«أمازون» لا يقتل الكتابة.. بل تقضي السوق عليها

«أمازون» لا يقتل الكتابة.. بل تقضي السوق عليها
TT

«أمازون» لا يقتل الكتابة.. بل تقضي السوق عليها

«أمازون» لا يقتل الكتابة.. بل تقضي السوق عليها

وصلت حرب شنّتها شركة أمازون دوت كوم على الناشرين أوجها منذ أيام عقب إعلان أنها تعتزم إطلاق خدمة «كيندل أنليميتيد» Kindle Unlimited، وهي اشتراك غير محدود سيتيح للمشتركين الدخول إلى مكتبة «كيندل» للكتب الإلكترونية مقابل دفع 9.99 دولار شهريا. وتصل شركة أمازون أخيرا إلى هدفها النهائي، وهو حل النموذج التقليدي لتجارة الكتب بشكل كامل من خلال منصة نشر متكاملة مباشرة من الكاتب إلى «كيندل».
كانت فكرة خدمات بث الفيديو حسب الطلب «نيتفليكس للكتب» Netflix عملا تجاريا جديدا ذا شعبية لفترة من الوقت. ورفعت شركة «Oyster» رأس مالها المخاطر إلى 17 مليون دولار خلال تمويلها الثاني، وتحولت خدمة Scribd حديثا من استضافة الوثائق إلى خدمة اشتراك للكتب. وتهيمن شركة أمازون على مبيعات الكتب الإلكترونية بحصة سوقية تقدر بنحو 65 في المائة.
عرضت شركة فوكس منذ بضعة أيام شراء تايم وارنر مقابل 80 مليار دولار، في واحدة من أكبر الصفقات بمجال صناعة الإعلام بالسنوات الأخيرة. فيما تواجه كلتا الشركتين ضغوطا تنافسية من تدفق شركات مثل نيتفليكس التي تطوّر البرمجة الأصلية وكذلك الشبكات متعددة القنوات مثل شبكة قنوات (Maker Studios) التي اشترتها شركة ديزني.
يكمن السبب وراء جزء من اتجاه الاندماج في الإيرادات التي يمكن أن تحقق في مجال الفيديو، هناك فرص هائلة للشركات لبناء قيمة من المنتجات المشتقة في قنوات أخرى. هوليوود تفضل «منصات» أفلامها المتمثلة في الامتيازات التي يمكن أن تشكل أساسا لمحتوى جديد عبر وسائل الإعلام، ومن الممكن أن ينتج عن فيلم واحد أفلام تكميلية وعروض تلفزيونية وكتب ومجلات ورسوم هزلية ودمى وألعاب فيديو. الفيلم هو مجرد بداية لنطاق أوسع وعالم إنتاج أكثر ربحية.
وينطبق هذا النموذج من الأعمال على عدد قليل جدا من الكتاب الذين يختارون القصص الدرامية عن مصاصي الدماء أو الأعمال الدرامية المثيرة من أجل جمع الثروات. ولكن لا توجد مصادر دخل بديلة للكتاب.
وتعد تقريبا كل الأعمال التي ينجزها كاتب ما في التسويق والعلاقات الخارجية بيع نسخ فعلية من الكتب، وتكون الحوارات والمحاضرات التي تجرى حول الكتب غير مدفوعة الأجر بصفة عامة ويدفع في كثير من الأحيان رسوم منخفضة عن المقالات التي تساهم في المجلات والصحف لتسويق كتاب معين ونادرا ما يذهب إليها حصة من عائدات الإعلانات إن لم تكن لا تشارك بأي نسبة مطلقا.
وهذا في نهاية المطاف جزء من «كيندل أنليميتيد» الذي ربما يكون الأكثر شؤما والسبب وراء شغف الكتاب بقضية أسعار الكتب الإلكترونية. وليس من المرجح أن يؤدي خفض الأسعار إلى توسيع سوق القراء، نظرا لأن أسعار الكتب لا تبدو العامل الحاسم الذي يحدد ما إذا كان شخص ما سيقرأ الكتاب أم لا، بينما يلعب الوقت هذا الدور. ولكن تلك الأسعار المنخفضة تقلص بشكل مباشر دخول الكتاب الذين يفتقرون إلى أي وسيلة أخرى لترجمة مبيعاتهم إلى إيرادات إضافية.
هذا هو السبب في أنني لا أعتقد أن الثورة الكبيرة للكتاب ومنتجي المحتويات الأخرى ستأتي من شركة أمازون، ولكنها ستأتي من الأعمال التجارية الجديدة مثل (Patreon)، التي تسمح للمنتجين ببناء قاعدة جماهيرهم بصورة مباشرة ووضع نموذج اشتراكاتهم مباشرة مع معظم جماهيرهم المتحمسين. قد يكون ذلك خاتمة مفاجئة لهذه الحلقة الأخيرة من حروب المحتويات، ولكنها خاتمة تحتفي بالمبدعين في جميع أنحاء العالم.



«الضارية»... دراما سعودية تُجسّد بشاعة العالم حين يغيب القانون

تركي اليوسف يُقدّم شخصية رجل عصابات في المسلسل (شاهد)
تركي اليوسف يُقدّم شخصية رجل عصابات في المسلسل (شاهد)
TT

«الضارية»... دراما سعودية تُجسّد بشاعة العالم حين يغيب القانون

تركي اليوسف يُقدّم شخصية رجل عصابات في المسلسل (شاهد)
تركي اليوسف يُقدّم شخصية رجل عصابات في المسلسل (شاهد)

في بلدة جبلية نائية تُدعى «الضارية»، تُتّخذ القرارات على فوهات البنادق، وتدور حياة الخارجين عن القانون بين تهريب وانتقام وصراع يومي من أجل البقاء، فيتحوّل الخطر إلى روتين، والنجاة إلى مهارة، إذ لا مكان للضعفاء ولا مساحة للندم. ومن هنا، يطلّ الممثل السعودي تركي اليوسف بشخصية «عباس» في مسلسل «الضارية»، ليُقدّم دور البطولة في عمل قاسٍ مليء بالمطاردات والجرائم، يتناول جماعات تعيش على سفك الدماء.

انطلق المسلسل المؤلَّف من 8 حلقات عبر منصة «شاهد» قبل أيام؛ من إنتاج استوديوهات «إم بي سي»، ويشارك في بطولته خالد صقر، وريم الحبيب، وفايز بن جريس. وبعد عرض أول حلقتين منه، حظي بصدى واسع؛ نظراً إلى لغته البصرية الجريئة، واهتمامه بموضوع جديد على الدراما السعودية: عالم التهريب والحدود والولاءات المُتبدّلة.

اليوسف في مشهد من العمل (إنستغرام)

ولطالما امتاز تركي اليوسف بانشغاله بالطبقات النفسية أكثر من الانفعالات، وفي «الضارية» يذهب أبعد ممّا قدّمه سابقاً، عبر شخصية تمشي على خيط رفيع بين القسوة والإنسانية. وفي بداية الحوار، نسأله عن كثرة ظهوره في أدوار الشرّ، فيُجيب: «أدوار الشرّ أصعب من غيرها، لأنها تحتاج إلى فَهْم عميق للشخصية، وأنا لا أبحث عن الشرّ بكونه صفة، بل عن الدور المكتوب بصدق. عندما يكون النص صادقاً، تجد نفسك جزءاً من الحالة، لا مجرّد ممثل فيها».

يتابع حديثه لـ«الشرق الأوسط»، موضحاً أن انجذابه للأدوار القاسية لا يعني السعي إلى التكرار، بل إلى ما يُسمّيه «الصدق الإنساني»: «أحياناً يُكتب الشرّ بشكل سطحي، وكأنه مجرّد نقيض للبطل، لكني أبحث عن الشخصية التي تملك دوافعها ومبرّراتها، لأني مؤمن بأن الإنسان لا يولد شريراً، بل تدفعه الحياة إلى ذلك في أغلب الأحيان».

«عباس» عند خروجه من السجن بعد 10 سنوات عاد بعدها إلى إجرامه (شاهد)

«عباس» الخارج عن القانون

ولا يمكن عدّ «عباس» في المسلسل مجرماً بالمعنى النمطي، بل نتاج بيئة تعلّم فيها الناس أن يعيشوا بلا حماية. فهو رجل عصابات يعمل في التهريب على الحدود، ويقود مجموعة من الرجال الذين يعيشون على الهامش، يبيعون المخدرات ويتقاتلون. ويشير اليوسف إلى أنّ الدور جذبه لأنه يتيح له مساحة للغوص في عقل شخصية تعرف الخطر بوصفه جزءاً من يومها.

ويضيف: «(عباس) رجل قيادي، شرير أحياناً، لكنه صادق مع نفسه. لا يُبرّر أفعاله، ولا يطلب التعاطف، يعيش بلا أهل ولا سند، لذلك أصبح أكثر وحشية من غيره. حاولت أن أقدّمه كما هو: إنسان فقد الخوف، فصار الخطر بيته الطبيعي». كما يظهر «عباس» في العمل بملامح فوضوية، وملابس متّسخة، وحضور بارد لا يخلو من الكاريزما. تلك التفاصيل، كما يؤكد اليوسف، لم تكن كلها مكتوبة في النصّ: «كثير من ملامح الشخصية كانت من إضافاتي. أردتُ أن يشعر المُشاهد أن هذا الرجل يعيش فعلاً في بيئة قاسية، وحتى طريقة التدخين أو المشي أو النظرة، كلها عناصر تساعد على بناء الشخصية من الداخل».

يرى اليوسف أنّ المسلسل يُمثّل نقلة كبيرة للدراما السعودية (شاهد)

من القسوة إلى الصدق

ويرى اليوسف أنّ شخصيات الشرّ تمنحه فرصة للتعبير عن جوانب مختلفة من الإنسان: «أحبُّ الشخصيات التي لا تشرح نفسها، بل تدع الجمهور يكتشفها. وفي (الضارية) مثلاً، الشرّ ليس حالة عدوانية، بل طريقة للبقاء. حاولتُ أن أقدّم القسوة بلا افتعال، وأترك مساحة للصدق أكثر من الأداء».

ويتوقّف عند النقطة الأهم في تجاربه الأخيرة، وهي انتقاؤه للأدوار بصعوبة، إذ يعتقد أنّ هذا التحدّي يواجه الممثلين من فئته العمرية على وجه التحديد، ويضيف: «معظم النصوص اليوم موجَّهة إلى الفئات الأصغر سناً، لذلك نبحث عن القصص التي تناسب أعمارنا وتجاربنا. أحياناً نقرأ عشرات الأعمال ولا نجد إلا واحداً منها يستحق، فالمهم ألا يكون الحضور لمجرّد الظهور، بل لتقديم شيء مختلف فعلاً».

نضج الدراما السعودية

عودة تركي اليوسف إلى نجوميته السابقة تُرافقها تحولات لافتة في الدراما السعودية، خصوصاً في إنتاجات المنصّات. وهنا يقول: «الدراما السعودية تمرّ بمرحلة نضج حقيقية، هناك جرأة في الموضوعات، وتطوّر في الصورة والإخراج، ولم يعد الإنتاج محدوداً أو تقليدياً. اليوم، نرى قصصاً متنوّعة بين الأكشن والاجتماعي والتاريخي، وهذا يمنحنا (نحن الممثلين) خيارات أفضل».

ويؤكد أنّ تجربة «الضارية» كشفت له مدى التطوّر التقني والفنّي في الصناعة: «العمل صُوّر بإنتاج ضخم، كأنك تصوّر فيلماً كل يوم، والأكشن فيه واقعي وليس استعراضاً، وكلّ مشهد له سبب درامي واضح. هذه الجودة تجعل الممثل يُقدّم أفضل ما لديه، لأنّ البيئة كلّها تدعمه».

ورغم أن الأحداث تدور في الجنوب السعودي، وتحديداً منطقة جازان، حيث تبدو هوية المكان واضحة بشدّة، فإنّ صنّاع العمل حرصوا على جعل اللهجة أقرب إلى البيضاء الدارجة، حتى لا تُقيّد الفهم، كما يوضح اليوسف، خصوصاً أنّ العمل موجّه إلى الجمهور العربي، وبالتالي يتطلَّب أن يكون مفهوماً لدى الجميع، مضيفاً: «لسنا نصنع أعمالاً محلّية فقط، بل نُنافس على مستوى عربي».

رحلة 3 عقود

ومَن يتابع مسيرة الممثل تركي اليوسف، يلاحظ أنّ أدواره الأخيرة، من «عبيد» في مسلسل «أمي»، إلى «عباس» في «الضارية»، باتت تمثّل مساراً من الشرّ الداخلي إلى الشرّ الواقعي. ففي الأولى، كان الشرّ انعكاساً للماضي، وفي الثانية نتيجة لبيئة قاسية. وبسؤاله عن ذلك يقول: «(عباس) مختلف، هو شخصية أكثر وضوحاً وصراحة، يعيش في منطقة لا تعرف التجمّل. حاولت أن أجسّد هذا النوع من الرجال الذين لا يملكون شيئاً يخسرونه».

وبعد نحو 3 عقود من التجارب المتنوّعة، لا يزال اليوسف يُقدّم أقصى ما لديه مع كلّ شخصية جديدة، مؤكداً أنّ شغفه لم يخفت، لكنه أصبح أكثر وعياً. وهنا يختم حديثه: «اليوم أشعر أنّ الدراما السعودية أصبحت بيئة حقيقية للعمل الجادّ، وهناك احترام للممثل واهتمام بالتفاصيل. هذا ما يجعلني أتابع شغفي بحماسة وثقة».


أنغام من «موسم الرياض»: الفن لغة سلام لا يُغيّرها الزمن

أنغام قدَّمت ليلة فنّية مليئة بالحب والإحساس (هيئة الترفيه)
أنغام قدَّمت ليلة فنّية مليئة بالحب والإحساس (هيئة الترفيه)
TT

أنغام من «موسم الرياض»: الفن لغة سلام لا يُغيّرها الزمن

أنغام قدَّمت ليلة فنّية مليئة بالحب والإحساس (هيئة الترفيه)
أنغام قدَّمت ليلة فنّية مليئة بالحب والإحساس (هيئة الترفيه)

في ليلة فنّية ساحرة من ليالي «موسم الرياض 2025»، حلّقت الفنانة أنغام بجمهورها طرباً حتى ساعات الصباح الأولى من يوم الجمعة، في أجواء مليئة بالإحساس والحبّ، خلال الحفل الضخم الذي شهد حضوراً كبيراً على «مسرح أبو بكر سالم» بمنطقة «بوليفارد سيتي» بالعاصمة السعودية، ومتابعة الملايين عبر الشاشة.

وشهد الحفل إعلان «الهيئة العامة للترفيه» عن حفل ضخم لأنغام يُقام نهاية العام، بعد الإقبال الكبير الذي شهده شباك التذاكر الذي تجاوز 100 ألف طلب لحجز مقعد في أمسيتها الفنّية.

بدت أنغام منذ اعتلائها المسرح غارقة بسعادة عارمة لملاقاتها جمهورها (الشرق الأوسط)

بدت أنغام، المُلقَّبة بـ«صوت مصر»، منذ اللحظات الأولى لاعتلائها المسرح غارقة بسعادة عارمة لملاقاة أحبّتها، فأدَّت لهم التحية قائلة: «وحشتوني جداً، وسعيدة أنني معكم في الرياض الحبيبة»، قبل أن تُقدّم أجمل أغنياتها التي شاركها الجمهور أداءها.

بدورها، وجَّهت الفنانة رسالة شكر إلى «الهيئة العامة للترفيه»، وقالت: «من أجمل وأرقى ما يُميّز (موسم الرياض) أنه يقدّم فناً وموسيقى حقيقيَّيْن، ويُقدّر قيمة الإبداع، ويوفّر لنا، نحن الموسيقيين، الفرص والإمكانات لاستضافة موسيقيين عالميين كبار والاستفادة من خبراتهم، مثل أنطونيو راس، أحد أهم عازفي الغيتار في العالم. وطبعاً هناك أساتذة كثر يشاركوننا الليلة من أبرز الموسيقيين وأكثرهم تميّزاً».

وأضافت: «الفنّ والموسيقى هما لغة السلام التي تجمع الشعوب، وعلى مرّ الزمن والتاريخ ظلّتا دائماً طيوراً تحمل المحبة والسلام، تماماً كما أراها اليوم ترفرف في سماء الرياض وسماء مصر. وجودي هنا في الرياض مع المايسترو هاني فرحات والموسيقيين المصريين دليل على المحبة الدائمة، وعلى سلام لا يتأثّر مهما تغيّرت الظروف». وقد قوبل حديثها بتصفيق حارّ.

أنغام بجانب العازف أنطونيو رِيْ الذي شاركها مقطوعات موسيقية بالغيتار (هيئة الترفيه)

وقدَّم عازف الغيتار أنطونيو رِيْ، الذي كان يجلس قرب أنغام، وصلات بأنامله لاقت تفاعلاً من الفنانة والجمهور.

وحرصت أنغام على توجيه رسالة اعتذار إلى الحضور لتأثّر صوتها بأجواء البرد، ثم استهلّت الحفل بأغنية «عمري معاك»، لتواصل مع «ونفضل نرقص»، و«حالة خاصة»، و«سيبتلي قلبي»، و«اسكت»، و«إيه الأخبار»، وغيرها من الباقة الجميلة.

وتفاعلت أنغام مع الحضور الكثيف بأغنية «ألف آسف لو ضعفت وجيت عندك أشتكيك... بس مالي غيرك إنت أشتكي له من هواك»، قبل أن يصعد مُقدّم الحفل ليُعلن قرار «موسم الرياض» باستقبال العام 2026 باحتفالية ضخمة لأنغام في 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وسط ترحيب من الجمهور وإبداء الفنانة امتنانها الكبير.

وقدّم المنظمون باقة ورد للفنانة بمناسبة شفائها بعدما مرّت بأزمة صحية في الصيف، خضعت خلالها للعلاج في ألمانيا، قبل أن تعود إلى خشبة المسرح.

أنغام تُشجّع أي تاتش جونيور بعد مشاركته مع جدّه في عزف أغنية «أخاف أفرح» (هيئة الترفيه)

وواصلت أغنياتها بـ«أخاف أفرح» بمشاركة عازف الغيتار الناشئ أي تاتش جونيور، ابن الـ7 أعوام، حفيد عازف القانون التركي أي تاتش دوغان، الذي رافق أنغام لسنوات، قبل أن تتّجه الفنانة نحوه لتقبيل يده بعد نهاية الأغنية احتفاء به وتشجيعاً لإبداعه.

أنغام شكرت السعودية وجميع الموسيقيين في الحفل (هيئة الترفيه)

ثم واصلت التألق والتفاعل مع الجمهور، مُقدّمة «قلبي معه»، و«نجوم الليل»، و«محد فاضي»، و«سيدي وصالك»، و«تيجي تسيب» وغيرها، قبل أن تختم الليلة الساحرة بأغنية «يا ريتك فاهمني» وسط تصفيق جماهيري كبير وحفاوة بالغة حضرت من بداية الحفل إلى نهايته.


«ملتقى الترجمة الدولي 2025» ينطلق في الرياض بمشاركة 70 خبيراً

يُمثِّل الملتقى منصة عالمية لالتقاء المترجمين والمهتمين في المجال (واس)
يُمثِّل الملتقى منصة عالمية لالتقاء المترجمين والمهتمين في المجال (واس)
TT

«ملتقى الترجمة الدولي 2025» ينطلق في الرياض بمشاركة 70 خبيراً

يُمثِّل الملتقى منصة عالمية لالتقاء المترجمين والمهتمين في المجال (واس)
يُمثِّل الملتقى منصة عالمية لالتقاء المترجمين والمهتمين في المجال (واس)

أطلقت «هيئة الأدب والنشر والترجمة» السعودية، الخميس، فعاليات النسخة الخامسة من «ملتقى الترجمة الدولي 2025»، الذي يستضيفه مركز الملك فهد الثقافي في الرياض خلال الفترة بين 6 و8 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بمشاركة ما يزيد على 30 جهة محلية ودولية، و70 خبيراً ومتحدثاً من 22 دولة حول العالم.

وأوضح الدكتور عبد اللطيف الواصل، الرئيس التنفيذي للهيئة، أن الملتقى يُشكِّل فضاءً مفتوحاً للحوار وتلاقي الثقافات، وتُبنى من خلاله رؤى جديدة لمستقبل الترجمة بوصفها أداة لصناعة الفهم المشترك بين الشعوب.

30 جهة محلية ودولية تشارك بـ«ملتقى الترجمة الدولي 2025» في الرياض (واس)

منصة عالمية لالتقاء المترجمين

وأكد الواصل سعي الهيئة من خلال هذه النسخة لأن يكون الملتقى منصة عالمية لالتقاء المترجمين والمهتمين في المجال، تُسهم في تطوير بيئة الترجمة، وتوسيع أثرها في صناعة المحتوى والمعرفة.

ويأتي الملتقى تحت شعار «من السعودية... نترجم المستقبل» ليؤكد مكانة البلاد بصفتها مركزاً ثقافياً مؤثراً في دعم صناعة الترجمة، وتعزيز التواصل المعرفي والحضاري بين الشعوب، بما يتماشى مع مستهدفات «رؤية 2030» في ترسيخ الحضور الثقافي العالمي للمملكة.

يُقدِّم «ملتقى الترجمة الدولي 2025» برنامجاً ثرياً يجمع بين النظرية والتطبيق (واس)

برنامج ثري ومسارات تفاعلية

ويُقدِّم الملتقى برنامجاً ثرياً يجمع بين النظرية والتطبيق عبر سبعة مسارات رئيسية تشمل جلسات حوارية تناقش قضايا الترجمة الحديثة، وتحتفي بالعام الثقافي السعودي الصيني، وورش عمل تدريبية متخصصة في تقنيات الترجمة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.

كما يتضمن حلقات نقاش بحثية ينظمها المرصد العربي للترجمة، ومسارات تفاعلية مثل «قابل الخبراء» و«حكايا ترجمية» و«تجربة التقنية التفاعلية»، كذلك تشارك الأندية الطلابية باستعراض مشروعات طلاب الترجمة في الجامعات السعودية.

يستعرض الملتقى مشروعات طلاب الترجمة في الجامعات السعودية (واس)

تأهيل المترجمين لمواجهة الأزمات

استعرض أكاديميون وخبراء من جامعات محلية ودولية، خلال أولى جلسات الملتقى، التجارب الأكاديمية والميدانية في تدريب المترجمين على الاستجابة اللغوية والإنسانية خلال الأزمات والكوارث، مؤكدين أهمية إعداد مترجمين قادرين على أداء أدوارهم الحيوية في المواقف الحرجة التي تتطلب سرعة، ودقة، ومسؤولية أخلاقية عالية.

وأوضح المتحدثون في الجلسة أن مهنة الترجمة تجاوزت حدود القاعات الأكاديمية والمكاتب التقليدية، لتصبح عنصراً أساسياً في الميدان خلال الأزمات الصحية والإنسانية والطبيعية، إذ يؤدي المترجم دوراً محورياً في إنقاذ الأرواح، وتيسير عمليات الإغاثة، وتمكين التواصل الفعّال بين الشعوب والجهات الدولية، مضيفين أن تطوير برامج التأهيل الأكاديمي والميداني يسهم في إعداد مترجمين قادرين على أداء مهامهم بكفاءة عالية في المواقف الطارئة، والتعامل باحترافية مع التحديات اللغوية والثقافية المصاحبة لها.

وتطرقت الجلسة إلى أبرز المهارات المطلوبة لمترجمي الأزمات، ومن بينها الترجمة الفورية السريعة، وإدارة المحتوى الإعلامي في البيئات المتوترة، إضافة إلى التعامل مع المصطلحات المتخصصة في قطاعات الصحة والأمن والإغاثة، مؤكدة أهمية تكامل الأدوار بين الجامعات ومؤسسات التدريب والجهات الحكومية لتطوير برامج متخصصة تواكب طبيعة العمل الإنساني في أوقات الأزمات العالمية.

أكدت إحدى الجلسات أهمية إعداد مترجمين قادرين على أداء أدوارهم الحيوية في المواقف الحرجة (واس)

وشدد المتحدثون على أن المترجم يجب أن يتعلم التعامل مع الاختلافات الثقافية، وأن يُدرَّب على إنتاج الترجمات بأسلوب مهني يجمع بين الدقة والابتكار، مؤكدين أهمية وجود برنامج وطني لتأهيل المترجمين في السعودية بإشراف خبراء عالميين لضمان أعلى مستويات الجودة. وأشاروا إلى أن أحد أبرز التحديات يتمثل في حجم المحتوى المعرفي الهائل الذي يجب أن يطّلع عليه المترجم لضمان جودة عمله، داعين لعقد مؤتمر علمي يجمع الأكاديميين والممارسين لتبادل الخبرات، مع إدراج مناهج تدريبية متخصصة في مهارات إعداد الترجمات المتقدمة.

