سلام لـ«الشرق الأوسط»: مواقف عون تؤخِّر تشكيل الحكومة

قال إن الانتخابات النيابية الأخيرة أضعفت الفريق السنّي في لبنان

تمام سلام (غيتي)
تمام سلام (غيتي)
TT

سلام لـ«الشرق الأوسط»: مواقف عون تؤخِّر تشكيل الحكومة

تمام سلام (غيتي)
تمام سلام (غيتي)

نبَّه رئيس الوزراء اللبناني السابق تمام سلام، إلى مخاطر المساس بالتوازنات التي أرساها «اتفاق الطائف»، قائلاً إن مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لا تساعد على الإسراع في تشكيل الحكومة، وإن فريقه السياسي يسعى باستمرار لفرض سوابق تمس القواعد الدستورية التي تَوافق عليها اللبنانيون.
سلام اعتبر، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن قانون الانتخابات الحالي «أدى إلى إضعاف فريق لبناني أساسي هو الفريق السُّني»، محذراً من نيات مضمرة عند بعض الأطراف للدفع في اتجاه مؤتمر تأسيسي لفرض صيغة المثالثة في الحكم (بين السنة والشيعة والمسيحيين) بدل المناصفة الإسلامية المسيحية المعتمَدة حالياً.
وعارض الرئيس سلام بشدة انعقاد مجلس النواب (اليوم وغداً) في ظل عدم وجود حكومة، ورأى أن «مسألة تشريع الضرورة لا تنطبق على الواقع الحالي، خلافاً للاجتماع الذي حصل خلال ولاية حكومة تصريف الأعمال التي كان يرأسها الرئيس نجيب ميقاتي من أجل تمديد ولاية البرلمان». واعتبر أن «تلك الحالة كانت ضرورية لمنع حصول فراغ في السلطة التشريعية، وبالتالي تدخل البلاد في الفراغ وفي دوامة لا تنتهي».
وأضاف سلام: «في الحالة الراهنة، وعلى أهمية مشاريع القوانين المتعلقة بمؤتمر (سيدر)، إلا أن إقرار هذه القوانين وحده ليس كافياً، فالقوانين المرتبطة بمشاريع (سيدر) تحتاج بعد إقرارها إلى توقيع من رئيسي الجمهورية والحكومة والوزراء المختصين، كما يحتاج بعضها إلى مراسيم تطبيقية». وأردف أن «مشاريع (سيدر) ليست مجرد قوانين تُقرّ، فهذه المساعدات المقررة للبنان مشروطة بالكامل بآليات عمل واضحة، ومشروطة بوجود قوانين وآليات ترعى الشفافية الكاملة ليطمئن المجتمع الدولي إلى مصير هذه المساعدات والقروض وقدرتها على إحداث الفارق في الاقتصاد اللبناني. وبالتالي، كل ذلك يستلزم حكومة وسلطة تنفيذية».
وتابع رئيس الوزراء السابق كلامه قائلاً: «إن ما يجري هو سابقة دستورية، خصوصاً أن ثمة ميلاً واضحاً لدى بعض الأطراف لإحداث سوابق تعدل عمل الحياة الدستورية التي أقرّت في اتفاق الطائف». وتوقع وضع مشاريع قوانين أخرى غير متعلقة بـ«سيدر» على جدول أعمال الجلسة التشريعية.
وفي الاتجاه نفسه، رأى سلام أن «أخطر ما يمر به لبنان حالياً هو السعي المستتر من أجل تغيير قواعد اللعبة التي أرساها تفاهم اللبنانيين في الطائف». واعتبر أن «ما يقوم به رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في ما خَص عملية تأليف الحكومة يخلق ظروفاً غير مساعدة في عملية التأليف، التي هي دستورياً من مسؤولية الرئيس المكلف سعد الحريري، فيما يلحظ الدستور للرئيس دوراً في الموافقة على التشكيل من خلال توقيعه مرسوم التأليف إلى جانب رئيس الحكومة». ثم قال: «إن كلام الرئيس عن وضعه شروطاً ومعايير لشكل الحكومة مناقض للدستور، الذي نص صراحةً على إلزامية نتائج الاستشارات النيابية لتسمية الرئيس الذي سيكلَّف تأليف الحكومة. في حين لم ينص على إلزامية نتائج الاستشارات التي يجريها الرئيس المكلف لاختيار شكل الحكومة. وبالتالي، فإن وضع الشروط على رئيس الحكومة من شأنه إضافة عراقيل أمام مهمة الرئيس الحريري».
ومن ثم، أوضح سلام أن رؤساء الحكومات السابقين (الرئيسان نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وهو شخصياً) اجتمعوا بعد صدور بيان رئاسة الجمهورية الذي تحدث عن الأسس والمعايير لشكل الحكومة، وأصدروا بياناً اعترضوا فيه على بيان الرئيس «لأن شكل الحكومة هو من صلاحيات الرئيس المكلف تشكيلها»، نافياً أن يكون الأمر تم بناءً على طلب من الحريري أو أي أحد آخر. وتابع: «العبارات التي استُعملت في البيان استفزّتنا، خصوصاً في ما يتعلق بالكلام عن شكل الحكومة، وكان لا بد من توضيح الموقف».
ثم أشار إلى أن الرئيس عون كان يرفض بوضوح عندما كان في المعارضة إعطاء حصة لرئيس الجمهورية، لكنه بات الآن، بعد وصوله إلى الرئاسة، يعتبر هذه الممارسة التي أُقرت في «اتفاق الدوحة» عام 2008 في ظروف أمنية وسياسية استثنائية، عرفاً مكرساً.
ولفت إلى أن «مسار الرئيس عون في هذا المجال لا يبشر بالخير، خصوصاً مع كلامه بأن غيابه عن مجلس الوزراء يكفي حتى يصبح انعقاده متعذراً»، مذكّراً بأن الدستور ينص على أن الدعوة لمجلس الوزراء تكون من قِبل رئيس الوزراء، واستثناءً من قِبل رئيس الجمهورية. والرئيس يترأس الجلسة إذا حضر ولا يمكنه أن يصوّت. ودعا الرئيس عون للعب دور الحكم وأن يكون رئيساً لكل اللبنانيين وليس طرفاً مع أيٍّ منهم ضد الآخرين.
هذا، ويرى الرئيس سلام أن «أخطر ما في التصرفات التي يقوم بها فريق الرئيس عون هو السعي المستمر لفرض سوابق دستورية تمسّ أساس اتفاق الطائف»، مشيراً إلى تصريحات أدلى بها مقربون منه «تفيد بأنهم لا يحتاجون إلى تعديل (الطائف) بالنص، بل يمارسون هذه التعديلات في الواقع». ومن ناحية ثانية، أيّد سلام اقتراح البطريرك الماروني بشارة الراعي بتأليف حكومة حيادية، قائلاً: «أعرف أن الرئيس الحريري يريد تأليف حكومة وحدة وطنية، لكن حكومة حيادية قد تكون مدخلاً لإنقاذ لبنان من المأزق القائم». ورأى أن استمرار التعطيل في عملية تأليف الحكومة «من شأنه إضعاف الوضع اللبناني، وقد يجرّنا إلى كوارث، قد يكون الهدف منها إقامة مؤتمر تأسيس لفرض فكرة المثالثة في الحكم بدلاً من المناصفة القائمة حالياً (بين المسلمين والمسيحيين)، وهذا أمر أشعر أنه لم يسقط من حسابات البعض في لبنان».
واعتبر سلام «أن جزءاً كبيراً من تأخر تأليف الحكومة يتم لأسباب محلية لها علاقة بالمحاصصة وتقاسم المغانم في السلطة، لكن الجزء الأساس هو إقليمي خارجي، سببه أن إيران تنتظر المتغيرات الإقليمية لاتخاذ القرار بتسهيل تأليف الحكومة، وعندما تشعر أنها بحاجة إلى استعمال الورقة اللبنانية ستوعز إلى (حزب الله) بتسهيل العملية وتأليف الحكومة». واستطرد قائلاً: «إيران باتت تلعب الورقة اللبنانية من بين الأوراق الأخرى التي تمتلكها، وهي تنتظر على ما يبدو تبلور الوضع في سوريا في ضوء الاتفاق الروسي التركي والدور الأميركي - الروسي».
وحول قانون الانتخابات، رأى سلام أن «قانون الانتخاب الحالي أضعف فريقاً لبنانياً أساسياً هو الفريق السُّني، الذي كان من أكبر الخاسرين في هذه الانتخابات، فالفريق الشيعي شدد قبضته على كامل المقاعد الشيعية تقريباً، وتقاسم الفريقان المسيحيان الأقوى (التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية) المقاعد المسيحية بعدما أنهيا المستقلين المسيحيين، فيما تم إيجاد حالة نيابية سُنية معارضة، موالية لقوى 8 آذار».



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.