أسبوع لندن لربيع وصيف 2019... موسم البدايات والتفاؤل

من أول عرض لريكاردو تيشي لدار «بيربري» إلى أول مشاركة لفيكتوريا بيكهام

العارضة ستيلا تينانت في عرض فيكتوريا بيكهام - «بيربري» - «بيربري» - «ديلبوزو» - كيندل جينر في عرض «بيربري» - من عرض «فيكتوريا بيكهام»
العارضة ستيلا تينانت في عرض فيكتوريا بيكهام - «بيربري» - «بيربري» - «ديلبوزو» - كيندل جينر في عرض «بيربري» - من عرض «فيكتوريا بيكهام»
TT

أسبوع لندن لربيع وصيف 2019... موسم البدايات والتفاؤل

العارضة ستيلا تينانت في عرض فيكتوريا بيكهام - «بيربري» - «بيربري» - «ديلبوزو» - كيندل جينر في عرض «بيربري» - من عرض «فيكتوريا بيكهام»
العارضة ستيلا تينانت في عرض فيكتوريا بيكهام - «بيربري» - «بيربري» - «ديلبوزو» - كيندل جينر في عرض «بيربري» - من عرض «فيكتوريا بيكهام»

بنى سمعته على احتضان المواهب الشابة. فمنه خرج الراحل ألكسندر ماكوين والمصمم جون غاليانو وماريا كاترانزوا و«إرديم» وإميليا ويكستيد وغيرهم كُثر بتصاميمهم إلى العالم أول مرة. لم يخذلهم يوماً ولم يُغلق أبوابها في وجه من توسم فيهم الإبداع والابتكار. لهذا يمكن القول: إن أسبوع لندن هو الأكثر شباباً وانفتاحاً على العالم مقارنةً بأسابيع نيويورك وميلانو وباريس.
الجميل فيه أيضاً أنه رغم اعتماده على الدماء الشابة، فإنه لا يتجاهل أو يُقلل من أهمية الكبار والمخضرمين. فهم الأساس وهم من يُذكّرون العالم باستمراريته وتطوره من أسبوع كان يعاني من شحّ الإمكانيات والدعم والإقبال، إلى ما هو عليه بفضل إصرارهم، إن لم نقل استماتتهم لإنجاحه.
لا يختلف اثنان على أن الموسم الأخير كان حافلاً. شهد بدايات جديدة، من فيكتوريا بيكهام التي قدمت أول عرض لها فيه بمناسبة احتفالها بمرور 10 سنوات على إطلاقها علامتها، إلى الإيطالي ريكاردو تيشي الذي قدم أول عرض له لـ«بيربري». كان من البدهي أن تكون كل الأنظار مسلطة عليه. فعدا أن الدار من أهم بيوت الأزياء البريطانية، نظراً إلى إمكانياتها التجارية والإعلانية، كان هناك فضول لمتابعة كيف سيُطور هذا الإيطالي إرثاً بريطانياً عريقاً عمره أكثر من قرن. أسئلة كثيرة أجاب عنها بتشكيلة تتكون من 133 قطعة قسّمها إلى عدة مجموعات، حتى إذا لم تَرُق واحدة منها لفئة تروق لها أخرى. لم يكن هناك مجال للخطأ أو الفشل. أما تبريره هو فكان أن بريطانيا تحتضن كل الأساليب وكل الطبقات من «الملكة إلى رجل الشارع» وبالتالي من الطبيعي أن تُجسد هذا التنوع.
كان كل شيء في صالحه يوم العرض، من الطقس إلى استعداد أغلب الحضور والتهليل له ورفع معنوياته مهما كان. فأغلبهم كانوا من الأصدقاء وأفراد عائلته. بحكم تاريخه في دار «جيفنشي» فإنه يعرف نجوماً عالميين من حجم بيونسي وكيني ويست ممن لا يمكنهم رد دعوته في حال قدمها لهم، إلا أنه ارتأى أن يقتصر عرضه الأول على الأصدقاء وأفراد عائلته، الذين كاد عددهم يضاهي عدد القطع التي قدمها. فالنجوم حسب رأيه «يمكن أن يخلفوا انطباعاً خاطئاً» بينما هو يريد أن تُسلّط الأنظار على التصاميم.
أصر على أن تشكيلته السخية، عدداً وألواناً وتصاميم، احتفال بكل ما هو جميل ومتألق وبريطاني. ترجمته كانت مزيجاً بين أسلوب فرنسي يحاكي رقي دار «هيرميس» والعملية التي ترتبط بالثقافة البريطانية. المثير أيضاً أنها كانت تخُاطب كل الأجيال، آباء وأبناء كأنه يريد أن يُذكّرنا باستمرارية الدار. لم يكن هناك شك أنه تعمد أن تكون راقية وفي الوقت ذاته تجارية، حتى يحقق المعادلة الصعبة في إرضاء واستقطاب أكبر عدد من الزبائن من دون التنازل عن رموزها ورغبتها في منافسة البيوت العالمية الكبيرة. كل هذا كان واضحاً في هذه التشكيلة المتنوعة التي لعب فيها على قطع أيقونية أكدت شعبيتها على مدى قرن، مثل المعطف الواقي من المطر، الذي يرتبط بـ«بيربري» ارتباط جاكيت التويد بـ«شانيل» أو حقيبة «ذي بيركن» بـ«هيرميس» أو النقشات المربعة التي كان لها تأثير ذو حدين على مدى السنوات. ما قام به أنه حدد المعطف عند الخصر حيناً، وأضاف إليه تفاصيل من جلد التماسيح أو نسّقه مع حزام سميك حيناً آخر حتى يُضفي عليه المزيد من الحيوية والعصرية. أما النقشات المربعة اللصيقة بالدار، فأخذت صورة جديدة ظهرت في قمصان ومعاطف راقية.
بالنسبة إلى اقتراحاته للرجل، فقد غلب عليها تفصيل دقيق ومحسوب يستحضر أسلوب «سافيل رو» الشهير. شملت بدلات مقلمة بخطوط رفيعة وألوان كلاسيكية مثل الرمادي والبيج، لا شك أنه أرادها للآباء، لأنه بعد ذلك أرسل مجموعة لا تترك أدنى شك بأنها للشباب، نسّق فيها كنزات سميكة وواسعة مع أزياء تبدو كأنها «فينتاج» ورثوها عن الأجداد، أو مع تنورات من الجلد، إضافة إلى تنسيقه الراقي مع الـ«سبور»، الأمر الذي ذكّرنا بأنه كان من الرواد في هذا المجال. الفرق أن الـ«سبور» كان خفيفاً مقارنةً بالراقي هنا، ربما لأنه شعر بأن الموجة التي اجتاحت العالم أصبحت مبالغاً فيها. لكن الأهم هنا أنه ذكّرنا كم أن أسلوبه مختلف عن سلفه، كريستوفر بايلي. فهذا الأخير ارتقى بالدار في فترة من الفترات إلى مصافّ الكبار معتمداً على الرومانسية، قبل أن يتعرض لخمول إبداعي أثّر على المبيعات. كان من الواضح أن ريكاردو تيشي تعمد هذا الأمر، إذ لا أحد يحب المقارنة بغيره مهما كان مُبدعاً.
الأجواء في عرض فيكتوريا بيكهام كانت أيضاً عائلية. فقد احتلّ أبناؤها وزوجها، ديفيد، لاعب الكرة السابق المقاعد الأمامية في أول عرض تقدمه في لندن منذ انطلاقها. وطبعاً كانت المناسبة هي الاحتفال بعشر سنوات على ذلك. ورغم أن عروض المصممة تثير دائماً ضجة إعلامية فإنها هذه المرة كان لها ما يُبررها. فعندما اعتزلت الغناء وانفرط عقد فريق «سبايس غيلرز» الذي كانت عضواً فيه، لم يُصدق أحد أنها يمكن أن تستمر لموسمين فما البال بعشر سنوات، أكدت خلالها أنها ليست جادة فحسب بل أيضاً مجتهدة. فأسلوبها خضع لتغيرات كثيرة، أصابت فيها حيناً وخابت فيها حينا آخر، لكنها الآن توصلت إلى وصفة ناجحة تحترم جسم المرأة. بعد عشر سنوات، جاءت الخطوط أنثوية ورحيمة لا تشد الجسم لتحديده بقدر ما تُحرره. وهذا ما تجلى في بنطلونات طويلة وواسعة، وتنورات ببليسيهات تتحرك مع كل خطوة وفساتين تخاطب امرأة عاملة بقدر ما تخاطب امرأة مرفهة تقضي أوقاتها في المجاملات الاجتماعية. لكن ميلها إلى التفصيل عند الأكتاف لم يختف. كان حاضراً في جاكيتات بأطوال مختلفة، لعبت فيها المصممة كعادتها على ذلك التزاوج بين الذكوري والأنثوي.
في دار «ديلبوزو» كانت الأجواء أكثر خفة وبهجة، إن صح القول. لربيع وصيف 2019 اختار المصمم جوزيب فونت أقمشة خفيفة تنسدل على الجسم بسهولة مثل التول والموسلين والحرير والأورغانزا والموهير، وألوان باستيلية رسم منها تصاميم تحاكي اللوحات. قال إنه استوحاها من تفتح أزهار الوستارية، الأمر الذي يُفسر تدرج الألوان من الأبيض والوردي الخفيف إلى الليلكي قبل أن يصل إلى الفوشيا والأحمر. استوحاها أيضاً من أعمال الفنان فولفيو بيانكوني، المصنوعة من زجاج مورانو في الخمسينات من القرن الماضي. بيانكوني الذي بدأ بصنع قارورات العطور تطور إلى إبداع تحف على شكل مزهريات وغيرها، الأمر الذي تجسد في كشاكش وطيات متفتحة. كان عرضه منعشاً ومُلهباً في آن واحد. كان أيضاً مفاجئاً لأننا كنا نتوقع تصاميم مستوحاة من فن العمارة بحكم أن المصمم جوزيب فونت بدأ مشواره كمهندس معماري لكنه أكد منذ التحاقه بالدار في عام 2012 أنه لا يقل إبداعاً في مجال الأزياء، إلى حد دفع «لاشومبر سانديكال» وهي منظمة موسم الـ«هوت كوتير» بباريس، إلى أن تقدم له دعوة للعرض كضيف في برنامجها الرسمي. لهذا، غنيٌّ عن القول: إن كل قطعة تهادت بها العارضات، بما في ذلك القبعات، كانت راقية أكثر منها جاهزة.


مقالات ذات صلة

ماذا أرتدي في الأولمبياد؟ كن أنيقاً وابقَ مرتاحاً

لمسات الموضة حشد من رجال الشرطة والجيش لتأمين العاصمة الفرنسية قبل افتتاح ألعاب باريس (رويترز)

ماذا أرتدي في الأولمبياد؟ كن أنيقاً وابقَ مرتاحاً

الإرشادات المناسبة للملابس لتحقيق التوازن بين الأناقة والراحة عند حضور الألعاب الأولمبية الصيفية هذا العام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
لمسات الموضة أجواء العمل وطبيعته تفرض أسلوباً رسمياً (جيورجيو أرماني)

كيف تختار ملابس العمل حسب «الذكاء الاصطناعي»؟

اختيار ملابس العمل بشكل أنيق يتطلب الاهتمام، بعض النصائح المهمة قدمها لك «الذكاء الاصطناعي» لتحقيق ذلك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة دار «ديور» تدافع عن نفسها

دار «ديور» تدافع عن نفسها

ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي، واستنفرت وسائل الإعلام أقلامها في الأسابيع الأخيرة، تدين كلاً من «ديور» و«جيورجيو أرماني».

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف يختار الرجال ملابس العمل بشكل أنيق؟

كيف يختار الرجال ملابس العمل بشكل أنيق؟

شارك ديريك جاي، خبير الموضة ببعض نصائح للرجال لاختيار الملابس المناسبة للمكتب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة صورة جماعية لعائلة أمباني (أ.ب)

عُرس أمباني... انتقادات كثيرة وإيجابيات كبيرة

بينما عدّه البعض زواج الأحلام بتفاصيله وجواهره وألوانه، وصفه البعض الآخر بالسيرك أو فيلم بوليوودي.

جميلة حلفيشي (لندن)

«تيفاني أند كو» تُشعل مجوهراتها بالنيران والشهب

أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)
أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)
TT

«تيفاني أند كو» تُشعل مجوهراتها بالنيران والشهب

أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)
أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)

للكثير من بيوت الأزياء أو المجوهرات ولادتان: ولادة تأسيسية؛ بمعنى تاريخ انطلاقها، وولادة ثانية تكون في الغالب إبداعية تبث فيها روحاً فنية تغير مسارها وتأخذها إلى آفاق جديدة لا يمكن تخيلها. هذا ما ينطبق على دار المجوهرات «تيفاني أند كو»، إلى حد كبير.

