المغرب: اتهامات متبادلة بين أكبر شريكين في الحكومة

TT

المغرب: اتهامات متبادلة بين أكبر شريكين في الحكومة

شن نائب الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية» الذي يقود الحكومة المغربية، سليمان العمراني، أمس، هجوماً حاداً على وزير الشباب والرياضة القيادي في حزب «التجمع الوطني للأحرار» رشيد الطالبي العلمي الذي اتهم «العدالة والتنمية» بأن لديه «مشروعاً لتخريب البلاد».
ووصف العمراني اتهامات العلمي لحزبه بأنها «مواقف خطيرة ومسيئة وغير مقبولة وتنتهك بشكل سافر ميثاق الأغلبية» الذي يعدّ حزبه من بين الموقعين عليه. وخاطبه متسائلاً: «لماذا أنتم باقون في حكومة يقودها حزب بالمواصفات التي ذكرت؟ ولماذا تبقى هذه الحكومة أصلا؟ شيء ما ليس على ما يرام». وطالبه بتوضيح ما إذا كان تصريحه «موقفاً شخصياً، رغم خطورته، أم هو موقف الحزب».
وكان العلمي اتهم «العدالة والتنمية» بالوقوف وراء الحملة التي تعرض لها حزبه، مشيراً إلى أن خصوم حزبه «انخرطوا في عملية التشكيك في المؤسسات المنتخبة من برلمان ومجالس جماعية (بلديات) وغيرها منذ 2010، إلى أن أخفقوا في الحصول على عدد المقاعد الذي كانوا يمنون النفس به، حتى يتسنى لهم الدخول في الجزء الثاني من برنامجهم التخريبي». وعُدّت تصريحاته مؤشراً على وجود تصدع كبير داخل الأغلبية الحكومية.
وانتقد العلمي الذي كان يتحدث خلال الاجتماع الصيفي لشبيبة الحزب الذي عقد نهاية الأسبوع الماضي في مراكش، النظام التركي ورئيسه رجب طيب إردوغان. وقال إن إردوغان هو من تسبب في انهيار الليرة التركية و«أغلق على نفسه العالم» وإن «العدالة والتنمية» المغربي يفتخر بهذا النموذج. ولقيت هذه التصريحات انتقادات واسعة وعُدّت انتهاكاً لواجب التحفظ، مما دفع بـ«التجمع الوطني للأحرار» إلى حذف المداخلة من موقعه الرسمي.
وتجنب العمراني الرد على موقف الوزير العلمي من النظام التركي وما إذا كان حزبه يعده نموذجاً ويسير على خطاه. بيد أنه، وفي المقابل، خاطبه في رسالة وجهها إليه عبر حسابه على «فيسبوك» قائلاً: «هل هناك إساءة أكبر من أن تصف حزباً يقود الأغلبية التي أنتم من مكوناتها ويرأس الحكومة التي أنتم جزء منها، وأنتَ وزير فيها، بقولك إن هذا الحزب لم يحصل على العدد من المقاعد الذي يسمح له بالمرور للدور الثاني في تنفيذ مشروعه الهيمني، وهو الوصف الذي قصدته من دون أن تقوله باللفظ، وخلقت تقابلاً بين مشروع قلت إنكم تدافعون عنه أنتم وجميع المغاربة مع مشروع دخيل هو مشروع حزب (العدالة والتنمية)، وقلت إننا نريد تخريب البلاد ليسهل علينا وضع يدنا عليها؟».
ودافع العمراني عن حزبه وقال إن «هذا المشروع الهيمني التخريبي هو الذي نال الثقة الكبيرة للمغاربة في انتخابات 2011 و2015 و2015، فهل تجرؤ على وصف المغاربة بجريمة دعم مشروع تلك مواصفاته يقود الحكومة للمرة الثانية على التوالي ويرأس أغلب المدن الكبرى؟ هل يمكن أن تصف المغاربة بالقاصرين؟ هل هذه هي الديمقراطية؟». وذكره بأن حزبه لم يتجاوز بالكاد 37 مقعداً، ومع ذلك «تحكم بقدرة قادر في مفاوضات تشكيل الحكومة التي أسندت مهمة تشكيلها لعبد الإله ابن كيران الذي نال حزبه بقيادته 125 مقعداً، وعمل على ليّ الذراع، وأثمرت مساعيه غير الحميدة خلق البلوكاج (العرقلة)».
وذكّر بدور ابن كيران في انتخابه رئيساً لمجلس النواب في الولاية السابقة، «وهو المنصب الذي لم تنله بكد يمينك، وكنت خائفاً عليه تترقب». وتجنباً لتعميق الشرخ أكثر بين الحزبين «الحليفين» ختم العمراني رسالته بالقول إن «حزب (العدالة والتنمية) رغم الذي وقع، باقٍ على وفائه لكل حلفائه وشركائه، وأخلاقه السياسية تلزمه بأن يحترم قواعد الاختلاف وقنوات تصريفه، ولن يشتط مهما بلغت الإساءة به، لأن كل إناء في النهاية بما فيه ينضح».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم