جلسة عامة للبرلمان الاثنين لإقرار القوانين في غياب الحكومة

الكتل النيابية وافقت على المشاركة تحت مبرر «تشريع الضرورة»

رئيس مجلس النواب نبيه بري ترأس اجتماعاً لهيئة مكتب المجلس أمس (موقع المجلس)
رئيس مجلس النواب نبيه بري ترأس اجتماعاً لهيئة مكتب المجلس أمس (موقع المجلس)
TT

جلسة عامة للبرلمان الاثنين لإقرار القوانين في غياب الحكومة

رئيس مجلس النواب نبيه بري ترأس اجتماعاً لهيئة مكتب المجلس أمس (موقع المجلس)
رئيس مجلس النواب نبيه بري ترأس اجتماعاً لهيئة مكتب المجلس أمس (موقع المجلس)

حدد رئيس البرلمان اللبناني نبيه برّي يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين، موعداً لجلسات تشريعية تعقد نهاراً ومساءً، لإقرار مجموعة من مشروعات واقتراحات القوانين المدرجة على جدول أعمال الجلسات، والتي لم تعد تحتمل التأجيل، في ظل إطالة عمر أزمة تأليف الحكومة، وعدم جواز شلّ عمل السلطة التشريعية تحت أي ظرف. ويبدو أن رئيس المجلس النيابي ضمن موافقة جميع الكتل النيابية؛ بما فيها «تيّار المستقبل» الذي أعلن مشاركته في جلسات «تشريع الضرورة» خصوصاً أن بعض القوانين مرتبطة بمؤتمر «سيدر» وبملفات حياتية داخلية لا تحتمل التأجيل والمماطلة.
وترأس بري قبل ظهر أمس اجتماعاً لهيئة مكتب المجلس حضره نائب الرئيس إيلي الفرزلي والنواب الأعضاء. وبعد الاجتماع قال الفرزلي: «جرى البحث في عقد جلسة تشريعية للمجلس النيابي، والقوانين التي يجب أن يتضمنها جدول الأعمال، آخذين بعين الاعتبار الظروف الاستثنائية، وأوضاع الضرورة التي تدفع بتحريك عجلة البلد على المستويات كافة». وأضاف: «نتيجة النقاش دعا الرئيس بري النواب إلى هيئة عامة للتشريع، تعقد عند الساعة الحادية عشرة صباحاً من يومي 24 و25 من الشهر الحالي (الاثنين والثلاثاء المقبلين) وستكون الجلسات متتابعة صباحا ومساء حتى يتم إنجاز أكبر قدر من المشاريع والاتفاقات التي هي بحاجة للتصديق في المجلس النيابي».
عضو مكتب المجلس النائب ميشال موسى الذي شارك في الاجتماع، أكد أن «كل الكتل متوافقة على أهمية عقد جلسات تشريعية، تكتسب طابع الضرورة، في ظل استمرار الأزمة الحكومية». وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «عدداً من مشاريع القوانين التي ستقرّ، مرتبطة بمؤتمر (سيدر)، لا سيما قانون مكافحة الفساد، وقانون الإدارة الرقمية والداتا، وبالإضافة إلى البت بالقروض الميسرة المعطاة للبنان من بعض الدول والمصارف الأوروبية». وشدد على ضرورة «البت أيضاً بمشاريع واقتراحات القوانين المتعلّقة بمعالجة أزمة قروض الإسكان ومعالجة النفايات الصلبة والتحكيم القضائي... وغيرها». ولفت النائب موسى إلى أن «التشريع بغياب حكومة فاعلة لا يعني مصادرة صلاحيات هذه الحكومة». ورأى أنه «لا يعقل أن تنسحب أزمة تشكيل الحكومة على البرلمان، وتعطيل كل المؤسسات الدستورية».
ورغم التحفظات التي أبداها مسبقاً، وحذره من مصادرة حق الحكومة في استرداد بعض القوانين أو تأجيل البتّ ببعضها، فإن «تيّار «المستقبل» وافق على المشاركة في الجلسة التشريعية، تحت مسمّى «تشريع الضرورة». وكشف عضو «كتلة المستقبل» النائب عاصم عراجي لـ«الشرق الأوسط»، أن «الرئيس نبيه برّي ناقش هذه المسألة مع الرئيس سعد الحريري قبل إعلان موعد الجلسة، وهذا كان في صلب مداولات (كتلة المستقبل) يوم الثلاثاء». وقال عراجي: «هناك أمور مهمّة جداً متعلقة بمؤتمر (سيدر) تتطلب سرعة في إقرارها، خصوصاً أن المجتمع الدولي ينتظر منّا إجراءات عاجلة بشأنها»، لافتاً إلى أن هناك «قرضاً بقيمة 120 مليون دولار من أحد البنوك الدولية مخصصاً لوزارة الصحة، يفترض إقراره حتى لا يحرم لبنان منه»، مشيراً إلى أن «عقد جلسات لتشريع الضرورة، لا يعني انتقاصاً من دور الحكومة ولا اعتداء على صلاحياتها الدستورية».
ويغيب الوزراء في حكومة تصريف الأعمال عن الجلسة، التي يحضرها الوزراء الذين فازوا بالانتخابات النيابية الأخيرة بصفتهم نوابا وليسوا وزراء، وهو ما ينسحب على الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري.
ويبدو أن غياب الاعتراض السياسي على التشريع، ينسجم مع القراءة الدستورية للجلسة المزمع عقدها الأسبوع المقبل، حيث أوضح الخبير القانوني والدستوري المحامي سعيد مالك، أن المجلس «يعقد جلساته في ثلاث حالات: الأولى في العقد العادي. والثانية في العقد الاستثنائي. والثالثة في الحالة الحكمية، أي عند اعتبار الحكومة مستقيلة؛ إذ يصبح المجلس النيابي في دورة انعقاد استثنائية حتى تشكيل الحكومة ونيلها الثقة، وذلك استناداً إلى (الفقرة الثالثة) من المادة (69) من الدستور، التي تنصّ على أنه (عند استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة، ينعقد مجلس النواب حكماً، حتى تشكيل الحكومة ونيلها الثقة)».
وقال المحامي مالك: «ليس هناك أي مانع قانوني أو دستوري يحدّ من الصلاحية المطلقة للبرلمان في عقد جلساته والتشريع في ظلّ الحكومة المستقيلة، لكن في القوت نفسه يجب ألا يذهب البرلمان بعيداً في التشريع، وأن يقتصر ذلك على اقتراحات القوانين التي يقدمها النواب، وليس مشاريع القوانين التي ترفع من الحكومة، حتى لا يشكل ذلك انتقاصاً من حقّ الحكومة في طلب استرداد قانون سبق أن تقدمت به، وحقها أيضاً بطلب تأجيل البت بقانون إلى جلسة أخرى». وشدد مالك على «حصر البت باقتراحات القوانين وليس بمشاريع القوانين، وأن يكون جدول الأعمال مقترنا بالضرورة الملحّة، مثل مواكبة قوانين مؤتمر (سيدر)، وتأمين الاعتمادات المالية لوزارة الصحة لشراء أدوية السرطان، وقانون الإسكان».
أما النائب السابق بطرس حرب، فتمنى على رئيس مجلس النواب، أن «يعيد النظر في توجهه، ويمتنع عن دعوة المجلس النيابي إلى الانعقاد». ودعا في تصريح له إلى «تحميل الأطراف السياسيين المتنازعين على مقاعد السلطة والطامعين بالسيطرة على الحكم، مسؤولية مواجهة شعبهم وحاجاته، وتخفيف شروطهم ومطامعهم، واعتبار مصلحة لبنان واللبنانيين أهم وفوق كل مصالحهم الفئوية والحزبية والشخصية». ورأى أنه «من غير الجائز ذبح البلاد وتدميرها لتحقيق مكاسبهم وأحلامهم ببلوغ السلطة». وقال حرب: «رغم جواز الجلسة التشريعية دستورياً، فإن ذلك سيؤدي إلى تشجيع الأفرقاء السياسيين المسؤولين عن تعثر تشكيل الحكومة، على التمادي في لعبتهم الجهنمية في ابتزاز الآخرين، ما دامت القضايا الملحة، التي قد تلحق الضرر بالمواطنين مباشرة، والتي قد تولد انفجارا اجتماعيا وشعبيا كتوفير اعتمادات لشراء أدوية الأمراض المستعصية أو لشراء مادة الفيول لتوليد الكهرباء، على سبيل المثال، قد حلها مجلس النواب عنهم».



مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
TT

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)

تجدد الحديث عن وقائع العنف بين طلاب المدارس في مصر، مع حادثة مقتل طالب في محافظة بورسعيد طعناً على يد زميله، ما أثار مخاوف من انتشاره، في ظل وقوع حوادث مماثلة بوقت سابق في محافظات مختلفة.

وشغلت المصريين خلال الساعات الماضية واقعة شهدتها مدرسة بورسعيد الثانوية الميكانيكية بمحافظة بورسعيد في مصر، الأحد، بعدما تداول مدونون «اتهامات عن تعدي طالب على آخر بسلاح أبيض ما أصابه بطعنة نافذة في القلب، أدت إلى وفاته».

وكشف وزارة الداخلية المصرية، الاثنين، ملابسات الحادث، مشيرة، في بيان، إلى أن عملية الطعن جاءت على خلفية مشاجرة نشبت بين الطالبين في فناء المدرسة، و«أنه بالانتقال وسؤال شهود الواقعة أفادوا بقيام طالب بالتعدي على المجني عليه بسلاح أبيض (مطواة) كانت بحوزته، فأحدث إصابته، ولاذ بالهرب بالقفز من أعلى سور المدرسة».

وعقب تقنين الإجراءات، وفق البيان، تم «ضبط مرتكب الواقعة بمكان اختبائه بالقاهرة، كما تم ضبط السلاح المستخدم في ارتكاب الواقعة».

وجاء التعقيب سريعاً من وزارة التعليم، حيث أكد الوزير محمد عبد اللطيف، أن «الوزارة لن تتهاون في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان حماية أبنائها الطلاب، وتوفير بيئة تعليمية آمنة، وسلامة سير العملية التعليمية في جميع محافظات الجمهورية».

وشدد في بيان، الاثنين، على أنه «لن يتم القبول بتكرار مثل هذا الحادث، أو أي تجاوزات من قبل الطلاب أو المعلمين أو أي مسؤول، وأي تجاوز ستتعامل معه الوزارة بإجراءات صارمة وحازمة».

وكانت الوزارة، في أول رد فعل عقب الحادث، اتخذت إجراءات عاجلة ومشددة تضمنت إلغاء تكليف مديرة المدرسة، وتحويل جميع المسؤولين في المدرسة إلى الشؤون القانونية.

ويدرس نحو 25 مليون طالب وطالبة في مرحلة التعليم الأساسي في مصر، تضمهم 60 ألف مدرسة، بحسب بيانات وزارة التربية والتعليم.

الواقعة أثارت تفاعلاً، وأعادت الحديث عن جرائم مشابهة، منها ما شهدته محافظة سوهاج (صعيد مصر)، قبل أيام، من إصابة طالب بالصف الأول الثانوي بجرح قطعي بالرقبة إثر تعدي زميله عليه بسلاح أبيض «كتر» إثر مشادة كلامية لوجود خلافات سابقة بينهما، بحسب وسائل إعلام محلية.

وزارة التعليم المصرية تسعى لحماية الطلاب وتطبيق أسس وقواعد التربية السليمة (الشرق الأوسط)

وخلال يوليو (تموز) الماضي، أقدم طالب بالثانوية العامة في محافظة بورسعيد أيضاً، على طعن زميله داخل إحدى لجان امتحانات الثانوية العامة، بدعوى عدم السماح له بالغش منه. وتكررت الواقعة للسبب نفسه خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، عندما طعن طالب ثانوي بالإسكندرية زميله بآلة حادة عقب الخروج من لجنة الامتحان لعدم تمكينه من الغش، حيث استشاط غضباً لعدم مساعدته.

ومن قبلها في شهر مارس (آذار)، قُتل طالب على يد زميله بسلاح أبيض «كتر» أمام مدرسة ثانوية بمحافظة القليوبية، بسبب معاكسة فتاة.

الخبير التربوي المصري، الدكتور حسن شحاتة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، يرجع مثل هذه الوقائع إلى «السلوك العدواني، الذي يكتسبه الطلاب من البيئة والمجتمع خارج المدرسة، من خلال مشاهدة التلفزيون وأفلام العنف، والألعاب العنيفة، وبالتالي ينقلونه إلى داخل المدرسة».

ولفت إلى أن «وقف هذا العنف مسؤولية مشتركة، فالأسرة عليها مهمة تجنيب الأبناء صور وأشكال السلوك العدواني، إلى جانب إفهام الطالب الخطأ من الصواب داخل المدرسة، والقوانين المنظمة للدراسة، والتشديد على الالتزام الأخلاقي داخل المؤسسة الدراسية، وكيف أنها مكان مقدس مثل دور العبادة».

ولا تمثل هذه الوقائع ظاهرة، وفق شحاتة، فهي «حوادث معدودة في ظل وجود 25 مليون طالب في مصر»، مبيناً أنه «مع ارتفاع كثافة الفصول، وعدم وجود أنشطة مدرسية مناسبة للتلاميذ، مما يؤدي إلى عدم تفريغ الشحنات الانفعالية لهم، وهنا يأتي دور المدرسة في إيجاد أنشطة في المدرسة رياضية وموسيقية وفنية، يمارسها الطلاب لتهذيبهم، مع وجود دور للمُعلم في تعليمهم السلوك السوي مع بعضهم البعض».

ويوضح الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة المصرية اليابانية، لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الحوادث تعد «أعراضاً لتراجع النظام التعليمي»، وغياب «القيم التربوية».

ويلفت «صادق» إلى أن هذه الحوادث تعد امتداداً لإرث معروف بين الأسر تنصح به أطفالها، مثل عبارات: «لو حد ضربك في المدرسة اضربه» أو «خد حقك»، الذي معه «يقرر الطالب الاعتماد على نفسه في الحصول على حقه»، بينما الطبيعي، وفق صادق، عند تعرض الطالب لعنف أو تنمر «يشتكي للمعلم، ويرفع الأمر للإدارة لأخذ موقف ومعاقبة الطالب المعتدي؛ لكن مع غياب المعلم المؤهل وضعف إدارات المدارس، يغيب ذلك العقاب، وبالتالي نجد هذا العنف».