10 خطوات مهدت لصفقة إدلب وضربة اللاذقية

تحليل إخباري

TT

10 خطوات مهدت لصفقة إدلب وضربة اللاذقية

الطريق إلى «خريطة الطريق» بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان حول مستقبل إدلب، تضمن الكثير من تبادل الحشد العسكري والتهديدات الدبلوماسية والحملات الإعلامية بين موسكو وحلفائها من جهة وواشنطن وحلفائها من جهة ثانية. لذلك، لم يكن مفاجئاً أن تعقب الصفقة خطوات عسكرية تصعيدية: ضربات إسرائيلية على مواقع إيرانية قرب قاعدة روسية ردت عليها مضادات سورية وأصابت طائرة روسية.
هنا أهم عشر خطوات سبقت الوصول إلى صفقة سوتشي وضربة اللاذقية:
1 - في 12 الشهر الجاري، جمدت القوات الروسية غاراتها على ريف إدلب وأمرت قوات الحكومة السورية بتجميد خطة التقدم البري لتنفيذ المرحلة الأولى من الخطة التي كانت تتضمن السيطرة على مناطق شمال حماة وغرب حلب وجسر الشغور شرق اللاذقية. في المقابل، اتجه تركيز دمشق وموسكو إلى محاربة «داعش» شرق السويداء وقرب قاعدة التنف الأميركية في زاوية الحدود السورية - العراقية - الأردنية.
2 - جاء هذا بعد فشل القمة الروسية - التركية - الإيرانية في طهران في 7 من الشهر الحالي في التوصل إلى خطة لحل معضلة إدلب بين اقتراح أنقرة خيار التسوية و«الفصل» بين المتطرفين والمعتدلين ورغبة موسكو باعتماد الخيار العسكري ورفض اقتراح أنقرة لوقف النار في شمال سوريا.
3 - أبلغ البيت الأبيض الكرملين بأن إدارة الرئيس دونالد ترمب مستعدة لـ«المحاسبة» على أي عمل عسكري تقوم به دمشق في إدلب وليس فقط ردا على استخدام الكيماوي.
كما أبلغ المبعوث الأميركي الجديد جيمس جيفري خلال جولته في المنطقة بين 1 و4 الشهر الجاري الجانب التركي بأن واشنطن تدعم أنقرة بالوصول إلى حل وترتيبات في شمال سوريا وعدم اعتماد الحل العسكري ومنع حصول «كارثة إنسانية» هناك بسبب وجود حوالي ثلاثة ملايين شخص نصفهم من النازحين. وتضمن الموقف الأميركي تحميل موسكو مسؤولية حصول «الكارثة» المحتملة الناجمة عن العمل العسكري.
4. بالتوازي مع إرسال دمشق تعزيزات عسكرية إلى ريف إدلب، ضاعف إردوغان عدد الجنود الأتراك ونوعية السلاح الثقيل في الشمال السوري. وجرى الحديث عن وجود 23 ألف جندي. وهناك من تحدث عن 30 ألفا من فصائل المعارضة والوحدات التركية الخاصة. كما أفيد بتسليم أنقرة السلاح النوعي بينه مضادات جوية وعربات إلى فصائل المعارضة التي تشكلت في نهاية يوليو (تموز) الماضي. وأعلن مسؤولون أتراك أن إدلب «جزء من الأمن القومي التركي».
5 - تحركات مدنية وسياسية في إدلب تضمنت مظاهرات بأكثر من 100 نقطة، فيها لافتات وشعارات رافضة لعودة النظام إلى الشمال ورافضة لـ«جبهة النصرة»، إضافة إلى إرسال جمعيات مدنية رسائل إلى الأمم المتحدة تركز على الجانب المدني في الشمال.
6 - توتر عسكري أميركي - روسي، إذ إن الناطق باسم القيادة المركزية الأميركية إيرل براون قال في 9 سبتمبر (أيلول) إن الروس أبلغوا الأميركيين في مذكرة خطية عبر قناة «منع الصدام» عزمهم الدخول إلى قاعدة التنف، لكنه قال إن واشنطن لا تريد التصعيد مع موسكو أو دمشق لكنها «لن تتردد في استخدام القوة الضرورية والمتناسبة للدفاع عن القوات الأميركية أو قوات التحالف وفصائل حليفة، كما أثبتنا بوضوح في الحالات السابقة»، في إشارة إلى قصف واشنطن عناصر موالية لدمشق.
7 - تزامن هذا التصريح مع تسريب القيادة المركزية فيديو عن تدريبات لقوات التحالف وأميركا في التنف. كما أفيد بوصول معدات عسكرية إلى القوات الأميركية و«قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية الحليفة لواشنطن. وجرى بين موسكو وواشنطن تبادل الاتهامات حول «سيناريو كيماوي» في إدلب يمهد لضربات لمواقع الحكومة من البحر المتوسط.
8 - أطلع رئيس هيئة الأركان الأميركية جوزيف دانفورد الرئيس دونالد ترمب على خطط العمليات في سوريا. وقال في طريقه إلى الهند في 8 سبتمبر: «ينبغي ألا ينظروا إلى التنف كهدف سهل». ردت موسكو على ذلك في اليوم التالي، عندما قال الجنرال فلاديمير سافتشينكو من المركز الروسي للمصالحة في 9 سبتمبر إن طائرتين أميركيتين من طراز «F - 15» استخدمتا الفوسفور في قصف دير الزور، الأمر الذي نفته واشنطن.
9 - حشدت واشنطن بالتواصل مع لندن وباريس وبرلين للاستعداد عسكريا للرد على استعمال الكيماوي في إدلب. كما تم حشد قطع بحرية أميركية وبريطانية وفرنسية في البحر المتوسط مقابل السواحل السورية. وقيل أن الضربة المقبلة ستكون «أقوى وأعنف» مما حصل في أبريل (نيسان) عامي 2017 على الشعيرات وسط سوريا و2018 قرب دمشق ووسط سوريا.
10 - بالتوازي مع الحملة العسكرية، قادت واشنطن حملة دبلوماسية في مجلس الأمن بالدعوة إلى اجتماعات مخصصة لملف إدلب تضمن تحذيرات من المندوبة الأميركية نيكي هيلي وتحذيرها برد عسكري، تواصل مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون ووزير الخارجية مايك بومبيو مع الكرملين والخارجية الروسية لـ«ردع» دمشق من الهجوم على إدلب. كما أن المبعوث الأميركي جيفري أبلغ المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا في جنيف في 14 الشهر، بتمسك واشنطن برفض الوجود الإيراني في سوريا وتأكيده أن القوات الأميركية باقية شرق نهر الفرات وفي قاعدة التنف.
في ظهر يوم 17 سبتمبر، توصل بوتين وإردوغان في سوتشي إلى خريطة طريق لحل معضلة إدلب، تضمنت عناصر رئيسية بينها: إقامة منطقة عازلة بين قوات الحكومة وفصائل المعارضة بعرض بين 15 و20 كيلومترا، على أن تشكل المنطقة قبل منتصف الشهر المقبل وتنتشر الشرطة الروسية بخطوط التماس مع قوات الحكومة والجيش التركي من جهة المعارضة، إضافة إلى نزع السلاح الثقيل من هذه المنطقة مع بقاء المدنيين. وتضمنت خريطة الطريق إعادة فتح طريقي حمص - حلب واللاذقية - حلب بحماية الجيشين الروسي والتركي، وأيضا محاربة الإرهابيين وإعطاءهم المجال للانسحاب إلى مناطق أخرى، إضافة إلى عودة رمزية للدولة السورية قبل منتصف ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
ومساء 17 سبتمبر، شنت طائرات إسرائيلية غارات على مواقع عسكرية سورية غرب سوريا وقرب قاعدة حميميم الروسية. أعلنت موسكو عن إسقاط طائرة استطلاع روسية ومقتل 14 شخصا كانوا فيها فوق البحر المتوسط. وقالت لاحقا إن مضادات سورية مسؤولة عن إسقاط الطائرة الروسية، لكنها انتقدت «استفزازات» إسرائيل التي أبلغت الجانب الروسي قبل دقيقة فقط من بدء الغارات.
أمام كل ذلك، ترددت أنباء عن غضب في دمشق أول بسبب توصل بوتين وإردوغان إلى تسوية في شأن إدلب وغضب ثان بعد الغارات الإسرائيلية على غرب سوريا وغضب ثالث بعد إصابة طائرة روسية.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».