هل هناك جغرافية للأجناس الأدبية؟

عادة قديمة توارثناها عن أجدادنا يوم كانوا يضعون مجداً لقبائل دون أخرى

محمد مهدي الجواهري  -  بدر شاكر السياب
محمد مهدي الجواهري - بدر شاكر السياب
TT

هل هناك جغرافية للأجناس الأدبية؟

محمد مهدي الجواهري  -  بدر شاكر السياب
محمد مهدي الجواهري - بدر شاكر السياب

لا أعرف كيف تطامن الكتابُ العربُ فوضعوا للأجناس الأدبية أوطاناً تختص بها، وحرموا أوطاناً أخرى، فهل يا تُرى للشعر وطنٌ خاصٌّ به؟ وهل للرواية مدنٌ تنبت فيها أكثر من غيرها؟ وهل للفلسفة والفكر منابعُ أو جداول لجغرافية محددة ينبعان منهما؟ وكيف يمكن أنْ يصطبغ بلدٌ من البلدان بجنسٍ دون آخر؟
فهل هي عادة قديمة توارثناها عن أجدادنا يوم كانوا يضعون مجداً لقبائل دون أخرى وهم لا يملكون من المجد إلا صناعة الشعر، لهذا نجد القبائل تتخاصم قديماً حول مجد الشعر، ما بين تغلب وتميم وبكر وطيئ، و... و... و... و، في حين كانوا يجرّدون قريشاً من الشعر، وصناعته ومجده؟
لذلك تجد قريشاً لا تعير أهمية كبيرة للشعر، وبعد أنْ نزل القرآن الكريم في قريش، أصبحت تفكر في السلطة، ولا تتعامل مع الشعر إلا كتعامل التجار مع بضائعهم، ومع هذا فحين يولد شاعرٌ منهم فإنه سيكون محط الأنظار، على الرغم من كل ما قيل عنهم في الشعر فإنهم ظلوا يفتقرون لشاعر فحل كفحول الشعراء العرب من بقية الأمصار والقبائل.
لكن ذلك لا يعني أنهم لا يملكون شعراء في المطلق، إنما لا يملكون فحولاً تذكرهم المدونة النقدية القديمة، ويعتد بهم، وأظنُّ أنَ أول شاعرٍ مهم من قريش هو عمر بن أبي ربيعة، فقد ذاع صيته، وعُدَّ من الكبار، على الرغم من انشغاله بقصائد الغزل والحب، بينما العرب كانت لا تعدُّ الشاعر فحلاً إلا إذا كان هجَّاءً، ويتحاشاه الناس من لسانه.
أعود بالحديث إلى أوطان الأجناس الإبداعية، فقد اعتدنا أنْ نسمع مقولةً لا أعرف مصدرها بالضبط، ذلك أنه في العالم العربي «الشعر يستوطن مشرقه، بينما الفكر والسرد عموماً يستوطن مغربه»، وربما أكد هذه المقولة الدكتور محمد عابد الجابري حين ذكر أن المشارقة يملكون عقلاً بيانياً والمغاربة عقلاً برهانياً، وهنا أظن أنَ الجابري يرسخ تلك المقولة التي تتردد دون أنْ نعرف أصولها، ولكننا حتماً نرى ظلالها واقعة في مشرق الوطن العربي، حيث العراق والخليج والشام. رغم أن جورج طرابيشي رد على هذه المقولة التي لا ينفك بعضها عن البعض الآخر، حيث قال له إن البرهان يحتاج إلى بيان لكي تعرضه.
ثم تنشطر مقولة الشعر في المشرق إلى قسمين: شعر عراقي وشعر شامي، والشعر العراقي جارحٌ وحادٌّ، ويكاد الدمُ يسيل من حروفه، حتى لو تغزَّل وعشق، بينما الشعر الشامي يفيض خوخاً وزيتوناً، ويكاد يُشمُّ عطرُ الأرض وحبات المطر من قصائده. هل يا تُرى ما أقوله مقارب للواقع -ولو بنسبة ما؟ أظنُّ ذلك.
فهذا نزار قباني يقول:
أنا الدمشقي لو شرَّحتمُ جسدي
لسال منه عناقيدٌ وتفاحُ

بينما نجد الجواهري الكبير يقول مثلاً عن دمشق:
شممتُ تربكِ لا زلفى ولا ملقا
وسرتُ قصدَك لا خِباً ولا مذقا
إنَ الفرق في وعورة اللفظة من سلاستها واضح، وإن المدينة والصحراء تبدوان واضحتين هنا بشكل جليّ.
والنماذج كثيرة في هذا الاتجاه فنرى السياب حين يقول في واحدة من أشهر قصائده «غريب على الخليج»:
الريح تلهث بالهجيرة كالجثام على الأصيل
وعلى القلوع تظلُّ تُطوى أو تُنشرُ للرحيل
زحم الخليج بهِنَ مكتدحون جوَّابو بحارِ
من كلِ حافٍ نصفِ عارِ

