بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب
TT

بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب

ضغط الدم وكتلة الجسم
مع ارتفاع نسبة السمنة بين الناس عالميا، حرص الباحثون على تحديد مخاطرها على الصحة العامة، فقاموا بتحديد العلاقة بين مؤشر كتلة الجسم (BMI) وضغط الدم، التي يقولون إنها، إذا كانت سببية، فسيكون لها آثار هامة على الصحة العامة.
وكجزء من الدراسة التي نُشرت في الموقع الإلكتروني الحديث لـ«مجلة الجمعية الأميركية للطب المفتوح JAMA Network Open»، قامت مجموعة من الباحثين من بينهم د. ليندرمان جي سي، ولو جي، ولو واي، وصن إكس، بفحص بيانات لأكثر من مليون وسبعمائة ألف مشارك من الصينيين البالغين (35 - 80 سنة) من الجنسين الذين شاركوا في مشروع «تقويم الصين China PEACE» (التقييم المركزي لمرضى الأحداث القلبية الذي يعرف بمشروع المليون شخص، ويتم فيه إجراء تحليل شامل لأكثر من 22 ألف مجموعة فرعية.
من بين عينة الدراسة، كان متوسط مؤشر كتلة الجسم 24.7، في حين بلغ متوسط ضغط الدم الانقباضي 136.5 ملم زئبق، وكان متوسط ضغط الدم الانبساطي 81.1 ملم زئبق. وقد كان ما مجموعه 36 في المائة من العينة يعانون من زيادة الوزن (مؤشر كتلة الجسم 25 - 29.9)، و6.7 في المائة كانوا يعانون من السمنة obesity (مؤشر كتلة الجسم أكثر من 30).
وقد تمكن القائمون على هذه الدراسة، التي أجريت في الفترة من سبتمبر (أيلول) 2014 حتى يونيو (حزيران) 2017، من تحديد وجود ارتباط خطي إيجابي بين مؤشر كتلة الجسم BMI وضغط الدم في العينة الكلية من مؤشر كتلة الجسم من 18.5 إلى 30. ومن بين المشاركين الذين لم يتناولوا أدوية مضادة لارتفاع ضغط الدم، تراوحت زيادة مقدار ارتفاع ضغط الدم لديهم من 0.8 إلى 1.7 ملم زئبق / (كلغم / متر مربع) لكل وحدة من مؤشر كتلة الجسم، وهذا هو المستوى الأول من ارتفاع ضغط الدم بموجب تصنيف جمعية أمراض القلب الأميركية (AHA). وتؤكد نتائج هذه الدراسة أن الوزن الزائد أو السمنة تعد عاملاً رئيسياً في الإصابة بارتفاع ضغط الدم، وأن الأدوية الخافضة للضغط تعمل على ضبط معدلات ارتفاع ضغط الدم.
وعليه أوصى الباحثون بتناول علاج ضغط الدم لمن لديهم مؤشر كتلة الجسم مرتفع للتحكم بمستوى ضغط الدم، ويمكن لذلك أن يلعب دورا حاسما في التخفيف من تأثر الصحة العامة بزيادة مؤشر كتلة الجسم واستكمالا لتدابير الصحة العامة.

تأثير المكملات على الفحوصات
أصبح اقتناء المكملات الغذائية سواء كانت أدوية لا وصفية (تصرف دون وصفة طبية) أو مواد غذائية، ظاهرةً تجتاح دول العالم دون تفريق. وخلافا لما قد يكون لبعضها من آثار سلبية عند الإفراط في استخدامها أو للجهل بالطريقة الصحيحة للاستخدام، فلقد ثبت أن لبعضها تأثيرا على نتائج الفحوصات المخبرية. وقد لا يتم الإفصاح عن استخدام مثل هذه المواد عند إجراء الفحوصات، إما لتقصير من الطبيب عن سؤال المريض عنها أو لإنكار المريض استخدامها.
ولتحري الأسباب وراء عدم معرفة الطبيب المعالج باستخدام مريضه للمكملات ومعرفة مدى علم المرضى بهذه المعلومة الطبية المهمة، أجريت دراسة استقصائية جديدة نشرت في الموقع الطبي يونيفاديس في 15 أغسطس (آب) 2018، حيث قامت مجموعة من الباحثين بإجراء تلك الدراسة الاستقصائية وعمل مسح، شمل عدد 3600 مريض من 18 دولة في أوروبا حول استخدامهم لمختلف منتجات الأدوية والمكملات التي تصرف عادة دون وصفة طبية.
أظهرت النتائج التي نشرت في مدونة الكيمياء السريرية وطب المختبرات (Clin Chem Lab Med.) في عدد 28 يوليو (تموز) 2018، أن ما مجموعه 68 في المائة من المرضى يتناولون على الأقل، وبانتظام، عقاراً أو مكملاً غذائياً خارج الاستشارة الطبية وأن النساء اللواتي يتناولن عقاقير أو مكملات غذائية دون وصفة طبية كن أكثر من الرجال.
ووجد أيضا أن 70 في المائة من المرضى الذين يتناولون تلك الأدوية دون وصفة طبية يوافقون على أنه من المهم إبلاغ طبيبهم بأنهم يتناولون عقاراً أو تكملة طبية، وأن 49 في المائة أشاروا إلى أن طبيبهم لم يكن على علم بذلك. كانت النساء على الأرجح أكثر إخطاراً لطبيبهن حول استخدام كثير من العقاقير والمكملات الغذائية التي لا تتطلب وصفات طبية أكثر من الرجال.
أوصى الباحثون في هذه الدراسة أن على الأطباء، الذين يأمرون بإجراء اختبارات مختبرية، أن يكونوا أكثر تفاعلاً مع المرضى من خلال طرح أسئلة مباشرة حول استخدام مختلف المنتجات الموصوفة ذاتياً. كما اقترحوا ضرورة استيفاء استبيان موحد قبل الفصد (سحب عينة الدم لتحليلها) لتقييم استخدام أية أدوية أو مكملات، إضافة إلى تعليق الملصقات التعليمية حول أهمية الكشف عن استخدام الملحقات المكملة، فقد يكون ذلك مفيدا.



ازدياد حالات اضطراب الأمعاء لدى المراهقين الأميركيين

ازدياد حالات اضطراب الأمعاء لدى المراهقين الأميركيين
TT

ازدياد حالات اضطراب الأمعاء لدى المراهقين الأميركيين

ازدياد حالات اضطراب الأمعاء لدى المراهقين الأميركيين

كشفت أحدث دراسة نُشرت في مجلة الجهاز الهضمي (Gastroenterology) في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي عن انتشار أمراض اضطراب الأمعاء (IBD) في الأطفال والمراهقين بالولايات المتحدة.

وتشمل هذه الأمراض بشكل أساسي مرض كرون (Crohn’s disease)، ومرض التهاب القولون المتقرح (ulcerative colitis)، وهي تُحدث التهاباً في الأمعاء في الأغلب يكون نتيجة لتفاعل مناعي. وفي بعض الأحيان يمكن أن يكون نتيجة لجود خلل في بنية الأمعاء. ويتسبب في حدوث تقلصات في البطن، وغازات تؤدي إلى انتفاخ وعدم ارتياح، وإسهال، وفي بعض الأحيان إمساك.

أمراض التهاب الأمعاء

وتُعدّ أمراض التهاب الأمعاء من الحالات المزمنة التي تلازم المريض وتستمر طيلة حياته. ويكون العلاج في الأغلب موجهاً للسيطرة على الأعراض أو تثبيط التفاعلات المناعية، ولكنه لا يوفر الشفاء التام، لذلك يمكن أن تحدث عودة للأعراض بعد فترة طويلة من التحسن.

وعلى الرغم من أن هذه الأمراض تعد نادرة الحدوث عند الأطفال، فإن الأعراض تكون أعنف بينهم. ومع الأسف فإن انتشار مرض التهاب الأمعاء آخذ في الازدياد؛ خصوصاً في المناطق ذات الدخل المرتفع، مثل أميركا الشمالية.

وبعيداً عن شدة الأعراض في الطفولة عنها في البلوغ، هناك مشكلات إضافية للمرض عند الأطفال، تتعلق بفشل في النمو نتيجة للأعراض المتكررة للجهاز الهضمي، مثل الإسهال والإمساك، بجانب الأثر النفسي والاجتماعي للمرض المزمن في مرحلة المراهقة؛ خصوصاً في وجود الخوف من تناول بعض أنواع الطعام التي يمكن أن تكون مثيرة للأمعاء بطبعها، وربما تؤدي إلى ظهور الأعراض، مثل الأطعمة التي تحتوي على المواد الحريفة (الحارة) أو منتجات الألبان، ما يمكن أن يسبب الحرج للمراهق.

وأوضحت الدراسة التي قام بها باحثون من جامعة نورث كارولاينا في تشابل هيل وجامعة بنسلفانيا، وتم تمويلها من مراكز مراقبة الأمراض والوقاية منها (CDC)، وجود ما يزيد على 100 ألف شاب أميركي تحت عمر 20 عاماً، يعيشون مع مرض التهاب الأمعاء. وهذا العدد مرشح للزيادة. وحذَّرت من المخاطر الصحية التي يمكن أن تحدث للمراهقين في المستقبل؛ خصوصاً مع استمرار ارتفاع معدلات الإصابات كل عام.

قام الباحثون بتحليل بيانات طبية من 5 ولايات: (فلوريدا، ونيويورك، وبنسلفانيا، وأوهايو، وكاليفورنيا) ما يوفر صورة شاملة لمرض التهاب الأمعاء في الأطفال والمراهقين، حسب التشخيص النهائي من قبل الأطباء في جميع أنحاء البلاد. وكذلك قاموا بتحليل مطالبات التأمين الطبي الخاص على الطلاب، لمراجعة الوصفات الطبية التي تمت كتابتها، وكذلك التوصيات اللازمة للتشخيص، سواء تحاليل أو أشعات. واستعان الباحثون أيضاً بالمعلومات الطبية الخاصة بكثير من المراكز البحثية.

انتشار الحالات بين المراهقين

لتحديد مدى انتشار هذه الأمراض بين المراهقين والأطفال، اعتمد الباحثون على مجموعة موثقة من التشخيصات الطبية والأدوية الموصوفة لتحديد حالات التهاب الأمعاء، وقاموا بحساب تقديرات الانتشار تبعاً للعمر والجنس والعرق، وفقاً لتعداد الولايات المتحدة لعام 2020، لمعرفة النسب على وجه الدقة. ووجدت الدراسة زيادة في الإصابات بنحو 22 في المائة لمرض كرون، و29 في المائة لالتهاب القولون المتقرح في الأطفال، مقارنة ببيانات الانتشار لعام 2009. واتضح أن الانتشار يزداد مع التقدم في العمر، وكان أعلى لدى الذكور بالنسبة لمرض كرون، ولكن ليس بالنسبة لالتهاب القولون المتقرح.

لاحظ الباحثون وجود اختلافات كبيرة في الانتشار عبر المجموعات العرقية والإثنية، وكانت أعلى معدلات الانتشار بين المراهقين أصحاب البشرة البيضاء. والسبب في ذلك غير معروف تماماً؛ خصوصاً لأن المرض مناعي في المقام الأول. وقال الباحثون إن الأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسات لمعرفة أسباب الاختلافات العرقية والإثنية، وهل يمكن أن يؤدي تناول أنواع معينة من الطعام إلى هذه التفاعلات المناعية؟ أو هل يمكن لعادات يومية معينة أن تكون محفزة لهذه الالتهابات؟ وبالطبع يستلزم ذلك إجراء أبحاث إضافية لجمع هذه المعلومات.

أوضحت الدراسة أن النسبة الحقيقية لانتشار المرض في الأطفال عالمياً يمكن أن تكون كبيرة، ولكن نظراً لتأخر التشخيص في كثير من الدول؛ خصوصاً التي لا تتمتع برعاية صحية جيدة، يتم بداية رصد المرض في مرحلة البلوغ. وتمر الأعراض كما لو كانت نوعاً من النزلات المعوية أو عدوى الجهاز الهضمي. وعلى سبيل المثال، فإن الأعراض الأكثر شيوعاً في مرض كرون هي آلام البطن والإسهال وفقدان الوزن، ومع ذلك يعاني واحد من كل 4 أطفال من أعراض غير محددة، بما في ذلك الخمول وفقدان الشهية.

وقال الباحثون إن زيادة نسبة تشخيص حالات التهاب القولون المتقرح عالمياً ربما تكون أكبر من مرض كرون؛ لأن الإسهال الدموي هو العرَض الأكثر وضوحاً في المرض، ولذلك يلفت نظر الأطباء لعمل تحاليل تساعد في كشف طبيعة المرض مبكراً. وهناك أيضاً أعراض للقولون المتقرح في الأطفال بعيداً عن الجهاز الهضمي، بما في ذلك آلام المفاصل وقرح بالفم (aphthous ulcers). وفي الأغلب ترتبط بزيادة شدة المرض.

ونصحت الدراسة الأطباء بضرورة عدم استبعاد تشخيص التهاب الأمعاء عند الأطفال، وعمل الفحوصات اللازمة في حالة الشكوى المتكررة من أعراض الجهاز الهضمي، حتى لو كانت غير محددة.

في النهاية، أكد العلماء على ضرورة أن يكون هدف العلاج ليس فقط محاولة السيطرة على الأعراض، ولكن محاولة شفاء الغشاء المخاطي للأمعاء، واختفاء الأعراض والالتهاب (deep remission) خصوصاً مع تبني إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) سياسة الشفاء بوصفها هدفاً علاجياً لجميع التجارب الدوائية الجديدة المتعلقة بمرض التهاب الأمعاء.

* استشاري طب الأطفال