بارزاني متمسك بسياساته أياً تكن التغييرات في المنطقة

شدد على ضرورة بقاء العلاقات مع بغداد في أفضل حالاتها

زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني.
زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني.
TT

بارزاني متمسك بسياساته أياً تكن التغييرات في المنطقة

زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني.
زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني.

أكد زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، الأهداف الاستراتيجية لحزبه، مشدداً على أنه لن يحيد عنها ولن يغير من سياساته تبعاً للتغيرات في المنطقة.
وفي خطاب ألقاه، أمس، أمام حشد من مؤيدي الحزب في أربيل، في إطار حملته الانتخابية، تعهد بارزاني بأن يحقق «الديمقراطي الكردستاني» فوزاً باهراَ في الانتخابات التشريعية المقررة نهاية الشهر الحالي، لتتشكل بذلك حكومة قوية في الإقليم، تكون قادرة على إحداث الإصلاحات الجذرية في مجمل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والإدارية هناك.
وقال الزعيم الكردي: «كنا وما زلنا مقتنعين، بأن علاقاتنا مع الدولة العراقية ينبغي أن تكون في أفضل حالاتها، ما دمنا ضمن هذه الدولة، وقد كان السلام والحوار هو خيارنا، وأكدنا في حملتنا الخاصة بالاستفتاء على مصير الإقليم، بأننا نرغب في حل المشكلات العالقة بيننا بالحوار، وأن نشرع في ذلك بعد الاستفتاء، لكنهم أغلقوا للأسف أبواب الحوار وظلموا شعبنا، والآن يبدون الندم».
وأوضح بارزاني أن الجهات الحاكمة في بغداد، سعت إلى نقل مشكلاتها مع الإقليم إلى أوساط الشعب، لجعلها صراعاً بين القوميات، لكن نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة في العراق، أظهرت أن «العراقيين لا يريدون ذلك، ولم يصدقوا تلك السياسة المضللة، لذلك عاقبوا بأصواتهم كل الوجوه التي آذت شعب كردستان»، على حد تعبيره.
وزاد: «شعبنا قال كلمته في الاستفتاء، وأوضح للعالم رغبته، ولم يرتكب جريمة كي يعاقَب بذلك الأسلوب، لكن إرادة شعبنا ظلت قائمة وترسخت على الأرض».
وفي ما يتعلق بجهود تشكيل الحكومة العراقية المنتخبة، قال بارزاني إن «غالبية القوى العراقية تفضل تشكيل مجلس أعلى للسياسات الاستراتيجية في البلاد، يضم القوى والأحزاب الكردية أيضاً، تكون مهمته صنع القرارات الاستراتيجية، ونحن نؤيد هذه الفكرة، لأن المجلس المذكور سيكون بمثابة ضمانة لحفظ حقوق جميع المكونات العراقية، ومنع الانفراد بالقرارات». وأردف يقول: «ينبغي تشكيل الحكومة الجديدة في العراق على ثلاثة أسس: الشراكة الحقيقية في صنع القرارات والتي يمكن ضمانها عبر تشكيل المجلس الأعلى للسياسات الاستراتيجية، والالتزام بمبدأ التوافق في تشريع القوانين، وتحقيق التوازن في جميع مؤسسات الدولة».
تزامنت تصريحات بارزاني مع نتائج بعض استطلاعات الرأي التي أجرتها منظمات مدنية في الإقليم، أظهرت أن الحزب الديمقراطي الكردستاني، يمكن أن يحصل على أكثر من أربعين مقعداً من أصل مائة مقعد هي مجموع مقاعد البرلمان في الإقليم، ما عدا 11 مقعداً مخصصاً لكوتة الأقليات، يليه حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بنحو عشرين مقعداً ثم حركة التغيير وحراك الجيل الجديد بعشرة مقاعد لكل منهما.
في المقابل، انسحب بعض القوى السياسية غير الكردية من المنافسة الانتخابية، مثل حزب «أبناء النهرين» المسيحي، اعتراضاً على عدم تعديل قانون الانتخابات في الإقليم. وقال سرود مقدسي القيادي والنائب عن الحزب في البرلمان الحالي، إن «سبب انسحابنا من المشاركة في انتخابات الإقليم، هو قانون الانتخابات الحالي الذي طالبنا رئاسة البرلمان مراراً بتعديله ولكن دون جدوى».
وأضاف مقدسي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «القانون الحالي، يسمح لبقية الأحزاب الكردية بترشيح ممثلين عنها للمنافسة على مقاعد الكوتة المخصصة للأقليات، وتعمل تلك الأحزاب على ضمان أصوات الناخبين اللازمة للفوز بتلك المقاعد التي تذهب إليها في نهاية المطاف، تحت عنوان كوتة الأقليات، ما يعني مسبقاً أن مشاركتنا في الانتخابات مثل عدمها».
من جهة أخرى، أعلن 12 مرشحاً عن حزب (تحالف الديمقراطية والعدالة) الذي تركه زعيمه برهم صالح عائداً إلى صفوف حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي انشقّ عنه قبل نحو عام، إنهاء مقاطعتهم للانتخابات، وقرروا المشاركة فيها بصفة مستقلة رغم انقضاء أكثر من نصف الفترة المخصصة لحملة الدعاية الانتخابية، مؤكدين في بيان لهم العزم على ممارسة حقهم الانتخابي، في وقت يستعد قياديو الحزب لعقد اجتماع موسع لانتخاب زعيم جديد خلفاً لبرهم صالح.



القمع الحوثي يزداد ضراوة بالتوازي مع تصاعد الحملة الأميركية

زعيم الحوثيين يحشد أسبوعياً أتباعه في مسعى لاستعراض التأييد لتصعيد الجماعة العسكري (أ.ب)
زعيم الحوثيين يحشد أسبوعياً أتباعه في مسعى لاستعراض التأييد لتصعيد الجماعة العسكري (أ.ب)
TT

القمع الحوثي يزداد ضراوة بالتوازي مع تصاعد الحملة الأميركية

زعيم الحوثيين يحشد أسبوعياً أتباعه في مسعى لاستعراض التأييد لتصعيد الجماعة العسكري (أ.ب)
زعيم الحوثيين يحشد أسبوعياً أتباعه في مسعى لاستعراض التأييد لتصعيد الجماعة العسكري (أ.ب)

فيما اعترف زعيم الجماعة الحوثية في اليمن بتلقي 1200 غارة جوية وقصف بحري خلال 6 أسابيع من الحملة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، كثفت الجماعة من أعمال القمع ضد السكان بتهم التخابر مع واشنطن لا سيما في صنعاء وصعدة والحديدة، وفق ما وثقته تقارير حقوقية يمنية.

وفي حين اعترف مسؤولون أميركيون بإسقاط الجماعة سبع مسيّرات خلال ستة أسابيع تبلغ قيمتها نحو 200 مليون دولار، تواصلت الحملة الجوية في ختام أسبوعها السادس مستهدفة مواقع مفترضة للجماعة المدعومة من إيران في صنعاء وعمران والحديدة ومأرب.

وكان ترمب أمر ببدء حملة ضد الحوثيين المدعومين من إيران في 15 مارس (آذار) وتوعدهم بـ«القوة المميتة» في سياق سعيه لإرغامهم على التوقف عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، والكف عن مهاجمة إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

وبحسب إعلام الجماعة، استهدفت الضربات ليل الخميس - فجر الجمعة، محافظات الحديدة وصنعاء ومأرب وعمران، دون التطرق إلى حجم الخسائر العسكرية، على مستوى العتاد والعناصر، ضمن سياسة التعتيم التي تنتهجها الجماعة للحفاظ على معنويات أتباعها.

مقاتلة تقلع من حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)

وذكر الإعلام الحوثي أن سلسلة غارات لم يذكر عددها ضربت جزيرة كمران، في حين استهدفت غارة واحدة مديرية الصليف التابعة لمحافظة الحديدة.

كما استهدفت غارتان مديرية بني حشيش شرقي صنعاء وغارات أخرى مواقع في مديريتي مناخة والحميمة الداخلية في الريف الغربي صنعاء؛ إذ يعتقد أنها دمرت شبكات اتصال وغرف قيادة وسيطرة ومستودعات أسلحة.

وامتدت الضربات إلى مديرية حرف سفيان في محافظة عمران (شمال صنعاء) وصولاً إلى اعتراف الجماعة بتلقي أربع غارات في مديرية مدغل شمالي غرب مأرب، حيث يرجح أنها استهدفت ثكنات وقدرات عسكرية.

1200 ضربة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، أقر بتلقي 1200 غارة جوية وقصف بحري، زاعماً أنها لم تؤثر على قدرات جماعته العسكرية.

وتدعي الجماعة أنها مستعدة لمواجهة «طويلة الأمد» مع واشنطن، فيما يرجح مراقبون يمنيون أنها تعرضت لخسائر كبيرة على صعيد العتاد والعناصر خلال الأسابيع الستة الماضية، بما في ذلك خطوطها الأمامية مع القوات الحكومية في مأرب والحديدة والجوف.

دخان يتصاعد في صنعاء إثر ضربة أميركية على موقع مفترض للحوثيين (إ.ب.أ)

وكانت أشد الضربات قسوة هي التي دمرت قبل أكثر من أسبوع ميناء رأس عيسى النفطي شمال الحديدة، ضمن سعي واشنطن لتجفيف موارد الجماعة من استيراد الوقود وبيعه في مناطق سيطرتها.

وتحدث الحوثيون عن مقتل أكثر من 215 شخصاً وإصابة أكثر من 400 آخرين من المدنيين منذ منتصف مارس الماضي، وزعم القطاع الصحي التابع لهم أن من بين القتلى نساء وأطفالاً، فيما لم يتم التحقق من هذه المعلومات من مصادر مستقلة.

وكانت الجماعة تلقت نحو ألف غارة وضربة جوية في عهد الرئيس جو بايدن بين 12 يناير (كانون الثاني) 2024، و20 يناير 2025، قبل أن تتوقف على إثر هدنة غزة المنهارة بين إسرائيل وحركة «حماس».

وفي حين تصدر الجماعة بيانات شبه يومية تزعم فيها مهاجمة القوات الأميركية في البحر الأحمر والبحر العربي، أطلقت 14 صاروخاً باليستياً باتجاه إسرائيل منذ 17 مارس الماضي، دون التسبب في أي إصابات مؤثرة، إلى جانب تبني إطلاق عدد المسيرات خلال المدة نفسها.

مسيرة أميركية ادعى الحوثيون إسقاطها العام الماضي (إعلام حوثي)

وإلى ذلك، أسقط الحوثيون سبع طائرات مسيّرة أميركية من طراز «ريبر»، بقيمة تتجاوز 200 مليون دولار، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس» عن مسؤولين عسكريين أميركيين، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم.

وأشار المسؤولون إلى أن ثلاثاً من هذه الطائرات تم إسقاطها خلال أسبوع واحد، في تطور لافت لقدرات الحوثيين في التعامل مع المسيرات، التي كانت تنفذ طلعات هجومية ومهام مراقبة فوق الأراضي اليمنية.

تصاعد الانتهاكات

في ظل تصاعد الحملة الأميركية، كثفت الجماعة من أعمال القمع ضد المدنيين في مناطق سيطرتها بتهمة العمل لصالح الجيش الأميركي.

وبحسب تقرير للشبكة اليمنية للحقوق والحريات، داهمت الجماعة 532 منزلاً ومحلاً تجارياً في محافظات صعدة، وصنعاء، والحديدة، وإب، وذمار، واعتقلت واختطفت نحو 212 شخصاً خلال 20 يوماً.

عنصر حوثي خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وأوضحت الشبكة الحقوقية أنه منذ مطلع أبريل (نيسان) وحتى العشرين من الشهر ذاته، شن الحوثيون حملة مداهمات واسعة طالت منازل المواطنين والبسطات والمحلات التجارية في عدد من المحافظات اليمنية بتهم التخابر وإرسال إحداثيات مواقعها للجيش الأميركي.

وأكدت الشبكة تلقي بلاغات من مناطق سيطرة الحوثيين، أفادت بمصادرة الأجهزة التي تصدر إشارات، وبحظر استخدام بعض التطبيقات الذكية، وسحب كاميرات المراقبة من الشوارع، إضافة إلى العودة لاستخدام أجهزة اتصالات قديمة حصلت عليها الجماعة من إيران عام 2014، وذلك خوفاً من تكرار سيناريو «البيجر» في لبنان.

وكثفت الجماعة - بحسب التقرير - من مراقبة الاتصالات والتجسس على قيادات قبلية وسياسية، بما في ذلك المتحالفة معها، خشية من الانشقاقات أو تسريب المعلومات للخصوم. كما فرضت رقابة مشددة على القيادات المجتمعية، وبدأت باستفزاز قبائل غير موالية، خصوصاً في البيضاء ومحيط صنعاء، بهدف إيجاد ذرائع للهجوم عليها لاحقاً.

الجماعة الحوثية متهمة بشن حملة اعتقالات واسعة بذريعة ملاحقة المتعاونين مع الجيش الأميركي (إ.ب.أ)

واتهم التقرير الحقوقي الحوثيين بنقل عدد من المختطفين والسجناء إلى أماكن تستخدم لتخزين الأسلحة، في محاولة لاستخدامهم دروعاً بشرية، وهي - بحسب الشبكة - «جريمة إنسانية لا تسقط بالتقادم، وتعكس مدى الرعب والارتباك الذي تعيشه الجماعة مع قرب نهاية مشروعها».

وحمّلت الشبكة الحقوقية الحوثيين، المسؤولية القانونية والأخلاقية إزاء ما يتعرض له المختطفون من تعذيب واستخدامهم دروعاً بشرية، داعية إلى اتخاذ إجراءات فورية وجادة لحماية اليمنيين من إرهاب الجماعة.

ويربط الحوثيون توقف هجماتهم بإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وإدخال المساعدات، في حين لا يوجد سقف زمني واضح حتى الآن لنهاية حملة ترمب، وسط تكهنات لا تستبعد دعم واشنطن حملة برية تقودها القوات الحكومية اليمنية لإنهاء نفوذ الجماعة العسكري.