اللجوء و{بريكست} يفرضان نفسيهما على القمة الأوروبية في سالزبيرغ

الانقسامات تمنع التوصل إلى رؤية مشتركة لملفات متفجرة

دونالد توسك (يسار) مع كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي لمحادثات {بريكست} ميشال بارنيه (رويترز)
دونالد توسك (يسار) مع كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي لمحادثات {بريكست} ميشال بارنيه (رويترز)
TT

اللجوء و{بريكست} يفرضان نفسيهما على القمة الأوروبية في سالزبيرغ

دونالد توسك (يسار) مع كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي لمحادثات {بريكست} ميشال بارنيه (رويترز)
دونالد توسك (يسار) مع كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي لمحادثات {بريكست} ميشال بارنيه (رويترز)

سيحتل موضوع الهجرات المرتبة الأولى في القمة الأوروبية التي ستنعقد ليومين (غدا وبعد غد) في مدينة سالزبيرغ النمساوية برئاسة المستشار النمساوي سيباستيان كورز، 32 عاما. وترأس النمسا الاتحاد في القسم الثاني من العام الجاري وهي عازمة على جعل ملف الهجرات (مع بريكسيت) الأولويتين الرئيسيتين على جدول أعمال القادة الأوروبيين. وبعكس قمة بروكسل نهاية يونيو (حزيران) الماضي وتلك التي ستستضيفها العاصمة البلجيكية الشهر القادم، فإن قمة سالزبيرغ «غير رسمية» بمعنى أنها «تشاورية» أو «تمهيدية» وبالتالي لا ينتظر أن يصدر عنها أي قرارات. ويواجه المستشار كورز الذي يحكم النمسا بالتوافق مع اليمين المتطرف صعوبات بالغة في التوفيق بين المواقف الأوروبية المتناقضة إزاء ملف الهجرات رغم توصل قمة بروكسل السابقة إلى شبه اتفاق لم يصمد إزاء الصراعات السياسية والآيديولوجية والانقسامات الأوروبية. والدليل على ذلك ما حصل مع الباخرة «الإنسانية» أكواريوس التي رفضت إيطاليا استقبالها «وكذلك فرنسا» واضطرت إلى إفراغ «حمولتها» في مرفأ فالنسيا الإسباني وبعدها تم توزيع المهاجرين واللاجئين على متنها على العديد من البلدان الأوروبية.
تقول مصادر رئاسية فرنسية في معرض تقديمها للقمة وأولوياتها، إن رؤساء الدول والحكومات سيعمدون إلى «تقويم» ما تحقق من مقررات قمة بروكسل. وتتلخص هذه المقررات بتعزيز حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي مع الارتقاء بأعداد قوة «فرونتكس» المولجة بها من 1500 إلى 10 آلاف خلال عامين واحترام قاعدة إنزال اللاجئين والمهاجرين في المرفأ الأوروبي الأقرب مع الالتزام بإعادة توزيعهم على قاعدة الطوعية، والتشدد في ترحيل من لا يحق له اللجوء وأخيرا تعزيز التعاون مع دول «المنشأ» الأفريقية والممر (الترانزيت وتحديدا ليبيا والمغرب وتركيا) لحماية حدودها وزيادة الدعم المالي لها.
وتشدد المصادر الرئاسية الفرنسية على ضرورة «التضامن» بين الدول الأوروبية وتحث البلدان التي ترفض قطعا استقبال اللاجئين إلى التعبير عن تضمنها بـ«أشكال أخرى» وليس فقط عن طريق المساهمات المالية. ومن بين هذه الدول المجر وبولندا ورومانيا. لكن بلدانا أخرى مثل إيطاليا والنمسا وبعض الأصوات في ألمانيا تريد وقفا نهائيا لتيار الهجرات. كذلك، سيعمد القادة الأوروبيون إلى تقويم الاتصالات التي جرت مع بلدان المغرب ومصر وألبانيا في موضوع إقامة مراكز استقبال للمهاجرين واللاجئين على أراضيها على أن يمولها الاتحاد الأوروبي وتكون برعاية الأمم المتحدة ومنظمة الهجرات الدولية. والحال، أنه رغم الضغوط الأوروبية، فإن الدول العربية الخمس (تونس والمغرب والجزائر وليبيا ومصر) ترفض حتى اليوم إقامة مثل هذه المراكز مخافة أن تتحول إلى «سجون مفتوحة» يصعب التخلص منها لاحقا إضافة إلى الأعباء التي تمثلها أمنيا واقتصاديا وسياسيا.
