مصر تبني 20 مدينة جديدة لاستيعاب 30 مليون شخص

توفر الملايين من فرص العمل وتواجه عشوائية البناء

جانب من العاصمة الإدارية الجديدة
جانب من العاصمة الإدارية الجديدة
TT

مصر تبني 20 مدينة جديدة لاستيعاب 30 مليون شخص

جانب من العاصمة الإدارية الجديدة
جانب من العاصمة الإدارية الجديدة

في ظل ازدهار سوق العقارات المصرية، واعتبارها من أفضل وأكثر أنواع الاستثمار أماناً، ومع ازدياد الطلب على شراء العقارات من داخل مصر وخارجها، دخلت مصر طرفاً في سوق العقارات وبدأت في إنشاء 20 مدينة جديدة في مختلف أنحاء البلاد، لاستيعاب نحو 30 مليون نسمة، ومواجهة عشوائية البناء، وهو ما اعتبره خبراء «نقلة نوعية في حياة السكان»، مشيرين إلى أن السوق العقارية تستوعب مزيداً من المشروعات، ومطالبين بتنشيط «تصدير العقار»، وتنظيم العلاقة بين المطور العقاري والعميل.
المدن الجديدة تتولى إنشاءها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، التابعة لوزارة الإسكان المصرية، ومن المقرر إنشاؤها على مساحة 580 ألف فدان، وفقاً لتصريحات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، ووزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، الذي أكد أن هذه المدن «تستوعب 30 مليون نسمة، وتوفر ملايين من فرص العمل»، ويأتي إنشاؤها ضمن ما يعرف بـ«مدن الجيل الرابع»، التي «تراعي توفير حياة أفضل للمواطن، من خلال فرص سكن واستثمار وعمل، وتعمل على مواجهة النمو العقاري غير المخطط أو العشوائي»، على حد تعبير مدبولي.
الدكتور تامر ممتاز، الخبير الاقتصادي واستشاري التخطيط والإدارة، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «سوق العقارات في مصر تسمح بهذه الزيادة وأكثر منها»، مشيراً إلى «إقبال الناس على شراء العقارات وحجز وحدات سكنية وإدارية في أي مشروع سكني يتم الإعلان عنه، ما يعني أن حجم الطلب ما زال أكبر من حجم العرض»، على حد قوله.
وأوضح ممتاز أن هذا الإقبال يرجع لعدة أسباب أولها «الاستثمار»، أو «تسقيع الوحدات السكنية والأراضي»، وفقاً للتعبير الدارج، وقال إن «كثيراً من المواطنين يتعاملون مع العقار باعتباره نوعاً من الاستثمار، ويشترونه بهدف البيع عندما ترتفع قيمته»، أما السبب الثاني، فهو «الحاجة لهذا العقار لأغراض سكنية أو تجارية».
ووفقاً للإحصاءات الرسمية، فإن السوق العقارية المصرية تحتاج إلى 200 ألف عقار سنوياً. وقال تقرير رسمي أصدره الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر عن حجم الاستثمارات في القطاعات المختلفة خلال الربع الثاني من العام المالي 2017/ 2018، إن «قطاع العقارات استحوذ على 14.4 في المائة من إجمالي الاستثمارات في القطاعات المختلفة»، وهذه أعلى نسبة بين قطاعات الاستثمار المختلفة. وقالت وزارة الاستثمار إن «قطاع العقار أسهم بـ15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2017».
وتأتي مشروعات وزارة الإسكان الجديدة محاولة لـ«الخروج من الوادي الضيق»، الذي سكنه المصريون على مدار العقود الماضية، على حد قول ممتاز، مشيراً إلى أن «هذه المدن تعد نقلة نوعية كبيرة للسكان».
ووفقاً لما أعلنته وزارة الإسكان، فإن المدن الجديدة هي العاصمة الإدارية الجديدة وتجمع جنوب القاهرة الجديدة في محافظة القاهرة، و6 أكتوبر الجديدة وحدائق أكتوبر وامتداد الشيخ زايد وسفنكس الجديدة والوراق الجديدة في محافظة الجيزة، والعبور الجديدة في محافظة القليوبية، والعلمين الجديدة في محافظة مطروح، والمنصورة الجديدة في محافظة الدقهلية، وامتداد النوبارية الجديدة في محافظة البحيرة، وشرق بورسعيد «سلام» وغرب بورسعيد في محافظة بورسعيد، وبئر العبد الجديدة في محافظة شمال سيناء، والفشن الجديدة في محافظة بني سويف، وملوي الجديدة في محافظة المنيا، وغرب أسيوط في محافظة أسيوط، وغرب قنا في محافظة قنا، والأقصر الجديدة في محافظة الأقصر، وتوشكى في محافظة أسوان.