بينما محمود درويش ينظر إلى البحر نظرة مختلفة:
بحرٌ لأيلولَ الجديدِ. خريفُنا يدنو من الأبوابِ...
بحرٌ للنشيدِ المرِّ. هيَّأنا لبيروتَ القصيدة كُلَّها.
بحرٌ لمنتصفِ النهارِ
بحرٌ لراياتِ الحمامِ، لظلِّنا، لسلاحنا الفرديِّ
بحرٌ’ للزمانِ المستعارِ
ليديكَ، كمْ من موجة سرقتْ يديكَ
من الإشارة وانتظاري
وحين نأخذ طبيعة المعالجة والنظرة إلى الأشياء بعيداً عن اللغة، نجد أنَّ هناك فروقاً في النظرة، ما بين النظرة الحادَّة التي تَمثلها الشعر العراقي، والنظرة الهامسة التي تَمثلها الشعر الشاميّ، فمثلاً ينظر الطرفان إلى الموت نظرة مختلفة فتجد الجواهري يصفه بالذئب فيقول:
ذئب ترصّدني وفوق نيوبه
دم إخوتي وأقاربي وصحابي
بينما درويش ينظر إلى الموت نظرة مختلفة حيث يقول:
ويا موت انتظر يا موت
حتى أستعيد صفاء ذهني
في الربيع وصحتي
لتكون صياداً شريفاً لا يصيد الظبي قرب النبع
ولتكن العلاقة بيننا ودِّية

وعلى هذا النمط نجد التفاوت في اللغة الشعرية، وفي تشكيل الصورة، وفي النظر إلى الأشياء، وهذا لا يعني أنَّ الشعر في العراق كله وعر وصعب، أو أن الشام كلها دافئة شعرياً، فلدينا في العراق مثلاً الشاعر علي جعفر العلاق، أحد أهم الشعراء الذين يهتمون بصناعة المعجم الشعري وصفائه وخلوه من أي وعورة، ولكن النظرة العامة للشعر في هاتين الجغرافيتين مختلفة -بالتأكيد- وهذا الاختلاف سببه في -الأعم الأغلب- هي البيئة، فما بين بيئة الشام وبيئة العراق والخليج، بونٌ شاسعٌ في الظلال والهواء، والشمس والمطر، والأرض السهلة والجبلية، وكل ذلك انعكس على شكل القصيدة وأدائها، وبهجتها ولغتها.
أعود إلى الأجناس تلك، وإلى العراق الذي شكَّل الشعر صناعته الأشهر، على مدى عقود، وقد أسهمت حركة الحداثة في نهاية الأربعينات في ترسيخ وجود العراق المعاصر شعرياً على خريطة الشعر العربي، ولكن الأدب يشبه الرمال المتحركة، إذ لم تبقَ تلك الأجناس صامدة إزاء التحولات، ولم تبقَ الأوطان منتجة ومصدرة لنوعٍ واحد فقط من الإبداع، فبدأت منذ سنين حركة سردية، وتابعتها حركة نقدية تهتم بالشأن السردي قصصاً وروايات، وقد كانت هذه الحركة قبل أكثر من أربعين عاماً، إلا أنها كانت خجولة -رغم وجود أسماء مؤسِّسة ورائدة كفؤاد التكرلي وغائب طعمة فرمان، وفي ما بعد محمد خضير وموسى كريدي وآخرين- إزاء الطغيان الشعري الهائل الذي يهيمن على حركة الثقافة في العراق، ووجود الجواهري مع الشعراء الرواد بدر ونازك والبيّاتي.
فقد تمكن هذا الوجود الشعري من فرض سلطته الواسعة على المشهد الثقافي والاجتماعي وحتى السياسي، في بعض الأحيان، فما الذي يدفع بالمعارضة العراقية إلى أنْ تفتتح مؤتمرها في دمشق أو بيروت عام 1991 بكلمة للجواهري قبل الجميع؟ أليس إيماناً من كل الساسة -آنذاك- بأهمية صوته، وقدرته على التأثير؟! والأمثلة كثيرة على سطوة الجواهري. أقول بعد كل هذا، نجد أنَّ المشهد الثقافي في العراق اختلف كثيراً، فلم يعد «المغاربة» وحدهم كتَّاباً للسرد، حيث العقل والتأني، بخلاف الشعر حيث القلب والجنون والركض في أراضٍ غير معروفة، نجد اليوم أنَّ العراق ينجب روائيين بحجم شعرائه، بل إن عدداً من الشعراء تحوَّلوا لكتابة الرواية، هل الأوطان تبدّلت؟ أم أنَّ ما يمر به العراق لم تسعه القصيدة فانفجر على شكل رواية طويلة؟

- شاعر وأكاديمي عراقي



القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
TT

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

عاماً بعد عام وبدأب وطموح كبيرين يُثبت معرض فن أبوظبي مكانه في خارطة المعارض الفنية العربية، وهذا العام احتفل بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم في مقره بجزيرة السعديات الملتفة برداء الفنون. التجول في أروقة المعرض الفني يحمل الكثير من المتعة البصرية والفنية، نعيد مشاهدة أعمال لفنانين كبار، ونكتشف أعمالاً لم نرها من قبل لفنانين آخرين، ونكتشف في وسط ذلك النجوم الصاعدة. ولم يختلف الوضع هذا العام بل أضاف أقساماً جديدة ليستكشف الزائر من خلالها أعمالاً فنية بعضها عتيق وبعضها حديث، من الأقسام الجديدة هناك «صالون مقتني الفنون» و«فن جريء، فن جديد» و«طريق الحرير، الهويات المتبادلة» إضافة إلى معرض منفصل من مجموعة فرجام عن الفن الحديث والتحرر من الاستعمار سنعود له لاحقاً.

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

صالون مقتني الفنون

يُعد إضافة مميزة لنسخة هذا العام، ويعرض المخطوطات والأسطرلابات والتحف التاريخية والكتب النادرة بتنظيم من روكسان زند. نطلق الجولة من غرفة أنيقة حملت جدرانها خريطة ضخمة أحاط بها من اليمين واليسار قطعتان مثبتتان على الحائط، ونقرأ أنها كانت تُستخدم لحمل العمامة في العهد العثماني، في كوات حائطية نرى أطباقاً من الخزف أحدها يعود للقرن الـ16، ويصور فارساً عربياً على صهوة جواده، وفي أخرى إبريق ذهبي اللون يعود للعهد العثماني. في جناح «شابيرو للكتب النادرة» من بريطانيا نرى نسخاً من مصاحف تاريخية مزخرفة ومذهبة بجمال وحرفة لا تتخطاها العين، ما يجذب الزائر هو أن الكتب والمصاحف كلها في متناول اليد مفتوحة الصفحات ومنتظمة في عرض جميل.

مصاحف أثرية (الشرق الأوسط)

تستعرض القائمة على العرض بعض القطع المميزة، وتقول: «إنها المرة الأولى التي نشارك فيها في معرض أبوظبي. نعرض بعض المخطوطات والكتب النادرة من متجرنا في لندن، منها صفحة من مصحف بالخط الحجازي يعود للقرن السابع، وبعض المصاحف المصغرة أحدها يعود للقرن الـ19». وعن الأسعار تقول إنها تتراوح ما بين آلاف الدولارات لبعض اللوحات التي تعود لعهد الحملة الفرنسية على مصر، أما المصاحف فتتراوح أسعارها حسب تاريخها ونسبة مالكيها السابقين، كمثال تشير إلى نسخة تعود لبلاد فارس في القرن الـ16 سعرها 335 ألف دولار، وصحائف من القرآن تتراوح أسعارها ما بين 20 و30 ألف دولار. هنا أكثر من مثال للمصاحف المصغرة منها مصحف مكتوب بدقة متناهية بالذهب على أوراق خضراء اللون مشكلة على نحو ورق الشجر، وبجانبه نرى مصحفاً مصغراً آخر محفوظاً في علبة ذهبية تتوسطها عدسة مكبرة. الكتابة دقيقة جداً، وهو ما يفسر وجود العدسة المكبرة، تقول: «هذا المصحف ليس مكتوباً باليد مثل المصاحف الأخرى هنا، بل مطبوع من قبل دار نشر في غلاسكو في عام 1900 باستخدام تقنية جديدة للطباعة الفوتوغرافية. ومثل هذا النوع من المصاحف المصغرة كانت تطبع لاستخدام الجنود البريطانيين المسلمين في الحرب العالمية الأولى، وكانوا يرتدونها معلقة في قلائد كتعويذة، يقدر سعر المصحف بـ3.5 ألف دولار أما المصحف على هيئة ورقة الشجر فيقدر سعره بـ40 ألف دولار.

مصحف مصغر مطبوع في غلاسكو عام 1900

نمر على «غاليري آري جان» الذي يعرض لوحات المستشرقين من القرن الـ19، ومنها أعمال جاك ماجوريل، ثم نصل إلى جناح «كتب دانيال كاروش النادرة» الذي يعرض مكتبة تضم أكثر من 500 ألبوم صور تحتوي على صور تاريخية للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والعالم العربي الأوسع. هنا نرى مجموعة من الصور النادرة المكبرة معروضة على كامل الحائط، من ضمنها صور من الجزيرة العربية قديماً، بعضها لأشخاص مشهورين مثل الرحالة غيرترود بيل ولورانس العرب، وغيرها لأشخاص لا نعرف أسماءهم، نرى أيضاً صوراً للكعبة المكرمة وصوراً عامة لأشخاص يرتدون الزي العربي. في الصدارة مجموعة من المجلدات، يقول عنها المشرف على الجناح إنها المجموعة الكاملة التي تضم 33 ألف صورة من 350 ألبوماً، يقول: «إنَّ المجموعة تعود لسيدة من لندن تُدْعَى جيني ألزوث، وإنها جمعت الصور على مدى 25 إلى 30 عاماً. الشيء المثير للاهتمام في هذه المجموعة هو أنها تعبّر عن لمحات من الحياة اليومية في الجزيرة العربية التقطها زوار أوروبيون بريطانيون على مدار 130 عاماً».

صور تاريخية للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والعالم العربي

يضيف محدثنا أن الصور لم تنشر من قبل، «نأمل أن تقدم هذه الصور سرداً لتاريخ المنطقة لم يوثقه أحد من قبل»، ويقدر سعرها بمبلغ 2 مليون دولار.

ولفت جناح دار «كسكينار - كنت آنتيكس» الأنظار إليه بمجسم لحصان وضع عليه سرج صُنع للسلطان العثماني سليم الثالث (1789-1807) ومزين بـ1036 شكلاً مذهباً، منها أكثر من 500 نجمة فضية، وكل نجمة يصل وزنها إلى 11 غراماً تقريباً، ويصل سعر السرج إلى 3 ملايين دولار.

«فن جريء، فن جديد»

«فن جريء، فن جديد»، بإشراف ميرنا عياد، يعيد عرض أعمال لفنانين مهمين كان لهم أدوار محورية في تاريخ الفن في المنطقة. من خلاله تستعرض صالات من تونس ومصر وفلسطين ولبنان والمملكة العربية السعودية وإيران وفرنسا، مجموعة ملهمة من أعمال الفن الحديث لفنانين وفنانات رواد من أوائل الستينات، وحتى أوائل الثمانينات»، وفي هذا الإطار نستمتع بنماذج رفيعة لرواد أمثال إنجي أفلاطون من مصر ونبيل نحاس من لبنان وسامي المرزوقي من السعودية وغيرهم. الأعمال المعروضة في هذا القسم لها ألق خاص فهي تعيد فنانين حفروا أسماءهم في تاريخ الفنون في بلادهم، وفي الوطن العربي بعضهم انحسرت عنه أضواء السوق الفنية، وأعادها العرض مرة أخرى لدائرة الضوء.

عمل للفنانة المصرية إنجي أفلاطون (الشرق الأوسط)

في «غاليري ون» نرى أعمالاً للفنانة الأردنية الفلسطينية نبيلة حلمي (1940-2011)، يصف موقع المتحف الوطني الأردني أسلوب الفنانة الراحلة بأنه خليط من «الكولاج والألوان المائية والحبر الصيني. تتميز أعمالها الزيتية بشفافية حالمة وعفوية، فيها تجريد تعبيري يتسم بالغموض والنضج الفني». نرى هنا نماذج لأعمالها، ونتحدث مع المشرف على القاعة عنها، يقول إنَّ الفنانة لها أعمال في متاحف عالمية وعربية، ولكنها قليلة في السوق التجارية. الفنانة الثانية هي إميلي فانوس عازر (فلسطينية، مواليد الرملة عام 1949)، ويعرض لها الغاليري أكثر من عمل منها بورتريه لامرأة تنظر إلى الأمام بينما عقدت ذراعيها أمامها، العمل يجبر الزائر على التوقف أمامه والتأمل فيما يمكن أن تخفيه تلك المرأة خلف نظرتها الواثقة والعزيمة التي تنبعث منها.

