رأت السلطات الإسرائيلية أن مواقف السلطات الروسية المتناقضة إزاء إسرائيل، منذ قيام الجيش السوري بإسقاط الطائرة «إيل - 20» الروسية في أجواء الساحل السوري، خلال غارة إسرائيلية ضد أهداف إيرانية في اللاذقية، فجر الثلاثاء الماضي، يتسم بمحاولة لصنع البلبلة المتعمدة، لكنه في نهاية المطاف لن يمس بقدرات إسرائيل على مواصلة إجراءاتها الحربية ضد مواقع إيرانية في سوريا.
وأشار مصدر سياسي في تل أبيب إلى أن الروس غاضبون بالتأكيد من إسقاط الطائرة، ويضعون قسطاً من المسؤولية على إسرائيل، لكنهم لا يستطيعون إنكار الحقيقة الأساسية وهي أن من ضغط على الزناد وتسبب في المأساة هم أصدقاؤهم السوريون، الذين يحتاجون إلى تدريبات قاسية على انتقاء الهدف الذي يوجهون إليه حمم صواريخهم.
وكانت روسيا قد وافقت على استقبال قائد سلاح الجو الإسرائيلي، عميكام نوركين، في موسكو، لعرض نتائج التحقيق الإسرائيلي حول سقوط طائرة «إيل - 20» الروسية في أجواء الساحل السوري. ووصل نوركين، أمس (الخميس)، إلى موسكو، يرافقه كل من رئيس قسم العلاقات الخارجية في الجيش الإسرائيلي العميد إيرز مايسيل، وضباط آخرون من شعبة الاستخبارات والقوات الجوية والعمليات. واجتمع فوراً مع المسؤولين الروس. وقد اعتبر الإسرائيليون هذه الموافقة دليلاً على رغبة موسكو في إنهاء هذا الملف. ولكن عندما كان نوركين في طريقه إلى موسكو، أصدرت السفارة الروسية في تل أبيب بياناً حاداً قالت فيه إن «موسكو تنظر إلى عمليات إسرائيل في سوريا على أنها تصرفات غير مسؤولة وغير ودية». وأضافت: «موسكو تعتبر غارات سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا غير مسؤولة، وعليه فإن روسيا ستقوم باتخاذ كل الخطوات والإجراءات اللازمة من أجل إبعاد ومواجهة أي تهديدات تستهدف قواتها التي تحارب التنظيمات المسلحة في سوريا».
وعندما حطّت طائرة نوركين في مطار موسكو، أصدرت الخارجية الروسية بياناً آخر، قالت فيه إن على إسرائيل أن تواصل التحقيق في تلك الحادثة. ورأى المسؤولون الإسرائيليون في هذا الموقف إشارة إلى أن موسكو معنية بإبقاء لهيب غضبها مشتعلاً، حتى لا تطمئن إسرائيل وتقْدم على غارات جديدة، في الوقت الحاضر على الأقل. وقال الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، عاموس يدلين، وهو نفسه طيار حربي سابق، إن «هنالك أزمة جدية جداً من جراء هذه الحادثة بين إسرائيل وروسيا. والأحاديث الروسية عن مسؤولية إسرائيل هي أحاديث خطيرة. ولكن الرد الإسرائيلي أيضاً كان صحيحاً ومسؤولاً. فقد اعتذرت على ألسنة كبار المسؤولين، من رئيس الحكومة إلى وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش، وتكلم بنيامين نتنياهو مع الرئيس فلاديمير بوتين وتم إرسال قائد سلاح الطيران إلى موسكو وتم نشر نتائج التحقيق الأولية للجيش الإسرائيلي، وكلها إجراءات تدل على موقف مسؤول يبث رسائل إيجابية نحو موسكو».
ولكن يدلين أضاف أن «روسيا نفسها بدأت أيضاً تُجري تحقيقاتها، وهي تدرك أنه من الناحية المهنية تقع المسؤولية في نهاية المطاف على من يضغط على الزناد. ومن ضغط على الزناد هم السوريون، حلفاء موسكو. وسيسألون أنفسهم السؤال المهني الأول: هل قمنا بتزويدهم بالصواريخ لكي يطلقوها بهذا الإهمال ويقتلوا أبناءنا؟».
وأصدر الجيش الإسرائيلي، أمس، بياناً ثانياً حول زيارة قائد سلاح الجو إلى موسكو جاء فيه إنه «سيُقدم المعلومات الأولية والنتائج الرئيسية للتحقيقات التي قام بها الجيش بشأن إسقاط الطائرة الروسية في سوريا». وادّعى الجيش الإسرائيلي، أن مخزن الجيش السوري المستهدف، كان يحتوي على منظومات أسلحة دقيقة، كانت في طريقها من إيران إلى «حزب الله». ونشرت شركة «إيميج سات» التجارية، صوراً التُقطت من قمر صناعي، أظهرت دماراً كاملاً فيما اعتبرته إسرائيل مخزناً للأسلحة استهدفته مؤخراً طائراتها في الهجوم على اللاذقية. ونشرت الشركة صوراً للضربة التي نُسبت إلى إسرائيل في بداية الأسبوع، على مطار دمشق. وقالت الشركة إن الضربة استهدفت طائرة «بيونغ 747» لشركة إيرانية، مشيرة إلى أنه «تم تدمير الطائرة كلياً».
من جهته، حاول وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، تفهُّم الغضب الروسي على إسرائيل وقال في حديث مع إذاعة الجيش، أمس: «يمكننا أن نتفهم الروس، بحيث لا يمكن أن تحكم على شخص في لحظة حزنه. لكن من الواضح أن الطائرة الروسية أُسقطت من قبل أشخاص غير مسؤولين في نظام الدفاع الجوي السوري الذي أطلق النار عندما عادت طائرات سلاح الجوي الإسرائيلي إلى البلاد».
وبعد إعرابه عن الأسف على العملية، قال قائد أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت: «تعكس القوة التشغيلية والتكنولوجية للجيش نشاطاً واسعاً في بناء القوة وفي استخدام القوة، والذي يتم بمهنية وحسن تقديريين كبيرين لمنع أعدائنا من الحصول على القدرات المتقدمة التي تهدد دولة إسرائيل. ولهذه الأسباب نشط الجيش مجدداً هذا الأسبوع في الشمال».
وقد أجمع المحللون الإسرائيليون على أن روسيا ستشدد أكثر القيود على الطيران الإسرائيلي في سوريا ولكنها لن تمنعه من تنفيذ غارات لتدمير شحنات الأسلحة الإيرانية عبر سوريا.
قائد سلاح الجو الإسرائيلي يعرض في موسكو «وثائق» تدين دمشق
قائد سلاح الجو الإسرائيلي يعرض في موسكو «وثائق» تدين دمشق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة