موسكو تتمسك بتسليم «إس 300»... وتبدأ «حرباً إلكترونية» غرب سوريا

أعلنت استعدادها لـ«حوار موضوعي» مع واشنطن

عناصر من الشرطة الروسية مع نازحين في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
عناصر من الشرطة الروسية مع نازحين في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

موسكو تتمسك بتسليم «إس 300»... وتبدأ «حرباً إلكترونية» غرب سوريا

عناصر من الشرطة الروسية مع نازحين في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
عناصر من الشرطة الروسية مع نازحين في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)

تمسكت موسكو بقرارها حول تسليم دمشق أنظمة صاروخية من طراز «إس300» رغم التحذيرات الأميركية والإسرائيلية، وشددت على «حقها» في تقديم «دعم عسكري وتقني لشركائها» ورأت الخارجية الروسية أن حجج واشنطن وتل أبيب في شأن مخاطر تسليم سوريا الأنظمة الصاروخية المتطورة «لم تعد مقنعة»، في وقت بدأت موسكو إجراءات لشن «حرب إلكترونية» من غرب سوريا.
وحمل مدير قسم حظر انتشار الأسلحة والسيطرة عليها في الخارجية الروسية فلاديمير يرماكوف على الانتقادات الحادة التي أطلقتها واشنطن ضد قرار موسكو وقال إن تزويد دمشق بهذه الصواريخ لن يسفر عن تصعيد الوضع في المنطقة بل يساعد في الاستقرار. في إشارة إلى أن «امتلاك سوريا هذه المنظومة من شأنه أن يخلق حالا من التوازن والردع ما يقلص من احتمالات التصعيد في هذا البلد»، وفق توضيح دبلوماسي روسي أمس.
وقال يرماكوف إن «حجج الأطراف التي طلبت سابقا عدم تسليم سوريا منظومات (إس – 300) لم تعد مقنعة، ومن حق أي دولة تقديم دعم عسكري تقني لشركائها».
واتهم الدبلوماسي الروسي واشنطن بـ«الكذب بشكل متعمد» عندما تقول إن وجود الصواريخ لدى دمشق يشكل تهديدا على المنطقة وعلى المصالح الأميركية، لافتا إلى أن «هذه منظومات دفاعية ولا يمكن أن تشكل تهديدا لأحد». وأوضح أن منظومات «إس - 300»، التي ستتسلمها سوريا سوف «تتمكن من تغطية الأجواء السورية، حيث يتطلب الأمر فعل ذلك».
وجاء كلام يرماكوف ردا على تحذير مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، من تداعيات قرار موسكو، وتأكيده أن الخطوة «خطأ فادح» من جانب روسيا وأنها تهدد بـ«تصعيد خطر» في المنطقة.
في غضون ذلك، تسربت معطيات إلى وسائل إعلام روسية حول آليات تنفيذ القرار الروسي، وكان لافتا أن المعطيات التي نشرتها وسائل إعلام أمس، أوحت بأن موسكو بدأت فورا تنفيذ القرارات المعلنة، ما أوحى بأن ترتيبات مسبقة تم اتخاذها للشروع بنقل التقنيات العسكرية إلى سوريا وأن هذه الترتيبات كانت تنتظر فقط صدور إرادة سياسية بذلك.
ونقلت صحيفة «ازفيستيا» عن مصدر في وزارة الدفاع الروسية أن موسكو بدأت فورا في تعزيز مجموعة وسائل الحرب الإلكترونية في سوريا. وزادت أنه «تم أمس (أول من أمس) إيصال أولى مجموعات وسائل الحرب الإلكترونية إلى قاعدة حميميم على متن طائرة شحن عسكرية من طراز إيليوشين - 76».
وكانت موسكو أعلنت أن بين قرارات الرد على إسقاط طائرتها الأسبوع الماضي نشر أنظمة تشويش كهرومغناطيسية على طول السواحل السورية لعرقلة عمل أجهزة الرصد والرادارات للطائرات المغيرة على مواقع سورية.
وأوضحت الصحيفة أن «عمل المجموعات التي أرسلت إلى حميميم يهدف إلى تشويش عمل الرادارات وأنظمة الاتصالات والتحكم بالطائرات التي يمكن أن تهاجم الأراضي السورية فضلا عن التشويش على عمل أنظمة الملاحة الفضائية».
وزادت أنه بالإضافة إلى سوريا سيشمل عمل وسائل الحرب الإلكترونية الأهداف الواقعة في المناطق المحيطة في البحر المتوسط.