بورتريه للفنانة إميلي فانوس عازر (الشرق الأوسط)

من مصر يقدم «أوبونتو آرت غاليري» المشارك للمرة الأولى عدداً من أعمال الفنان المصري إيهاب شاكر (1933-2017)، المألوفة للعين، فالفنان له خطوط مميزة رأيناها في أعمال الكاريكاتير التي نشرها في الصحف المصرية. يقول المسؤول عن الغاليري إن شاكر انتقل للعمل في مسرح العرائس مع شقيقه ناجي شاكر قبل أن يسافر إلى فرنسا في عام 1968 حيث عمل في مجال أفلام الرسوم المتحركة، ونال عدداً من الجوائز عن أحد أفلامه. تلفتنا تعبيرات شاكر التي تحمل عناصر شعبية مصرية يقول عنها محدثنا إنَّها تبعث البهجة، ويشير إلى أن الحس الموسيقي يميز أعمال الفنان أيضاً، ويظهر ذلك في الوحدة والتناغم بين العناصر، ويؤكد أن «لديه خطوطاً مختلفة عن أي فنان آخر».

من أعمال الفنان إيهاب شاكر (الشرق الأوسط)

 

في «غاليري بركات» من بيروت نجد مجموعة من الأعمال المتنوعة ما بين اللوحات والمنحوتات الخشبية والبرونزية، يتحدث معنا صالح بركات مالك الغاليري عن الأعمال المعروضة، ويبدأ بالإشارة لعمل ضخم من البرونز للفنان معتصم الكبيسي يمثل أشخاصاً يتهامسون: «يعكس خلفيات المسرح السياسي، الكل يتهامس، وما لا يقال قد يكون أكثر أهمية مما يقال». للفنان جوزف الحوراني منحوتات خشبية تحمل كتابات بالخط العربي، تنتظم ببراعة، وتتضافر في تشكيلات خشبية مدهشة تجعلنا ندور حولها، ونحاول قراءة الجمل المكتوبة، ومنها «مصائب قوم عند قوم فوائد» و«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ». «عبقرية!» يصفها صالح بركات، ويتحدث عن الخط العربي ونقله للعالم المعاصر: «أنا اليوم يعنيني أن نحافظ على تراثنا بطريقة عصرية. نريد أن نأخذ تراثنا للمستقبل».

من أعمال الفنان العراقي سيروان باران (الشرق الأوسط)

ينتقل إلى عملين للفنان سروان بهما الكثير من الحركة، نرى أشخاصاً يتحركون في اتجاهات مختلفة، يحملون حقائب وأمتعة، ليست حركة مرحة بل متعجلة، يعلق: «الفنان لا يتحدث فقط عمّن يرحل، بل أيضاً عمّن يعود، حالات ذهاب وعودة وضياع».

 

الفن السعودي حاضر

عبر مشاركات في «غاليري أثر» و«غاليري حافظ» نرى عدداً من الأعمال الفنية السعودية المميزة، فيعرض «غاليري أثر» مجموعة من أعمال الفنانة المبدعة أسماء باهميم تفيض بالحيوانات الأسطورية وقصص من الخيال مرسومة على الورق الذي تصنعه الفنانة بيدها. للفنانة باهميم هنا مجموعتان جذابتان: «ملاحظات في الوقت» و«فانتازيا». تستكشف الأخيرة الفروق الدقيقة والتعقيدات في سرد القصص. وتتعمق «ملاحظات في الوقت»، وهي سلسلة أحدث، في الفولكلور العربي، وتفحص الأدوار الجنسانية في الحكايات التقليدية وتأثيرها اللاحق على الهوية الثقافية.

من أعمال الفنانة أسماء باهميم (الشرق الأوسط)

كما يقدم «أثر» عدداً من أعمال رامي فاروق الفنية وسلسلة للفنانة سارة عبدو بعنوان «الآن بعد أن فقدتك في أحلامي، أين نلتقي». أما «غاليري حافظ» فيقدم صالتين تتضمنان أعمال مجموعة من الفنانين المعاصرين والحديثين، فيقدم عدداً من أعمال الفنان سامي المرزوقي تتميز بألوانها وخطوطها التجريدية. وفي قسم الفن المعاصر يعرض أعمال الفنانة بشائر هوساوي، التي تستمد فنونها من بيئتها الغنية وذاكرتها البصرية العميقة، باستخدام مواد طبيعية مثل النخيل، وتعبر عن موضوعات مثل الانتماء، والحنين، والهوية الإنسانية المتغيرة. بجانبها يستعرض سليمان السالم أعماله التي تتعمق في الطبيعة الزائلة للوجود. باستخدام تقنيات الطباعة العدسية والفيديو ووسائط أخرى، تستكشف أعماله التفاعل بين الشعور والإدراك والتواصل الإنساني.