مصر تعتذر لمواطني سيناء بعد توقف إمدادات الماء والكهرباء

سبب لهم معاناة جديدة تنضاف لقيود الحملة الأمنية

TT

مصر تعتذر لمواطني سيناء بعد توقف إمدادات الماء والكهرباء

تسبب التوقف المفاجئ لإمدادات المياه والكهرباء بعدد من مدن شمال سيناء المصرية، لثلاثة أيام متواصلة، في زيادة معاناة الأهالي، الذين يشكون أصلا من قيود حملة أمنية واسعة، تشنها السلطات ضد جماعات إرهابية منذ عدة أشهر، وإن كانت قد بدأت تقل تدريجياً.
وتعرضت مناطق شرق مركز بئر العبد، ومدينة العريش، والشيخ زويد، ورفح، بشمال سيناء، لانقطاع التيار الكهربائي ابتداء من مساء يوم السبت الماضي، وحتى مساء أول من أمس، بعد تعطل عمل خط كهرباء ينقل التيار لشمال سيناء، قادما من محافظة الإسماعيلية. وبحسب الجهات المسؤولة فإن العطل أصاب أبراج تحمل كابلات نقل الكهرباء في مناطق بئر العبد، فيما لا يزال العمل جاريا على إصلاحه، وقد تم اتخاذ تدابير بديلة لتوفير التيار لحين انتهاء عمليات الإصلاح.
وخلال هذه الفترة توقفت كثير من الخدمات اليومية، ومنها ضخ المياه والمخابز، وشبكات الاتصالات والإنترنت، وتعطل العمل جزئيا في الجهات الحكومية الخدمية.
وتعهد اللواء عبد الفضيل شوشة، محافظ شمال سيناء، في اعتذار رسمي موجه للأهالي أمس، بالقصاص من المتسببين في توقف وصول الكهرباء لشمال سيناء لثلاثة أيام متواصلة، رغم عدم الإعلان رسميا عن سبب العطل. وقال المحافظ في بيان الاعتذار: «أتقدم لكم بالاعتذار عما سببه لكم انقطاع التيار الكهربائي خلال الأيام الثلاثة الماضية من ألم وخسارة كبيرة لكل منكم، وأعاهدكم بأنني سأقتص من المتسبب في هذا الانقطاع أيا كان منصبه». مؤكدا بدء الدراسة في موعدها المحدد في 22 من سبتمبر (أيلول) الحالي لجميع المراحل التعليمية.
وسبق أن تعرضت مناطق الشيخ زويد ورفح خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة لانقطاع الكهرباء، نتيجة أعطال كانت تصيب بين الحين والآخر خط كابلات نقل الكهرباء من العريش، وصولا لهذه المناطق التي تقع في نطاق مسرح عمليات وملاحقات قوات الجيش والشرطة في مصر لجماعات إرهابية (أغلبها من عناصر تنظيم ولاية سيناء التابع لتنظيم داعش)، التي تنشط في شمال سيناء منذ أكثر من 6 سنوات، ولا تزال عمليات محاربتها قائمة في الجزء الشمالي الشرقي من شبه جزيرة سيناء.
وجاء توقف وصول الكهرباء عشية أول يوم لتنفيذ حزمة قرارات، أطلق عليها اسم «انفراجات»، واتخذت للتخفيف من إجراءات سبق أن اتخذتها السلطات المصرية تزامنا مع عملية «المجابهة الشاملة سيناء 2018»، التي بدأها الجيش المصري في التاسع من فبراير (شباط) الماضي، وهي عملية عسكرية شاملة في شمال ووسط شبه جزيرة سيناء للقضاء على الجماعات «التكفيرية»، ولا تزال متواصلة.
وتضمنت القرارات فتح الطريق الدولي من وإلى العريش طوال أيام الأسبوع، وبدء الدراسة في جامعة العريش والمدارس في موعدها (22 سبتمبر الحالي)، على أن تبدأ الدراسة في جامعة سيناء الخاصة ابتداء من 13 من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وسرعة صرف التعويضات للمواطنين المتضررين، وتوزيع الوقود للسيارات، وتوفير السكن البديل بمشروع الإسكان الاجتماعي لكل أسرة تضررت نتيجة المواجهات الأمنية بين عناصر إنفاذ القانون، والعناصر الإرهابية من أهالي الشيخ زويد ورفح وجنوب وغرب العريش، ممن تركوا منازلهم، ولم يسبق لهم صرف أي تعويضات من المنطقة العازلة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».