوة وعدم الخوف مما يسمى نظرة المجتمع أو كلام الناس، وهو ما يعتمد عليه الجناة في مثل تلك الجرائم».

مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أبناء المشاهير يدفعون أحياناً ثمن شهرة ومواقف ذويهم، مثلما حدث مع الفنانة منى زكي حين تلقت ابنتها حملة شتائم ضمن الهجوم على دورها في فيلم (أصحاب ولاّ أعز) الذي تسبب في موجة من الجدل».

وتعود بداية قضية ابنة شيرين عبد الوهاب إلى مايو (أيار) 2023، عقب استدعاء المسؤولين في مدرسة «هنا»، لولي أمرها وهو والدها الموزع الموسيقي محمد مصطفى، طليق شيرين، حيث أبلغته الاختصاصية الاجتماعية أن «ابنته تمر بظروف نفسية سيئة للغاية حتى أنها تفكر في الانتحار بسبب تعرضها للابتزاز على يد أحد الأشخاص».

ولم تتردد شيرين عبد الوهاب في إبلاغ السلطات المختصة، وتبين أن المتهم (19 عاماً) مقيم بمدينة المنصورة، وطالب بكلية الهندسة، ويستخدم حساباً مجهولاً على تطبيق «تيك توك».

شيرين وابنتيها هنا ومريم (إكس)

وأكد الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، أن «الوعي لدى الفتيات والنساء هو كلمة السر في التصدي لتلك الجرائم التي كثُرت مؤخراً؛ نتيجة الثقة الزائدة في أشخاص لا نعرفهم بالقدر الكافي، ونمنحهم صوراً ومقاطع فيديو خاصة أثناء فترات الارتباط العاطفي على سبيل المثال»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «كثيراً من الأشخاص لديهم وجه آخر صادم يتسم بالمرض النفسي أو الجشع والرغبة في الإيذاء ولا يتقبل تعرضه للرفض فينقلب إلى النقيض ويمارس الابتزاز بكل صفاقة مستخدماً ما سبق وحصل عليه».

فيما يعرّف أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بمصر، الدكتور فتحي قناوي، الابتزاز الإلكتروني بوصفه «استخدام التكنولوجيا الحديثة لتهديد وترهيب ضحية ما، بنشر صور لها أو مواد مصورة تخصها أو تسريب معلومات سرية تنتهك خصوصيتها، مقابل دفع مبالغ مالية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتزين».

ويضيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مرتكب الابتزاز الإلكتروني يعتمد على حسن نية الضحية وتساهلها في منح بياناتها الخاصة ومعلوماتها الشخصية للآخرين، كما أنه قد يعتمد على قلة وعيها، وعدم درايتها بالحد الأدنى من إجراءات الأمان والسلامة الإلكترونية مثل عدم إفشاء كلمة السر أو عدم جعل الهاتف الجوال متصلاً بالإنترنت 24 ساعة في كل الأماكن، وغيرها من إجراءات السلامة».

مشدداً على «أهمية دور الأسرة والمؤسسات الاجتماعية والتعليمية والإعلامية المختلفة في التنبيه إلى مخاطر الابتزاز، ومواجهة هذه الظاهرة بقوة لتفادي آثارها السلبية على المجتمع، سواء في أوساط المشاهير أو غيرهم».