بوينس آيريس... مدينة ترقص على نغمات التانغو ووقع حوافر الخيل

في معمارها وبين متاحفها يتيه السائح المتعطش للاستكشاف

مبنى الكونغرس الوطني
مبنى الكونغرس الوطني
TT

بوينس آيريس... مدينة ترقص على نغمات التانغو ووقع حوافر الخيل

مبنى الكونغرس الوطني
مبنى الكونغرس الوطني

رسخ معرض «آرت بازل سيتيز: بوينس آيريس»، الذي احتضنته بوينس آيريس هذا الشهر، مكانتها كوجهة مهمة لسياحة الفن والثقافة في الأرجنتين، فهناك رحلات تُنظم خصيصاً لعشاق اكتشاف التاريخ الفني الثري للمدينة، من مطاعمها المتميزة إلى مبانيها ومتاحفها التي لا تحصى، مثل: «متحف فن أميركا اللاتينية»، و«متحف بوينس آيريس للفن الحديث»، ومركز الفن الخاص «فونداسيون بروا»، وغيرها.
ونظراً لمعمارها، يرى البعض بوينس آيريس مدينة أوروبية، وكثيراً ما يشيرون إليها بباريس أميركا الجنوبية، على أساس أن أوجه الشبه بين المدينتين من ناحية تصميم المتنزهات والشوارع كثيرة. ومع ذلك، تبقى الغلبة للطابع اللاتيني في الوقت الحالي، بينما يقتصر الطابع الإسباني / الإيطالي على حب الطعام والإقبال على الحياة، فضلاً عن خليط ثري من الناس ذوي الثقافات المختلفة الذين استقروا فيها على مدى مائة عام، وتركوا بصماتهم على ثقافتها وأنماطها المعمارية ومطابخها المتنوعة.
ويعود جمال معمارها إلى حقبة «لا بيل إيبوك» في مطلع القرن العشرين، حيث شهدت مدينة بوينس آيريس واحداً من أجمل عصورها، فقد كانت الأرجنتين حينذاك من بين أكثر دول العالم ثراءً، وهو ما تجلى في تشييدها مباني لا تزال شاهدة على جمال تلك الحقبة، مثل فندق «ألفير بالاس» في ريكوليتا. ورغم أنه خضع للتجديد بالكامل أخيراً، فإن الأجنحة الكبرى لا تزال كما هي في الطابق العلوي، تحتفظ بطابعها الكلاسيكي القديم، ويوجد في بعضها شرفات تطل على المدينة. هناك أيضاً «بلاسيو دوهاو - بارك حياة»، وهو فندق فخم آخر تمت إقامته في قصر قديم، لكنه أبسط من «ألفير». الشيء الفريد الذي يميز ذلك المكان هو الحديقة الخلفية التي تشبه واحة حضرية كاملة، مما يجعلها مكاناً رائعاً للقاء في أمسية دافئة. هناك أيضاً فندق «هوم هوتيل» في باليرمو، وهو النسخة الخاصة من فندق «ويليامزبرغ» في بروكلين، لكن مع طابع يميل أكثر إلى أجواء المتاجر بتصميمه الذي يمثل الالتقاء بين الشمال والجنوب. ويبقى أجمل مكان للإقامة هنا مكان يعد من الأسرار، وهو «إيستانسيا لا بامبا دي أريكو»، الذي يقع على أطراف المدينة، على بُعد ساعة تقريباً، ويعد مثالياً لعُشاق ركوب الخيل، والاستمتاع بحفلات الشواء، ومباريات البولو.