ثمة إجماع أوروبي، وفق المصادر الرئاسية الفرنسية، على الرغبة في بقاء المهاجرين الأفارقة وغير الأفارقة في بلادهم. لكن باريس ترى أنه «يتعين احترام القواعد الدولية» في التعاطي مع المهاجرين ومن بين هؤلاء حوالي 10 في المائة من اللاجئين الذين لا تستطيع أوروبا عدم استقبالهم. ولذا، فإن باريس تريد «آلية دائمة» حول توزيع هؤلاء بعد وصولهم إلى الأراضي الأوروبية بدل «المعالجة المتسرعة» عند وصول أي باخرة تحمل على متنها مهاجرين ولاجئين تم إنقاذهم في البحر. وفي أي حال، تشدد هذه المصادر على أن تيار الهجرة تراجع كثيرا في العامين الأخيرين وخصوصا أصابه تحول كبير تدل عليه الأرقام الرسمية.
بداية، ثمة أرقام كثيرة متداولة. ولكن هناك إجماع على أن أبرز ملامح هذه التحول تراجع أعداد الساعين إلى الوصول إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط انطلاقا من شواطئ شمال أفريقيا. ففي العام 2017، بلغ عدد هؤلاء 129 ألفا. وللفترة عينها من العام 2018 (من يناير/كانون الثاني) - إلى سبتمبر/أيلول)، تراجع إلى 74500 مهاجر ولاجئ. ووفق مبدأ «الأوعية المتصلة»، فإن ما نقص على طريق المتوسط الأوسط (ليبيا - تونس إلى الشواطئ الإيطالية) ظهر في أماكن أخرى خصوصا باتجاه إسبانيا. وبينما كان الواصلون إلى إسبانيا، إن عبر الجيبين الإسبانيين سبتة ومليلة أو مباشرة على الشواطئ الإسبانية، لا يتجاوزون في العام 2017 الـ5500 مهاجر ولاجئ، فإنه تضاعف خمس مرات في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري ليصل إلى 24 ألف شخص. وثمة أرقام أخرى تتحدث عن 32 ألف شخص. يبقى أن ما يسمى «الطريق الأرضية» التي تنطلق من تركيا إلى اليونان إلى ما يسمى «ممر البلقان» باتجاه أوروبا الوسطى والغربية والشمالية وصل في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام إلى 18 ألف شخص بينما لم يصل هذا العدد إلى عتبة الـ2500 شخص من الفترة عينها من العام 2017، وتعكس هذه الأرقام ملامح التحولات في طرق الهجرة وفي الوقت عينه تؤشر لتحولات السياسات الأوروبية المتبعة إزاء هذا الملف الشائك.
واضح حتى الآن أنه رغم تراجع أعداد الواصلين إلى أوروبا قياسا للموجات المتدفقة التي عرفتها في العامين 2015 – 2016، فإن المسؤولين الأوروبيين لم يجدوا «الحل السحري» لموضع الهجرات، لأن مثل هذا الحل غير موجود. وما يسعى إليه هؤلاء هو تحفيز بلدان المغرب لتلعب الدور الذي تلعبه تركيا، أي أن تمنع طلاب الهجرة واللجوء من اجتياز حدودها، بمعنى أن تلعب دور «الشرطي» لبلدان أوروبا. وفي الوقت عينه، تتبع أوروبا سياسة «العصا والجزرة» مع البلدان الأفريقية، بحيث تبين عن «كرم العطاء» مع تلك المتعاونة وتحجب مساعداتها جزئيا عن التي تفشل في لعب الدور المطلوب منها.



من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

هناك الكثير من الأحداث المهمة المنتظر حدوثها في عام 2025، بدءاً من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومروراً بالانتخابات في أوروبا واضطراب المناخ والتوقعات بانتهاء حرب أوكرانيا.