وُلدت، أول مرة، على يد تشارلز لويس تيفاني في عام 1837، وثاني مرة على يد جان شلومبرجيه في عام 1956، بعد لقاء مع وولتر هوفينغ، مجلس إدارة «تيفاني أند كو» آنذاك، ليبدأ فصل جديد من تاريخ «تيفاني أند كو». فقد أدخل شلومبرجيه الأحجار المتوهجة والأشكال المبتكرة التي لا تزال من أيقونات الدار إلى اليوم. تعترف الدار وكل المصممين الذين توالوا على قيادتها، أنه كان مصمِّماً فذاً خلَف أرشيفاً غنياً لا يزالون يغرفون منه إبداعات وتُحفاً فريدة، كان آخِرها مجموعة «تيفاني سيليست: بلو بوك 2024». وكما يشير اسمها، استعانت فيها ناتالي فيديل، الرئيسة الإبداعية للمجوهرات الرفيعة، بخيال شلومبرجيه وتطلعه للسماء، لتصوغ قِطعاً تستمد بريقها من أشعة الشمس والنجوم والأفلاك والمجرّات البعيدة.

ظهرت أيضاً في أقراط بأحجار من الألماس الأصفر «فانسي إنتانس» يزيد وزنه عن قيراطين

كان واضحاً فيها نظرة جان شلومبرجيه الفنية لهذه الأفلاك. نظرة تلخص معنى المجاز الشاعري والفني على حد سواء. وقد سبَق للمصممة ناتالي أن قدمت مجموعة، في بداية العام، بهذه التيمات وجَّهتها لفصل الربيع، وسلّطت فيها الضوء على ستة تصاميم هي: «وينغز»، و«آرو»، و«كونستيلايشن»، و«أيكونيك ستار»، و«راي أوف لايت»، و«أبولو». ثم عادت إليها مؤخراً في مجموعة موجّهة للصيف، قسمتها إلى ثلاثة فصول هي: «بيكوك»، و«شوتينغ ستار»، و«فلايمز».

في قطعة «بيكوك» استعملت ناتالي الأحجار النابضة بالحياة كالتنزانيت والتورمالين الأخضر والألماس (تيفاني أند كو)

فصل «بيكوك» أو الطاووس مثلاً، مُستوحى، كما يدل اسمه، من ريش هذا الطائر القزحي الذي اعتقد علماء الطبيعة الأوروبيون عندما سمعوا مواصفاته أول الأمر، أنه مِن نَسْج الخيال. ولحد الآن، لا تزال ألوان ريشه تشدُّ الأنفاس وتثير شعوراً بالرهبة أمام جمالها. ناتالي استعملت، لترجمة صورته، الأحجار النابضة بالحياة كالتنزانيت والتورمالين الأخضر والألماس. قلادة أخرى من هذا الفصل، تضم نحو 17 حجراً من التنزانيت المقصوص بأسلوب كوشن يزيد وزنها عن 108 قراريط، بينما يعرض بروش «بيكوك» أحجار التنزانيت المقصوصة بأسلوب كوشن يزيد وزنها عن 13 قيراطاً.

في مجموعة «شوتينغ ستار» يُلتقط الضوء عبر شرائط الألماس المتألّقة والذهب الأصفر المنساب من الجمشت (تيفاني أند كو)

أما فصل «شوتينغ ستار» أو «الشهاب» فهو أيضاً مُستوحى من الأرشيف الذي خلفه جان شلومبرجيه، ترجمته المصممة بصورة ظلية كلاسيكية للنجوم مع شرائط متصاعدة تحاكي ترديد المسارات المتلألئة للشهاب. تجسدت هذه الصورة في قلادة من الألماس مرصّعة بأكثر من 78 قيراطاً من الجمشت. وتُلتقط ظاهرة الضوء في أحد التجليات عبر شرائط الألماس المتألّقة والمزينة بالذهب الأصفر التي تنساب حول الجمشت الكبير الفخم، وفي تجلٍّ آخر، عبر عرض مبهر للألماس المتألّق.

قلادة «فلايمز» من البلاتينوم والذهب الأصفر يرصعها أكثر من 53 قيراطاً من الألماس (تيفاني أند كو)

الفصل الثالث «فلايمز» أو «الشُّعلة»، فمستوحى هو الآخر من مجموعة «فلايمز» لجان شلومبرجيه. أثارت بانعكاساتها ناتالي فأعادت صياغتها في قلادة من البلاتينوم والذهب الأصفر عيار 18 يرصعها أكثر من 53 قيراطاً من الألماس، ويبلغ الألماس ذو القصّات المتفاوتة أكثر من 46 قيراطاً. غنيٌّ عن القول إن هذه الأحجار تتخذ شكل لهب النار، وقد ظهرت أيضاً في أقراط بأحجار من الألماس الأصفر «فانسي إنتانس» يزيد وزنه عن قيراطين - كل منهما مُحاط بلمسات دقيقة من الألماس الأبيض.