شبكية صناعية من الغرافين تعيد الأمل لفاقدي البصر

تتمازج مع أنسجة العين الطبيعية

شبكية صناعية من الغرافين تعيد الأمل لفاقدي البصر
TT

شبكية صناعية من الغرافين تعيد الأمل لفاقدي البصر

شبكية صناعية من الغرافين تعيد الأمل لفاقدي البصر

لا يطلق الباحثون على الغرافين اسم «المادة المذهلة» دون سبب، إذ وعلى الرّغم من أنّها تتألف من طبقة واحدة من ذرات الكربون، فإنها شديدة القوة، والمرونة والخفّة، وتتميّز بقدرتها على توصيل الكهرباء وقابليتها للتحلل البيولوجي. واليوم، توصل الباحثون إلى استخدام جديد لهذه المادّة المذهلة: تطوير شبكية صناعية للعين.
وعرض الباحثون دراستهم الشهر الحالي خلال اجتماع عقد في الجمعية الكيميائية الأميركية.
الشبكية هي الطبقة التي تتألّف منها الخلايا الحساسة تجاه الضوء في مؤخرة العين، ومهمتها تحويل الصور إلى نبضات يستطيع الدماغ تفسيرها. وفي حال كان الإنسان يعاني من عطل في الشبكية، هذا يعني أنّه ببساطة فاقد للبصر.
ويعاني الملايين من البشر حالياً من أمراض في الشبكية تمنعهم من الرؤية. وبهدف مساعدتهم على استعادة بصرهم، عمل الباحثون على تطوير شبكيات صناعية. إلّا أنّ الخيارات المتوافرة اليوم ليست مثالية، لأنّ العنصر الذي يتمّ زرعه جامد ومسطّح، والصور التي يكونها أو يركبها غالباً ما تكون غير واضحة أو مشوّهة. وعلى الرغم من أنّ هذا العنصر طريّ، فإنّه بطريقة أو بأخرى قد يسبب بعض الضرر في نسيج العين القريب منه.
ولكن الغرافين، بكلّ خصائصه المتميّزة، قد يكون المفتاح لتطوير شبكيات صناعية أفضل.
وقد نجح باحثون من جامعتي تكساس وسيول الوطنية، بالاعتماد على مزيج من الغرافين وثاني كبريتيد الموليبدينوم (مادة أخرى ثنائية الأبعاد)، والذهب، وأكسيد الألمنيوم، ونيترات السليكون، في تطوير شبكية صناعية، صالحة أكثر من جميع النماذج المتوافرة حالياً، لتحلّ محلّ الشبكة الطبيعية الأصلية. وبناء على الدراسات المختبرية والتجارب التي أجروها على الحيوانات، أكّد الباحثون أنّ الشبكية الصناعية التي طوّروها مطابقة بيولوجياً وفعالة في محاكاة مزايا العين البشرية الحقيقية. كما أنّها تطابق أبعاد الشبكية الطبيعية بشكل أفضل.
في بيان صحافي، قال الباحث نانشو لو من جامعة تكساس: «هذا البرهان هو الأول على إمكانية استخدام بعض طبقات الغرافين وثاني كبريتيد الموليبدينوم لصناعة شبكية صناعية ناجحة. صحيح أنّ هذا البحث لا يزال في أولى مراحله، ولكن يمكن اعتباره نقطة بداية مهمّة في استخدام هذه المواد لاستعادة البصر».
وفي حال جرت الدراسات الأخرى حول الشبكيات التي تحتوي مادة الغرافين كما يأمل الباحثون، فسيكون بإمكاننا أن نضفي قوة خارقة جديدة على السيرة الذاتية لهذه المادة، وهي إعادة البصر لمن فقده.



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً