الميليشيات تحتفي بانقلابها وسط سخط اليمنيين

أطفال يمنيون يمسكون بأسلحة في تجمع حوثي وسط صنعاء (إ.ب.أ)
أطفال يمنيون يمسكون بأسلحة في تجمع حوثي وسط صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الميليشيات تحتفي بانقلابها وسط سخط اليمنيين

أطفال يمنيون يمسكون بأسلحة في تجمع حوثي وسط صنعاء (إ.ب.أ)
أطفال يمنيون يمسكون بأسلحة في تجمع حوثي وسط صنعاء (إ.ب.أ)

واصلت الميليشيات الحوثية احتفالاتها في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة بالذكرى الرابعة لاقتحام صنعاء وانقلابها على الشرعية اليمنية فيما تسميه «ثورة 21 سبتمبر» ويسميه اليمنيون «النكبة الكبرى».
وأفادت مصادر محلية وحزبية لـ«الشرق الأوسط» بأن الجماعة الحوثية أجبرت السكان والموظفين على حضور احتفالاتها في أكثر من محافظة ومديرية، على الرغم من حالة السخط الشعبي وتدهور الأوضاع المعيشية وانعدام الوقود والغاز المنزلي.
ورد الناشطون اليمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي، بالسخرية من احتفالات الميليشيات باليوم الذي عدوه «نكبة اليمن المعاصرة»، الذي يصادف 21 من سبتمبر (أيلول)، الذي قررت الجماعة إعلانه إجازة رسمية لأتباعها على قدم المساواة مع الأيام الوطنية الرسمية الأخرى.
وفي حين أطلق الناشطون حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تدين يوم انقلاب الجماعة الحوثية على الشرعية واقتحام صنعاء، نشروا الشعارات والصور التي تحتفي بيوم 26 سبتمبر، الذي يصادف الثورة اليمنية في 1962 ضد الحكم الإمامي الذي تحاول الجماعة إعادته بنكهة حوثية.
وفي الوقت الذي حاولت الجماعة الحوثية أن تغرق شوارع العاصمة صنعاء، بشعاراتها الطائفية المحتفية بيوم الانقلاب، استغل السكان في صنعاء بهجة الجماعة لتحويلها إلى حالة من السخط الذي يعبرون عنه في الشوارع والأماكن العامة ووسائل المواصلات دون خوف من بطش الميليشيات.
فلم يجد اليمنيون من انقلاب الجماعة الحوثية كما يقول محمد و. (أحد الموظفين الحكوميين) سوى العودة إلى عصر المجاعات، والأوبئة، والعزلة الدولية، وانهيار التعليم والاقتصاد.
ويؤيده في طرحه صديقه جميل هـ. حين يقول: «لو لم يمكن لنكبة الحوثيين يوم اقتحام صنعاء سوى انقطاع رواتبنا لكان ذلك كافياً لجعلها أسوأ جماعة عرفها تاريخ اليمن المعاصر».
ويضيف: «غادرت الفرحة أعين الناس، لم يعد هناك شيء يمكن أن نبتهج به، سوى الحلم بلحظة الخلاص من حكم الميليشيات، التي تسببت في تدمير اليمن، وتجويع أهله ونهب موارده وقتل أبنائه».
ورغم أن الجماعة الحوثية حاولت أن تدفع جميع القوى السياسية إلى الاحتفاء بيوم انقلابها على الشرعية، فإن كثيراً من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» تجاهلوا احتفالات الحوثيين وأعلنوا أنهم بصدد إقامة احتفالات متنوعة بذكرى «ثورة 26 سبتمبر».
وفي الوقت الذي تسابق وزراء الجماعة الحوثية في حكومة الانقلاب بقية قادتها على إرسال برقيات التهاني لعبد الملك الحوثي، الذي يصفونه بقائد الثورة، تجنب النواب الخاضعون للميليشيات تهنئة الحوثي واكتفوا بتهنئة ما وصفوه بالقيادة السياسية في إشارة إلى مجلس حكم الانقلاب (المجلس السياسي الأعلى) لكن ليس بذكرى الانقلاب وإنما بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» على النظام الإمامي.
