اتفاقية شراكة بين رابطة العالم الإسلامي والمجلس الإسلامي الجزائري لمواجهة التطرف

العيسى من بيروت: الاعتدال السني والشيعي تجمعهما مظلة الإسلام

كاردينال طائفة الموارنة مار بشارة بطرس الراعي يستقبل د. العيسى («الشرق الأوسط»)
كاردينال طائفة الموارنة مار بشارة بطرس الراعي يستقبل د. العيسى («الشرق الأوسط»)
TT

اتفاقية شراكة بين رابطة العالم الإسلامي والمجلس الإسلامي الجزائري لمواجهة التطرف

كاردينال طائفة الموارنة مار بشارة بطرس الراعي يستقبل د. العيسى («الشرق الأوسط»)
كاردينال طائفة الموارنة مار بشارة بطرس الراعي يستقبل د. العيسى («الشرق الأوسط»)

عقدت السلطات الدينية بالجزائر شراكة مع «رابطة العالم الإسلامي»، تتعلق بـ«حملات توعية لمحاربة التطرف والغلو» في عدد من البلدان العربية التي تواجه التشدد الديني.
جاء ذلك ضمن الزيارة التي قام بها الدكتور محمد العيسى أمين عام رابطة العالم الإسلامي للجزائر، استغرقت يومين، التقى خلالها مع رئيس المجلس الإسلامي الأعلى «أعلى هيئة دينية في البلاد» بوعبد الله غلام الله، ومسؤولين حكوميين من وزارتي الشؤون الدينية والأوقاف والداخلية.
وحسب تصريح مصدر رسمي لـ«الشرق الأوسط»، فإن اتفاق الجانبين، يهدف إلى الاستعانة بأئمة مشهود لهم بالوسطية، للقيام بهذه المهمة خاصة في دول الساحل الأفريقي، مثل مالي والنيجر وبوركينافاسو، حيث تنتشر الجماعات المتطرفة وتسعى إلى استمالة الشباب إلى العمل المسلح.
وقال المصدر، بأن لقاءات العيسى تناولت التصدي للتطرف والغلو في مجتمعات تواجه التشدد الديني، حيث أشيد بـ«سياسة المصالحة» بالجزائر، التي سمحت بجنوح آلاف المتطرفين إلى السلم.
وتنص الاتفاقية على تشجيع العلماء والمفكرين على «تجديد الخطاب الديني ونشر الاعتدال، وقيم التسامح والحوار وبحث خطط لمحاربة التشدد والإرهاب ونبذ خطاب الكراهية والعنف».
ونقلت الوكالة الرسمية عن غلام الله قوله إن رابطة العالم الإسلامي «تملك امتدادا ونشاطا ونفوذا، في كافة أنحاء العالم لذلك تتطلع الجزائر للتعاون معها، لإزالة الغموض وكشف الحجج الواهية التي تحاك ضد الإسلام والمسلمين».
من جهته صرح الشيخ العيسى أن الاتفاقية الموقعة مع المجلس الإسلامي الأعلى تؤطر التعاون الذي ستقوم به الهيئتان، بهدف توضيح حقيقية الدين الإسلامي ومواجهة أفكار التطرف والإرهاب.
وكان الشيخ الدكتور محمد العيسى، زار العاصمة اللبنانية بيروت، حيث التقى بعددٍ من القيادات الدينية حيث التقى بمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في مقر دار الفتوى، واجتمع لاحقاً بكاردينال طائفة الموارنة مار بشارة بطرس الراعي، وزار «متروبوليت بيروت» وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة، والتقى برئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، وزار أيضاً المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان.
وشملت زيارات الأمين العام، كلا من: رئيس الطائفة الدرزية في لبنان الشيخ نعيم حسن، والمطران بولس مطر رئيس أساقفة بيروت، ورئيس الطائفة الكلدانية في لبنان المطران ميشال قصارجي، وكريكور بدروس العشرين بطريرك كنيسة كيليكيا للأرمن الكاثوليك.
وأكد الدكتور العيسى، أن لبنان بلد عزيز، وله بُعد تاريخي وحضاري، مثمناً جهود دار الفتوى اللبنانية في إرساء معايير الوسطية الإسلامية، وتعزيز الوئام اللبناني، حيث ما فتئت الدار ترسخ قيم المحبة والتسامح والتسامي ومواجهة كافة أشكال التطرف الفكري الذي تحاول الجماعات الإرهابية التسلل من خلال تضليله إلى عناصرها المستهدفة.
كما تبادل العيسى والقيادات الدينية اللبنانية وجهات النظر حول عددٍ من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وأكد الجميع على أهمية الحوار والتقارب من أجل تعزيز القيم المشتركة القائمة على المحبة والاحترام والتعاون المتبادل، ومواجهة أصوات الكراهية والصدام الحضاري والديني والثقافي وتعزيز مفاهيم الإيمان بالسنة الإلهية في الاختلاف والتعددية، وتم بحث مجالات التعاون والتنسيق الثنائي. فيما عبّر الدكتور العيسى عن ثقته بأن المشاركة الدينية الفاعلة في طليعة ركائز السلام والمحبة والتعاون.
من جانب آخر، أكد أمين عام رابطة العالم الإسلامي، أنه ليس بين الاعتدال السني والشيعي في لبنان ولا غيره مواجهة ولا صدام بل تجمعهما مظلة الإسلام والمواطنة الصادقة ومحبة الخير المتبادلة وتفهم سنة الخالق في الاختلاف والتعدد، وأن المواجهة إنما هي مع التطرف الطائفي سواء حُسب على السنة أو الشيعة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.