في الوقت ذاته، كشفت صحيفة «كوميرسانت» الروسية أن موسكو سترسل في غضون أسبوعين 4 كتائب من منظومة صواريخ «إس - 300» إلى سوريا، وفقا لتأكيد مصدر عسكري مطلع، قال للصحيفة إن منظومات الصواريخ سوف تغطي المنشآت الموجودة في الساحل السوري، وستراقب الحدود السورية مع إسرائيل، وكذلك مع الأردن والعراق ولبنان.
وأوضح المصدر أن عدد منصات الصواريخ التي سترسل إلى سوريا يمكن أن يرتفع إلى 6 أو 8 كتائب «وفقا لتطورات الأوضاع وما تقتضيه الحاجة».
في الأثناء، أكد نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، استعداد روسيا لمناقشة موضوع تزويد سوريا بصواريخ «إس - 300» مع الولايات المتحدة، لكنه شدد على الرغبة بفتح «حوار موضوعي»، داعيا واشنطن إلى «التخلي عن أسلوب العنجهية في تقييم خطوات موسكو».
ونقلت وكالة «إنترفاكس» عن ريابكوف أن بلاده «مستعدة لبحث كل المواضيع المتعلقة بالوضع في سوريا وفي أي مكان آخر مع الولايات المتحدة. لكن نسعى إلى مناقشة مثمرة، ويجب على زملائنا الأميركيين ترك محاولات تقديم مقارباتهم وآرائهم الشخصية على أنها الوحيدة الممكنة والمقبولة».
وأضاف أن موسكو «استمعت إلى تعليقات صادرة عن كبار المسؤولين الأميركيين حول هذه المسألة. ولا شك أن قرارات كهذه نتخذها بعد تحليل مفصل ومعمق لكافة الظروف والجوانب لتطور الوضع. لذا لا يمكن الحديث أبدا عن اتخاذنا خطوة تقود، كما يزعم زملاؤنا الأميركيون، إلى التصعيد. فنحن لا نجد لوجهة النظر هذه أي مبرر».
وأعرب ريابكوف عن دهشة لأن «هذه الاتهامات يوجهها إلى روسيا ممثلو دولة ترتكب، على مدار السنين، الخطأ تلو الآخر في سياستها في الشرق الأوسط وتحديدا في سياستها إزاء سوريا».
ودعا المسؤولين الأميركيين إلى تقييم الخطوات الروسية، «سواء تعلق الأمر بـ(إس – 300)، أو بمسائل أخرى، بقدر أكبر من الواقعية والاتزان والحيادية»، مجددا دعوة موسكو إلى الولايات المتحدة لتوحيد الجهود في محاربة الإرهاب في سوريا وفي منطقة الشرق الأوسط بأسرها.
إلى ذلك، راوحت تعليقات الخبراء العسكريين الروس بين طرف يرى أن إسرائيل قادرة على مواجهة الوضع الجديد وأن «إس300» لم يعد سلاحا يؤثر على تحركاتها العسكرية خصوصا أنها «درست هذه المنظومة جيدا بعد الحصول على نسخة منها من اليونان التي اشترتها سابقا من روسيا، وباتت حاليا قادرة على التعامل مع ثغراتها» وفقا لتعليق المعلق العسكري لصحيفة «فيونويه ابوزرينيه» المتخصصة بالقضايا العسكرية.
بينما أعرب الخبير العسكري الروسي، إيغور كوروتشينكو، عن قناعته بأن «القيادة الروسية ستتخذ التدابير اللازمة لمواجهة أي محاولات إسرائيلية لتقويض خطط وصول منظومات (إس – 300) إلى سوريا، أو تقليص قدراتها القتالية»..
ونقلت وكالة «نوفوستي» الروسية، عن كوروتشينكو أن قرار إرسال «إس - 300» إلى سوريا يمثل «ردا مناسبا تماما على تصرفات إسرائيل». وأشار إلى أن من المهم عدم السماح لإسرائيل باستهداف الطائرات أو السفن التي ستنقل هذه المنظومات إلى سوريا، وهو احتمال لا يمكن استبعاده.
وتابع: «من المتوقع أن تتخذ القيادة العسكرية الروسية إجراءات لمنع تحقيق هذا السيناريو وأن أي محاولات للجانب الإسرائيلي لتدمير إس - 300 ستقمع بكل قوة وحزم». وجاء هذا الحديث ردا على تهديد عسكريين إسرائيليين بأن تل أبيب سوف تدمر المنظومات الصاروخية إذا تعرضت لخطر.
وشدد الخبير الروسي على أن منظومات «إس - 400» و«إس – 300» المنتشرة على أراضي قاعدتي حميميم وطرطوس العسكريتين الروسيتين، وهي منظومات متوسطة المدى، ستضمن التصدي لأي محاولات محتملة لاستهداف الصواريخ الروسية.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.