وأوصت الجلسة بإنشاء برامج مهنية متقدمة تمكّن المترجمين في السعودية من تطوير مهاراتهم ومواكبة تقنيات الترجمة الآلية الحديثة، بحيث لا يكون الهدف الاستغناء عن المترجم البشري، بل تعزيز كفاءته ورفع مستوى المهنة بما يواكب متطلبات السوق المحلية والعالمية.

الترجمة الطبية... لغة الحياة

استعرضت جلسة حوارية أبرز الممارسات المهنية بمجال الترجمة الطبية، ودور المترجمين في دعم جودة الخدمات الصحية، وتعزيز التواصل بين المرضى والكوادر الطبية، حيث ناقش المتحدثون واقع الترجمة الطبية في المؤسسات الصحية، مؤكدين أن المترجم الطبي يمثل عنصراً أساسياً في المنظومة العلاجية، من خلال ضمان دقة التواصل بين الطبيب والمريض، ونقل المعلومات الطبية بما يحافظ على سلامة المريض ويعزز فاعلية التشخيص والعلاج.

استعرض الملتقى دور الترجمة الطبية بوصفها جسر تواصل إنساني في المنشآت الصحية (واس)

وأشاروا إلى أن الترجمة الطبية تتجاوز كونها عملية لغوية إلى كونها جسراً إنسانياً يعزز الثقة والتفاهم بين المريض والفريق الطبي، إذ يؤدي المترجم دوراً محورياً في نقل المشاعر والمعاني الدقيقة، وضمان أن تصل المعلومة بلغة تراعي الفروق الثقافية والإنسانية، بما ينعكس إيجاباً على جودة الرعاية الصحية المقدّمة.

وأكد المشاركون ضرورة تطوير برامج تعليمية متخصصة في الجامعات والمؤسسات التدريبية لتأهيل مترجمين قادرين على مواكبة التطورات بالقطاع الصحي، واستخدام التقنيات الحديثة في الترجمة بما يتماشى مع التحول الرقمي في الخدمات الطبية، لافتين إلى أن العالم يشهد اليوم ثورة معرفية وصناعية متسارعة يقودها الذكاء الاصطناعي، ما يجعل المترجمين في حاجة مستمرة لاكتساب مهارات جديدة، وتطوير أدواتهم المهنية لمواكبة هذا التحول.

وشددوا على أن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه أن يحلّ محلّ المترجم البشري، إذ يظل المترجم الإنساني هو القادر على نقل المعنى الدقيق وفهم السياق الثقافي والعاطفي للنصوص، في حين تفتقر الآلة إلى تلك الحساسية الإنسانية التي تضمن جودة التواصل وسلامة المعنى.

أكد الخبراء أن الترجمة تُمثِّل جسراً إنسانياً يعزز الثقة والتفاهم بين المريض والفريق الطبي (واس)

وأوضحوا أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون شريكاً للمترجم لا بديلاً عنه، إذا أُحسن توظيفه لتعزيز الدقة والسرعة في العمل، داعين إلى تصميم برامج تدريبية تُمكّن المترجمين من استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بوعيٍ ومسؤولية، وتطوير منهجيات تجمع بين الخبرة الإنسانية والابتكار التقني في الممارسة المهنية.

توسيع جسور التفاهم الثقافي

سلّطت جلسة حوارية الضوء على واقع الترجمة المتخصصة في القطاعين الرياضي والسياحي، ودورها في إبراز الهوية الثقافية وتعزيز التواصل الدولي، إذ أكد المشاركون أن بيئة الحوار العالمي تُسهم في كسر الحواجز بين الثقافات، وتُبرز دور اللغة كجسر للتفاهم والتقارب بين الشعوب، مشيرين إلى أن المترجم لا يقتصر دوره على نقل الكلمات فحسب، وإنما يمتد ليكون وسيطاً حضارياً يبني جسور التواصل بين الأمم، بما يضمن وصول المعنى بروحه الثقافية والإنسانية.