ونقل تقرير نشرته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية تفاصيل هذه الأحداث المتوقعة وكيفية تأثيرها على العالم ككل.

تنصيب دونالد ترمب

سيشهد شهر يناير (كانون الثاني) الحدث الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، بل وربما للعالم أجمع، وهو تنصيب ترمب ليصبح الرئيس السابع والأربعين لأميركا.

وسيقع هذا التنصيب في يوم 20 يناير، وقد تعهد الرئيس المنتخب بالقيام بتغييرات جذرية في سياسات بلاده الداخلية والخارجية فور تنصيبه.

ونقل مراسل لشبكة «سكاي نيوز» عن أحد كبار مستشاري ترمب قوله إنه يتوقع أن يوقّع الرئيس المنتخب على الكثير من «الأوامر التنفيذية» الرئاسية في يوم التنصيب.

وتنبأ المستشار بأنه، بعد لحظات من أدائه اليمين الدستورية «سيلغي ترمب قدراً كبيراً من إرث الرئيس الحالي جو بايدن ويحدد اتجاه أميركا للسنوات الأربع المقبلة».

وعلى الصعيد المحلي، سيقرّ ترمب سياسات هجرة جديدة جذرية.

وقد كانت الهجرة قضية رئيسية في الحملة الانتخابية للرئيس المنتخب، حيث إنه وعد بترحيل الملايين وتحقيق الاستقرار على الحدود مع المكسيك بعد عبور أعداد قياسية من المهاجرين بشكل غير قانوني في عهد بايدن.

ويتوقع الخبراء أن تكون عمليات الترحيل الجماعي التي وعد بها خاضعة لمعارك قانونية، إلا أن فريق ترمب سيقاتل بقوة لتنفيذها.

ومن المتوقع أيضاً أن يصدر ترمب عفواً جماعياً عن أولئك المتورطين في أحداث الشغب التي وقعت في 6 يناير 2021، حين اقتحم الآلاف من أنصاره مبنى الكونغرس بهدف منع التصديق على فوز بايدن بالانتخابات.

وعلى الصعيد الدولي، يتوقع الخبراء أن يكون لرئاسة ترمب تأثيرات عميقة على حرب أوكرانيا، والصراع في الشرق الأوسط، وأجندة المناخ، والتعريفات الجمركية التجارية.

ومن المتوقع أن ينسحب ترمب من اتفاقية باريس للمناخ؛ الأمر الذي سيجعل أميركا غير ملزمة بأهداف خفض الانبعاثات الكربونية.

وفيما يتعلق بأوكرانيا، قال ترمب إنه يستطيع تحقيق السلام وإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة.

أما بالنسبة للصراع في الشرق الأوسط، فقد هدَّد الرئيس الأميركي المنتخب حركة «حماس» بأنه «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن في غزة قبل 20 يناير (موعد تنصيبه) سيكون هناك جحيم يُدفع ثمنه في الشرق الأوسط». إلا أن الخبراء لا يمكنهم توقع كيف سيكون رد فعل ترمب المتوقع في هذا الشأن.

انتخابات أوروبا

سيبدأ العام بانتخابات في اثنتين من أبرز دول أوروبا، وهما فرنسا وألمانيا.

سينصبّ التركيز أولاً على برلين - من المرجح أن ينتهي الأمر بالليبرالي فريدريش ميرز مستشاراً لألمانيا؛ مما يحرك بلاده أكثر نحو اليمين.

ويتوقع الخبراء أن تكون أولويات ميرز هي السيطرة على الهجرة.

أما في فرنسا، فسيبدأ رئيس الوزراء الفرنسي السابق إدوارد فيليب في الترويج لنفسه ليحلّ محل إيمانويل ماكرون رئيساً، بحسب توقعات الخبراء.

ويعتقد الخبراء أيضاً أن يتطور دور جورجيا ميلوني وينمو من «مجرد» كونها زعيمة لإيطاليا لتصبح قناة الاتصال بين أوروبا وترمب.

علاوة على ذلك، ستجري رومانيا انتخابات لاختيار رئيس جديد في مارس (آذار) المقبل.

الأوضاع في الشرق الأوسط

يقول الخبراء إن التنبؤ بما قد يحدث في الشرق الأوسط هو أمر صعب للغاية.

وعلى الرغم من تهديد ترمب بتحويل الأمر «جحيماً» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن الموجودين في غزة، فإن وضع الرهائن لا يزال غير معروف وغير محسوم.

وعلى الرغم من التفاؤل الأخير بشأن المفاوضات، لا تزال الخلافات قائمة بين «حماس» وإسرائيل. لكن وقف إطلاق النار لا يزال محتملاً.

لكن أي هدنة ربما تكون مؤقتة، وهناك الكثير من الدلائل على أن الجيش الإسرائيلي ينوي البقاء في غزة في المستقبل المنظور مع تزايد الدعوات إلى احتلال دائم بين الساسة الإسرائيليين من أقصى اليمين.

وما لم يتحسن الوضع الإنساني في غزة بشكل كبير وسريع، فإن سمعة إسرائيل الدولية سوف تستمر في التردي في حين تنظر محكمة العدل الدولية في اتهامات بالإبادة الجماعية.

ويتوقع الخبراء أن يفكر نتنياهو في ضرب إيران، سواء لردع الحوثيين أو للتصدي للبرنامج النووي للبلاد، لكن قد يتراجع عن ذلك إذا لم يحصل على دعم من الرئيس الأميركي القادم.

ومن بين الأحداث التي يدعو الخبراء لمراقبتها من كثب هذا العام هي صحة المرشد الإيراني المسن علي خامنئي، التي كانت مصدراً لكثير من التكهنات في الأشهر الأخيرة، حيث ذكرت الكثير من التقارير الإعلامية أنها متردية للغاية.

أما بالنسبة لسوريا، فسيحتاج قادة سوريا الجدد إلى العمل على دفع البلاد للاستقرار وجمع الفصائل الدينية والعسكرية المختلفة، وإلا فإن التفاؤل المفرط الذي شوهد بعد الإطاحة ببشار الأسد سينقلب وتحلّ محله تهديدات بوقوع حرب أهلية جديدة بالبلاد.

العلاقات بين الصين والولايات المتحدة

قد تكتسب المنافسة بين الصين والولايات المتحدة زخماً كبيراً هذا العام إذا نفَّذ دونالد ترمب تهديداته التجارية.

وقد هدد الرئيس الأميركي المنتخب بفرض تعريفة جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع السلع الصينية؛ وهو ما قد يشعل حرباً تجارية عالمية ويتسبب في انهيار اقتصادي.

وتستعد بكين لمثل هذه المتاعب، وهي منخرطة بالفعل في إجراءات تجارية انتقامية مع الولايات المتحدة.

ودبلوماسياً، وفي حين توجد جهود لقلب العلاقة المتوترة بين المملكة المتحدة والصين، من المرجح أن تستمر مزاعم التجسس واتهامات التدخل الصيني في السياسة الأميركية، وهي اتهامات تنفيها بكين بشدة.

حرب أوكرانيا

يتوقع الخبراء أن تنتهي حرب أوكرانيا في عام 2025، مشيرين إلى أن القتال سيتوقف على الأرجح وأن الصراع سيتجمد.

وأشار الجانبان الروسي والأوكراني مؤخراً إلى استعدادهما لتقديم تنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لـ«سكاي نيوز» إنه على استعداد للتنازل عن الأراضي التي تسيطر عليها كييف، بينما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا مستعدة لتقديم تنازلات أيضاً.

إنه تحول دراماتيكي في اللهجة، نتج من انتخاب دونالد ترمب، بحسب الخبراء الذين قالوا إن المحادثات والتوصل لصفقة بات أمراً حتمياً الآن.

ومهما كانت النتيجة، ستقدمها روسيا للعالم على أنها انتصار لها.

ويعتقد الخبراء أن الكرملين يأمل في اختتام المفاوضات قبل التاسع من مايو (أيار)، الذي يصادف الذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية، ليكون الاحتفال الروسي مزدوجاً.

لكن المشاكل لن تنتهي عند هذا الحد بالنسبة لبوتين. فمع ارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة الروبل، وضعف الإنتاجية، سيكون الاقتصاد هو معركة روسيا التالية.