الأمم المتحدة تستعد لوجيستيا لإدخال المساعدات الإنسانية إلى مناطق المعارضة «في غضون أيام»

ناطقة إقليمية ل{الشرق الأوسط}ـ: سنستثني معبر اليعربية ونسعى لفتح {نصيبين}

الأمم المتحدة تستعد لوجيستيا لإدخال المساعدات الإنسانية إلى مناطق المعارضة «في غضون أيام»
TT

الأمم المتحدة تستعد لوجيستيا لإدخال المساعدات الإنسانية إلى مناطق المعارضة «في غضون أيام»

الأمم المتحدة تستعد لوجيستيا لإدخال المساعدات الإنسانية إلى مناطق المعارضة «في غضون أيام»

تتوالى الاستعدادات اللوجيستية من قبل منظمات الأمم المتحدة العاملة في دمشق ودول الجوار لبدء إدخال المساعدات الإنسانية إلى مناطق سورية خاضعة لسيطرة المعارضة، تنفيذاً لقرار مجلس الأمن قبل أيام والقاضي بإيصال مساعدات إنسانية من دون موافقة دمشق عبر أربعة معابر حدودية من تركيا والعراق والأردن.
ورغم أن السلطات السورية حذرت في وقت سابق من أنها ستعتبر إرسال مثل هذه الشحنات بمثابة «هجوم على أراضيها»، لكن المتحدثة الإقليمية باسم برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة عبير عطيفة توقعت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بدء دخول المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسلطة المعارضة «في غضون أيام»، بعد الانتهاء من الاستعدادات اللوجيستية» اللازمة و«إعلام السلطات السورية».
وكشفت عطيفة أن «الأمم المتحدة لن تستخدم معبر اليعربية بين العراق وسوريا، بسبب المعارك المستمرة في الجانب العراقي وبوصفه غير صالح للاستخدام أمنياً»، علما أن قرار مجلس الأمن يخول منظمات الأمم المتحدة استخدام أربعة معابر لإدخال المساعدات بشرط إخضاعها للرقابة، هي معابر باب السلام وباب الهوى مع تركيا ومعبر اليعربية مع العراق ومعبر الرمثا مع الأردن. وأوضحت عطيفة: «إننا سنستغني عن معبر اليعربية ونطلب من الحكومة التركية أن تفتح معبر نصيبين، من ناحية القامشلي لإدخال قوافل المساعدات».
وكان مجلس الأمن الدولي أجاز الاثنين الماضي للقوافل الإنسانية المتوجهة إلى سوريا بعبور الحدود الخارجية للبلاد من دون موافقة السلطات السورية، مما سيسمح بإغاثة أكثر من مليون مدني في مناطق تسيطر عليها المعارضة. وتبنى المجلس القرار بإجماع أعضائه بمن فيهم روسيا والصين، اللتين سبق أن عطلتا تبني أربعة مشاريع قرارات غربية منذ اندلاع النزاع السوري قبل أكثر من ثلاثة أعوام.
وينص القرار الدولي على أن يخضع تحميل الشاحنات لـ«آلية مراقبة» تحددها الأمم المتحدة «بهدف تأكيد الطابع الإنساني للشحنات»، مع الاكتفاء بإبلاغ السلطات السورية بالأمر. وقالت عطيفة، في تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط» إنه «لتطبيق عملية المراقبة، يتعين إنشاء نقاط تفتيش على الحدود»، لافتة إلى أن «الأمم المتحدة ستعين مراقبين للتأكد مما ستحمله الشاحنات على أنه مساعدات إنسانية فقط». وأشارت إلى أن «فرق برنامج الأغذية العالمي ستكون في صدارة المواكبين لإتمام الاستعدادات اللوجيستية نيابة عن الأمم المتحدة»، موضحة أن «العمل يتركز الآن على وضع الآلية العملية لتنفيذ القرار، من تحديد المناطق التي ستنطلق منها القوافل وأماكن المخازن وصولا إلى تحديد نقاط التفتيش وبحث سبل النقل، بمعنى هل ستدخل الشاحنات المحملة إلى الأراضي السورية أم سيصار إلى تبديل الشاحنات عند الحدود».
