تسونامي فكاهي فرنسي اسمه بلانش غاردان

بلانش غاردان، التي صار جمهورها يختصرها باسمها الأول «بلانش»، هي أول فرنسية تحصل على جائزة العرض الفكاهي في حفل توزيع جوائز موليير للعروض المسرحية. وبعد نجاح ساحق طوال العام الحالي تستعد الفنانة لتدشين العام المقبل باستكمال عرضها المنفرد الناجح «ليلة بيضاء سعيدة»، مستعيرة اسمها الذي يعني بالفرنسية «بيضاء». ومن المؤمل أن تطوف به، بعد ذلك، في عديد من مدن البلاد.
في سنوات قلائل، تحولت بلانش غاردان إلى ظاهرة في المشهد الفني لأنها نجحت في منافسة الممثلين الكوميديين الذكور الذين يتصدرون هذا النوع من العروض المنفردة، وأحياناً الثنائية. ويصف النقاد شعبية هذه الفنانة بأنها نوع من «التسونامي» الذي اجتاح المسارح. وهي قد تخصصت في موضوعات تسخر مما تسميه «التمييز الإيجابي»، وترفض مراعاة النساء في المجال الفني، لمجرد أنهن تحولن إلى ضحايا لتحرشات الزملاء والمخرجين والمنتجين. وفي فصل قصير قدمته بمناسبة حفل توزيع جوائز «سيزار» للسينما الفرنسية، تهكمت بلانش قائلة: «هل ما زال لنا الحق، كنساء، في مغازلة المنتج للحصول على الدور؟ لأننا إذا فقدنا هذا الحق سنكون مضطرات للخضوع لاختبارات الأداء ولحفظ النصوص وغير ذلك من أمور تستهلك الوقت».
في اليوم التالي للحفل الذي نقله التلفزيون، بيعت 5 آلاف تذكرة للعرض الذي تقدمه بلانش غاردان على مسرح «لوروبيين» في باريس. ومن المقرر نقل العرض إلى مسرح «لاسيغال» لاستيعاب عدد أكبر من المشاهدين. ومن المدهش أن الفنانة تتحدى بنجاحها كل قواعد التسويق والترويج المعروفة، وليست هناك ملصقات في الشوارع للإعلان عن عرضها الجديد. فهي لا تعتمد على حملات دعائية باذخة، بل على تناقل أخبار عروضها بين الناس ومن خلال مواقع التواصل، أي ما يسميه الفرنسيون «من الفم إلى الأذن». ويذكر أن محرر الموضة المعروف لويك بريجان نشر تغريدة جاء فيها: «إذا لم تكن قد شاهدت عرض بلانش فقد راحت عليك حياتك».
«حتى في القرى الصغيرة يتحدثون عن بلانش»، هذا ما صرح به جيرار سيبيل منظم الحفلات الملقب بمكتشف النجوم. وأضاف أن مزارعين وأصحاب مصانع يتصلون به ليطلبوا تذاكر لحفلاتها، أو لاستضافتها في بلداتهم. وبسبب هذا النجاح غير المتوقع اضطرت الفنانة التي جاءتها الشهرة في الأربعين من العمر إلى التوقف عن المقابلات الصحافية، لأنها ترى أنها «تكلمت وثرثرت كثيراً، وتخشى أن تتحول هي نفسها إلى مسخرة».
يوم حصولها على جائزة موليير، شكرت بلانش طبيبتها النفسية، كما شكرت والديها لأنهما «نقلا لها ذلك القلق الجميل من الموت». فالأب مدرس لسانيات والأم مترجمة وكاتبة. وهي بدورها خريجة جامعية تخصصت في علم الاجتماع. ويلاحظ المعلقون أن من أسباب تفوق بلانش هو حساسيتها المفرطة في اختيار نصوصها، وجرأتها في طرح خطاب نسائي لم تعتد الآذان سماعه. وهي قادرة على تمرير الموضوعات القاسية بشكل يسير وخفيف. ومن تلك الموضوعات، الموت والفقدان والحداد، أو معاناة المرأة من انتهاء علاقة حب، أو الضغوط النفسية التي تعاني منها العازبات. ولأنها مستمعة جيدة للآخرين، فإنها تلتقط عباراتها من أفواه معارفها، أو من أولئك الذين تلتقيهم في المقاهي ووسائط النقل العام. لذلك يجد المتفرجون أنفسهم في عروضها لأنها تردد علناً ما سمعتهم يتهامسون به. فبلانش لا تتورع عن قول أي شيء. وعلى سبيل المغالاة في السخرية تعلن أن عروضها ممنوعة لمن هم دون السابعة عشرة.