«حماس» تُبقي الباب مفتوحاً أمام المصالحة رغم وصولها إلى طريق مسدود

ترفض دعم عباس في الأمم المتحدة... وتشترط رفع العقوبات وتغيير الحكومة

TT

«حماس» تُبقي الباب مفتوحاً أمام المصالحة رغم وصولها إلى طريق مسدود

أبقت حركة حماس الباب مفتوحاً أمام الجهود المصرية من أجل التوصل إلى اتفاق مصالحة، على الرغم من أن تلك الجهود تكاد تكون وصلت إلى طريق مسدود.
وقال المسؤول في حركة حماس سامي أبو زهري، إن حركته لن تعود إلى تشكيل اللجنة الإدارية في قطاع غزة (التي كانت تحكم القطاع)، و«سنعطي الفرصة للجهود المصرية لأبعد مدى».
وأضاف أبو زهري للصحافيين في غزة، بعد يوم من لقاء وفد مصري قادة «حماس»: «اللقاء كان مهماً واستراتيجياً، والموقف المصري متوازن تجاه العلاقات مع القوى الفلسطينية، وهذا التوازن يضمن نجاح الدور المصري في معالجة الملفات الفلسطينية».
وكان وفد مصري قد التقى قيادة «حماس» في غزة السبت الماضي، لكنه لم يخرج بأي نتائج.
وأكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «حماس» رفضت بالكامل، ورقة «فتح»، وأصرت على رفع العقوبات عن غزة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وضمانات لدفع رواتب موظفيها، قبل تسليم الجباية، وفتح ملف منظمة التحرير، وعدم التطرق مطلقاً إلى سلاحها.
وقال أبو زهري إن حركته «متمسكة بالمصالحة الوطنية»، مضيفاً: «لكن الكرة الآن في ملعب حركة فتح والسلطة الفلسطينية لتطبيق اتفاق 2011. 2017».
وهاجم أبو زهري حكومة التوافق الوطني، قائلاً: «إنها لم تعد كذلك؛ لتغيير بعض وزرائها دون الرجوع للتوافق الوطني».
وأكد أبو زهري أن حركته تصر على رفع العقوبات، أولاً، عن غزة، وترفض أي عقوبات جديدة، «وأنها لن تصمت على ذلك، ولديها خياراتها»، دون الإشارة إلى تلك الخيارات.
واستغرب أبو زهري تصريحات رئيس الحكومة رامي الحمد الله، ضد حركة حماس، ومطالبته بتسليم المعابر، متسائلاً: «عن أي معابر يتحدث؟ نحن سلّمنا 3 معابر وعليها موظفون للسلطة الفلسطينية، فماذا يريدون؟».
وحول طلب تسليم الجباية الداخلية في غزة، أوضح أبو زهري أن الجباية الآن تحوّل للموازنات التشغيلية للوزارات، وجزء منها لرواتب الموظفين، مؤكداً استعداد حركته لإيداع الجباية لأي طرف عربي، يضمن أن تلتزم الحكومة بدفع الرواتب للموظفين.
ورفض أبو زهري تهديدات الرئيس محمود عباس لـ«حماس»، قائلاً إن «(حماس) هي من فازت بالأغلبية ويجب أن يحترم ذلك، ونقول من حقنا أن نكون شركاء في صناعة القرار؛ لكن يأتي طرف يملك كل أموال الشعب الفلسطيني ويحرم منها أهل غزة، ثم يقول لحماس (يا تشيل يا بنشيل)، هذه لغة غير وطنية وغير مقبولة علينا».
واستهجن أبو زهري اتهامات السلطة الفلسطينية لحركته بالعمل على فصل قطاع غزة، قائلاً: «نحن لا نريد ذلك ولن نسمح به؛ ومن يريد أن يفصل غزة عليه أن يدقق بأفعاله».
وفي ما يخص الانتخابات العامة، جدد أبو زهري تأكيد «حماس» خوض الانتخابات قائلاً: «نحن لا نتهرب منها وجاهزون لانتخابات كاملة».
كما هاجم أبو زهري السلطة واتهمها بتخريب اتفاق تهدئة في غزة. وقال إن «جهود تثبيت وقف إطلاق النار، الموقّع عام 2014، كانت قريبة من الوصول إلى اتفاق، لكن موقف السلطة هو الذي أحبط هذه الجهود وأدى إلى إفشالها»، مضيفاً: «هناك تراجع كبير في جهود تثبيت وقف إطلاق النار وكسر الحصار بسبب مواقف السلطة».
لكن أبو زهري أكد أن حركته ستمضي «حتى النهاية لتحقيق كسر الحصار، ولن يهدأ لنا بال حتى تحقيق هذا المطلب الذي اتخذه الشعب وقيادته السياسية، ولا تراجع عنه».
ورفض أبو زهري اتهامات السلطة الفلسطينية وحركة فتح لـ«حماس»، بالسعي للتهدئة مع إسرائيل على حساب المصالحة، قائلاً: «إنه لا ربط بين الملفين»، متسائلاً: «من الذي دفع الفصائل للبحث عن خيار التهدئة؟».
وأردف: «الوضع الإنساني في غزة صعب، ونحن سنتحرك في جميع الاتجاهات لرفع المعاناة عن شعبنا».
ويؤكد حديث أبو زهري أن المصالحة وصلت إلى طريق مسدود.
وكانت حركة فتح قد أصرت على تسلم كامل لقطاع غزة يشمل الأمن والمعابر والجباية المالية والقضاء وسلطة الأراضي، ووضع اتفاق للسلاح، رافضة ربط المصالحة بالقرارات التي اتخذها عباس ضد قطاع غزة.
وردت «حماس» برفض تسليم غزة من دون رفع العقوبات، واشترطت تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة، كما اشترطت دفع رواتب موظفيها، ورفضت أي نقاش متعلق بالسلاح، وأصرت على فتح ملف منظمة التحرير وإجراء انتخابات للمنظمة.
وأمام هذا الخلاف رفضت «حماس» طلب «فتح» والمصريين دعم عباس قبل توجهه إلى الأمم المتحدة. وقال أبو زهري «إذا كانت غزة تعاقَب منه كيف يمكن أن تدعمه؟».وأضاف: «هل سيصدق شعبنا أو العالم هذا الموقف؟ ثم ما الجديد في خطاب الرئيس عباس، يقول قطعنا علاقاتنا مع الإدارة الأميركية وأجهزته الأمنية لا تزال تتسلم موازنتها منها».
وأردف: «مضمون خطابه لا يحظى بأي شرعية ولا أي توافق وطني».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.