ينطلق الباحث حسين جلبي في كتابه «روجافا... خديعة الأسد الكبرى»، من أن قراءة تفاصيل ما يجري في المنطقة الكردية خلال ست سنوات من الثورة السورية، يوضح للمتابع الأسباب التي تجعل الكرد على هذه الحال من الانقسام، وعدم حكم أنفسهم بأنفسهم، فهذه السنوات الست تختصر التاريخ الكردي بكل ما فيه من وقائع وصراعات، وحتى نماذج شخصية.
ويسعى الكتاب الذي ضم 450 صفحة، إلى رصد التحول الذي طرأ على المنطقة الكردية في شمال وشمال شرقي سوريا، من حراك ومظاهرات سلمية، انطلقت في مارس (آذار) 2011، والعودة التدريجية لحزب الاتحاد الديمقراطي بعد نفي النظام له، إلى المنطقة. والحزب هو الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني (الذي أسسه عبد الله أوجلان أواخر السبعينات).
يرصد الكتاب الذي صدر عن دار «ميسلون»، قيام النظام السوري بتسليم الحزب الملف الكردي بالنيابة عنه، ليدخل الحزب بدل النظام في مواجهة مباشرة مع الشارع الكردي، نتيجة محاولته فرض أجندة بعيدة عن مصالح كرد سوريا، معادية للثورة التي انخرطوا فيها. فتحول الاضطهاد من قومي عربي إلى حزبي كردي.
يتحدث الكاتب جلبي عن مشروع «روجافا» أو غرب كردستان، كما يطلق على مناطق تجمع الأكراد في سوريا، ويرصد استفراد الحزب بالمنطقة، بعد أن ضرب الأحزاب الكردية وخوّن قادتها وخطف عناصرها وحرق مكاتبها. ويرى أن الحزب جفف الشوارع في المناطق الكردية من المظاهرات، فغابت الشعارات المناهضة للأسد المطالبة بالحقوق القومية الكردية، وحلت محلها شعارات تطالب بإطلاق سراح الناشطين الكرد من سجون الاتحاد الديمقراطي (PYD). ست سنوات انقلب فيها الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في المناطق الكردية عقباً على رأس، وأصبح الجيل الشاب إما على جبهات القتال وإما في المنافي.
يعتمد الكاتب حسين جلبي على أقوال شهود ثقات، قابلهم أو تواصل معهم من دون ذكر أسمائهم لأسباب تتعلق بسلامتهم الشخصية، كما اعتمد على كثير من الوثائق. ووزع دراسته على اثني عشر فصلاً تغطي المراحل التاريخية، وتشكيل الأحزاب والمجالس الكردية، وعسكرة المنطقة على حساب تدمير التعليم بسبب سحب الشباب إلى المعارك، والحرب على الإعلام المحلي. كما يتحدث عن معركة كوباني ضد «داعش»، فيصفها «بانتصار حزب فوق ركام مدينة».
لا يتسع المجال لإيجاز الدراسة التي أعدها باحث وصحافي وحقوقي رصد مسار ست سنوات من مصير المناطق الكردية في سوريا (روج آفا) والتغير الديموغرافي والسياسي الذي طرأ عليها بين عجز الأحزاب الكردية وصمت النخب. غير أنها دراسة أولى في مجالها، ستضيف إلى الدراسات التي سيتم العود إليها في المستقبل لرصد مسار الثورة السورية، وما نتج عنها من معارك وخسائر وحرب دمرت غالبية البلاد، وشردت ملايين السوريين.
«روجافا... خديعة الأسد الكبرى»
«روجافا... خديعة الأسد الكبرى»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة