هدنة جنبلاط و تيار عون مستمرة رغم الخروق

عون - جنبلاط
عون - جنبلاط
TT

هدنة جنبلاط و تيار عون مستمرة رغم الخروق

عون - جنبلاط
عون - جنبلاط

خرق النائب زياد أسود، عضو تكتل «لبنان القوي» الموالي لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، «الهدنة» المعلنة بين «الحزب التقدمي الاشتراكي»، برئاسة وليد جنبلاط، و«التيار الوطني الحر» (التيار العوني)، الذي يشكل عامود هذا التكتل الأساسي، بتغريدة غمز فيها من قناة جنبلاط، من دون أن يسميه، وهو ما أشار إلى هشاشة الهدنة التي تلت تشنجات سياسية وطائفية في المناطق المشتركة بين المسيحيين والدروز.
أسود قال، في تغريدته، إن «النصر لا يحتاج إلى أوهام، بل إلى وقائع ميدانية (...) والأهم أن نكفّ عن غش الجمهور بانهزام مشروع انتصر، وسقوط مشروع آخر، بانتظار جثة في النهر لن تمر». والمعروف أن العلاقات بين «الحزب التقدمي الاشتراكي» و«التيار العوني» تمر بنفق تصعيدي يذكر بحقبة أواخر الثمانينات، عندما كانت المعارك العسكرية في أوجها بين جنبلاط وعون، يوم كان الثاني رئيساً للحكومة العسكرية وقائداً للجيش.
وعلى الرغم من أن الحرب وضعت أوزارها، وعقدت المصالحة المسيحية - الدرزية برعاية البطريرك الماروني السابق نصر الله صفير، والزعيم وليد جنبلاط، فإن العلاقة بين الأخير وعون لم تصل إلى أي استقرار سياسي، أو تحالف انتخابي، بل بقيت على وضعيتها من الخلافات والتباينات، وإن كان جنبلاط قد اقترع، من خلال كتلة «اللقاء الديمقراطي» البرلمانية التي كان يرأسها، لعون في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
مصادر قريبة من جنبلاط قالت لـ«الشرق الأوسط» إن ما حصل من سجالات في الآونة الأخيرة كاد ينذر بما لا تحمد عقباه، بعد سلسلة إشكالات حصلت في بعض قرى وبلدات الجبل بين مناصري الطرفين. وهذا الحال أقلق جنبلاط على أمن الجبل «ودفعه لإطلاق دعوة للحوار والتواصل والتنسيق بين قيادات الحزب والتيار في كل مناطق الجبل، واعتماد الحوار وسيلة لحل الإشكالات، بمعزل عن التباينات السياسية والهوة الكبيرة بين الفريقين».
وأبلغت المصادر «الشرق الأوسط» بأن الزيارة التي قام بها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الأسبوع الماضي، إلى الجبل كان لها الأثر الإيجابي للتهدئة، من خلال المواقف التي أطلقها، لا سيما في أثناء الحشد السياسي والشعبي والديني في دارة رئيس بلدية الباروك - الفريديس، إيلي نخلة، الذي شدد على مصالحة الجبل، في حين كانت كلمة البطريرك الراعي مؤثرة أمام المشايخ الدروز ورجال الدين المسيحيين وأبناء المنطقة، عندما أشاد بحكمة النائب السابق وليد جنبلاط وبمصالحة الجبل. وعلم أن البطريرك الماروني قام بعد هذه الزيارة بسلسلة من الاتصالات لوقف الحملات بين الاشتراكيين والعونيين، ناهيك عن الاتصالات التي جرت بين «الحزب الاشتراكي» ومدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي تولى هذه المهمة لإعادة الأمور إلى نصابها، وفتح قنوات تواصل بين التيار والحزب، وهو ما أدى إلى نتائج إيجابية بعد اللقاء الأول بين الفريقين.
من جهة ثانية، قالت أوساط في الحزب الاشتراكي لـ«الشرق الأوسط» إن «ما جرى أخيراً كان خارج إرادتنا. وبمعنى أوضح، لم نكن من فتح المعركة (...) فجلّ ما حصل أن وزير التربية مروان حمادة نقل موظفة في وزارة التربية من موقع إلى آخر، وهو موقعها الأساسي، ولم تحصل إقالة ليقوم وزراء (التيار الوطني الحر) بإقالة موظفين مقربين من (الحزب الاشتراكي) ومن أصحاب الكفاءة، في إطار سياسة التشفي والكيدية. لكن ذلك لم يدفعنا إلى اللجوء لتلك الأساليب حفاظاً على استقرار الجبل. ومن هنا، كان القرار الحكيم من قبل رئيس الحزب بضرورة اعتماد الحوار، وهذا ما حصل اليوم بعد لقاء تنسيقي بين قيادة الطرفين، اتّسم بالإيجابية، وسيبقى التواصل قائماً، وقد نشهد في الأيام المقبلة حراكاً على مستويات عدة حفاظاً على أمن الناس والمصالحة، في ظل هذه الظروف المصيرية التي يمر بها لبنان والمنطقة».
أيضاً قال عضو «اللقاء الديمقراطي»، النائب هنري حلو، لـ«الشرق الأوسط»: «إن جنبلاط و(اللقاء الديمقراطي)، الذي يرأسه حالياً نجله تيمور، يتعرضان منذ ما قبل الانتخابات وبعدها إلى حملات سياسية مبرمجة بغية تحجيم وليد جنبلاط، من خلال قانون الانتخاب وصولاً إلى مسألة التحالفات الانتخابية وما بعدها، من خلال ما يواكب تشكيل الحكومة من محاولات واضحة وهادفة لمواصلة سياسة التحجيم (...) إلى أن بلغت الأمور ما يعرض السلم الأهلي للخطر، وربطاً بالتعرض لاتفاق الطائف إلى ما يثار من حملات على مواقع التواصل الاجتماعي، والتذكير بالحروب السوداء التي مرت على لبنان».
وأضاف حلو: «أمام هذه الوقائع، جاء موقف رئيس الحزب، وليد جنبلاط، ورئيس (اللقاء الديمقراطي)، تيمور جنبلاط، الذي اتسم بالعقلانية لمعالجة الوضع المأزوم بما يقتضي من حكمة وبُعد نظر، لما قد تصل إليه الأمور من فلتان ومسّ بالسلم الأهلي».
ويثمّن حلو ما جرى أخيراً من تواصل وتنسيق وحوار، بعد دعوة جنبلاط للتهدئة «فذلك ما يحصن المصالحة، ولا سيما أننا نمر في مرحلة مفصلية، أكان على المستوى الداخلي أو على الصعيدين الإقليمي والدولي، في حين الناس تعيش في ظل أوضاع اقتصادية صعبة».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).