نتنياهو يسعى لعرقلة تسليم «إس 300» إلى دمشق

TT

نتنياهو يسعى لعرقلة تسليم «إس 300» إلى دمشق

بعدما أيقن أن روسيا لا تبرئ إسرائيل من المسؤولية عن إسقاط طائرة التجسس وأنها مصرّة على الرد بخطوات وإجراءات عملية، يسعى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى جعل العقاب محدوداً وألا يكون بتسليم سوريا بطاريات صواريخ «إس 300» المتطورة ورادارات حديثة تعوق حرية النشاط الإسرائيلي في سماء سوريا.
وبحسب مصادر مطلعة في تل أبيب، فإن نتنياهو طلب من موسكو أن تستقبل قائد سلاح الجو الإسرائيلي ليعرض على الروس نتائج التحقيقات الأولية، التي أجريت بعد إسقاط الطائرة الروسية «وتثبت بوضوح أن جيش النظام السوري هو المسؤول الوحيد عن هذا الخطأ».
وكان الروس عدّوا الحادثة تعبيرا عن سلسلة أخطاء، لكنهم طرحوا على إسرائيل عدة أسئلة استنكارية تحملهم من خلالها المسؤولية عنها. فقد تساءلوا أولا عن سبب قرار إسرائيل قصف منطقة اللاذقية لأول مرة منذ حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973. وتساءلوا عن سبب إطلاق كميات ضخمة من الصواريخ نحو سوريا في وقت لاحظوا فيه بالتأكيد وجود طائرة التجسس الروسية المأهولة. وتساءلوا إن كانت إسرائيل قد استغلت وجود الطائرة الروسية «طعما للصواريخ السورية بغرض دق الأسافين». ولماذا لم تقم إسرائيل بتبليغ روسيا عن غاراتها الصاروخية إلا قبل دقيقة واحدة فقط من إطلاقها.
وردت المصادر الإسرائيلية المذكورة على ذلك بالقول إن التحقيقات الإسرائيلية تشير إلى أن مطلقي الصواريخ السورية، وهي روسية الصنع، التي أطلقت باتجاه الصواريخ والطائرات الإسرائيلية ليلة الاثنين - الثلاثاء، تصرفوا بإهمال شديد وبلبلة واضحة. وقالت: «إسرائيل أطلقت صواريخها لتدمير الأسلحة الإيرانية الجديدة التي وصلت إلى سوريا بغرض استخدامها ضد إسرائيل بواسطة (حزب الله) اللبناني وغيره من الميليشيات الإيرانية. فطهران كانت مطمئنة حتى الآن بأن إسرائيل لا تقصف في اللاذقية بالذات، بسبب كثافة الوجود الروسي فيها. ولذلك زادت من نشاطها فيها. وأقامت مخازن أسلحة وشواغل لتطوير الأسلحة القديمة ومصانع أسلحة. وعندما بدأت الهجمة الإسرائيلية عليها، بواسطة 4 مقاتلات (إف16) وصواريخ أطلقت من البحر الأبيض المتوسط على بعد 100 كيلومتر من الشاطئ السوري، قام السوريون بتوجيه نيرانهم بطريقة هوجاء وعشوائية من دون قراءة دقيقة للخريطة. فقد كان بإمكانهم الانتباه بوضوح إلى الطائرة الروسية القديمة من طراز (إليوشن20). فقد كانت هذه الطائرة تطير ببطء شديد وتتجه للهبوط في مطار حميميم الواقع على بعد 25 كيلومترا جنوب اللاذقية، وهي كبيرة جدا لأنها في الأصل طائرة ركاب مدنية، ولم يكن ممكنا أبدا ألا يميزوها عن طائرات إسرائيلية مقاتلة أو صواريخ إسرائيلية تتحرك بسرعة قريبة من سرعة الصوت. وتصرفهم اللامسؤول جعلهم يسقطون الطائرة الروسية ولا يصيبون أي هدف إسرائيلي».
ويحاول نتنياهو إطلاع الروس على هذه التحقيقات، علما بأنه كان قد تعهد خلال محادثته أول من أمس مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأن يتيح لهم كل المعلومات عن هذه العملية. والغرض الإسرائيلي من ذلك هو مواجهة التهديد الروسي بالانتقام. فقد أوضح بوتين أن جيشه سيستخلص النتائج من هذه الحادثة بطريقة تجعل كل المعنيين يعرفون ويشعرون بأن شيئاً ما تغير. ويخشى نتنياهو وقادة الجيش الإسرائيلي أن يأتي الرد بواسطة إطلاق صفقة الأسلحة المتفق عليها بين نظام الأسد في سوريا وبين موسكو، وبموجبها تقوم روسيا بتحديث صواريخ «إس 200» الموجودة في دمشق وتزويدها بصواريخ «إس 300» التي تعد متطورة جدا وبإمكانها منع طيران مقاتلات إسرائيلية في سماء سوريا، وتحديث شبكة الرادارات السورية القائمة. وقد نجح نتنياهو حتى الآن في منع تحرير هذه الصفقة، من خلال علاقاته الجيدة مع بوتين، الذي التقاه 9 مرات في السنتين الأخيرتين، ومن خلال التنسيق الأمني القائم على أعلى المستويات بين البلدين في ما يتعلق بشاطاتهما العسكرية في سوريا. وهو يخشى أن يكون العقاب الروسي على هذه الحادثة، بتنفيذ هذه الصفقة فورا.
وكان نتنياهو قد طلب من جميع وزرائه ألا يتفوهوا بكلمة حول هذه الحادثة، وأبلغهم بأنه يسعى لمعالجة الموضوع بمنتهى الحساسية ولا يريد أن يعطله شيء في ذلك. وأمس كانت الحياة في إسرائيل مشلولة (من السادسة مساء الثلاثاء وحتى الثامنة والنصف من مساء الأربعاء) بسبب «يوم الغفران»، الذي يصوم فيه اليهود ويمتنعون عن أي حركة وعن أي عمل. ولكن نتنياهو شخصيا واصل متابعة الموضوع مع موسكو، حتى لا تنفجر أزمة دبلوماسية مع موسكو ولا يقع صدام على الأرض أو في الجو بسماء سوريا.
وقد أوضح أن إسرائيل معنية بأمرين أساسيين هما: «أولا، مواصلة التنسيق الأمني بين روسيا وإسرائيل، الذي نجح في منع خسائر في الأرواح من الطرفين خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وثانيا الاستمرار في كبح محاولات إيران، التي تدعو إلى تدمير إسرائيل، لتمرير سلاح فتاك لـ(حزب الله)».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.