«التيار الوطني الحر» خارج التحالفات ليكون «كتلة الوسط»

قيادي سابق: الإشكالية أنه يمارس المعارضة وهو على رأس السلطة

TT

«التيار الوطني الحر» خارج التحالفات ليكون «كتلة الوسط»

لا يرى «التيار الوطني الحر»، الذي يرأسه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، في سقوط معظم تحالفاته السياسية، أي إشكالية يتوجب التعامل معها، بل بالعكس يعتبر أنه كلما نجح بالتموضع في الوسط كلما اقترب من تحقيق أهدافه ورؤيته السياسية الإصلاحية.
وترنحت في الآونة الأخيرة معظم تحالفات «التيار» السياسية، حتى إن بعضها سقط مؤخراً، وأبرزها تحالفه مع «القوات اللبنانية» بعد قرار باسيل تعليق العمل بـ«اتفاق معراب»، لاعتباره أن رئيس «القوات» سمير جعجع لا يلتزم حقيقة بدعم العهد. ويواجه حالياً تفاهمه السياسي مع تيار «المستقبل»، الذي قام على أساس التسوية الرئاسية التي أوصلت العماد ميشال عون إلى سدة رئاسة الجمهورية، تحديات كبرى في ظل الخلاف على الصلاحيات والحصص في عملية تشكيل الحكومة.
أما تحالفه مع «حزب الله»، والقائم على أساس ورقة تفاهم وقعت في العام 2006، فيمر كل فترة بامتحان جديد، وقد رفعت كتلة الحزب النيابية مؤخراً الصوت بوجه وزير الطاقة على خلفية أزمة الكهرباء المستمرة. وانفجر خلاف «التيار» المستحكم مع الحزب «التقدمي الاشتراكي» على خلفية قيام وزراء الحزبين بإقالة موظفين تبعاً لانتماءاتهم السياسية. أما الخلاف مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي كاد يتحول لمواجهات في الشارع قبل فترة، فتم استيعابه بالحدود الدنيا، إلا أن «أمل» و«الوطني الحر» يبقيان ألد الأخصام في السياسة.
ولعل العلاقة مع تيار «المردة»، الذي يرأسه النائب سليمان فرنجية، هي الأسوأ حالياً، وإن كان جمهور الفريقين آثر في الأشهر القليلة الماضية الالتزام بنوع من التهدئة غير المعلنة.
ولا يعتبر أحد النواب في «التيار» أن كل ما سبق يؤشر إلى أزمة يتوجب معالجتها، بل بالعكس يرى أن وضع علاقاته السياسية «ممتاز»، متسائلاً: «هل المطلوب أن يذوب الفريق السياسي في الآخر كي يكون الوضع صحياً وطبيعياً؟». ويؤكد المصدر النيابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «التيار» حالياً خارج أي اصطفاف سياسي ويسعى ليكون كتلة «الوسط» التي تحافظ على التوازنات، قائلاً: «موقفنا حالياً مؤثر فإذا تفاهمنا مع فريق معين على ملف محدد أمَّنا الأكثرية والغلبة المطلوبة لتمريره».
ويرى المصدر أن «لا فريق على الساحة اللبنانية يمتلك شبكة العلاقات الواسعة مع الفرقاء كافة التي يمتلكها (التيار الوطني الحر)»، لافتاً إلى أن لا حليف له بكل الملفات ولا خصم دائم له، «فنحن نتفق مثلاً مع الرئيس الحريري حالياً على السياسة الاقتصادية، ونختلف معه على بعض الخيارات السياسية، فيما نتفق مع الحزب على هذه الخيارات ونختلف على ملفات أخرى». ويضيف: «نحن قد نكون أشبه بـ(بيضة القبان) كما كان وليد جنبلاط في فترة سابقة، فمواقفنا واضحة تماماً في كل الملفات، سواء ملف النازحين أو الملف الاقتصادي، أو سياستنا الخارجية القائمة على تأمين المصلحة اللبنانية العليا، وبالتالي فإما نتلاقى مع فريق معين على وجهة نظر واحدة من هذه الملفات، أو مختلف معه، وهذا جوهر النظام السياسي الديمقراطي».
وإذا كانت القيادة العونية تعتبر تموضعها السياسي الحالي يخدم رؤيتها وأهدافها، يرى القيادي العوني السابق أنطوان نصر الله أن «الإشكالية الأساسية في أداء القيادة العونية حالياً تكمن في أنه يمارس المعارضة وهو على رأس السلطة باعتبارها صاحب أكبر كتلة نيابية ووزارية»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «التيار يتصرف وكأنه لا يزال في الرابية علماً بأنه بات في قصر بعبدا». ويضيف نصر الله: «الخلافات السياسية مع الفرقاء طالت حتى من ساهموا في إيصال الرئيس عون إلى سدة الرئاسة، لأن رئيس التيار يتعاطى معهم وكأنه هو من يسلفهم وكأن الكل فاسدون، علماً بأنه لا يتوانى في الجلوس والتفاهم معهم حين تقتضي مصلحته ذلك».
ويشير نصر الله إلى أن «الوطني الحر» و«المستقبل» كانا يعولان على الفوز بـ65 نائباً في الانتخابات النيابية الماضية فيشكلان حكومة أكثرية، «لكن وبعد فشلهما في تحقيق ذلك أصبح كل فريق يسعى لرفع سقف مطالبه ما جعلنا في واقع سياسي مأزوم». ويضيف: «كما أن هناك من فتح معركة رئاسة الجمهورية باكراً جداً ما أدى إلى نوع من الصدمة حتى في صفوف من هم قريبين من جو (التيار الوطني الحر)».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.