في مطلع العام الحالي رصدت أطراف محلية ودولية، آلية قتالية روسية الصنع من ترسانة أسلحة معمر القذافي، مخصصة لمواجهة الدبابات، وتحمل صواريخ يصل مداها إلى 6 آلاف كيلومتر. حصل ذلك إبان اشتباكات دارت بين ميليشيات مسلحة بمحيط مطار معيتيقة الدولي في العاصمة الليبية طرابلس، في واحدة من المعارك الاستعراضية الكاشفة لحجم ونوعية السلاح الذي تستخدمه القوى المتناحرة، وتحتكم إليه عند أول خلاف لتوسّع نفوذها على الأرض، وتزيد من حصيلة الدم.
صار العتاد المخزون لدى المجموعات الليبية المسلحة والمواطنين الأفراد، خارج إطار الدولة، مصدر أرق وقلق لليبيا منذ إسقاط نظام معمر القذافي عام 2011، وبات يمنعها من مغادرة «الفترة الانتقالية»، وسط إصرار على أن يبقى الوضع على ما هو عليه، فكلما هدأت الاشتباكات أوقدت الميليشيات نارها؛ بغية الاستبقاء على ليبيا سوقاً رائجة للسلاح تدرّ ملايين الدولارات على «أمراء الحرب».
هذا الأمر وغيره، انقسم حيالها عسكريون وسياسيون ونواب في أحاديث مع «الشرق الأوسط» بين ما رآه البعض ضرورة الاستفادة من «سلاح الميليشيات الخيَرة»، في مواجهة من ذهب إلى أن «الأزمة أكبر من قدرات ليبيا حالياً ما يتطلب حلاً دولياً عاجلاً». ولقد قال مسؤول عسكري سابق بوزارة الدفاع بحكومة «الوفاق الوطني»، إن الأسلحة التي تمتلكها الميليشيات المسلحة في طرابلس ومصراتة «تفوق تسليح بعض الدول». مضيفاً أن «التشكيلات المسلحة مثل (ثوار طرابلس)، و(قوة الردع الخاصة) و(الرحبة) لديهم مخازن هائلة تضم أسلحة حديثة وذخائر متعددة».
- بداية أزمة السلاح
بدأت الأسلحة تحتل مكانة بارزة في ليبيا منذ إسقاط نظام القذافي، في ظل نشوء خلافات قبائلية حادة، دفعت البعض منها إلى الاحتماء بالسلاح المتراكم في مستودعاته لـ«وقت الحاجة». وعلى مدار السنوات السبع الماضية، وقعت اشتباكات كثيرة في البلاد قضى فيها مئات المدنيين، وفي كل معركة كانت تُسمع مناشدات ونداءات استغاثة بضرورة نزع سلاح الميليشيات. ولعل آخر هذه النداءات فرضته طبيعة الاقتتال الأخير بين المجموعات المسلحة في جنوب طرابلس، عندما أعطى «الملتقى الوطني للقبائل والمدن الليبية»، الذي احتضنته مدينة ترهونة (88 كيلومتراً) جنوب شرقي العاصمة، حكومة «الوفاق الوطني» حتى منتصف سبتمبر (أيلول) مهلة ثلاثة أيام، لحل الميليشيات المسيطرة على العاصمة ونزع الشرعية عنها، وتسليم كامل أسلحتها ومعداتها للجهات الرسمية المختصة. وحذّر من «أي ترتيبات أمنية من شأنها المماطلة أو الإبقاء على هذه الميليشيات أو إعادة تدويرها بأي صورة من الصور».
لكن الحاصل أن مهلة «ملتقى القبائل» انتهت، وبقي السلاح - المحظور توريده إلى ليبيا - يتزايد في أيدي الميليشيات، وبقدرات فائقة، حيث المدرعات العسكرية ترابط أسفل المنازل، وتجول سيارات الدفع الرباعي من نوع «تويوتا» حاملة مدافع رشاش (14.5) ويستعرض بها الشباب في الشوارع. إزاء هذا المشهد، قال المواطن الليبي - الذي رمز لاسمه بـ«فواز»، معلقاً «السلاح في بلادنا مثل النفط يزيد ولا ينقص، والقذافي ترك لنا منه مخازن ومستودعات هي الآن في حوزة المجموعات المسلحة»!
- «مافيات» اخترقت الحظر
وبعيداً عن الحظر الدولي المفروض على ليبيا منذ مارس (آذار) 2011، تمكنت «مافيا» السلاح من اختراق هذا الحظر عبر وسطاء دوليين لإغراق البلاد بمزيد من الأسلحة والصواريخ، مستغلة حالة من الفوضى وتعطش السوق الليبية إلى الحديث والمتقدم منه. وهذا ما كشف عنه تقرير فريق الخبراء الأخير إلى مجلس الأمن الدولي؛ الأمر الذي دفع رئيس «مجلس أعيان ليبيا للمصالحة» الشيخ محمد المُبشر للقول «إذا استمر وجود السلاح على هذه الصورة ستستمر معاناة المواطنين». وأضاف المُبشر في حديث إلى «الشرق الأوسط» موضحاً «إن تفكيك سلاح الميليشيات في ليبيا لن ينجح إلا بقرار من مجلس الأمن الدولي... ما يكذب عليك أحد، لا الليبيون ولا العرب يستطيعون تحقيق ذلك».
هذا، ورصد فريق الخبراء نشاط ثلاثة مواطنين إيطاليين، هم: ماريو دي ليفا وزوجته أناماريا فونتانا وأندريا باردي، قبضت عليهم السلطات الإيطالية وأخضعتهم للمحاكمة، بتهمة تيسير نقل الأسلحة، إلى ليبيا بين 2011 و. وكان بين السلاح المنقول، أنواع كثيرة من الذخائر والقذائف المضادة للدبابات ومنظومات الدفاع الجوي المحمولة، وكلها نُقلت إلى مدينة مصراتة (200 كيلومتر شرق طرابلس)، بالاشتراك مع مواطن ليبي يدعى محمود علي ششويس. وأشارت مذكرة متصلة بإحدى الشحنات إلى أن كميات الذخائر كانت من كثرتها يستلزم نقلها ست طائرات شحن من طراز إيليوشن «IL76».
ويُعتقد، وفقاً لتقرير الخبراء، أنه جرى سداد قيمة إحدى الشحنات لشركة «غلوبال واي إلكترونيكس» Global way Electronics التي يملكها ماريو دي ليفا، بمبلغ مليونين و240 ألف دولار، وتم الشراء الفعلي للذخائر من خلال شركة أخرى يملكها أيضا ماريو دي ليفا، وهي شركة «هاي تكنولوجي سيستمز ليمتد» High Technology Systems Limited. ومن أجل تمكين ششويس الذي مثل أيضاً المشترين الليبيين من الاجتماع مباشرة بشركات الأسلحة، صُوّر كشريك في الشركة نفسها، بل ورئيس للإنتاج بها.
أيضاً، أظهر التقرير الأممي أن المحاولات الأخرى لانتهاك حظر توريد الأسلحة شملت التفاوض على عقود مع أندريا باردي، من خلال شركة «سوسييتا إيتاليانا إليكوتيري» Societa Italiana Elicotteri، وهي شركة يرتبط بها باردي، لشراء ثلاث طائرات هليكوبتر من طراز مانغوستا «A129 Mangusta» بسعر إجمالي قدره 18.6 مليون يورو. و13ألفاً و950 بندقية من طراز إم 14 «M14»، بلغ مجموع تكلفتها 41.85 مليون يورو، و12 وحدة إغلاق محرك للطائرات، بلغ مجموعة تكلفتها 69.6 مليون يورو (الطبيعة والمواصفات الدقيقة لتلك الوحدات غير واضحة)، وذخائر صواريخ، بلغ مجموع تكلفتها 44.8 مليون يورو.
ووفق الخبراء، فإن باردي صاغ هذه العقود، التي نصت على أن يتم التسليم جواً إلى مصراتة أو طرابلس، على أن يجرى السداد بالتقسيط وفقاً لمراحل الشحن، لكن هذه العقود لم تنفذ بسبب إلقاء القبض على الأفراد المعنيين. ولفت فريق الخبراء إلى أنه على الرغم من تلقيه «تفاصيل تتعلق بجواز السفر الذي استخدمه ششويس (الشريك الليبي) أثناء الاجتماعات بالموردين المحتملين، فإنه لم يتلق أي رد من حكومة ليبيا على استفساراته بشأن ذلك».
- من تركات القذافي
وللعلم، مدّد مجلس الأمن الدولي في يونيو (حزيران) الماضي، بالإجماع حظر السلاح المفروض على ليبيا لعام آخر، بسبب ما سماه «وجود جماعات مسلحة تتقاتل فيما بينها، وغياب أي بوادر لحل سياسي في القريب العاجل». وأيّد المبعوث الأممي لدى ليبيا، الدكتور غسان سلامة هذا الحظر، وقال في إفادة سابقة إلى مجلس الأمن «حظر الأسلحة مهم اليوم أكثر من أي وقت مضى... إن بلداً به 20 مليون قطعة سلاح لا يحتاج إلى قطعة إضافية».
وهنا نشير إلى أن صحيفة «روسيسكايا غازيتا» الروسية نشرت في السابع من سبتمبر الحالي، إن العاصمة الليبية شهدت تدمير آلية نادرة، عبارة عن مدفع هاوتزر «بالماريا» ذاتي الحركة. وهذا المدفع الذاتي، من ضمن ترسانة أسلحة حرص القذافي على استيرادها من الاتحاد السوفياتي وحلفائه والدول الغربية، وظل يستخدم في الاقتتال بالعاصمة إلى أن جرى تدميره قبل أسبوعين. ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية، عن «روسيسكايا غازيتا» أنه في مجال المدفعية الذاتية الحركة امتلك الجيش الليبي مدافع «دانا» التشيكية ومدافع «غفوزديكا» و«أكاتسيا» الروسية. أما عن مدافع «بالماريا» التي تنتجها شركة «ميلارا» الإيطالية فقد أصبحت ليبيا أكبر مشترٍ لها، إذ اشترت نحو 150 مدفعاً من هذا النوع منذ بداية ثمانينات القرن الماضي. مضت الصحيفة معددة مميزات المدفع، قائلة إنه صنع من أجل التصدير إلى الخارج، واعتبر في ثمانينات القرن الماضي واحداً من أفضل المدافع الذاتية الحركة الغربية، إذ يبلغ مداه 24 ألف متر عند استخدام القذائف العادية، و30 ألف متر عند استخدام القذائف الصاروخية. ولفتت إلى أن ليبيا تمتلك من هذه النوعية قرابة 30 مدفعاً.
من جهة ثانية، تحدث المسؤول العسكري السابق بوزارة الدفاع بحكومة «الوفاق الوطني»، وهو ينتمي إلى مدينة مصراتة، عن أن الميليشيات تمتلك صواريخ وآليات عسكرية حديثة هي جزء من عتاد جيش القذافي، وتقاتل بها حالياً في صراع على طرابلس، مستكملاً «المخازن مفتوحة في حرب السيطرة على طرابلس. ويعتقد بعض المتاجرين في السلاح أن هذه التجارة كانت موجودة أثناء عهد القذافي، من خلال تهريب مسدسات وبنادق آلية من نوع «كلاشينكوف» من مخلفات الحرب الليبية - التشادية، أو تأتي عبر الحدود المصرية، لكنها ازدهرت عقب رحيل النظام السابق ووصلت إلى راجمات الصواريخ وصواريخ «غراد».
- مبادرات منذ 2012
هذا، وأعلن في عموم ليبيا عن مبادرات عدة لجمع السلاح بداية من عام 2012، انطلقت أولاها بمدينتي طرابلس وبنغازي تحت شعار «أمن بلادك بتسليم سلاحك» برعاية من أجهزة الدولة الحاكمة وقتها. وفي فبراير (شباط) 2013 وضعت الولايات المتحدة مع ليبيا خطة سرية تقضي بتوفير برنامج مخصص لشراء الأسلحة، وتحديداً الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات والمقدّر عددها بعشرين ألف صاروخ، وهذا الأمر لم يحدث. ثم في يوليو (تموز) 2014 قدم البرنامج الليبي للإدماج والتنمية (LPRD)، الذي عرف بعد تأسيسه بـ«هيئة شؤون المحاربين» استراتيجية مفصلة لجمع السلاح، بالتعاون مع المنظمة الدولية للعدالة الانتقالية.
وما يجدر ذكره هنا، أنه سبق لصحيفة «روسيسكايا غازيتا» الكشف عن أن اشتباكات العاصمة التي وقعت بين الميليشيات في محيط مطار معيتيقة استخدمت فيها آلية قتالية روسية الصنع مخصصة لمواجهة الدبابات في الحروب، تعرف باسم «كريزانتيم إس» تحمل صواريخ مداها 6 آلاف متر. وأشارت إلى أن ليبيا حصلت من روسيا في عام 2013 على 10 آليات من النوعية نفسها».
كذلك، قالت الصحيفة، إن ليبيا حصلت على أربع قواذف صواريخ «كريزانتيم إس» و150 صاروخاً خلال حكم القذافي، لافتة إلى أن «آليات (كريزانتيم إس) تستطيع العمل حتى في ظروف انعدام الرؤية، ويمكن توجيه صواريخها بشعاع الليزر أو عبر أجهزة الاتصال اللاسلكي». وعددت الصحيفة مميزات آليات «كريزانتيم إس» فقالت إنها تستطيع السير فوق الطريق المعبدة بسرعة 70 كيلومترا في الساعة، وتزن 20 طنًّاً، وتستطيع الانطلاق على سطح الماء بسرعة 10 كيلومترات في الساعة.
- لا ثقة بين الليبيين
عودة إلى مسألة تفكيك السلاح، وأمام تزايد دعوات تفكيك سلاح الميليشيات وجمعه من أيدي الأفراد لصالح الدولة، استبعد المُبشر، حدوث ذلك، معتبراً أن الأمر «صعب جداً لانعدام الثقة بين الليبيين». غير أن العقيد الطاهر الغرابلي رئيس «المجلس العسكري بصبراتة» (المنحل) ذهب إلى ضرورة التمييز بين الميليشيات، وذهب إلى أن الميليشيات المسلحة هي من استحوذ على السلاح من أيدي قوات القذافي أثناء اندلاع ثورة 17 فبراير، ومنذ ذلك الوقت لم تجد حكومة جادة قادرة على تطويع الميليشيات، واحتوائها دون تفرقة أو تمييز». وقسّم الغرابلي الميليشيات في حديثه إلى «الشرق الأوسط» قائلاً، إن «منها ميليشيات خيّرة تستخدم سلاحها في الدفاع عن الدولة الليبية، والتصدي لموجات الهجرة غير الشرعية، والمخربين وغيرهم... وهذه يجب التعامل معها بمهنية. وهناك في المقابل، ميليشيات مسلحة عبارة عن عصابات تمارس السرقة والسطو على المواطنين، وتهرّب الوقود وتتاجر في البشر، وهذه يجب نزع الشرعية عنها والتعامل معهم بقوة وحسم».
ولام الغرابلي على «حكومة الوفاق» والأمم المتحدة، معتبراً أن حكومة المجلس الرئاسي «فشلت ولم تستطع قراءة الأحداث منذ دخولها طرابلس قبل أكثر من سنتين، كما لم تتمكن من إدارة الأمور بشكل سلسل يجتذب جميع الليبيين»، متابعاً «لقد قرّبت منها ميليشيات غير منضبطة ولا تتعامل مع المواطنين بالقانون، ومنحتها الشرعية، مثل (قوة الردع الخاصة) وغيرها، ويجب تطهير وزارة الداخلية منها، في حين استبعدت البعض الآخر»، كما أن البعثة الأممية أدارت الأزمة «بشكل غير محايد».
الغرابلي يفضّل إبقاء الوضع على ما هو عليه الآن، شارحاً «أعتقد اقتراح نزع السلاح غير ممكن في الوقت الحالي... العسكريون في شرق وغرب البلاد، ليسن لديهم الكفاءة أو القدرة المطلوبة لتنفيذ هذه المهمة... ويمكننا دمج الميليشيات الخيرة في (قوة احتياط) لمكافحة الهجرية، يكون تعاملها بعيداً عن المواطنين». ويخلص إلى القول «يجب تطهير وزارة الداخلية (بحكومة الوفاق) من الميليشيات، والاكتفاء بالاعتماد على الشرطي المتدرب خريج كلية الشرطة فقط».
جدير بالإشارة، أن رئيس «المجلس الرئاسي» فائز السراج - بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي - حل «المجلس العسكري بصبراتة»، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وأمر أن تؤول كل الوثائق التي بحوزته إلى غرفة عمليات محاربة تنظيم داعش في صبراتة. ورأى الجيش الوطني أن الأسلحة والذخائر المنتشرة في البلاد ليست في يد القبائل والعشائر، وإنما يحوزها الخارجون عن القانون و«الميليشيات المتواجدة بالمنطقة الغربية، وبخاصة في مصراتة وطرابلس». وقال إنه تمكن من تقليل وجود الأسلحة خارج المعسكرات بشكل كبير، وأن هناك توجهاً عاماً للتعامل مع تلك النوعية إمّا بالشراء أو القضاء، داعياً إلى سنّ مجلس النواب قانوناً يحرّم حمل السلاح خارج المؤسسات الشرعية للدولة.
ولكن حكومة السراج التي تمارس أعمالها منذ سنتين في العاصمة لم تحرز أي تقدم في هذا المجال، باستثناء تحذيرات أطلقتها وزارة الداخلية، نهاية الأسبوع الماضي، من أن «انتشار السلاح في البلاد يهدد بإراقة المزيد من الدماء، ويمتد هذا التهديد على الصعيدين الإقليمي والدولي، في ظل تنامي العناصر الإرهابية العابرة للحدود». وقالت الحكومة إن «الرصاص العشوائي لا يزال يسقط مزيد الضحايا في البلاد، على الرغم من التحذيرات المتكررة منها، بالإضافة إلى الحملات التوعوية، حيث تحولت كثير من المناسبات الاجتماعية إلى أحزان، نتيجة الاستعمال الخاطئ لهذه الأسلحة الفتاكة». وهو ما دعا عبد المنعم الحر، الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا، إلى المطالبة «بالإبقاء على السلاح الثقيل والمتوسط داخل المعسكرات الرسمية للجيش، والعمل على تقنين الخفيف منها بالتراخيص وضبط العمل بها من خلال القانون».
أيضاً اكتفت الحكومة بالقول «إن أصوات كثيرة نادت بجمع السلاح، وإعادته للدولة والاتجاه نحو التنمية والإعمار، ودعوة المواطنين كافة لتسليم أسلحتهم، والانخراط في بناء الوطن والنهوض به، وهذا لا يتأتى إلا بالعمل على توفير فرص عمل للشباب، ووضع سياسات تنموية ترعى هذه الشريحة المهمة والاهتمام بها، وتوجيههم نحو العلم والمعرفة». لكن عبد الرحمن الشاطر، العضو في المجلس الأعلى للدولة، يرى أن الموضوع أكبر وأعقد من أن تقوم به دولة واحدة... مضيفاً «الموضوع ليس جمع قمامة يُوكل لشركة، وعليه فإن جمع السلاح يعد أولوية الأوليات التي يطالب بها الشعب الليبي». وتابع الشاطر لـ«الشرق الأوسط» معلقاً «هذا إجراء لم يحظ بالاهتمام الفعلي طيلة سنوات ما بعد انتصار انتفاضة فبراير، لكنه يمثل تحدياً كبيراً للسلطتين التشريعية والتنفيذية، وأعتقد أنها لن تكون قادرة على تنفيذ جمع السلاح المنتشر بشكل مرعب لأنها لا تملك لا القدرة ولا الكفاءة ولا الخبرة ولا الوسائل اللازمة».
وأشار الشاطر إلى أن مجلس الأمن هو «صاحب الاختصاص، وهو من يملك تشكيل فرق فنية، ومن يملك معاقبة من لا يمتثل لتسليم سلاحه، فمافيا السلاح التي دأبت على شرائه طيلة السنوات الماضية لا يردعها رادع. وتقرير الخبراء التابع لمجلس الأمن رصد هذه الانتهاكات حتى على مستوى دول». وانتهي الشاطر إلى القول إن «الانفلات الأمني نتيجة متوقعة لانتشار السلاح خارج سلطة الدولة، وقد جرّ المجتمع الليبي إلى ما يعانيه من فرقة وانقسام وعدم القدرة على إنتاج موقف موحد يجمع شتات البلاد ويدفع إلى تحقيق استقرار، وبالتالي فلا حرج في الاستعانة بالتجارب التي خاضتها الأمم المتحدة في دول أخرى عانت ما تعانيه ليبيا... وأرى ضرورة تكليف البعثة الأممية بهذه المهمة والتعاون معها بشكل مطلق».