إرث «ليمان براذرز» بين الأمل والألم

الشركات أكبر المستفيدين... والحكومات في «منطقة مجهولة»

بعد عشر سنوات لا تزال ظلال الأزمة التي بدأت بانهيار بنك «ليمان براذرز» تهيمن على العالم
بعد عشر سنوات لا تزال ظلال الأزمة التي بدأت بانهيار بنك «ليمان براذرز» تهيمن على العالم
TT

إرث «ليمان براذرز» بين الأمل والألم

بعد عشر سنوات لا تزال ظلال الأزمة التي بدأت بانهيار بنك «ليمان براذرز» تهيمن على العالم
بعد عشر سنوات لا تزال ظلال الأزمة التي بدأت بانهيار بنك «ليمان براذرز» تهيمن على العالم

«الجشع يضر أكثر»، هذا هو الدرس الأول الذي تعلمه العالم بعد مرور عقد من الزمن منذ انهيار بنك «ليمان براذرز»، حيث فقد الجميع كثيراً، بدءاً من راهن بيت صغير في الريف أو أحد الأحياء الفقيرة في الولايات المتحدة، إلى عمالقة «وول ستريت». وشهد على ذلك كلٌّ «جالسي المقعد الأمامي» في عام 2007، من مسؤولين ومؤسسات مالية وصناع قرارات، حين فقد العالم ملايين الوظائف وتبخرت تريليونات الدولارات بين ليلة وضحاها، ولم تعد أسواق الائتمان من أثينا إلى نيويورك نفسها، مع ارتفاع الديون الحكومية.
في حين أن العديد من المراقبين يقولون إن «انهيار عام 2008 أدى إلى ما نواجهه في عصرنا الحالي من عدم اليقين والاضطراب السياسي، والذي فرض سياسات نقدية ومالية متحفظة، ولكن لن نذهب مجدداً إلى هذا الحد؛ فالمؤكد أن الانهيار تسبب في نهاية الكثير من الوظائف وصناديق التعاقد، لكن اتجاهات العولمة الاقتصادية في حد ذاتها أدت إلى تقلص العمالة في الشركات قبل اندفاع (وول ستريت) الصعودي بفترة طويلة».
وبعد عشر سنوات، لا تزال ظلال «ليمان براذرز» تخيّم على الاقتصاد العالمي، فظهرت مؤشرات النمو مختلطة. فبينما تتراكم ضغوط الأسواق الناشئة؛ كانت الأسواق المتقدمة مليئة بالأخبار الجيدة، لتُظهر سوق العمل الأميركية المزيد من علامات التقدم، وربما يكون «المركزي الأوروبي» قد خفض توقعاته للنمو لكنه قال إن اقتصاد اليورو قويّ بما يكفي للتعامل مع المخاطر العالمية، وسجل الاقتصاد البريطاني أسرع توسع له خلال عام تقريباً، وحققت اليابان أفضل نمو في عامين تقريباً، وتحسنت الأجور في جميع الاقتصادات.
وفعلياً، دفع الركود العالمي الأعمق منذ الكساد العظيم، البنوك المركزية إلى تقديم حوافز غير تقليدية، في حين أن الحكومات إما خففت السياسة المالية وإما آثرت التقشف تبعاً للوضع الاقتصادي للبلد. وبعد أن خفضت أسعار الفائدة إلى الصفر تقريباً، وحتى أقل في بعض الحالات، بدأت البنوك المركزية بشراء السندات كمحاولة لإعادة إشعال الروح مرة أخرى بين الشركات والمستهلكين، وكانت النتيجة تضخماً في الميزانيات العمومية للشركات، الأمر الذي يراه خبراء أنه سيؤدي إلى أزمة لا يمكن السيطرة عليها.
وعلى الرغم من كل الحديث عن التقشف، فإن الديون الحكومية في معظم أنحاء العالم هي أكبر مما كانت عليه في عام 2007، وهو ما قد يشكل خطراً على الاقتصادات في المستقبل مع تشديد محافظي البنوك المركزية السياسة النقدية.
فالحكومات مسؤولة إلى حد كبير عن «الشراهة» في الاقتراض، حيث ينمو دَينها؛ ليس فقط من الناحية الاسمية، ولكن كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي أيضاً. وانهار الاقتصاد العالمي في أعمق ركود له منذ الحرب العالمية الثانية في أعقاب الأزمة، ومع ذلك بعد الارتداد المبدئي أظهر معظم الاقتصادات نمواً معتدلاً لمعظم العقد الماضي، وأصبح هناك ما يقرب من 25 مليون شخص عاطل عن العمل خلال العقد حتى مع انخفاض معدل البطالة في الولايات المتحدة، وما يلفت الانتباه بشكل خاص هو معدل بطالة الشباب في بلدان مثل اليونان، حيث انخفض عن 60% في عام 2013، ولا يزال يحوم عند 40% الآن.
ويتجلى الانتعاش الباهت بشكل أفضل من خلال تراجع حدة ضغوط الأجور في معظم أنحاء العالم مع زيادة التوظيف.

