أثارت التعليمات التي أصدرتها الحكومة العراقية المنتهية ولايتها، والقاضية بإعادة التوازن إلى الدوائر الرسمية في محافظة كركوك، من حيث تقاسم المناصب والمواقع الإدارية بين مكونات المحافظة من الكرد والعرب والتركمان والكلدوآشوريين بدءا من المديرين العامين وصولاً إلى الدرجات الوظيفية الدنيا، مزيداً من التوترات والمشاكل السياسية والإدارية التي تعاني منها كركوك منذ زوال النظام السابق عام 2003.
فالتعليمات الصادرة من حكومة حيدر العبادي المنصرفة تنص على إعادة التوازن في المؤسسات الرسمية، دون تحديد الآلية التي ينبغي للحكومة المحلية وشخص محافظ كركوك اتباعها، لتحقيق الغاية المطلوبة، ما فتح الباب على مصراعيه أمام تأويلات وتفسيرات متقاطعة من المكون الكردي، من جهة، والمكونين العربي والتركماني من جهة ثانية، تنم بمجملها عن مواقف سياسية متقاطعة للأحزاب والجهات التي تمثل المكونات الثلاثة، والتي أخفقت حتى الآن في تحقيق حالة من التعايش والانسجام فيما بينها، في كل مناحي الحياة وفق شهادات الكثير من المراقبين.
ويرى بابكر صديق، عضو كتلة التآخي الكردية في مجلس محافظة كركوك، التي تضم 26 عضواً من أعضاء المجلس معظمهم من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ثم الحزب الديمقراطي وسائر الأحزاب الكردية، أن التوازن الذي تدعو إليه السلطات الاتحادية ينبغي أن يقر وفق الاستحقاقات الانتخابية، سيما وأن الدورات الانتخابية الثلاث الماضية أظهرت بجلاء أن المكون الكردي يمثل نصف سكان المحافظة، وبناء على ذلك يتوجب توزيع المناصب الإدارية وفقاً لحجم كل مكون، لا على أساس المساواة بين الجميع.
ويضيف صديق لـ«الشرق الأوسط» أن «تعليمات الحكومة العراقية تنص بصراحة على تحقيق التوازن في تقاسم المناصب والوظائف في مؤسسات كركوك، والتوازن لا يعني بالمطلق المساواة في تقاسم الدرجات الوظيفية، في حين يفسر أعضاء المجلس من المكونين العربي والتركماني مصطلح التوازن بأنه يعني المساواة ويطالبون بتقاسم المناصب والوظائف على أساس 32 في المائة لكل مكون و4 في المائة للمكون الكلدوآشوري، وهو ما نرفضه نحن جملة وتفصيلاً ولسنا على استعداد حتى لمناقشته». وأوضح صديق وهو قيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، أن مبدأ تقاسم المناصب على أساس 32 في المائة الذي أقره الرئيس الراحل جلال طالباني، في مرحلة بدايات تشكيل الإدارة في كركوك بعد زوال النظام السابق، تمهيداً لإجراء الانتخابات النيابية والمحلية، التي أظهرت الحجم الحقيقي لكل مكون، وغيرت المعادلات، وبالتالي ينبغي الاستناد إلى نتائج الانتخابات الحديثة، باعتبارها المؤشر الحقيقي لثقل وحجم الجميع.
بيد أن الكتلة التركمانية التي تضم 9 أعضاء في الحكومة المحلية، تطالب بالمساواة في تقاسم الحصص الوظيفية، وعلى أساس 32 في المائة وتعتبر ذلك المعنى الحقيقي للتوازن الذي دعت إليه السلطات الاتحادية، ويعتقد قاسم حمزة عضو الكتلة التركمانية في مجلس كركوك المحلي أن الانتخابات النيابية الأخيرة التي فاز فيها المكون الكردي بستة مقاعد، شابها الكثير من عمليات التزوير لذلك هي لا تمثل الحجم الحقيقي للأكراد في كركوك، ولا يمكن الاستناد عليها في تحقيق التوازن المنشود في الدوائر الحكومية بالمحافظة. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «المكون الكردي لم يدع أنه يمثل نصف سكان كركوك، حتى في الانتخابات السابقة التي حصل فيها ثمانية مقاعد نيابية في بغداد، فلم يزعم ذلك الآن وهو حاصل على ستة مقاعد». وتابع: «لكي يظهر الحجم الحقيقي لكل مكون، علينا إجراء إحصاء سكاني دقيق ونزيه وشفاف على مستوى المحافظة، مع تحديث دقيق لسجلات الناخبين، ومن ثم إجراء انتخابات شفافة وعندها سنقبل بالنتائج التي نحصل عليها عن حجم التركمان مهما كانت طبيعتها، وريثما يتم ذلك فإن الحل المنصف للوضع الراهن هو الاستناد إلى مبدأ المساواة في تقاسم الهيكل الإداري في دوائر المحافظة».
ويؤيد المكون العربي، الذي يشغل ستة مقاعد في حكومة كركوك المحلية، هذا الطرح التركماني حيث أكد معن محمد الحمداني عضو التكتل العربي في المجلس، أن محافظ كركوك بالوكالة راكان سعيد الجبوري، اجتمع بممثلي جميع المكونات في مجلس المحافظة ودعاهم إلى مساعدته في تحقيق التوازن الذي دعت إليه الحكومة الاتحادية، ودعا إلى تشكيل لجان مشتركة لهذا الغرض. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «المشهد في كركوك معقد جداً ويحتاج إلى قرار مشترك وجريء، يحقق رغبة الجميع وأن الحل الأمثل لهذا التعقيد في المرحلة الراهنة هو التوازن على أساس المساواة في تقاسم الدرجات الإدارية، رغم أن المكون العربي يشعر بغبن شديد، كونه لم يحصل على حقوقه كاملة، سيما وأنه يمثل نصف سكان المحافظة، إلا أن حجم مكون معين في كركوك، يجب أن لا يعني مطلقاً إلغاء بقية المكونات».
توتر جديد بين مكونات كركوك حول تقاسم المناصب الإدارية
العرب والتركمان مختلفون مع الأكراد حول الآلية
توتر جديد بين مكونات كركوك حول تقاسم المناصب الإدارية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة