عودة صالون النحت المصري بعد غياب 13 عاماً

بمشاركة 57 فناناً من مختلف المدارس

من أعمال الفنان فاروق إبراهيم
من أعمال الفنان فاروق إبراهيم
TT

عودة صالون النحت المصري بعد غياب 13 عاماً

من أعمال الفنان فاروق إبراهيم
من أعمال الفنان فاروق إبراهيم

بعد سنوات من التوقف يعود صالون النحت المصري في نسخته الثانية ليعيد الأضواء مرة أخرى لقيمة ومكانة النحت وفنانيه، ومُحققاً حراكاً فكرياً جديداً وطارحاً إبداعا معاصرا يتجاوز الحدود التقليدية للفن، حيث يضم الصالون الذي يحتضنه الآن قصر الفنون بدار الأوبرا بتنظيم من وزارة الثقافة، ويستمر حتى 7 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل مجموعة متنوعة من الأعمال النحتية التي تعكس تنوعا في المدارس والرؤى والخامات لـ57 فنانا يُمثلون أجيالاً مختلفة ولكل منهم بصمته الفنية الخاصة.
وكانت القاهرة قد شهدت الدورة الأولى للصالون في عام 2005. لتتعثر إقامته لنحو 13 عاماً، وتمثل عودته حدثاً مهماً في المشهد التشكيلي المصري الذي ينتظر فيه الجميع بشغف عودة المعارض النوعية التي تحتفي بمجال فني بعينه. لا سيما مجال النحت، فجاءت أعمال الفنانين مؤكدة إلى أي مدى يعد النحت راسخا في وجدان المصريين منذ الحضارة الفرعونية بحسب النحات عصام درويش عضو اللجنة المنظمة للصالون الذي قال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن وجود صالون للنحت في مصر يعني ازدهار حركة النحت المصرية، وإلا لم نكن لنر مثل هذه الأعمال المتميزة التي يضمها الصالون، والذي من المنتظر أن يحقق حالة من الحراك في المشهد التشكيلي المصري، ودرجة عالية من التحفيز للفنانين»، ويتابع درويش «أن رعاية الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة للصالون واهتمامها بافتتاحه يمثل دعما آخر له، ويلفت أنظار الجمهور إليه».
ويرى أن «مصر لديها الفرصة كاملة للانطلاق في مجال النحت؛ لأنها تتمتع بنخبة من الفنانين المبدعين الذين يُغذون فن النحت في العالم». ومما يلفت النظر في الصالون أن الأعمال الفنية التي يضمها تعنى باستحضار الشخصية المصرية على مستوى الإنسان والوعي والقيم والتاريخ على السواء، ربما بهدف إعادة ترسيخها، أو الاحتماء بها من سطوة المادة وصعوبات الحياة المعاصرة، ففي العملين اللذين يشارك بهما الفنان الشاب معاوية هلال على سبيل المثال يستحضر شخصيتين من مصر القديمة، إحداهما تجسد الدراما والصراع في قصة ابنة حاكم فرعوني غرقت أثناء رحلة نيلية، ولم يتم التوصل هل هو مجرد حادث غرق أم انتحار؟ ويقول معاوية: «زرت مقبرتها وشاهدت المومياء الخاصة بها، وقرأت عنها، وحاولت التوصل إلى شكلها وأسرار موتها، ولم أصل إلى أي إجابة، حينئذ قررت أن أجسدها في تمثال يعكس مأساتها، ويطرح تساؤلات لا نهاية لها». جسد أيضا معاوية شخصية أخناتون في بورتريه نحتي بكل ما تمثله هذه الشخصية المصرية من قيمة تاريخية مهمة في وجدان المصريين، ولم يكتف الفنان باستدعاء هاتين الشخصيتين وتشكيلهما فنيا، إنما استدعي معهما من النحت المصري القديم تقنية تمزج بين استخدام الخشب والكتان.
ورغم تفرد تجربته في المضمون والأسلوب الفني يعتبر معاوية الصالون على حد وصفه «فرصة حقيقية أمام النحات للاطلاع على التجارب الفنية للآخرين، الأمر الذي يساعد على تطوير تجربته الخاصة، لتصبح أكثر نضجاً وثراء».
وتعبيرا عن صراع الإنسان في مواجهته لسطوة المادة تأتي أعمال فنانين آخرين مثل العمل لذي قدمه النحات القدير ناثان دوس تحت عنوان «صراع فكري» ويجسد فيه بورتريه في حالة انشطار إلى نصفين، ليوحي للمتلقي بما يمر به الإنسان في الوقت الراهن من صراعات داخلية، كما يستدعي من التاريخ والمشهد المصري شخصيات يضعها في عمله الآخر غير التقليدي بالصالون، والذي يأتي أقرب إلى اللوحة الفنية في شكلها وحجمها، ويعد نموذجا لما يعرف بـ«مكتبة النحات» التي اعتدنا وجودها في الأتيليه الخاص بالنحاتين، وفيها يضعون نماذج مصغرة من منحوتاتهم المكتملة أو غير المكتملة. وفي «مكتبة ناثان دوس» التي أخرجها من الأتيليه الخاص به نتواصل مع 22 قطعة نحتية تعكس أفكاراً متباينة، ما بين الكلاسيكية والدرامية والحداثية، ويربط بينها الفنان نفسه، حيث تأتي المنحوتات حاملة رؤوس شخوص وأفكار لطالما اهتم بها دوس مثل رموز من التراث المصري القديم وأم الشهيد، وكأن الفنان أراد أن يحمل الصالون ملخصاً لفنه خلال السنوات السابقة بعد غياب الصالون لمدة 13 سنة منذ انعقاد دورته الأولي، وهو غياب عبر عنه الفنان في حديثه قائلا: «افتقدناه كثيرا كصالون ينتمي للمعارض الفنية النوعية، لا سيما أن النحت يعد رافدا له خصوصيته للفن التشكيلي المصري، بما يحمله من ميراث شكله المصري القديم ثم المعاصر على أصعب الأحجار والخامات المتباينة... تراث ثري وغني للغاية علمت مصر به العالم النحت».
ويرصد الفنان أحمد قرعلي تطور العمارة الإسلامية عبر منحوتته التي يشارك بها في الصالون آملا أن يكون لدى مصر بتاريخها النحتي صالون سنوي للنحت، ليأتي متماهياً مع حقيقة أن أجمل الجمل التي ذكرتها مصر في تاريخها هي جمل نحتية من خلال الجداريات والمسلات والتماثيل والمقابر.
وفي إطار تكريم الصالون لثلاثة من المثالين المصريين الراحلين الذين أثروا مشهد النحت المصري المعاصر وهم: د. كمال عبيد، ود. فاروق إبراهيم وعبد الهادي الوشاحي تطل علينا أعمال رائدة، يتصدرها كما يتصدر قاعات الصالون أعمال الوشاحي ببنائها الصرحي التي حتى لو جاءت بأحجام ضئيلة في العرض بالصالون، فإنه يبقي كل عمل من أعماله مشروعاً لعمل ميداني، ويعود ذلك إلى اعتماده على أسلوب الدوران في الفراغ، حيث تقيم الكتل التي ينحتها حواراً مع ما يحيط بها من فراغ. كما تثير منحوتات فاروق إبراهيم الانبهار بتناغمها وإيقاعها المتوازن لا سيما في إبداعه المعروف للأردية المتطايرة حول جيد الجميلات اللاتي جسّدهن، بجانب التماثيل الصرحية الضخمة التي اشتهر بها.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.