وعلى مدار السنوات الماضية، تم إنشاء كثير من المدن والتجمعات العمرانية الجديدة، لكن ذلك لم يفلح في الحد من التكدس حول الوادي الضيق، وظل كثير من هذه التجمعات خصوصاً في الجنوب خاوياً، نظراً لارتباط المصريين بالسكن حول مقار عملهم.
الدكتور ممتاز يرى أن هذه المدن الجديدة ستكون مسكناً «لمن يرغبون في العزلة والبعد عن الزحام والضجيج، وقد تجذب من وصلوا إلى سن المعاش ولم يعودوا مرتبطين بأعمال داخل المدن القديمة»، مشيراً إلى «ضرورة الحرص على توفير فرص عمل داخل هذه المدن الجديدة لجذب الناس إليها».
ويبدو أن مشروعات مدن الجيل الرابع تراعي هذه النقطة، فوفقاً لتصريحات المهندس عبد المطلب ممدوح، نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لتنمية وتطوير المدن، فإن «العاصمة الإدارية الجديدة تتضمن إنشاء 20 برجاً بأغراض تجارية وإدارية، كما تتضمن حياً حكومياً يضم مؤسسات الدولة الرسمية، وفي السياق نفسه فإن مدينة 6 أكتوبر الجديدة تضم مشروعات عمرانية متكاملة، وسوقاً للجملة، وميناء جافاً، ومدينة للحرفيين».
وأشار المهندس وليد عباس معاون وزير الإسكان لشؤون هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، إلى أن «مدينة العلمين الجديدة تضم أنشطة سياحية وسكنية متنوعة، أما مدينة توشكى الجديدة فتضم منطقة صناعية وأخرى لوجيستية، ومنطقة جمعية المستثمرين الصينيين بمصر، وأنشطة تصنيع غذائي»، على حد قوله.
ورغم ذلك، فإن معظم مخططات المشروعات الأخرى حتى الآن هي مخططات سكنية بالدرجة الأولى، مع توفير خدمات متنوعة من مراكز تجارية ومدارس ومستشفيات، وتأتي العاصمة الإدارية الجديدة، ومدينة العلمين الجديدة في مقدمة هذه المدن، حيث يجري إنشاؤهما حالياً، وطرح وحداتهما السكنية والإدارية للبيع، بأسعار مرتفعة نسبياً، حيث أسهمت الطفرة العقارية الأخيرة في رفع أسعار العقارات، خصوصاً مع ارتفاع أسعار مواد البناء.
واعتبر الدكتور ممتاز هذا الارتفاع في الأسعار «مفيداً»، حيث «تستخدم الدولة عائدات بيع الأراضي والعقارات لشركات التطوير العقاري في توفير خدمات أفضل للمواطنين في مجالات الطرق والصحة والتعليم»، على حد تعبيره، مشيراً إلى أن «الثقة التي تتمتع بها هذه الشركات ونوعية المشروعات التي يتم إنشاؤها من أبراج وخدمات سياحية، أسهمت في رفع الأسعار».
في المقابل، طالب ياسر شعبان الخبير العقاري، بأن تساعد الدولة في تسويق هذه العقارات، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحل في تصدير العقار، ولا بد من أن توجه الدولة جهودها نحو هذا الجانب، فأسعار العقارات في مصر لا تعتبر مرتفعة إذا تمت مقارنتها بأسعار العقارات في الخارج تحديداً في دول الخليج، مع الأخذ في الاعتبار فارق العملة»، مشيراً إلى أن «سوق العقارات في مصر بوضعها الحالية جاذبة للمستثمرين من دول الخليج»، لكن «الأمر يتطلب إلى جانب التسويق، العمل على تنظيم العلاقة بين المطور العقاري والعميل بشكل قانوني بما يكفل حقوق الطرفين».
وفي ظل هذه الطفرة العقارية وكثرة المشروعات في مختلف محافظات مصر، فإن بعض الخبراء يتوقعون أن تشهد السوق المصرية أزمة في الفترة المقبلة، فيما يعرف بالفقاعة العقارية، إذ إن معظم المشروعات يتم بيعها بتسهيلات في السداد تصل إلى 10 سنوات، وتعتمد شركات العقارات في استكمال المشروعات على الدفعات والأقساط التي يدفعها حاجزو الوحدات السكنية.
ويوضح ممتاز أنه «نتيجة لارتفاع نسبة التضخم، فإن قيمة العقار ما زالت أعلى من قيمة الدين، إضافة إلى أن عدد الوحدات الممولة عقارياً ليس كبيراً»، وقال إن «السوق العقارية المصرية هي من تقود التنمية وتوفر فرص عمل لكثير من المواطنين».
وتواصل وزارة الإسكان المصرية العمل في المدن العشرين بالتوازي بهدف الانتهاء منها في أقرب وقت ممكن، في إطار ما يوصف بـ«الطفرة العقارية» التي تشهدها السوق المصرية.


مقالات ذات صلة

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

عالم الاعمال «أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

أعلنت شركة «أنكس للتطوير»، التابعة لمجموعة «أنكس القابضة»، إطلاق مشروعها الجديد «إيفورا ريزيدنسز» الذي يقع في منطقة الفرجان.

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

بفضل النمو السكاني... توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على العقارات السعودية

تتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني، أن يظل الطلب على العقارات السكنية في السعودية مرتفعاً، لا سيما في الرياض وجدة، وذلك بفضل النمو السكاني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح سلطنة عمان في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (وزارة الإسكان العمانية)

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

عرضت سلطنة عمان خلال مشاركتها في أكبر معرض عقاري عالمي، «سيتي سكيب 2024» الذي يختتم أعماله الخميس في الرياض، مشروعاتها وفرصها الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ارتفعت الإيجارات السكنية بنسبة 11 % في أكتوبر (واس)

التضخم في السعودية يسجل 1.9 % في أكتوبر على أساس سنوي

ارتفع معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 1.9 في المائة خلال شهر أكتوبر على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد زوار يطلعون على أحد مشاريع الشركة الوطنية للإسكان في معرض «سيتي سكيب العالمي» (الشرق الأوسط)

«سيتي سكيب»... تحالفات محلية ودولية لرفع كفاءة العقار بالسعودية

شهد معرض «سيتي سكيب العالمي»، المقام حالياً في الرياض، عدداً من التحالفات المحلية والدولية ضمن الشركات المجتازة لبرنامج «الدعم والتمكين للتطوير العقاري».

بندر مسلم (الرياض)

«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
TT

«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)

تبرز المنازل الذكية خياراً جديداً في أسلوب الحياة مع التسارع الذي تشهده التقنيات المنزلية؛ مما يعتقد أنها تجعل الحياة أسهل من خلال التحكم في مرافق المنازل عبر الهاتف المحمول، الأمر الذي يضم هذا الاستخدام ضمن استخدامات كثيرة عبر تلك الأجهزة المحمولة.
ويمكن الآن التحكم بكل شيء في المنزل وفق طرق سهلة، سواء كان ذلك تشغيل الإضاءة أو فتح الستائر، أو تشغيل الواي فاي، أو تعديل درجة الحرارة، وفتح وإغلاق قفل الباب الأمامي، وحتى إشعال وإطفاء الموقد، حيث يقضي معظم الأفراد أغلب أوقاته في المنزل أكثر من أي مكان آخر، ومع ذلك التفكير بالتكنولوجيا عندما التواجد في المنزل يكون أقل مقارنة بالخارج فيما عدا تقنية الواي فاي.
غدت الصورة عن المنزل التي تتمثل بأنه مكان خالٍ من التكنولوجيا على وشك التغيير، فحان وقت النظر إلى الأجهزة الكثيرة المتناثرة في أنحاء المنزل، سواء كان التلفزيون في غرفة المعيشة، أو الثلاجة في المطبخ، أو المكيّف في غرف النوم، أو حتى جهاز تسخين المياه في الحمامات. وأصبح الأفراد محاطين بالإلكترونيات التي يتم وصفها بالأجهزة الذكية بشكل متزايد كل يوم، فهي تملك أجهزة استشعار تمكّنها من تسجيل البيانات ومشاركتها عبر الإنترنت. ويوجد اليوم نحو 31 مليار جهاز متصل بالإنترنت، ومن المفترض أن يرتفع هذا العدد إلى 75.4 مليار بحلول عام 2025، وفقاً لتقديرات وكالة الأبحاث «ستسيتا».
ولا شك بأن السؤال الذي يسيطر في الوقت الحالي هو، متى ستصبح المنازل أكثر ذكاءً عبر وصل جميع هذه الأجهزة بمركز واحد، ليتم التمكن من القياس والتحكم بكل شيء داخل المنازل. وتتجاوز رؤية المنزل الذكي مفهوم الراحة، حيث ستكون التقنيات الجديدة ذات تأثير عميق وإيجابي على الصحة من خلال مراقبة النظام الغذائي وظروف البيئة المحيطة في الأشخاص ورفاهيتهم بشكل عام. وسيتمكن الأطباء بفضل التكنولوجيا من معرفة حالة الأشخاص بالوقت الفعلي كما سيكون تاريخهم الطبي في متناول اليد قبل حتى إخبار الأطباء به. وعلاوة على ذلك، ستمكن المنازل الذكية العاملين في الرعاية الصحية من علاج الأمراض بشكل استباقي.
وسيمتد تأثير التكنولوجيا أيضاً إلى طريقة التعليم والتعلُّم عند وصل أجهزة التعلم الخاصة بالأطفال بأجهزة معلميهم، لتعزيز التفاعل والتعليم المخصص، وسيزداد التركيز على التدريس عبر الوسائط المتعددة، حيث سنتمكن من تحقيق فكرة غرف الدراسة الافتراضية على أرض الواقع، وسيتمكن البالغون أيضاً من إكمال دراستهم من النقطة التي توقفوا عندها، وذلك عبر الدورات التي تم تطويرها للتعلّم المنزلي والتي يمكن بثها على شاشات الأجهزة.
وتعد البيئة المحرك الأهم لتقنيات المنزل الذكي، وخاصة بما يتعلق بتأثير الأشخاص عليها، حيث تستطيع الأتمتة المنزلية الذكية أن تخفّض استهلاك الطاقة والمياه في المباني إلى حد كبير. وصحيح بأن المستهلك سيستخدم المزيد من الأجهزة التي تعمل بالطاقة الكهربائية، إلا أن حلول المنزل الذكي المدعمة بالذكاء الصناعي تستطيع أن تتعرف على سلوك من يعيشون في المنزل وتشغيل الأجهزة أو إيقافها استناداً إلى الروتين اليومي للمستخدم. وسنتمكن مع هذه الحلول الذكية عبر نظرة واحدة على الهواتف المحمولة من معرفة مقدار الطاقة والمياه المستهلكة وتكلفتها. وبالنظر إلى ارتفاع تكلفتهما بشكل مستمر، سيضطر أصحاب المنازل والمرافق والحكومات إلى البحث عن طرق أفضل وأكثر فاعلية للحد من التلوث البيئي، وجعل الحياة أكثر استدامة.
وقد تبدو هذه الأفكار التقنية بعيدة التحقيق، إلا أنها حالياً في مراحل التصميم في مشاريع مثل «نيوم»، المبادرة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، والتي تعد حجر الأساس في «رؤية السعودية 2030»، كما أنها وصفت كأضخم مشروع حضري في العالم اليوم. وستعيد هذه المبادرة تعريف طريقة العيش وستركز في جزء كبير منها على المنازل.
وقال نجيب النعيم، رئيس مجلس إدارة العمليات في «شنايدر إلكتريك» السعودية: «سيكون لمبادرة (نيوم) تأثير غير مباشر على المنطقة بشكل عام، وينبغي أن تصبح المنازل الذكية القاعدة السائدة في الشرق الأوسط بحلول عام 2030. ويبدو لنا أن المنازل الذكية ستستمر في النمو مستقبلاً؛ مما يعني أن طريقة عيشنا اليومية ستتغير بشكل كبير». وبدأت الشركة الاستثمار في أتمتة المنزل الذكي منذ عقود من الزمن، ويعتقد النعيم بأن طريقة عيشنا «ستكون مختلفة بشكل جذري في المستقبل».

التطورات في تقنيات المنزل الذكي
تتطور التكنولوجيا اليوم بوتيرة متسارعة وتقنيات المنزل الذكي ليست استثناءً، والتساؤل يتمحور في معنى هذا التطور من حيث الأداء العملي، وكيف يمكن أن تؤثر البيوت الذكية على الحياة.
الذكاء الصناعي: سيكون الذكاء الصناعي في صميم التقنيات في المنازل المستقبلية، وستتمكن المنازل الذكية من تتبع موقع الأشخاص داخل المنزل، إما عن طريق جهاز استشعار إلكتروني يتم تركيبه على الملابس أو أجهزة استشعار إلكترونية داخل المنزل. وسيمتلك المنزل القدرة على تحديد هوية الأشخاص وأماكنهم، وسيستخدم هذه المعلومات لتلبية الاحتياجات وتوقعها أيضاً. وسيكون المنزل قادراً على ضبط كل شيء بدءاً من التدفئة والتبريد إلى الموسيقى والإضاءة، وكل ذلك حسب احتياجات الشخص الذي سيدخل من باب المنزل.
الإضاءة الذكية: ستُحدث الإضاءة الذكية ثورة في طريقة إضاءة المنازل، فهي تعمل على ضبط نفسها تلقائياً من خلال الكشف عن وجود الأشخاص في الغرفة، وحال خروجهم من هناك، تصبح الأنوار خافتة أو يتم إطفاؤها تماماً. كما يمكن أن تطبق الإضاءة الذكية على نشاطات الأشخاص؛ فعلى سبيل المثال، يمكن لأجهزة استشعار الضغط إطفاء الأنوار عند الاستلقاء في السرير بعد وقت معين، وستكتشف المستشعرات استيقاظ الأفراد لاستخدام الحمام وتقوم بتشغيل الإنارة. وتضبط الإضاءة درجة سطوعها تلقائياً وفقاً لفترات اليوم، وسيتذكر المنزل الذكي الروتين الخاص بالمستخدم ليتمكن من تخصيص كل جهاز في منزلك حسب الرغبة.
الأقفال الذكية: يمكن أيضاً برمجة الأقفال الذكية وفقاً لاحتياجات الأفراد، فيمكن السماح للزوار بالدخول أو منعهم بناءً على سمات تعريفية محددة. كما يمكنك السماح بالدخول لشخص ما، مثل حامل البريد عن بُعد. ويمكن إرسال رموز فتح الأقفال الافتراضية عبر تطبيق إلكتروني وفتح الباب عبر استخدام الهاتف المحمول.
مراقبة المنزل: تستطيع الأنظمة الأمنية الذكية مراقبة المنزل بشكل مستقل، والإبلاغ عن أي حوادث غير مسبوقة لمالك المنزل، وإبلاغ خدمات الطوارئ إذا لزم الأمر. وتستطيع المنازل الذكية أيضاً مراقبة كبار السن الذين يعيشون بمفردهم، فتقدم لهم يد المساعدة كتذكيرهم بتناول أدويتهم وضمان إتمامهم للمهام اليومية بنجاح وأمان. وفي حالات الطوارئ كالسقوط أو الحوادث، سيتمكن نظام المنزل الذكي من إخطار خدمات الطوارئ والسماح لهم بالدخول تلقائياً.
نظام التكييف: يعد التكييف من الضروريات الأساسية في دول الخليج، وعلى الرغم من ذلك لن يتغير قريباً، فإن الحلول المنزلية الذكية يمكن أن تقلل استهلاك الطاقة التي نستخدمها لتشغيل أنظمة التبريد لدينا في الصيف وأنظمة التدفئة في الشتاء بشكل كبير. فمن خلال التعلم الذاتي لسلوك واحتياجات الأسرة بالنسبة لتدفئة وتبريد المنزل مع مرور الوقت وإقران تلك المعلومات مع درجة الحرارة داخل المنزل وخارجه، يستطيع منظم الحرارة الذكي تقليص قيمة فواتير استهلاك الطاقة بنسبة 15 في المائة أو أكثر؛ مما سيختصر على الوالدين تأنيب الأطفال للتوقف عن العبث بمفتاح الطاقة.
طريقة دمج الأجهزة الذكية بنظام المنزل الذكي: يملك كل واحد منا الكثير من الأجهزة الذكية في المنزل والتي يمكن وصلها بشبكة الإنترنت. وما يحتاج إليه معظم الأشخاص هو وسيلة بسيطة بأسعار معقولة لإيصال جميع هذه الأجهزة بنظام واحد. ويؤمن نجيب النعيم من شركة «شنايدر إلكتريك» بأن تطبيق ويزر الذي أطلقته الشركة ومفهوم المنزل المتصل المتطور (سكوير دي) ربما يكون الحل المثالي لمن يبحثون عن تقنية المنزل الذكي الرائدة اليوم.
وقال النعيم «سيتطلب تحقيق ذلك شركة ذات خبرة بالطاقة والكهرباء والخدمات الرقمية والأجهزة والبرامج لتنشئ جهاز تحكم المنزل الذكي الذي نحتاج إليه جميعاً. ويعمل تطبيق (ويزر) من جهاز واحد نحمله بيدنا دائماً هو الهاتف المتحرك. ومن خلال وصل كل جهاز لدينا في المنزل بالإنترنت والتحكم به عبر (ويزر) سنتمكن من مراقبة كافة أجهزتنا والتحكم بها بطريقة آمنة ومن جهاز واحد».
وتهدف «شنايدر» على المدى الطويل إلى إضافة مستشعرات في جميع المعدات الكهربائية في المنزل لتتيح قياس استهلاك الطاقة والتحكم بالأجهزة، إما مباشرة أو من خلال الذكاء الصناعي، ومساعدة أصحاب المنازل والمباني على إنشاء «شبكات كهربائية صغيرة» من خلال دمج البطاريات وأجهزة الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية. وبهذا قد تصبح الأسلاك الكهربائية والمقابس والقواطع الخاصة بك العمود الفقري الذكي لمنزلك المستقبلي.
«شنايدر» هي من المشاركين في مبادرة «موطن الابتكار» التابعة لشركة «سابك»، وهي مشروع يهدف إلى إنشاء منزل تجريبي متكامل بأثاثه لتوفير تجربة عيش حديثة ومريحة ومستدامة، وإلى رفد السعودية بالمشاريع المستدامة. ويعرض مشروع «موطن الابتكار» ما يمكن تحقيقه عندما تتعاون الشركات العالمية مع رواد الأبحاث مثل «سابك» لابتكار أفكار جديدة من شأنها أن تثير اهتمام السعوديين وتُطلعهم على ما ستبدو عليه منازلهم في المستقبل.
وقال النعيم: «لم تتغير منازلنا كثيراً على الرغم من كمية التقنيات المحيطة بنا. وأصبح ذلك على وشك التغيير، فسنستذكر مستقبلاً الماضي بعد عقد من الزمن، ونتساءل لماذا لم نختر مفهوم المنزل الذكي في وقت أبكر. وسيحدث ذلك ثورة في طريقة راحتنا وعملنا ولعبنا. وأعتقد أن السعودية ستقود مسيرة التطور التقني في المنازل الذكية بفضل مشاريعها الرائدة مثل (نيوم)».