وفي سياق متصل، بالمواقف المناهضة لانقلاب الميليشيات الحوثية، قال الكاتب والصحافي سمير اليوسفي، في مقال تابعته «الشرق الأوسط» إن «أحقاد القيادات السياسية والحزبية أوقعتهم في شرك الخديعة».
وأضاف: «يوم 21 سبتمبر قبل أربع سنوات كان يوم الخدعة الكبرى... ولم يكن ثورة ضد الفساد والقوى الرجعية، كما زعموا، ولا من أجل إلغاء الجرعة وتخفيف الأسعار كما كذبوا. لقد كان من أجل إعادة دولة الكهنوت، وإمامة السيد، صاحب الولاية، والعصمة، وجرثومة الرجعية والتخلف».
ويؤكد اليوسفي أن الحوثيين «يؤسسون لدولة لا هدف لها غير تقديم اليمنيين ضحايا وقرابين للوهم، وتحتكم للسيد الذي يريد استعباد اليمنيين إلى يوم القيامة».
ويصل أخيراً إلى خلاصة مفادها أنه «لا مناص أمام الجمهوريين من رد الاعتبار لثورتهم (26 سبتمبر) ثورة الأحرار. واستعادة دولتهم... دولة الحرية والإخاء والمساواة، والاحتكام للديمقراطية، وصندوق الاقتراع».
إلى ذلك تداول ناشطون، على مواقع التوصل، صوراً لأطفال يمنيين، يأكلون أورق الشجر، في ظل حكم الميليشيات، مشيرين إلى أن الوصف الحقيقي الذي ينطبق على ثورة الحوثيين المزعومة هو «ثورة العودة إلى الاقتيات على أوراق الشجر».
وأدى انقلاب الجماعة الحوثية على الشرعية قبل أربع سنوات، إلى إحداث تجريف كبير للهوية لليمنية على شتى الصعد، فمن مساعي الجماعة إلى طمس الهوية الجمهورية إلى سلوكها نحو تدمير الاقتصاد، ونهب الموارد وتجهيل الشعب.
وكما يصف الناشطون اليمنيون «نكبة الحوثي» في 21 سبتمبر 2014، بأنها أسست لكل الكوارث التي عايشها اليمنيون من قتل وتهجير وتفجير للمنازل وحملات قمع يؤكدون أنها أحدثت شرخاً عميقاً في النسيج اليمني لن تمحى آثاره على المدى الطويل.
وفي معرض اعتذار الكاتب والصحافي اليمني محمد عائش عن تعاطفه مع «النكبة الحوثية» إبان اقتحام الجماعة صنعاء، قبل أن تتكشف له الحقائق، يقول في مقال دوَّنه على «فيسبوك»: «لقد صرنا بعد 21 سبتمبر هدفاً سهلاً لكل عدو، وغرضاً رخيصاً لكل كارهٍ لليمن، بعد انهيار كياننا الجامع كيمنيين».
وأضاف: «لم نَعُدْ شيئاً بعد ذلك... إلا مقابر نسكنها نحن، وزوامل لا يسمعها أحد». في إشارة منه إلى مقابر الميليشيات الممتلئة بقتلى عناصرها منذ الانقلاب وأهازيجها المحرضة على الموت.
وحاول قادة الميليشيات الحوثية خلال خطبهم الاحتفالية بالمناسبة تسويق اقتحامهم لصنعاء على أنه انعطاف إيجابي في تاريخ اليمنيين، وتحول كبير من أجل رخائهم وكرامتهم (على حد زعمهم)، وهي الخطب التي تلقاها أغلب الشارع اليمني بالسخرية والتندر.
وفي حين كان رئيس مجلس حكم الجماعة مهدي المشاط زعم في خطاب بثته وسائل إعلام الجماعة أن الميليشيات حققت خلال أربع سنوات كثيراً من الإنجازات التي قال إن على اليمنيين أن يشكروا جماعته عليها، كان زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، طلب من أتباعه المزيد من المجندين للزج بهم إلى جبهات القتال، مستشعراً حجم الانكسارات الكبيرة التي مُنِيَت بها الميليشيات في الساحل الغربي وصعدة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.