ريكوليتا

في قلب بوينس آيريس، توجد ريكوليتا، وهي منطقة التراث الفرنسي، تتراص فيها الفنادق والمتاجر الأكثر رسمية، وكذلك بعض من أفضل مطاعم المدينة. الطريف أن من أكثر الأماكن إبهاراً وجمالاً فيها مقابر ريكوليتا، التي يعود تاريخها إلى القرن الثامن عشر. وتُعتبر المنطقة عموماً وجهة مثالية للتسوق، إذ يوجد فيها «أراندو»، وهو متجر يُوفر كل الأدوات المتعلقة بالفروسية، من أحذية رعاة البقر ذي الرقبة العالية، إلى السروج وحقائب الفرسان التقليدية ذات الألوان الزاهية، وغيرها من المعدات التي تشغل ثلاثة طوابق. متجر «فلوريريا أتلانتيكو» في ريتيرو من المتاجر المفضلة الأخرى، فهو متجر ورود مميز بروائحه العطرة صباحاً، ومساءً يتحول إلى مقهى ينبض بالحياة والصخب.
وللحصول على المزيد من المتعة والمرح، هناك «باليرمو سوهو» و«باليرمو تشيكو»، وهي من الشوارع التي تصطف على جانبيها الأشجار والمطاعم، إذ يمكن تناول أفضل قطعة لحم في العالم في «لا كابريرا»، حيث يتم تقديم قطع ضخمة من «شريحة اللحم من الضلع»، مع أطباق جانبية تقليدية وصلصة تشيمي تشوري، المعدّة من الثوم والفلفل الحار والكزبرة. ويعتبر المكان الوجهة المفضلة للأرجنتينيين والسائحين على حد سواء، لأنه يقدم فرصة حقيقية للتعرف على مذاق الحياة المحلية.
ويوجد بالمنطقة أيضاً متحف «بوينس آيريس لفن أميركا اللاتينية»، الذي يعرض أعمال أميركا اللاتينية الفنية الحديثة والمعاصرة.
ومن الإضافات التي شهدها شارع «باليرمو تشيكو» في السنوات القليلة الماضية متجر «كاسا كافيا» الذي يشغل قصراً أبيض يعود تاريخه إلى العشرينات، وتم تجديده ليضمّ مطعماً ومقهى ومكاناً لبيع الزهور ومكتبة. ويقبل عليه الأرجنتينيون ليس فقط لجودة أصناف الطعام، بل أيضاً لما يتمتع به من جمال معماري يجمع بين الملامح التاريخية القديمة والمعاصرة.
وهناك حي آخر جدير بالاستكشاف لتنوعه، هو حي سان تيلمو، ويوجد به واحد من متاجر الفضة الشهيرة، وهو «خوان كارلوس بالارولز» الذي له زبائن عالميين، ويصنع أشياء مميزة ومقتصرة على بوينس آيريس، مثل كأس القداس الخاص بالبابا فرانسيس، فهو أرجنتيني، إضافة إلى أطقم سكاكين قطع اللحم الفضية. وتكون المنطقة صاخبة بوجه خاص أيام الأحد بسبب مهرجان «فيريا دي سان تيلمو» المخصص لبيع التحف الفنية. ويمكن العثور فيه على أشياء ثمينة، مثل شراشف تعود إلى بداية القرن العشرين، وأدوات من الفضة، وحقائب جلدية، وقطع أثاث بأسعار معقولة.
وللسائح العادي، فإن بوينس آيريس ترتبط في مخيلته بأشياء معينة، مثل رقصة التانغو، ولعبة البولو، وكرة القدم، وهم محقين في ذلك، لأن المدينة توفر فعاليات كثيرة في هذه المجالات. لمحبي كرة القدم مثلاً، يمكن حضور مباراة لفريق «بوكا جونيورز»، حيث تكون الأجواء محمومة مشوقة. وفي حين يمكن تجربة التانغو في جميع أنحاء المدينة، فإن أفضل الراقصين يوجدون في فندق «فاينا هوتيل» في بويرتو ماديرو. أما لعبة البولو التي تمثل جزءاً من الحياة في بوينس آيريس بوجه عام، فيتم إقامة بطولة «أرجنتين المفتوحة» في نوفمبر (تشرين الثاني) في ميادين بوسط المدينة يشارك فيها الجميع. وتُمارس لعبة البولو يومياً في نادي «كريا ياتاي» للبولو، وهو واحد من الأماكن الواقعة على أطراف المدينة، تُقدم فيه دروس بين الحين والآخر، إضافة إلى كثير من المباريات.
لهذا ليس غريباً أن تكون المدينة مكاناً مثالياً لشراء كل مستلزمات هذه الرياضة، مثل أحذية البولو ذات الرقبة العالية التي يشتهر بها محل «كاسا فاليانو» في هارلينغهام، على بعد ساعة خارج المدينة. وتُصنع فيه الأحذية بحسب الطلب، ومن أشهر زبائنه الأمير تشارلز وسلطان بروناي. ولا يزال المحل عائلياً؛ توارثته ثلاثة أجيال، كلهم متخصصون في صناعة وحياكة الأحذية ذات الرقبة العالية.
وفي منطقة دياز العامة، يوجد متجر آخر متخصص في بيع كل ما له صلة باللعبة، يسمى «لوجي بولو»، تتوفر فيه الخوذات والقمصان الرياضية ومضارب الكرة الخاصة بلعبة البولو.


مقالات ذات صلة

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

الاقتصاد بلغ عدد الغرف الفندقية المتوفرة في دبي بنهاية نوفمبر 153.3 ألف غرفة ضمن 828 منشأة (وام)

دبي تستقبل 16.79 مليون سائح دولي خلال 11 شهراً

قالت دبي إنها استقبلت 16.79 مليون سائح دولي خلال الفترة الممتدة من يناير (كانون الثاني) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بزيادة بلغت 9 في المائة.

«الشرق الأوسط» (دبي)
سفر وسياحة كازينو مونتي كارلو يلبس حلة العيد (الشرق الأوسط)

7 أسباب تجعل موناكو وجهة تستقبل فيها العام الجديد

لنبدأ بخيارات الوصول إلى إمارة موناكو، أقرب مطار إليها هو «نيس كوت دازور»، واسمه فقط يدخلك إلى عالم الرفاهية، لأن هذا القسم من فرنسا معروف كونه مرتعاً للأغنياء

جوسلين إيليا (مونتي كارلو)
يوميات الشرق تنقسم الآراء بشأن إمالة المقعد في الطائرة (شركة ليزي بوي)

حق أم مصدر إزعاج؟... عريضة لحظر الاستلقاء على مقعد الطائرة

«لا ترجع إلى الخلف عندما تسافر بالطائرة» عنوان حملة ساخرة أطلقتها شركة الأثاث «ليزي بوي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق افتتاح تلفريك جديد في جبال الألب (إ.ب.أ)

سويسرا تفتتح أشد عربات التلفريك انحداراً في العالم

افتُتح تلفريك جديد مذهل في جبال الألب البرنية السويسرية. ينقل تلفريك «شيلثورن» الركاب إلى مطعم دوار على قمة الجبل اشتهر في فيلم جيمس بوند.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق سياح يتجولون في أحد شوارع طوكيو (إ.ب.أ)

33 مليون زائر هذا العام... وجهة شهيرة تحطم رقماً قياسياً في عدد السياح

يسافر الزوار من كل حدب وصوب إلى اليابان، مما أدى إلى تحطيم البلاد لرقم قياسي جديد في قطاع السياحة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

أسواق العيد الخمسة الأكثر روعة في أوروبا

أسواق العيد في فرانكفورت (غيتي)
أسواق العيد في فرانكفورت (غيتي)
TT

أسواق العيد الخمسة الأكثر روعة في أوروبا

أسواق العيد في فرانكفورت (غيتي)
أسواق العيد في فرانكفورت (غيتي)

مع اقتراب عيد الميلاد، قد يكون من السهل الوقوع في أحلام اليقظة حول عطلة شتوية مستوحاة مباشرة من السينما: عطلة تتميز بالطقس الثلجي المثالي، والشوكولاته الساخنة، وأكشاك العصير، وصفوف من أشجار الصنوبر، وخيوط من الأضواء الخيالية وحتى نهاية البصر.

مما لا شك فيه أن الأميركيين ينفقون الكثير من المال في عيد الميلاد، فقد سجل تجار التجزئة ما يصل إلى 960 مليار دولار من مبيعات موسم الأعياد، ولكن من الصعب حتى على أكثر المراكز التجارية الفاخرة تنوعاً أن تتطابق مع سحر سوق الكريسماس الأوروبي.

