فلننشد المساعدة في الأزمة المالية المقبلة

فلننشد المساعدة في الأزمة المالية المقبلة
TT

فلننشد المساعدة في الأزمة المالية المقبلة

فلننشد المساعدة في الأزمة المالية المقبلة

بعد مرور عقد على الأزمة المالية العالمية الأخيرة، كان من الواضح أن صناع السياسات الذين نجحوا في تفادي الركود الكبير الثاني لم يرتقوا إلى مستوى إقناع الجماهير بأن ما فعلوه كان هو الشيء الصحيح: كان عليهم إنقاذ البنوك، ثم إنقاذ المزيد من البنوك، ثم إنقاذ المصرفيين في البنوك.
وكانت النيران قد اشتعلت على أيدي أولئك المصرفيين، بعد كل شيء. وكان رد الفعل الذي اتسم بقدر من الإنصاف هو ترك النيران لتحترق عن آخرها. وليس إخماد الحريق بدفعة قوية من أموال دافعي الضرائب. وليس بالتأكيد من أجل السماح لمشعلي الحريق بالاستمتاع بدفء منازلهم الفاخرة في ضاحية هامبتونز الراقية.
هذا، وقد أثارت خطط الإنقاذ المالي المشاعر الشعبوية العدائية المستعرة، على تيارَي اليمين واليسار، مدفوعة بقيادة أولئك المشككين ليس فقط في إجراءات المسؤولين في بنك الاحتياطي الفيدرالي ووزارة الخزانة، وإنما في دوافعهم كذلك. وكان وزير الخزانة الحالي، هنري إم بولسون، هو رئيس مجلس إدارة بنك غولدمان ساكس إبان اندلاع الأزمة المالية الأخيرة، بعد كل شيء. وكان بنك الاحتياطي الفيدرالي فرع نيويورك متهما بأنه كان شديد التساهل للغاية مع المؤسسات المالية في وول ستريت.
ومع ذلك، وعلى نطاق واسع، كان ما فعله أولئك الساسة هو الشيء الصحيح.
لدينا افتراضات تؤيد هذه المزاعم. وأحدها هو أوروبا، حيث استغرق صناع السياسات وقتاً أطول حتى قرروا التدخل في الأزمة، وانتهى الأمر بهم إلى سن المزيد من التدابير العقابية ضد البنوك الأوروبية. ومن ثم رجع الأمر عليهم بنتائج اقتصادية شديدة السوء.
ولدينا افتراضا كذلك هنا في الولايات المتحدة: بنك ليمان براذرز، الذي فشل قبل عشر سنوات.
أصر صناع السياسات الاقتصادية في ذلك الوقت أنهم لم يكونوا يرغبون في سقوط بنك ليمان براذرز. ولم يكونوا يحاولون تلقين كبار المصرفيين السيئين درساً. بدلاً من ذلك، كما يقولون، لم يسمح القانون لهم بعرض خطة لإنقاذ البنك.
ورغم ذلك، كان الساسة والنقاد يهتفون، على حد سواء، بإفلاس بنك ليمان براذرز كأحد الخيارات المقصودة آنذاك.
وكان ذلك أقرب ما استطعنا الوصول إليه من عدالة العهد القديم التي أرادها الجمهور، استخدام المصطلح الذي غالباً ما استند إليه رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي فرع نيويورك السابق ووزير الخزانة في عهد باراك أوباما، تيموثي غيثنر. وهو الاصطلاح الغالب أيضاً عندما وصلت الأمور إلى الحضيض وبدأت عملية انهيار البنك. وتبع ذلك عمليات غير مسبوقة من الإنقاذ المالي وغيرها من الإجراءات غير الاعتيادية.
وكما أوضح صناع السياسات الأمر، كانت هناك ثلاث عقبات رئيسية أمام إقناع الجماهير بأن مثل هذه الإجراءات المقيتة كانت على ما يبدو ضرورية للغاية.
أولاً، لقد طغت عليهم إحدى الأولويات الوجودية القوية: إصلاح النظام المالي والحد قدر المستطاع من الأضرار التي لحقت بباقي قطاعات الاقتصاد الحقيقي – بما في ذلك قطاع الإسكان والوظائف. وقالت ميشيل ديفيز، مساعدة السيد بولسون للشؤون العامة ومديرة التخطيط السياسي، «عندما تحاول إخماد الحريق، لا يكون لديك متسع من الوقت لشرح كيفية عمل طفاية الحريق للآخرين».
ثانياً، النظام المالي شديد التعقيد وعصي على الفهم. ولقد كان كذلك بالفعل في واقع الأمر، ولو على نحو جزئي يتعلق بالتعقيد المتنامي للنظام الذي بلغ بنا حالة الفوضى العارمة في المقام الأول.
ثالثاً، لا يمكن لأي قدر من الخطاب المنمق أن يقنع الجماهير بدعم وإسناد السياسة التي تبدو عدائية ومسيئة.
وقال السيد غيثنر، «إن جوهر المشكلة السياسية ومشكلة التواصل هو الصراع العميق، لأي إنسان عادي، بين ما يستلزمه الأمر لكسر حالة الذعر والحماية من الركود الكبير، وبين ما يراه الناس أخلاقياً ومنصفاً في الوقت الراهن. وليس هذا بالأمر القابل للتوفيق. ولا يمكن حله بالفصاحة والكلمات المختارة بعناية».
وتقول السيدة ديفيز، «نحتاج إلى أن نتسم بأكبر قدر ممكن من الوضوح بأن الفوز بتأييد الرأي العالم لا ينبغي أن يتحول إلى مقياس دائم للنجاح؛ وذلك لأنك تعرض نفسك مباشرة للفشل والإخفاق».
وإنني لا أتفق مع ذلك. إن الأولوية المهمة على المدى القصير هي تفادي وقوع الكارثة الكبرى. لكن الرأي العام مهم بصورة قاطعة على المدى البعيد، حيث يتصرف الناخبون انطلاقاً من شعورهم بالغضب والسخط. وإن كان تأمين تأييد الرأي العام أمراً ميئوساً منه فعلاً في أي مساحة زمنية كانت، فما الذي يسوف يحدث في المرة القادمة عند وقوع الأزمة؟
منذ فشل بنك ليمان براذرز المرة الماضية، زادت حدة انعدام الثقة لدى الجمهور حيال خطط الإنقاذ المالي. وهناك سبب واحد وجيه جداً على الأقل لهذا الأمر، وهو لا علاقة له بمهارات التخاطب الشخصية لأي أحد: لم يُحمل المدعون الفيدراليون أي أحد من كبار المسؤولين في وول ستريت مسؤولية الأزمة المالية الأخيرة على الإطلاق.
وفي الأثناء ذاتها، أصبح نظامنا السياسي أكثر عجزاً واختلالاً، وصارت الخبرات الفنية في القطاع التنفيذي المالي أكثر خواء والقيادات السياسية أكثر قسوة وجبناً. وإنني أشكك كثيراً في إمكانية الاعتماد الفاعل على الرئيس دونالد ترمب والكونغرس الأميركي الحالي للقيام بما يجب فعله في حالة اندلاع الذعر المالي، إذا كانت الإجراءات الضرورية لا تحظى بالقدر الكافي من الشعبية والتأييد.
ومن أحد الأسباب التي تدل على ذلك، كما يقول السيد غيثنر، هو أنه ينبغي علينا تفويض السلطة بشكل أكبر للتكنوقراط لاتخاذ ما يلزم من إجراءات في الأزمة، حتى يتم تمرير أقل عدد ممكن من القرارات الطارئة عبر المستويات السياسية. وبالنسبة للاستعارات، فهو يشير إلى كل من بنك الاحتياطي الفيدرالي (نحن نفصل بين السياسة النقدية وبين السياسة العامة، فلماذا لا نكرر الأمر نفسه هنا أيضاً؟) والمؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع (والتي تحاول إنقاذ البنوك، في مقابل الرسوم واللوائح الصارمة، فلماذا لا يكون هناك نظام مشابه للمؤسسات غير المصرفية؟). ولكن، وبكل أسف، فإن قانون دود - فرانك، في حين أنه يشدد على بعض القواعد، فإنه قد فعل العكس تماماً: حيث استخدم أدوات شديدة الحيوية لإطفاء الحريق بعيداً عن بنك الاحتياطي الفيدرالي، وعن المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع، وعن وزارة الخزانة كذلك.
لذا؛ فلتساعدنا السماء في الأزمة المالية المقبلة، حيث تواصل النيران الاحتراق. ويمكننا حينئذ أن نشرح لما تبقى من الرماد لماذا قررنا أن المياه ليست بالحل الناجع في إطفاء النيران!
- خدمة «واشنطن بوست»



«منشآت» السعودية ترصد زيادة عدد السجلات التجارية إلى 67 %

مبنى الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (الشرق الأوسط)
مبنى الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (الشرق الأوسط)
TT

«منشآت» السعودية ترصد زيادة عدد السجلات التجارية إلى 67 %

مبنى الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (الشرق الأوسط)
مبنى الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (الشرق الأوسط)

بلغ عدد السجلات التجارية في السعودية 1.6 مليون سجل، في الربع الأخير من العام الماضي، بزيادة نسبتها 67 في المائة على أساس ربع سنوي.

وفق تقرير مرصد المنشآت الصغيرة والمتوسطة في السعودية للربع الأخير من 2024، الذي أصدرته الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة «منشآت»، تَركَّز معظمها في العاصمة الرياض بنسبة 39 في المائة، تليها منطقة مكة المكرمة بنسبة 17 في المائة، ومنطقة الشرقية بنسبة 16 في المائة، ثم منطقة القصيم بنسبة 6 في المائة، ومنطقة عسير بنسبة 5 في المائة، بينما جرى توزيع بقية السجلات التجارية على بقية المناطق بنسبة 17 في المائة.

ووفقاً لوكالة الأنباء السعودية «واس»، تُركز النسخة الحالية من التقرير على الاستدامة وأبرز الاتجاهات التي تتبناها المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والاقتصاد الدائري والطاقة المتجددة، وإعادة التشجير، والمشاريع البيئية الكبرى، وتطوير السياحة البيئية، واعتماد السيارات الكهربائية، إلى جانب التعاون مع المبادرات الحكومية، والمساهمة في تقارير الاستدامة.

واستهلَّ التقرير بكلمةٍ افتتاحية لوكيل الوزارة للسياسات والتخطيط الاقتصادي بوزارة الاقتصاد والتخطيط، راكان آل الشيخ، أشار فيها إلى برنامج «رواد الاستدامة» الذي أطلقته الوزارة، بهدف تعزيز تبادل المعرفة وأفضل الممارسات بين الشركات الكبرى والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، بما يضمن استفادة المشاريع الصغيرة من خبرات الشركات الرائدة في مجال الاستدامة، مؤكداً أهمية تمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة من الاستفادة من الفرص الواعدة بمجال الطاقة المتجددة، وحلول التقنية الخضراء، ومبادرات الاقتصاد الدائري.

وسلّط التقرير الضوء على رؤى الخبراء وقصص النجاح في مجال الاستدامة، بما في ذلك مقابلات مع المسؤولين في عدد من الشركات، وغيرهم من الخبراء والمختصين في مجال ريادة الأعمال.

ويشير التقرير إلى أرقام المستفيدين حتى نهاية الربع الأخير من عام 2024، من البرامج والخدمات التي تقدمها «منشآت»، تجسّدت في استفادة أكثر من 51 ألفاً من أكاديمية منشآت، ونحو 41 ألف منشأة صغيرة ومتوسطة من مراكز الدعم، التابعة للهيئة، وما يقارب 6.1 ألف مستفيد من منصة «مزايا»، في حين تأهلت 2100 منشأة صغيرة ومتوسطة للحصول على خدمة «جدير»، و4258 مستفيداً من مراكز الابتكار، وإدراج 205 علامات تجارية على منصة «مركز الامتياز التجاري»، التابعة للهيئة.

يُذكر أن تقرير مرصد المنشآت الصغيرة والمتوسطة يأتي ضمن سلسلة تقارير ربعية تصدرها «منشآت»، تستعرض خلالها أحدث مستجدّات بيئة ريادة الأعمال وآخر الأرقام والإحصائيات، إلى جانب سلسلة تقارير متخصصة تصدرها «منشآت» دورياً حول مواضيع تهمُّ رواد الأعمال في المملكة؛ وذلك بهدف توفير مرجع موثوق للمعلومات والأرقام أمام رواد الأعمال والمستثمرين والمهتمين.