مصر وإثيوبيا تؤكدان التزامهما بحل أزمة «سد النهضة» قريباً

لجنة تدرس سيناريوهات مختلفة لتوقيت وأسلوب الملء

TT

مصر وإثيوبيا تؤكدان التزامهما بحل أزمة «سد النهضة» قريباً

أكدت مصر وإثيوبيا التزامهما بالتوصل إلى حل لأزمة «سد النهضة» خلال فترة وجيزة، حيث تعكف لجنة بحثية متخصصة على دراسة كافة السيناريوهات الممكنة لتوقيت وأسلوب ملء السد الإثيوبي، بما يضمن عدم إلحاق الضرر على دول المصب (مصر والسودان)، والحفاظ على حقوق مصر المائية، وكذلك أهداف التنمية في كل من إثيوبيا والسودان.
وتخوض مصر وإثيوبيا بمشاركة السودان، منذ سنوات، سلسلة مفاوضات مكوكية، على أمل إيجاد حلول لأضرار منتظرة للسد الإثيوبي على حصة مصر من مياه نهر النيل، المقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب.
وذكرت وزارة الموارد المائية المصرية، أمس، أن الاجتماع الثالث بين وزراء المياه والري للدول الثلاث مصر وإثيوبيا والسودان، الذي عقد في أديس أبابا مساء أول من أمس، ناقش نتائج الدراسة المتعلقة بسد النهضة، وذلك بحضور أعضاء اللجنة الوطنية البحثية المستقلة من الدول الثلاث، والمكونة من 15 عضواً.
وخلال الاجتماع أعرب الوزير المصري الدكتور محمد عبد العاطي عن رغبته في الخروج بنتائج ترضي الجميع، كما أوضح أن الاجتماع يأتي من التزام الدول الثلاث ببحث أفضل السيناريوهات الممكنة لملء السد، دون إلحاق الضرر بدول المصب (مصر والسودان) ومراعاة الشواغل المصرية، والحفاظ على حقوقها المائية، وكذلك أهداف التنمية كل من السودان وإثيوبيا.
كما أشار الوزير إلى وجود بعض الخلافات، لكنه شدد على «استمرار المناقشات حول هذه الاختلافات»، باعتبارها «انعكاسا للإصرار على التوصل إلى كل الاتفاقات التي تحقق طموحات الدول الثلاث، بناءً على اتفاق إعلان المبادئ، الموقع بين الدول الثلاث في مارس (آذار) 2015»، على حد قوله.
ورحب وزيرا المياه في إثيوبيا والسودان بعمل المجموعة الوطنية البحثية المستقلة للنظر في عملية ملء السد، وأكدا مناقشة جميع القضايا العالقة من أجل تقليص الفجوة التي ظهرت خلال الفترة الماضية.
وقال الوزير الإثيوبي المهندس سلشي بقل إن «المجموعة الوطنية المستقلة للأبحاث حققت نتائج مفيدة بعد عقد جولات من الاجتماعات للنظر في ملء السد»، مبرزا أن الوزراء سيتداولون حول القضايا العالقة من أجل تقليص الفجوات.
ووفقا لوزارة الموارد المائية المصرية، فإن الاجتماع لم يتوصل لنتائج محددة، إلا أن وزراء الدول الثلاث جددوا الالتزام باستمرار المباحثات للتوصل في فترة وجيزة لاتفاق يرضي جميع الأطراف بشأن توقيت وأسلوب ملء السد.
وعلى هامش زيارته إلى أديس أبابا، التقى الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية المصري، عددا كبيرا من الجالية المصرية في مقر سفارة بلاده، حيث عرض جهود مصر في التنمية، وشرح استراتيجية وخطة الوزارة لإدارة المياه في ظل التحديات التي تواجهها.
وتعاني مصر من ضعف مواردها المائية، إذ تعتمد بأكثر من 90 في المائة على حصتها من مياه النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، إضافة لمحدودية المياه الجوفية والأمطار. كما تتحسب مصر لأزمة مرتقبة، قد تتسبب في نقص تلك الحصة التي لا تفي باحتياجاتها، مع اقتراب إثيوبيا من ملء «سد النهضة»، الذي تبنيه على أحد الروافد الرئيسية للنيل.
وعقب زيارته إلى إثيوبيا، توجه الوزير عبد العاطي إلى العاصمة الأوغندية كمبالا لحضور فعاليات ختام المرحلة الأولى من مشروع درء مخاطر الفيضان في مقاطعة كسيسي غرب أوغندا. وخلال اجتماع عقد بمقر وزارة المياه والبيئة الأوغندية، أشار عبد العاطي إلى أن كسيسي تعرضت في السنوات العشرين الماضية لموجات من الفيضانات العارمة أتت على الأخضر واليابس، نتيجة انهيارات أرضية شديدة بالمناطق الجبلية، وتحرك الصخور غير الثابتة في اتجاه التجمعات السكنية والمزارع وأماكن تربية المواشي والطيور، ما تسبب في خسائر بشرية ومادية كبيرة، وقد طلبت أوغندا مساعدة مصر للحد من مخاطر الفيضانات، وعلى الفور تمت الاستجابة للمطلب الأوغندي، والبدء في الاستعداد لتنفيذ مشروع لحماية المقاطعة من أخطار الفيضان، وحماية الممتلكات والمواطنين ضمن إطار التعاون الفني بين البلدين.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».