وفي حين توقعت «بدء إدخال المساعدات في غضون أيام»، أوضحت المتحدثة الإقليمية باسم برنامج الأغذية العالمي أن «التواصل قائم مع الحكومة التركية والحكومات المعنية، كما أننا سنعلم الحكومة السورية، وفق ما نص عليه القرار الدولي، ما أن تصبح آلية تنفيذ القرار جاهزة ونكون بتنا على استعداد لوجيستي لاستخدام المعابر الحدودية».
وكانت وكالة «رويترز» أفادت في تقرير لها أمس بإعداد منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) مساعدات للقوافل الأولى التي ستعبر إلى مناطق يسيطر عليها مقاتلو المعارضة. وأفادت بأن كلا من فاليري أموس، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ومديرة برنامج الأغذية العالمي إرثارين كازن، ومدير اليونيسيف أنتوني ليك، أشاروا إلى أن الفرق الميدانية لبرنامج الأغذية تنشر مراقبين بصورة عاجلة على الحدود السورية، وأن اليونيسيف قدمت إمدادات منها أغطية ومحاقن ومواد لتنقية المياه ومعدات صحية جاهزة للتسليم.
وتقدر الأمم المتحدة أن نحو 10.8 مليون شخص في سوريا يحتاجون للمساعدة، منهم 4.7 مليون في مناطق يصعب الوصول إليها، في وقت يعتبر دبلوماسيون أن نحو 90 في المائة من المعونات تذهب إلى مناطق تسيطر عليها الحكومة السورية.
ومن المتوقع أن يستفيد نحو 2.9 مليون سوري من المساعدات الإنسانية المأمول إيصالها، فيما حذر معارضون سوريون من أن وصول المساعدات إلى بعض المحافظات وتحديداً دير الزور والرقة لن يكون ممكناً بسبب سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» على أجزاء كبيرة منها.
وفي سياق متصل، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المعابر الحدودية ليست آمنة بما فيه الكفاية لإدخال المساعدات ولا بد من أن يترافق إدخالها مع حراسة مشددة من قبل طواقم الأمم المتحدة لضمان وصولها إلى من يستحقها». وأشار إلى «اشتباكات متواصلة قريبة على بعد كيلومترات عدة من معبري باب السلامة واليعربية، وإلى توتر بين مقاتلي «جبهة النصرة» والكتائب المقاتلة عند معبر باب الهوى، في حين يسيطر النظام السوري على معبر الرمثا مع الأردن».
وشدد عبد الرحمن على أن «الحاجة ماسة في بعض المناطق السورية المحاصرة للمساعدات العاجلة، كما هو حال حلب التي يعاني قاطنوها من شح في المياه منذ أكثر من 40 يوما، وحال مناطق ريف دمشق ومناطق الحسكة والجزيرة المحاصرة من تنظيم «داعش»، في حين أن قدرة النظام على إيصال المساعدات إلى مناطقه متاحة بشكل أكبر، لامتلاكه الآليات والعتاد ولعدم خشيته من التعرض لقصف جوي».
وفي حين يأمل عبد الرحمن وقياديو المعارضة السورية أن يساهم قرار مجلس الأمن في إيصال المساعدات إلى المناطق الأكثر حاجة إليها، وألا تكون موافقة النظام السوري «صورية»، نقلت وكالة «رويترز» عن «دبلوماسي كبير في الأمم المتحدة طلب عدم الإفصاح عن اسمه»، قوله: «لا نتوقع أي مشكلات كبيرة. من الواضح أن قدرتهم على تعطيل وصول المساعدات محدودة، حيث إنهم لا يسيطرون على المناطق التي ستتوجه إليها هذه المساعدات».
من جهة أخرى، أعلن الهلال الأحمر السوري أمس أنه تمكن أمس لليوم الرابع على التوالي من إدخال مساعدات إلى بلدة معضمية الشام بريف دمشق. وأفاد بأن متطوعيه وزعوا مواد إغاثية عدة، على غرار أوعية حفظ مياه، وعدة مطبخ، وبطانيات، وحفاظات أطفال، وسلال غذائية ومواد تنظيف.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.