رئيس البرلمان و80 نائباً يزورون البصرة

للإطلاع على أوضاع المحافظة المنتفضة منذ 3 أشهر

رئيس البرلمان العراقي الجديد محمد الحلبوسي بعيد وصوله إلى البصرة أمس (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان العراقي الجديد محمد الحلبوسي بعيد وصوله إلى البصرة أمس (أ.ف.ب)
TT

رئيس البرلمان و80 نائباً يزورون البصرة

رئيس البرلمان العراقي الجديد محمد الحلبوسي بعيد وصوله إلى البصرة أمس (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان العراقي الجديد محمد الحلبوسي بعيد وصوله إلى البصرة أمس (أ.ف.ب)

زار رئيس البرلمان العراقي الجديد محمد الحلبوسي، أمس، رفقة ثمانين من النواب الجدد محافظة البصرة الجنوبية للاطلاع على أوضاع الخدمات المتردية التي يتظاهر السكان بسببها هناك منذ يوليو (تموز) الماضي. وكان في استقبال رئيس البرلمان ونائبيه والوفد النيابي المرافق لهم محافظ البصرة أسعد العيداني ورئيس مجلسها وليد حبيب كيطان.
وأكد الحلبوسي خلال حضوره الجلسة الاستثنائية التي عقدها مجلس محافظة البصرة لبحث الأوضاع في المحافظة على أن «زيارة وفد مجلس النواب باعتباره ممثلا لأبناء الشعب العراقي إلى المحافظة هي رسالة لأبنائها بأن مجلس النواب لم ولن يدخر جهدا لدعم وخدمة البصرة وأهلها». ونقل بيان عن الحلبوسي قوله إن «البرلمان سيواصل التنسيق مع الحكومة الاتحادية والمحلية لأجل إعادة الحياة للبصرة إلى جانب تفعيل الدورين الرقابي والتشريعي»، معتبراً أن «البصرة رئة العراق الاقتصادية وعنوان تضحياته من أقصاه إلى أقصاه في كل الأوقات وفي جميع المجالات» ودعا إلى «إطلاق تخصيصات البصرة التي أقرت في الموازنة العامة بالتنسيق مع وزارة التخطيط وفق التوقيتات المحددة، بعد تأخر وزارة المالية بالصرف».
وانطلقت مظاهرات احتجاجية غاصبة في البصرة مطلع يوليو الماضي ضد تردي الخدمات والبطالة وتلوث مياه الشرب، سعى خلالها المتظاهرون إلى الضغط على السلطات من خلال قطع الطرق المؤدية إلى بعض الحقول النفطية، ثم تطورت لاحقا لتبلغ ذروتها قبل نحو أسبوعين حين عمد المحتجون إلى حرق مقرات الأحزاب و«الحشد الشعبي» ومبنى القنصلية الإيرانية، وتفيد الإحصاءات شبه الرسمية بوقوع ما لا يقل عن 25 قتيلا وجرح نحو 400 شخص نتيجة الاحتكاكات التي حدثت بين المحتجين وعناصر الأمن.
من جانبه، أعلن النائب الأول لرئيس مجلس النواب السيد حسن كريم الكعبي في كلمته بالجلسة الاستثنائية لمجلس محافظة البصرة عقد جلسة برلمانية ثانية «لإيجاد حلول سريعة لمشكلات المحافظة وإطلاق مشروع البصرة العاصمة الاقتصادية للعراق لما له من أمور إيجابية في دعم البنى التحتية». وحذّر الكعبي بحسب بيان صادر عن مجلس النواب من «مخاطر تلوث المياه في محافظة البصرة كونها ظاهرة خطيرة يجب التوقف عندها بعد إصابة 27 ألف شخص بالتلوث». وطالب بتقليل المظاهر المسلحة الموجودة في المحافظة والحرص على سلمية المظاهرات وإخراج ما سماهم بـ«المندسين» منها.
بدوره، اعتبر النائب عن البصرة في تحالف «سائرون»، رامي السكيني، أن الزيارة «رسالة لأهل البصرة، مفادها أن البرلمان يضع على جدول أولوياته مشكلات المحافظة وأهلها ورغبته في المساهمة بإيجاد حلول لها».
ويعتقد السكيني في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الإجراءات البيروقراطية القائمة بين الحكومتين الاتحادية والمحلية أهم مشكلات البصرة، هناك روتين قاتل أضرّ بالمحافظة وسكانها، إضافة للمكائد السياسية القائمة وجاءت جميعها على حساب المواطنين».
وعلى الرغم من تأكيده على أن كلام الحكومة الاتحادية غير دقيق بشأن الأموال التي أطلقت للبصرة، يرى السكيني أن «المشكلة الأساسية ليست في المليارات التي تصل أو لا تصل، إنما في غياب الاستراتيجية الحقيقية والقوانين التي من شأنها النهوض بواقع المحافظة، فهي تحتاج إلى إطلاق قانون تشغيل العمالة الأجنبية وتفعيل قانون البترو دولار». وبشأن ما يمكن لمجلس النواب عمله لحل مشكلة البصرة، يرى أن «البرلمان ليس بيده الكثير في هذه الفترة، نظراً لعدم الانتهاء من تشكيل لجانه الرقابية والتخصصية، إضافة إلى عدم الانتهاء من انتخاب رئيسي الوزراء والجمهورية».
وفي سياق متصل بزيارة رئيس وأعضاء البرلمان، رحب الناشط البصري كاظم السهلاني بالزيارة وتمنى أن «لا يكرر رئيس مجلس النواب أخطاء رئيس الوزراء العبادي خلال زياراته للبصرة». وقال السهلاني لـ«الشرق الأوسط»: «من الجيد أن يدشن مجلس النواب أول أعماله بزيارة البصرة، لكن عليه أن لا يكرر أخطاء رئيس الوزراء العبادي، حين يلتقي في زيارته للبصرة المحافظ ومجلس المحافظة وقيادة العمليات ويهمل لقاء المادة الخصبة للحراك وهم الشباب المظاهرون». ويؤكد السهلاني أن «مكتب رئيس البرلمان محمد الحلبوسي اتصل ببعض النشطاء في البصرة قبل زيارته للمحافظة وكان يريد اللقاء ببعضهم، لكن لم يلتق بالمتظاهرين على حد علمي في زيارة الأخيرة، وهو بذلك يكرر نفس أخطاء العبادي».
واعترف السهلاني بتراجع حدة المظاهرات في الأسبوع الأخير نظرا «لانشغال الناس بطقوس شهر محرم وحملة الاعتقالات التي تعرض لها الناشطون»، لكنه توقع أن تتواصل بوتيرة أعلى بعد انقضاء الأيام العشرة الأولى من شهر محرم.
وبالتزامن مع زيارة الوفد النيابي، قالت مصادر أمنية في البصرة إن «مسلحين فتحوا نيران أسلحتهم الرشاشة باتجاه عجلة مدنية بداخلها أربعة أشخاص أثناء مرورها بمنطقة الخمسة ميل وسط مدينة البصرة، ما أسفر عن مقتل اثنين منهم وإصابة اثنين آخرين بجروح خطرة». وقامت قوة أمنية بنقل الجثمانين إلى دائرة الطب العدلي وإخلاء الجرحى لمستشفى قريب لتلقي العلاج. وتؤكد المصادر أن الحادث وقع على خلفية مشكلات عشائرية وليست سياسية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.