دريان يدعو الفرقاء للتعاون مع الحريري لتشكيل الحكومة

نائب من «المستقبل»: الثلث المعطل لن يمنح لأحد

مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في زيارة لرئيس الحكومة الأسبق سليم الحص بمنزله أمس (الوكالة الوطنية)
مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في زيارة لرئيس الحكومة الأسبق سليم الحص بمنزله أمس (الوكالة الوطنية)
TT

دريان يدعو الفرقاء للتعاون مع الحريري لتشكيل الحكومة

مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في زيارة لرئيس الحكومة الأسبق سليم الحص بمنزله أمس (الوكالة الوطنية)
مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في زيارة لرئيس الحكومة الأسبق سليم الحص بمنزله أمس (الوكالة الوطنية)

دعا مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان الأفرقاء اللبنانيين إلى التعاون مع الرئيس المكلف سعد الحريري لإنجاز التشكيلة الحكومية.
وجاء كلام دريان بعد لقائه رئيس الحكومة الأسبق سليم الحص الذي وصف الجلسة معه بـ«المثمرة والمفيدة»، داعيا إلى الاستفادة من خبرته وتجربته أثناء توليه سدة رئاسة مجلس الوزراء. وأضاف: «لقد تداولنا في قضايا الوطن الراهنة، وأكدنا ضرورة التمسك بالدستور وبـ(اتفاق الطائف)، لأن (اتفاق الطائف) هو الذي يحفظ وحدة اللبنانيين، وهو الذي يحفظ الاستقرار السياسي والمؤسساتي في لبنان».
وتمنى دريان أن يتم تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن، عادّاً أن «هذا الأمر يتطلب من جميع الفرقاء أن يتعاونوا مع الرئيس المكلف لإنجاز التشكيلة، لأننا في وضع مقلق في لبنان، ونحن في أزمة حقيقية، الخروج منها يكون بالاستفادة من خبرة الكبار أمثال الرئيس الدكتور سليم الحص، وأيضا بتكاتف الجميع لتغليب المصلحة الوطنية على غيرها من المصالح الحزبية، أو مصالح التيارات السياسية».
وأكد أن «المطلوب من الجميع أمام الواقع المقلق في لبنان أن يبادروا إلى التواضع والتنازل، لأن من يتنازل لمصلحة الوطن هو الذي يكون رابحا في النهاية».
ولفت إلى أن «اللبنانيين ينتظرون تشكيل هذه الحكومة تخفيفا لأعبائهم الحياتية والمعيشية والاقتصادية، وعلى الجميع أن يتعاونوا من أجل خروج الوطن من هذه الأزمة الكبيرة، وخروج المواطنين أيضا من أزماتهم المعيشية». ونقل كذلك عن الحص «قلقه من الأوضاع، وأمله بأن يتم تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن، لأن البلد يحتاج إلى حكومة إنقاذ وطني يتواضع فيها الجميع، ويكون مجلس الوزراء المقبل مجلسا منسجما مع بعضه ومتعاونا من أجل إيجاد الحلول لكل أزماتنا».
وفي سياق العقد المستمرة حيال تشكيل الحكومة، وصف النائب في «القوات اللبنانية» وهبي قاطيشا الوضع بالقول: «لا نزال في مكاننا»، وهو ما أكد عليه النائب في «تيار المستقبل» محمد القرعاوي، عادّاً أن «عُقد تأليف الحكومة ما زالت هي هي، ولم تحصل حتى الساعة تطورات إيجابية تساعد في عملية التشكيل».
ولفت القرعاوي إلى «أن أي تعديل على الصيغة السابقة، التي سلمها الرئيس سعد الحريري للرئيس ميشال عون، يستوجب موافقة كل الأطراف، والرئيس المكلف يقوم بتدوير الزوايا على أمل الخروج من هذا النفق».
وأكد القرعاوي أن «الحريري ليس في وارد التخلي عن حكومة الوحدة الوطنية واللجوء إلى خيار حكومة طوارئ من خارج مجلس النواب، كما يشير البعض. كما أنه في المقابل، لن يسمح بإعطاء رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر 11 وزيرا، أي الثلث المعطل، الذي لن يعطى لأي كان، لا لفريق رئيس الجمهورية، ولا لأي فريق آخر».
بدوره، قال قاطيشا في حديث إذاعي «في الأساس، منذ التفكير في تأليف الحكومة هناك فريق يريد أن يهيمن ويتسلط ويستأثر بكل شيء، من أجل ذلك يسعى إلى تعقيد تأليف الحكومة رغم كل التسهيلات التي قدمها الأفرقاء ومنهم (تيار المستقبل) بشخص الرئيس الحريري، و(القوات اللبنانية) التي تراجعت عن مطالبتها بنائب رئيس الحكومة وبوزارة سيادية إلى وزارة خدماتية. ولا يزال الفريق الآخر يصر على إلغائنا سياسيا نحن وكل المكونات السيادية في لبنان، ويتحكم بمسارها السياسي ومصيرها، وهذا مستحيل لأن لبنان لا يقوم إلا على التوازن، لذلك من المؤسف القول إن العقد لا تزال في مكانها».
وقال إن وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل «دائما يتحدث شيئا ويفعل شيئا آخر، ويشير إلى أنه حقق إنجازات، وشركة الكهرباء لا تزال على حالها والتقنين مستمر ويتهم الوزارات الأخرى بعدم تحقيق أي إنجاز».
وأضاف: «يريد باسيل أن يربح العهد وجعله عهدا قويا، والسؤال: كيف سيصبح قويا بالسرقة والنهب والملفات الكثيرة؟ هذا الوزير يجب أن يوضع له حد، يتحكم بتأليف الحكومة وكلما واجه الرئيس عون مشكلة يحيلها على باسيل. هذا أمر غير مجد وغير فاعل».
وعن الصيغ المقترحة على «القوات»، قال: «هم يطرحون فقط في الإعلام ثم يتنصلون من كل الكلام. كل الأمور تطرح هكذا من دون أي حس بالمسؤولية من أجل معرفة رد الفعل».
وطالب قاطيشا «فخامة الرئيس بوضع حد للوزير باسيل»، قائلا: «دائما كنا نعتبر أن الرئيس هو صمام الأمان، وخصوصا إذا كان متحررا من الهيمنة السورية ومن هيمنة المحور الآخر. يجب أن يكون رئيس الجمهورية متحررا ويحرر عهده من سطوة صهره عليه».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.