«سي آي إيه» تُبقي «القاعدة» و«داعش» تحت أنظارها... لكن تركيزها ينتقل إلى «الدول المناوئة»

مديرة وكالة الاستخبارات المركزية تعتبر أن الاهتمام بمكافحة الإرهاب كان «مبرراً» نتيجة هجمات 11 سبتمبر

مديرة وكالة الاستخبارات المركزية جينا هاسبل أثناء كلمتها يوم الاثنين في لويسفيل بولاية كنتاكي (أ.ب)
مديرة وكالة الاستخبارات المركزية جينا هاسبل أثناء كلمتها يوم الاثنين في لويسفيل بولاية كنتاكي (أ.ب)
TT

«سي آي إيه» تُبقي «القاعدة» و«داعش» تحت أنظارها... لكن تركيزها ينتقل إلى «الدول المناوئة»

مديرة وكالة الاستخبارات المركزية جينا هاسبل أثناء كلمتها يوم الاثنين في لويسفيل بولاية كنتاكي (أ.ب)
مديرة وكالة الاستخبارات المركزية جينا هاسبل أثناء كلمتها يوم الاثنين في لويسفيل بولاية كنتاكي (أ.ب)

حددت مديرة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، جينا هاسبل، أولويات وكالتها في خطاب ألقته يوم الاثنين في لويسفيل بولاية كنتاكي، وكشفت فيه عن بعض التفاصيل الشخصية عن حياتها، مشيرة إلى أنها تريد أن تشجع «التنوع» في جهاز الاستخبارات الذي يهيمن عليه العنصر الذكوري. وبدا واضحاً من كلامها أن الاستخبارات الأميركية لم تعد تريد التركيز فقط على مكافحة الإرهاب المرتبط بالجماعات المتشددة، كتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، بل تريد أيضاً أن تجعل من أولوياتها التصدي للدول «المناوئة» للولايات المتحدة.
وذكرت وكالة «أسوشييتد برس»، أن هاسبل تحدثت أمام جامعة لويسفيل عن بعض أصعب التحديات التي تواجه الولايات المتحدة حول العالم. وأضافت أن المديرة الأنثى الأولى لوكالة «سي آي إيه» رفعت الستار أيضاً عن بعض التفاصيل الخاصة بحياتها، معددة أغنيات تحبها للمغني جوني كاش، ومشيرة إلى أصناف الموضوعات التي تحب القراءة عنها عندما لا تكون مشغولة بتقارير وكالة الاستخبارات، ومتحدثة أيضاً عن أحد أكثر اللقاءات التي لا تُنسى مع شخصيات شهيرة قابلتها. قالت هاسبل، بحسب الوكالة، إن هذه الشخصية هي ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، موضحة أن الملكة كانت تعرف أنها ضابطة في «سي آي إيه» عندما قابلتها. وتابعت هاسبل «الملكة تتلقى شرحاً جيداً» عن الشخصيات التي تقابلها.
وأظهرت هاسبل، بحسب «أسوشييتد برس»، روح دعابة في حديثها أمام الجامعة، قائلة إن سيارة «هيونداي ذات لون بني فاتح» تكون ملائمة أكثر لضابط استخبارات حقيقي يعمل سراً عوض السيارات السريعة الفارهة التي تُقدّم عادة في الأفلام. وكشفت هاسبل التي تتحدر من آشلاند بولاية كنتاكي، أنها تحب إهداء زوارها من المسؤولين الأجانب زجاجات ويسكي «بوربون» ذات الشهرة العالمية والتي تُعرف بها هذه الولاية الأميركية.
ونقلت الوكالة الأميركية عن هاسبل قولها «من بين أكثر الأمور التي تسعدني خلال عملي مديرة (لوكالات الاستخبارات المركزية) علاقاتي مع نظرائي عندما يأتون للزيارة (الولايات المتحدة). لقد جعلت من العادة أن قادة أجهزة الاستخبارات الذين يأتون لزيارة لانغلي في فيرجينيا ويجلسون معي في مكتبي (بمقر قيادة «سي آي إيه») يغادرون ومعهم زجاجة كنتاكي بوربون فاخرة. لقد قدّمنا عدداً منها حتى الآن».
وشرحت هاسبل أنها على رغم جذورها التي تعود إلى ولاية كنتاكي، فإنها جالت في أنحاء العالم على أساس أنها ابنة عنصر في سلاح الجو الأميركي. وتابعت أنها عملت في أفريقيا وأوروبا وأماكن أخرى سرية حول العالم لا يمكن الحديث عنها، إلى أن تمت ترقيتها إلى نائبة لمدير «سي آي إيه». العام الماضي. وظلت هاسبل في هذا المنصب إلى أن تولت منصب مديرة الوكالة خلفاً لمايك بومبيو الذي نقله الرئيس دونالد ترمب لشغل منصب وزير الخارجية في وقت سابق هذا العام.
وتحدثت هاسبل أمام الحضور في الجامعة عن لحظات في عملها ساهمت في دفعها إلى الوصول إلى منصبها الحالي، مثل لقائها مع عميل أجنبي قدم لها معلومات استخباراتية خلال لقاء «في مكان ناء ومعزول»، ومشيرة إلى ليال قضتها وهي تفترش الأرض عندما كانت رئيسة لـ«محطة» من محطات وكالة الاستخبارات في «موقع حدودي متقدم».
وقالت هاسبل، إن «سي آي إيه» كانت وكالة خاضعة لهيمنة ذكورية، لكنها كانت محظوظة أن رؤساءها كانوا مستعدين لمنحها فرصة. وتابعت، أن الوكالة مع مرور السنوات صارت «مكاناً أفضل للعمل» لجميع ضباطها بغض النظر عن جنسهم، لكن «ما زالت الطريق طويلة» أمامها، مشيرة إلى أن إحدى أولوياتها تشجيع «التنوع» في توظيف ضباط من كل الأجناس والأعراق والثقافات. وأوضحت في هذا الخصوص «مهمتنا العالمية في (سي آي إيه) تفترض بنا أن نجنّد ونحتفظ بأفضل الأميركيين وأبرعهم، بغض النظر عن جنسهم، عرقهم أو خلفيتهم الثقافية». وزادت «أريد أن تتاح لكل ضابط المساواة في الفرص من أجل النجاح».
وشددت هاسبل التي تلقت موافقة مجلس الشيوخ الأميركي على تعيينها في منصبها في مايو (أيار) الماضي، على أن من الأولويات الرئيسية لـ«سي آي إيه» الاستثمار في شكل أكبر في جمع المعلومات الاستخباراتية عن دول مناوئة للولايات المتحدة، بالإضافة إلى المتشددين الإسلاميين. وقالت «جهودنا للتصدي لتلك الثغرات الاستخباراتية الصعبة غطّى عليها خلال السنوات الماضية التركيز الكثيف، والمبرر، من قبل مجتمع وكالات الاستخبارات (الأميركية) على مكافحة الإرهاب في أعقاب (هجمات) 11 سبتمبر (أيلول) (2001)». وتابعت «جماعات مثل (داعش) و(القاعدة) تبقى مباشرة تحت أنظارنا، لكننا نشحذ تركيزنا على الدول الخصمة لنا».
وقالت مديرة الاستخبارات أيضاً، إنها تعمل من أجل الاستثمار في تدريب ضباط «سي آي إيه» على تعلّم لغات أجنبية ليكونوا على دراية بالحساسيات الثقافية في مناطق عملهم. وتابعت أن من أولوياتها أيضاً زيادة عدد ضباط الوكالة المتمركزين في محطات في أنحاء العالم.
وأوردت «أسوشييتد برس»، أن هاسبل قالت رداً على أسئلة خلال الجلسة، إن لندن وإسطنبول من أفضل المدن التي تحبها حول العالم.
ورداً على سؤال عن الأزمات العالمية مثل أزمة كوريا الشمالية، قالت هاسبل إنها تعتقد أن بيونغ يانغ ترى برنامجها للأسلحة النووية بمثابة مصدر قوة ومفتاح أساسي لضمان استمرارية حكومتها. وتابعت «لا أعتقد أنهم يريدون التخلي عنه (البرنامج) بسهولة». وعن الصين، قالت هاسبل إن بكين تريد أن تكون القوة المهيمنة في منطقة آسيا - المحيط الهادي.
وفي خصوص إيران، قالت هاسبل إن الشعب الإيراني يعاني من مشكلات اقتصادية لأن اقتصادهم تُساء إدارته. وتابعت أنها ليست متفاجئة بكميات الأموال التي تنفقها إيران من أجل إبقاء نظام حليفها الرئيس بشار الأسد في الحكم في دمشق، وأيضاً من أجل توسيع نفوذها في العراق.
ولفتت «أسوشييتد برس» إلى أن مثولها أمام الجامعة في كنتاكي قوبل باحتجاج من قبل مجموعة صغيرة من الطلاب الذين هتفوا ضدها تحت المطر. وأشار المحتجون إلى دورها السابق في الإشراف على مقر احتجاز سري في تايلاند تم فيه إخضاع إرهابيين مشتبه بهم لتقنية تعذيب تُعرف بـ«الإيهام بالغرق».