وتناولت الجلسة الدور المتنامي للمترجمين المتخصصين في المجالات الرياضية، وشدد المتحدثون على أهمية المعرفة الداخلية والتأهيل التخصصي في هذا المجال لتقديم ترجمة دقيقة للمصطلحات الرياضية، مشيرين إلى أن المترجم المحترف لا يكتفي بإتقان اللغة، بل يحتاج إلى إدراك الرموز الثقافية والأخلاقيات المهنية، إلى جانب مهارات التعبير والتفاعل مع الجمهور لنقل روح المنافسة والإثارة بدقة واحترافية، كما ناقشت محور الترجمة السياحية وأهميتها في تعزيز الصورة الذهنية للمملكة عالمياً، إذ أوضح المشاركون أن المترجم السياحي يمثل واجهة ثقافية تسهم في إبراز مقومات السياحة السعودية، من خلال إيصال المعلومات للزوار بأسلوب مهني يعكس الضيافة السعودية الأصيلة.

عدَّ الخبراء الترجمة الرياضية والسياحية ركيزة لتعزيز الحضور العالمي للمملكة (واس)

وأشارت الجلسة إلى أهمية تأهيل المترجمين في القطاع السياحي، وتمكينهم من تفسير رموز الثقافة والإعلام المحلي للزوّار من الداخل والخارج، مؤكدين أن المترجم في هذا المجال يؤدي دوراً مهماً في نقل الانطباعات الإيجابية عن السعودية، والإسهام في بناء تجربة سياحية متكاملة.

وبيَّن المتحدثون أن المترجم الناجح هو من يعيش بين ثقافات متعددة ويوازن بوعي بين اختلاف اللهجات والفروقات الأخلاقية والمعيارية، بما يضمن ترجمة دقيقة تراعي الخصوصية الثقافية، وتحترم اختلاف الجمهور المستهدف، لافتين إلى أن الترجمتين الرياضية والسياحية تمثلان ركيزة أساسية في تعزيز حضور السعودية العالمي، وتوسيع جسور التفاهم الثقافي مع مختلف شعوب العالم.

الترجمة الفورية في المؤتمرات

تناولت جلسة حوارية أبعاد التحول التقني الذي يشهده قطاع الترجمة الفورية، وأثره في تطوير تجربة المؤتمرات والفعاليات الدولية عبر أدوات ذكية تعزز الكفاءة والدقة في نقل الخطاب إلى جمهور متعدد اللغات، حيث ناقش المشاركون البنية التشغيلية لأنظمة الترجمة الفورية، ودور الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل بيئة العمل اللغوي في المؤتمرات الحديثة.

جانب من الجلسة الحوارية حول الترجمة الفورية في المؤتمرات (واس)

وأشار المتحدثون إلى أن الترجمة الفورية لم تعد نشاطاً لغوياً تقليدياً، وإنما أصبحت منظومة تشغيلية متكاملة تجمع بين الكفاءة البشرية والتقنيات الرقمية، التي تمتد من البنية الصوتية والبصرية في قاعات المؤتمرات إلى منصات البث الفوري وتطبيقات الاتصال الافتراضي.

وأكد المشاركون أن مستقبل الترجمة الفورية يرتكز على التكامل بين العنصر البشري والتقنيات الذكية في إدارة الصوت والنص والمزامنة اللحظية، مع ضرورة وضع معايير تشغيلية تضمن جودة الترجمة ودقتها في الفعاليات الدولية، حيث إن الكفاءة اللغوية كانت المطلب الوحيد لتظهر اليوم جوانب أخرى كالإلمام بالمهارات التقنية والأنظمة السحابية، كما استعرضوا نماذج لتطبيقات تقنية حديثة تُسهم في تحسين تجربة الحضور، وتسهيل التواصل المتعدد اللغات ضمن المؤتمرات الكبرى.

ويُمثِّل الملتقى منصة عالمية لتبادل الخبرات واستشراف مستقبل الترجمة، وتأكيد التزام الهيئة بتطوير القطاع، وتمكين المترجمين، وتعزيز حضور اللغة العربية في الحراك الثقافي والمعرفي العالمي.