مشاورات أوروبية حول آليات مكافحة محتوى الإرهاب على الإنترنت

TT

مشاورات أوروبية حول آليات مكافحة محتوى الإرهاب على الإنترنت

أجرى المفوض الأوروبي لشؤون الاتحاد الأمني جوليان كينغ محادثات في باريس مع لوزران مونيز المدير العام للأمن الداخلي في فرنسا، لمناقشة القضايا الأمنية الأوروبية، خصوصاً ما يتعلق بمقترحات قدّمتها المفوضية أخيراً حول مكافحة محتوى الإرهاب على الإنترنت.
وأوضحت المفوضية الأوروبية في بروكسل أن كينغ شارك خلال زيارته لباريس، قبل يومين، في اجتماع الطاولة المستديرة الثاني للجنة الصناعات الأمنية، حيث عرض المسؤول الأوروبي جهود المفوضية لدعم تطوير صناعة الأمن الأوروبية وأيضاً ما ستحمله الموازنة الأوروبية القادمة من دعم في هذا الصدد.
وأشارت مصادر بروكسل إلى أن المفوض الأوروبي المكلف بالاتحاد الأمني ينوي بدء سلسلة مشاورات مع الدول الأعضاء وخاصة تلك التي عانت بسبب الإرهاب والتي تكثّف خطواتها على طريق مواجهة مخاطره. وأضافت المصادر نفسها لـ«الشرق الأوسط» أن سلسلة المشاورات هذه بدأت فعلاً بزيارة المسؤول الأوروبي لفرنسا التي تعرضت عاصمتها لهجمات إرهابية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 أودت بحياة أكثر من 130 شخصاً، إلى جانب تنفيذ عمليات طعن ودهس بالسيارات في مناطق متفرقة من أنحاء البلد.
وأعلنت المفوضية الأوروبية، قبل أيام، عزمها سن قوانين جديدة تلزم شركات الإنترنت والتواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» و«تويتر» و«مايكروسوفت» و«يوتيوب»، بحذف المحتوى الذي يحض على الإرهاب والتطرف من على منصاتها، محذّرة من غرامات قاسية تصل إلى 4 في المائة من عوائد الشركات.
وذكرت المفوضية أن «كافة المنصات الموجودة على الشبكة العنكبوتية والتي تقدم خدماتها داخل دول الاتحاد الأوروبي ستخضع لضوابط واضحة لمنع إساءة استغلالها للترويج لمحتوى يحض على التطرف والإرهاب، كما سيتم تقديم ضمانات قوية لحماية حرية التعبير على الإنترنت وتضمن استهداف المحتوى الإرهابي فقط». وأضافت المفوضية: «لن تفلت أي شركة من العقوبة إذا قامت بتوزيع منشورات تحض على الإرهاب في شوارع مدننا، كذلك لا يمكن السماح بحدوث ذلك على الإنترنت. بينما أحرزنا تقدماً في إزالة المحتوى المتعلق بالإرهاب من على الإنترنت عبر جهود تطوعية، إلا أن ذلك لم يكن كافياً. نحتاج إلى منع وضع ذلك المحتوى بالأساس، وعند ظهوره ينبغي التأكد من محوه بأقصى سرعة ممكنة قبل أن يتسبب في أضرار خطيرة».
وزاد المحتوى المُحرض على التطرف على الإنترنت خلال الفترة الماضية ليشكل خطورة شديدة على المجتمع الأوروبي، بحسب دراسات متخصصة. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي وحده تم نشر ما يقرب من 700 منشور رسمي يروج لتنظيم داعش على الإنترنت.
وقالت المفوضية الأوروبية، في يناير الماضي، إن اجتماعاً انعقد وضم عدداً من أعضاء الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي مع ممثلي المنابر الإلكترونية، لمناقشة التقدم المحرز في معالجة انتشار المحتوى غير القانوني عبر الإنترنت، بما في ذلك الدعاية الإرهابية على الشبكة العنكبوتية وكراهية الأجانب والعنصرية فضلاً عن انتهاكات الملكية الفكرية. وقال ماغريتس شيناس، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، خلال مؤتمر صحافي وقتها، إن الاجتماع شكل فرصة جيدة لتبادل صريح ومفتوح للآراء حول التقدم المحرز والدروس المستفادة في هذا العمل.



مايوت... أفقر أقاليم فرنسا تجهد لمحو آثار الإعصار المدمّر

شابّة تسير وسط الدمار بمنطقة مبويوغو في مايوت (أ.ب)
شابّة تسير وسط الدمار بمنطقة مبويوغو في مايوت (أ.ب)
TT

مايوت... أفقر أقاليم فرنسا تجهد لمحو آثار الإعصار المدمّر

شابّة تسير وسط الدمار بمنطقة مبويوغو في مايوت (أ.ب)
شابّة تسير وسط الدمار بمنطقة مبويوغو في مايوت (أ.ب)

بعد أسبوع من أسوأ إعصار يضربها منذ ما يقرب من قرن، لا تزال جزيرة مايوت الفرنسية الفقيرة الواقعة في المحيط الهندي تجهد لإحصاء عدد القتلى واستعادة الخدمات الأساسية ومساعدة السكان المحاصرين، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

والمستشفيات التي تعاني بشكل دائم نقصاً في الإمكانات تكتظ بالمرضى الذين يعانون ليس من الإصابات المرتبطة بالإعصار «شيدو» فحسب، بل أيضاً من الجفاف وسوء التغذية والأمراض. وفي المستشفى الرئيس في مايوت بالعاصمة مامودزو، يواجه الأطباء سلسلة من الأزمات.

وقال الدكتور روجيه سرحال، رئيس قسم التوليد وأمراض النساء في المستشفى: «فقدنا 40 في المائة من غرف المرضى؛ أي نحو 50 إلى 60 سريراً. هناك الكثير من المرضى يأتون إلى المستشفى، وليس لدينا مكان لاستقبالهم».

وفي ظل الإعصار الذي ضرب الأرخبيل في نهاية الأسبوع الماضي مصحوباً برياح سرعتها 220 كيلومتراً في الساعة، أجبرت الأضرار البنيوية التي لحقت بالمستشفى الموظفين على فرز المرضى، وإعطاء الأولوية لأكثر الحالات شدة.

تم تأكيد وفاة خمسة وثلاثين شخصاً حتى أمس (الجمعة) في مايوت، لكن وزيرة الصحة الفرنسية جنفييف داريوسيك، حذرت من أن أي تقديرات من المرجح أن تكون أقل بكثير من الأعداد الحقيقية «مقارنة بحجم الكارثة».

سيندو محمدي يجلس على السرير في المستشفى بعدما أصيب خلال مرور الإعصار «شيدو» (أ.ب)

* دمار شامل

دمرت العاصفة أحياء بأكملها، وتجاهل العديد من الناس التحذيرات، معتقدين أن العاصفة لن تكون شديدة للغاية. والأسوأ من ذلك أن العديد من المهاجرين تجنبوا الملاجئ خوفاً من الترحيل، حسبما قالت السلطات، مضيفة أنه قد يكون هناك مئات أو ربما آلاف الوفيات.

ويخشى الأطباء أن يؤدي نقص المياه النظيفة والكهرباء إلى أزمة صحية. وقال الدكتور فنسان جيل، مدير الطوارئ الطبية في المستشفى: «يأتي المرضى لأن أمراضهم لم تعالَج، ولا ماء ولا كهرباء. نحن قلقون بشأن الأوبئة، مثل تفشي مرض الكوليرا الذي أوقفناه قبل أشهر فقط».

ويواصل طاقم المستشفى العمل بلا كلل، لكن الموارد تنفد بشكل مقلق. وقال سرحال: «إذا هطلت الأمطار سيكون الأمر كارثياً».

من بين المرضى الراقدين في المستشفى، سيندو محمدي (54 عاماً) الذي كُسرت ذراعه والتوى كاحله أثناء العاصفة التي دمرت منزله تماماً. وقال: «أمي مريضة، وأنا مريض، وأحد أطفالي الستة مريض. عائلتي بحاجة إلى تناول الطعام، وبما أني الشخص الذي يحصّل الرزق، فليس لدى أمي وأطفالي شيء الآن».

وأضاف: «لست وحدي. هناك الكثير منا فقدوا كل شيء. أريد من الحكومة أن تهتم بنا، وأن تمنحنا الطعام ومكاناً للنوم».

يُذكر أن مايوت التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، هي أرخبيل يقع بين مدغشقر والقارة الأفريقية. ومما يزيد الاكتظاظ أن قرابة 100 ألف مهاجر يعيشون فيها.

وعانى أفقر أقاليم فرنسا ما وراء البحار لفترة طويلة من الإهمال ونقص الاستثمار؛ لذا يعيش نحو 75 في المائة من سكان مايوت في فقر، في حين أن البنية التحتية للأرخبيل غير مجهزة لتحمل كارثة بهذا الحجم.

نساء يغسلن ملابس في أحد شوارع مامودزو عاصمة مايوت بما جمعنه من مياه الأمطار (أ.ب)

وبينما تبذل سلطات باريس جهوداً لتقديم المساعدات الطارئة، بما في ذلك النقل الجوي للمياه والغذاء، تبقى الحاجات كبيرة بالنظر لحجم الكارثة. ولا يزال مطار مايوت مغلقاً أمام الرحلات المدنية بسبب الأضرار، الأمر الذي يعرقل الخدمات اللوجستية.

وأقر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارته مايوت أمس (الجمعة)، بخطورة الوضع وتعهد بإعادة البناء. لكنه واجه انتقادات من السكان المحبطين من بطء وتيرة المساعدات. وقدرت وزارة الداخلية الفرنسية أن 70 في المائة من السكان تأثروا بشكل خطير، وأن العديد منهم أصبحوا بلا مأوى وعرضة للخطر بعد هذه الكارثة الطبيعية.