قطاع الشركات أكبر الفائزين

وإذا كان هناك فائز فعلي في السنوات العشر الماضية، فهو قطاع الشركات الذي شهد عصر المال السهل وارتفاعاً غير مسبوق في الأصول وأسعار الأسهم، ما أثّر على الأرباح إيجابياً فارتفعت بالتبعية، فليس الجميع يتكبدون الديون... فبفضل الأنظمة التي تلت الأزمة، أصبحت المؤسسات المالية خاصةً أكثر صحة وأكثر قدرة على الصمود أمام صدمات أخرى، وعلى مدار العقد الماضي زادت ديونهم بمقدار 3 تريليونات دولار فقط، تاركةً نسبة الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي منخفضة، مثلما كانت في الذاكرة الاقتصادية الحديثة.
وعلى الجانب الآخر، فإن الشركات الأخرى التي طالها هذا الركود، استفادت أيضاً من أسعار الفائدة المنخفضة لتتغلب على كميات كبيرة من الأموال المطلوبة لتخطي الأزمة، ولتزيد من أرباحها... ومع أن تلك الشركات كانت لديها ديون أقل من المؤسسات المالية في ذلك الحين، فبعد اقتراض 27 تريليون دولار، فإن الالتزامات تكاد تكون كبيرة حالياً.

وضع الأسر

تعافت أسعار المنازل الآن في معظم أنحاء العالم، مما أدى إلى تفاقم الفجوة بين حائزي تلك الأصول وفاقديها، ويبدو أن الأسر في جميع أنحاء العالم في وضع أقرب ما يكون لما كانت عليه قبل عشر سنوات، كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، فإن الديون بالكاد تغيرت -بالطبع تبعاً للمكان الذي تنظر إليه- ومن حيث القيمة الاسمية انخفضت ديون الأسر في الأسواق المتقدمة مثل ألمانيا واليابان والمملكة المتحدة والصين، ووصل إجمالي ديون الأسر عالمياً 6.5 تريليون دولار، مقارنةً مع 757 مليار دولار في 2008.
وعلى جانب آخر، انتصرت الشعوبية في معظم مناطق العالم، بدءاً من تصويت انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي، إلى فوز دونالد ترمب بالرئاسة الأميركية، كنتيجة للإحباط الذي شعر به الناخبون بسبب تراجع وتيرة الوظائف وانخفاض الأجور واللامساواة. وعدّلت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي للعام الجاري في أغسطس (آب) الماضي بنسبة 0.1% إلى 3.4%، مقارنةً بنحو 3.3% العام الماضي. وأفادت «فيتش» بأنه رغم التوقعات الاقتصادية العالمية القوية، فإن المخاطر على الاقتصاد العالمي تستمر في الارتفاع.
وذكرت «فيتش» أن المخاطر التجارية أحد الأسباب الرئيسية، وتوقعت ارتفاعاً مستمراً في المخاطر التجارية عالمياً، فضلاً عن نوبة أخرى من الإجهاد المالي على الأسواق الناشئة في أقل من أربعة أشهر تحفز خروج التدفقات النقدية من الأسواق الناشئة.
وعدّلت «فيتش» توقعاتها لنمو الاقتصاد الصيني إلى 6.7 و6.5% في 2018 و2019 على التوالي، ويُعزى النمو الإيجابي بشكل جزئي إلى النشاط الاقتصادي الأفضل من المتوقع، ولكن الأهم انعكاس إجراءات التحفيز الأخيرة التي تم اتخاذها لمواجهة الاقتصاد الضعيف في البلاد وفقاً لما رأته «فيتش»، حيث خفض بنك الشعب الصيني (المركزي الصيني)، معدل متطلبات الاحتياطي البنكي عدة مرات هذا العام في محاولة لدعم السيولة للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، كما ساعد ضعف اليوان الصيني الخاضع للسيطرة والاعتماد على الصادرات في تعويض الكثير من التأثير الفوري لعدم اليقين التجاري على الاقتصاد الصيني.