نشأت الأسواق في ألمانيا أواخر العصور الوسطى، وعادة ما تُقام تقليدياً خلال الأسابيع الأربعة من التقويم الكنسي. واليوم، تبدأ العديد من الأسواق في نوفمبر (تشرين الثاني)، وتُختتم معظمها بحلول ليلة رأس السنة الجديدة. وتوفر أسواق الكريسماس للأهالي والمسافرين، على حد سواء، فرصة لشراء الهدايا، والاحتفال بالأطعمة الموسمية، والتزلج على الجليد، ومشاهدة الموسيقى والعروض الراقصة.

إذا كنت تخطط لعطلة أوروبية سحرية، فاستمر في القراءة لمعرفة المزيد عن أسواق عيد الميلاد الأكثر إثارة للاهتمام للزيارة في ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

أسواق بروكسل (غيتي)

بروكسل، بلجيكا

في عام 2023، تدفق أكثر من أربعة ملايين شخص إلى بروكسل بين 24 نوفمبر و31 ديسمبر؛ لزيارة «مهرجان العجائب الشتوية» الشهير في المدينة. تنتشر هذه النسخة البلجيكية لسوق عيد الميلاد عبر مواقع متعددة في عاصمة البلاد، بما في ذلك «غراند بلاس»، و«بورس»، وميدان سانت كاترين، و«مارشيه أو بواسون». وفي العام الماضي تمكن المسافرون من تناول أطعمة بلجيكية مثل الشوكولاته والوافل، بينما كانوا يشاهدون شجرة عيد الميلاد التي يبلغ طولها 72 قدماً والمهد بالحجم الطبيعي.

فرانكفورت، ألمانيا

يعود تاريخ سوق عيد الميلاد في فرانكفورت إلى أواخر القرن الرابع عشر عندما سُمح لسكان المدينة فقط بالتسوق لشراء السلع المصنوعة يدوياً قبل حلول أشهر الشتاء الطويلة. واليوم، تتفاخر المدينة باستقبال الضيوف في موسم الأعياد، ويمتد السوق عبر أنحاء عديدة من المدينة.

ترينتو في إيطاليا (غيتي)

ترينتو، إيطاليا

يُشار إلى مدينة ترينتو أحياناً باسم «مدينة الكريسماس»، في منطقة ترينتينو ألتو أديجي الجبلية في شمال إيطاليا حيث ساحة فييرا، وساحة سيزار باتيستي المليئة بأكشاك بيع السلع المصنوعة يدوياً المحلية، في حين أن نوافير المدينة مزينة بالأضواء.

أسواق العيد في ستراسبورغ، فرنسا (غيتي)

ستراسبورغ، فرنسا

ستراسبورغ تعرف أيضاً باسم «عاصمة عيد الميلاد» نظراً لضخامة تماثيل عيد الميلاد التي تعود إلى القرن السادس عشر. ويستطيع المسافرون التزحلق على الجليد أو مشاهدة عروض موسيقية ليلية قبل التجول في سوق الليل المضاء، ورؤية شجرة عيد الميلاد التي يبلغ طولها 98 قدماً، ويوجد في السوق أكثر من 300 شاليه خشبي لبيع الحلوى التقليدية والهدايا المناسبة لعيد الميلاد.

فيينا، النمسا

من الصعب تخيل سوق لأعياد الميلاد ورأس السنة أكثر سحراً من السوق الموجود بقصر بيلفيدير في فيينا. يخدم القصر الباروكي الضيوف ويقدم لهم الأطعمة النمساوية الشهية، مثل الفطائر الرقيقة مع مربى البرقوق، وطبق ليبيركاس، وهي نسخة راقية من فطيرة اللحم. يمكن للمسافرين التجول في المجموعة الفنية بالقصر، والتسوق لشراء الحرف التقليدية، والاستماع إلى الموسيقيين الذين يؤدون العروض الحية الليلية.

خدمة «تريبيون ميديا»