مقالات ذات صلة

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

اتهمت تركيا «قسد» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية في «قسد» وأكدت تمسكها بعملية عسكرية في شمال سوريا وسط مساعٍ أميركية لمنعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان ملوحاً بالتحية لمواطنين في أثناء استقبال بهشلي له أمام منزله في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

تركيا: لقاء بين إردوغان وبهشلي وسط جدل حول الحوار مع أوجلان

تشهد تركيا حراكاً مكثفاً حول عملية لحل المشكلة الكردية عبر الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، وانقساماً حول مسألة العفو عنه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا محمد ديبي ورث حكم تشاد من والده وتمت ترقيته مؤخراً إلى رتبة ماريشال (صحافة محلية)

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

استبعدت تشاد أن يكون الهجوم على القصر الرئاسي ليل الأربعاء/الخميس، له أي طابع «إرهابي»، مشيرة إلى أن من نفذوه كانوا مجموعة من الأشخاص في حالة سكر ومسلحين.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

الأدلة التي نشرتها لجنة تحقيق رسمية في جرائم الحرب المزعومة ترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية اعتادت ثقافة الإفلات من العقاب في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن ) «الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )
آسيا أفراد من الجيش الباكستاني (أرشيفية)

مقتل 3 جنود و19 إرهابياً بعملية أمنية شمال غربي باكستان

قُتل 3 جنود من رجال الأمن الباكستاني، كما قُضي على 19 مسلحاً من العناصر الإرهابية خلال عمليات أمنية واشتباكات وقعت في المناطق الشمالية من باكستان.

«الشرق الأوسط» ( إسلام آباد)

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.