«المركزي» اليمني يقيد خروج العملة الصعبة ويرفع الفائدة على الودائع

استمرار تدهور الريال واتهامات للميليشيات بتجريف الاقتصاد

طوابير السيارات في انتظار الوقود كما بدت في صنعاء أمس (رويترز)
طوابير السيارات في انتظار الوقود كما بدت في صنعاء أمس (رويترز)
TT

«المركزي» اليمني يقيد خروج العملة الصعبة ويرفع الفائدة على الودائع

طوابير السيارات في انتظار الوقود كما بدت في صنعاء أمس (رويترز)
طوابير السيارات في انتظار الوقود كما بدت في صنعاء أمس (رويترز)

واصلت الحكومة اليمنية جهودها الرامية لوقف التدهور المستمر في سعر العملة المحلية وما ترتب عليه من ارتفاع في الأسعار وانخفاض للقدرة الشرائية، وذلك بالتوازي مع استمرار الميليشيات الحوثية في تدمير الاقتصاد وإرهاق كاهل السكان بالإتاوات المفروضة على السلع والوقود.
وفي هذا السياق أقر البنك المركزي اليمني زيادة الفائدة على الودائع إلى مستوى قياسي أملا منه في استجلاب أموال المودعين وتوفير السيولة النقدية لمواجهة الإنفاق الحكومي وتوفير احتياجات السوق من العملة.
وأكد رئيس اللجنة الاقتصادية ومستشار الرئيس اليمني حافظ معياد أن القرار نص على رفع سعر الفائدة على شهادات الإيداع إلى 27 في المائة كما قرر رفع الربح على ودائع الوكالة إلى 23 في المائة ورفع سعر الفائدة للسندات الحكومية إلى 17 في المائة.
وكشف معياد في منشور على صفحته على «فيسبوك» أن التعامل مع الأوعية الجديدة من مبالغ نقدية سيتم توريدها إلى البنك المركزي في عدن أو في أحد فروعه في المحافظات بعد موافقة محافظ البنك، على أن تدفع الأرباح على الودائع كل 3 أشهر أو بموجب قرار من المحافظ يحدد الفترات التي يتفق عليها.
وإلى جانب هذا الإجراء، أوضح معياد أن البنك المركزي قرر بعد التنسيق مع الحكومة وتوفيرها 100 مليون دولار، التدخل في الأسواق لفتح اعتمادات للسلع الأساسية والضرورية، بالإضافة للمبالغ والسلع التي تغطى من الوديعة السعودية.
وطلب البنك المركزي من جميع البنوك سرعة فتح الاعتمادات لاستيراد السلع الأساسية والضرورية وتقديمها إلى البنك المركزي للموافقة عليها قبل تغطية حسابات البنوك في المصارف الخارجية.
وكان البنك قرر ضمن التدابير الحكومية المقرة من قبل اللجنة الاقتصادية، فتح اعتمادات للتجار والسلع، والتي لا تزيد مبالغها عن 200 ألف دولار، كما قرر تغطية شراء العملات الأجنبية بمقدار ألفي دولار أو ما يعادلها للمواطنين المسافرين لغرض العلاج.
وحرصا على عدم استنزاف العملة الصعبة وتهريبها كان البنك أقر منع خروج المبالغ النقدية التي تزيد عن 10 آلاف دولار إلا بعد موافقة البنك المركزي، كما تم تعميم هذا الإجراء على جميع السلطات الأمنية والجمركية في جميع المنافذ فضلا عن إحاطة الدول المجاورة بهذا القرار.
وقال رئيس اللجنة الاقتصادية اليمنية إن البنك اتخذ هذه التدابير «بموجب مسؤولياته القانونية ومنها أهمية الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في ظل الظروف الصعبة والمعقدة»، مؤكدا أن حماية الاستقرار الاقتصادي مسؤولية مجتمعية من الحكومة إلى الشعب وجميع شرائح المجتمع كون الأضرار الاقتصادية تمس كل مواطن يمني في الداخل أو الخارج».
وكانت الحكومة اليمنية استنفرت أعضاءها مع أعضاء اللجنة الاقتصادية المشكلة حديثا لاتخاذ تدابير تحد من تدهور سعر العملة وتهاوي الاقتصاد الوطني في ظل استمرار الميليشيات الحوثية في نهب موارد المؤسسات التي تسيطر عليها وتسخيرها لتمويل مجهودها الحربي وإصرارها على تدمير الاقتصاد عبر المضاربة بالعملة واكتناز العملات الصعبة وتهريبها إلى الخارج.
ولأول مرة كسر الدولار أمام الريال اليمني هذا الشهر حاجز 600 ريال للدولار الواحد، وصولا إلى نحو 630 ريالا تم تسجيلها في اليومين الأخيرين في السوق السوداء ومحلات الصرافة في أكثر من محافظة يمنية، بالتزامن مع ارتفاع معاناة السكان جراء ارتفاع أسعار السلع المواكب لتدهور العملة.
وزاد من معاناة السكان في صنعاء والمناطق الخاضعة للميليشيات الحوثية احتكار الجماعة لتجارة الوقود وإرهاقهم بالجرع السعرية المتواصلة وافتعال الأزمات التي تتسبب في إخفاء الجماعة للمشتقات النفطية والغاز المنزلي وتسريب الكميات المخزنة لديها للبيع في السوق السوداء بأسعار وصلت إلى 3 أضعاف السعر يوم أمس.
وذكرت مصادر محلية وتجار أن الجماعة الحوثية أوعزت قبل أيام إلى عناصرها في محافظة البيضاء باحتجاز مئات الناقلات القادمة من مأرب محملة بالوقود والغاز، في سياق سعيها لمفاقمة الأزمة وفرض الأسعار المضاعفة على المواطنين لجني مزيد من الأرباح التي تسخرها لإثراء قادتها وتمويل حربها على اليمنيين.
وعلى الرغم من الأموال الضخمة التي تقوم الجماعة بجبايتها فإنها تمتنع عن دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها منذ أكثر من عامين وهو ما أدى إلى مفاقمة الأوضاع المعيشية لنحو أكثر من 7 ملايين شخص هم إجمالي العدد التقريبي لأفراد الأسر التي يعولها موظفون حكوميون.
وكانت الجماعة الحوثية أقدمت على نهب أكثر من 5 مليارات دولار من احتياطيات البنك المركزي قبل نقله إلى عدن، إلى جانب استنزافها لأكثر من تريلوني ريال من السيولة النقدية بالعملة المحلية، بحسب ما تتهمها به الحكومة الشرعية والتقارير الاقتصادية الدولية.
في غضون ذلك، ذكرت المصادر الحكومية أن نائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر التقى أمس في الرياض رئيس الحكومة أحمد بن دغر، واستمع منه إلى «الإجراءات والقرارات التي اتخذتها الحكومة واللجنة الاقتصادية للحد من تدهور العملة والاقتصاد الوطني».
وذكرت وكالة «سبأ» أن نائب الرئيس استمع إلى «تقرير عن أداء الحكومة وجهود أعضائها في تطبيع الأوضاع وتلبية متطلبات المواطنين والتخفيف من معاناتهم جراء انقلاب ميليشيات الحوثي الإيرانية، معبرا عن شكره رئيس مجلس الوزراء والحكومة على الجهود المبذولة في هذا الإطار».
وناقش الفريق الأحمر مع رئيس الحكومة - بحسب المصادر نفسها - المستجدات الميدانية والتطورات السياسية وما قدمته الشرعية من تنازلات في سبيل إحلال السلام الدائم المبني على المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن الدولي، ومنها القرار 2216.
وكانت الجماعة الحوثية تعمدت في صنعاء ومناطق سيطرتها إحداث أزمة في الوقود والغاز المنزلي، وواصلت حملاتها ضد التجار ومحلات الصرافة للاستيلاء على المبالغ النقدية المطبوعة من قبل البنك المركزي في عدن لجهة أنها تعدها طبعات غير قانونية، في الوقت الذي يؤكد مصرفيون أن الجماعة تقوم بإعادة تصريف هذه الأموال إلى السوق مجددا عبر توزيعها على أتباعها.
وبسبب انقطاع الرواتب لجأ كثير من الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة الجماعة بمن فيهم أساتذة الجامعات إلى امتهان أعمال أخرى لتوفير القوت الضروري لأسرهم، فيما تقصر الجماعة منح الرواتب على أتباعها وقادتها خارج النظام المالي والإداري للخدمة المدنية، بحسب ما يقوله الموظفون الحكوميون.
ويؤكد السكان في صنعاء أن أغلبهم باتوا غير قادرين على مجابهة أعباء الحياة في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار السلع والوقود، بخاصة بعد أن وصلت أسعار الدقيق والقمح والسكر والحليب إلى أكثر من الضعف، بسبب تدهور سعر العملة والإتاوات المضاعفة التي تفرضها الجماعة على التجار من أجل تمويل المجهود الحربي.
ويتهم السكان في مدينة صنعاء الميليشيات الحوثية بأنها المسؤول الأول عن تدهور الأوضاع المعيشية وتدمير الاقتصاد، كما يتهمونها بنهب المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات الدولية وتوزيعها على أتباعها وبيعها في السوق السوداء، دون أن ينال المواطنون منها شيئا.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.