الأسهم الأميركية تواصل الصعود

وفي الجانب الغربي من العالم، لا تزال الأسهم الأميركية في اتجاه صعودي واسع النطاق وترى «فيتش» أن الخلفية داعمة للأسهم في الفترة المقبلة، حيث سجل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» ارتفاعاً جديداً، مما يشير إلى أن التقلبات الناشئة عن الضغوط في جميع أنحاء الأسواق الناشئة وتركيا على وجه الخصوص تظل محصورة في تلك البلدان، ومن المثير للاهتمام أن السندات الأميركية ارتفعت أيضاً خلال هذه الفترة، لكن على العكس تتوقع «فيتش» هبوطاً كبيراً على السندات الحكومية، حيث تواجه العائدات ضغوطاً متزايدة من توقعات التضخم المرتفعة وتوقع تشديد السياسة النقدية في المستقبل بعد فترة طويلة من العائدات المنخفضة أو السلبية، وتوقعت «فيتش» أن تشهد سندات الأسواق الناشئة تفوقاً في الأداء مدعومةً بالعوائد الحقيقية الأكثر إيجابية.

الثقة الاقتصادية... إلى أين؟

وخلال الشهر الماضي، أظهرت المؤشرات انهيار الثقة الاقتصادية العالمية وفقاً لمقياس «سنتكس» إلى أدنى مستوى منذ عام 2012.
ففي الشهرين الماضيين، كان المستثمرون يأملون أن يكون التباطؤ الاقتصادي قصير الأجل، لكن فُقد هذا الأمل إلى حد كبير في بداية الشهر الجاري، من منظور ألف مستثمر شملهم استطلاع «الشرق الأوسط» بين منطقة اليورو والولايات المتحدة، وعبّروا عن أن السماء الاقتصادية أصبحت مظلمة بشكل كبير خصوصاً بالنسبة إلى الأسواق الناشئة، وهذا أيضاً له تأثير على الأسواق المتقدمة.
والآن بعد مرور 10 سنوات على انهيار «ليمان براذرز»، نشهد نتائج أكبر تجربة للبنك المركزي الأميركي في التاريخ، حيث يؤكد الكثيرون أن «المهمة أُنجزت» وفقاً لفينس كريغ محلل اقتصادي في مجموعة «صن» الأميركية في تعليقه لـ«الشرق الأوسط»، إذ وصل معدل البطالة إلى أدنى مستوى له منذ 48 عاماً، ووصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» مؤخراً إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، وأصبح المستهلكون أكثر ثقة، «لكن إذا تعمقنا سنجد أن الطريق ممهد بالديون؛ والمزيد من الديون... وهذا الطريق في اتجاه واحد»، وفقاً لكريغ.
وفي غضون ذلك، فإن الحكومات السيادية في منطقة «مجهولة»، فلا أحد يعرف ما الذي سيحدث عندما تصل قوة عالمية كبرى مثل اليابان إلى نسبة 224% كنسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، في حين تجاوزت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا مستوى 100%.
وفي مواجهة شيخوخة السكان والوعود بشبكات الأمان الاجتماعي، فعلياً، لا يوجد حل سهل لمواجهة هذا الاتجاه، خصوصاً مع الركود الذي دام تسع سنوات، كما «أن هذا هو الوقت المناسب لسداد الديون لا إضافتها»، حسب ما أشار إليه كريغ لـ«الشرق الأوسط».
وهذا هو تراث ما بعد بنك «ليمان براذرز»، هناك من يراه باعثاً للأمل وهناك من يراه منذراً بالألم.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»